إن الحمد كله لله ، نحمده سبحانه وتعالي
ونستعينه ونستهديه ونشكره أن وفقنـا – بعظيم فضله وكرمه ومنه – إلى إنجاز هذا العمل الخالص لوجهه الكريم ، ونسأله عز وجل أن ينفع
به المسلمين ، وينير به الطريق أمام الذين ضلوا وتأثروا بأباطيل الرافضة ، وأن
يجعله في ميزاننا يوم نلقاه سبحانه وتعالي ، ونصلى ونسلم على رسوله المصطفي خير
البشر ، وعلى آله الأطهار ، وصحبه الكرام الأبرار ، وعلى من اهتدى بهديه واتبع
سنته إلى يوم الدين .
أما بعد : فمنذ عدة سنوات وأنا أتضرع إلى الله
جلت قدرته لتحقيق هذا الهدف الكبير ، هدف إخراج موسوعة علمية تبين للمسلمين حقيقة
الشيعة والرافضة ، وتناقش ما يتصل بالأصول والفروع في ضوء الكتاب والسنة والأدلة
المعتبرة ، كما تناقش أدلتهم الباطلة ، وما يثيرونه من شبه واهية تمتلئ بها المئات
من كتبهم المنتشرة بين المسلمين ، وهذه الكتب غالباً توزع مجاناً ، وتهدى إلى كل
من يستطيعون الإهداء إليه لنشر عقيدتهم الباطلة ، وآرائهم الضالة ، ومن أوضح
الأمثلة على ذلك كتاب المراجعات.
فالحمد الكثير والشكر والثناء العظيم لله المنعم
الوهاب الذي أعانني على الانتهاء من الجزء الرابع بعد أن أعانني على الانتهاء من
الأجزاء الثلاثة السابقة .
والجزء الأول تكفل بعقيدة الإمامة والعقائد
التابعة للشيعة الاثنى عشرية ، والثاني كان في التفسير المقارن وأصوله وكتبه ،
والجزء الثالث تناول الحديث وعلومه وكتبه ، دراسة مقارنة .
أما آخر أجزاء الموسوعة ، وهو هذا الجزء الرابع
، فيشتمل على أصول الفقه والفقه ، دراسة مقارنة أيضاً.
أصول
الفقه عند الشيعة الاثنى عشرية أربعة هي : الكتاب ، والسنة ، والإجماع والعقل ، وتحدثنا عما يتصل بالكتاب
والسنة في الجزأين الثاني والثالث ، ولذلك اكتفيت هنا بالإشارة السريعة إلى ما سبق
بيانه ثم تحدثت عن الإجماع والعقل ، وجعلت أصول الفقه في الباب الأول ، أما الفقه
فقد خصصته ببابين ، يليهما خاتمة للكتاب كله بأجزائه الأربعة .
والغاية من البابين الثاني والثالث أن نستخرج
الأحكام الفقهية التي ذهب إليها الجعفرية الاثنا عشرية تأثراً بعقيدتهم في الإمامة
، أي أنها أحكام لا تصح إلا بصحة الإمامة التي يعتقدونها .
والجزء الأول تكفل بمناقشة الإمامة ، وانتهينا
منه إلى أن عقيدة الإمامة عند الجعفرية الاثنى عشرية لا مستند لها من كتاب ولا سنة
، وأن الأدلة أثبتت غير ما ذهبوا إليه ، وما دمنا قد انتهينا من بحثنا إلى هذه
النتيجة فلا حاجة إذن إلى مناقشة ما نذكره من الآراء الفقهية المرتبطة بالإمامة
عندهم ، فما بنى على باطل فهو باطل .
وقد يقال : إن هذه الآراء الفقهية ربما يكون لها
أدلة استندوا إليها ، وهذا يستدعى مناقشة الأدلة ، فنقول : إن الآراء التي
ستذكر في هذا الجزء لها أدلتها عندهم
فعلاً ولكن الأدلة هي أيضاً أثر من آثار الإمامة ، أي أنها مبنية على العقيدة التي
أثبتنا عدم صحتها ، مثال هذا ما ذكرناه في أواخر الجزء الثاني عن أثر الإمامة في
الحج : من حيث الأحكام ، والروايات التي وردت في كتب السنة عند الجعفرية الرافضة ،
وقد رأينا أن واضعي الروايات أكثر غلواً من واضعي الآراء الفقهية ، وقد أثبتنا في
الجزء الثالث أن جميع الأخبار المتصلة بأئمتهم الاثنى عشر وضعت في عصور متأخرة .
فالآراء الفقهية التي تعتبر نتيجة التأثر أو
الغلو في عقيدة الإمامة لا مستند لها من كتاب أو سنة ، وإنما تستند إلى روايات
ينسب أكثرها للأئمة ، ومع أن الأدلة أثبتت عدم صحة إمامتهم بالطريقة التي يذهب
إليها الجعفرية الرافضة ، إلا أن الأئمة كانوا من التقوى والصلاح ، من وجهة نظرنا
، بحيث إننا نراهم أجل من أن يأتوا بمثل هذه الروايات المفتراة ، وإنما افتراها
على الأئمة غلاة الجعفرية الرافضة الضالون ، المضلون ، كما افتروا الكذب على
الرسول r .
ومع أنه يكفي أن نذكر الآراء الفقهية التي ذهب
إليها الجعفرية الرافضة تأثراً بعقيدتهم في الإمامة ، ولا حاجة لمناقشتها ، غير
أنني ناقشت بعض النقاط بشيء من التفصيل في الفصلين الأول والثاني من الجزء الثاني
كنموذج للمناقشات التفصيلية حتى لا يطول بنا الحديث ، وبعد الفصلين اكتفيت
بالإشارة إلى أهم ما جاء في فقههم تأثراً بعقيدتهم الباطلة ، ثم ذكرت بعض الأخبار
التي وضعوها لتأييد باطلهم ([4]).
وبتحديد هذه الآراء الفقهية نرى أن بقية الفقه
الجعفري يمكن أن ينظر إليه كسائر المذاهب الفقهية ، فتقبل الأحكام أو ترفض في ضوء
الأدلة([5])، وبذا
نكون قد أوضحنا بعض معالم الطريق أمام دعاة التقريب ، وهذا الفقه الذي تأثر واضعوه
بعقيدتهم الباطلة ، وبنى على ترجيح ما خالف جمهور المسلمين وإن وافق الكتاب والسنة
، هذا الفقه لا يمكن معه التقريب إلا إذا تخلى الرافضة عن باطلهم .
وفي
مقدمة كتابى " فقه الشيعة الإمامية ... " ذكرت أنني اعتمدت على ثلاثة
كتب لبيان الأحكام عند الجعفرية الاثنى عشرية :
الأول : المختصر
النافع في فقه الإمامية ، ألفه أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلى الملقب
بالمحقق .
الثاني : الروضة
البهية شرح اللمعة الدمشقية لزين الدين الجبعى العاملى الملقب بالشهيد الثاني ،
واللمعة الدمشقية لمحمد بن جمال الدين مكى العاملى الملقب بالشهيد الأول .
وذكرت ما يبين مكانة هذين الكتابين عند الجعفرية
الاثنى عشرية .
الثالث : مفتاح
الكرامة شرح قواعد العلامة لمحمد الجواد بن محمد الحسين العاملى ، والمقصود بالعلامة الحسن بن يوسف بن
المطهر الحلى .
ويعتبر هذا الكتاب من أكبر الموسوعات في الفقه
الجعفري ، أخذت منه ما تركه الكتابان الأولان ، ورأيت أن لا حاجة إلى ذكره ، وهو
ليس بكثير ، ولهذا كنت أشير إلى صفحاته فيما استخرجه منه .
هذا ما سلكته لتحديد أحكام الطهارة والصلاة في
ذلك الكتاب ، وهنا سأستند إلى هذه الكتب الثلاثة أيضاً مع إضافة مرجع جديد هو
" مستمسك العروة الوثقى " للسيد محسن الطباطبانى الحكيم ، مرجع الجعفرية
بالعراق قبل الخوئى ، والكتاب موسوعة فقهية عصرية فهو يبين ما عليه الجعفرية
الرافضة في عصرنا([6])
،
وسوف أسلك نفس الطريقة في عدم ذكر صفحات ما هو موجود في الكتابين الأولين لكثرة المنقول
منهما وسهولة استخراجه ، ونكتفي بالإشارة إلى موضع ما نأخذه من الموسوعتين إلى
جانب بعض الكتب الأخرى كالخلاف للطوسى
وغيره([7])
.
وهذان البابان مقسمان حسب تقسيم الفقه عند
الجعفرية الاثنى عشرية ، قال الأستاذ محمد تقى القمي : " جرت العادة عند
المؤلفين من فقهاء الإمامية أن يقسموا الموضوعات الفقهية إلى أربعة أقسام (
العبادات ، العقود ، الإيقاعات ، الأحكام ) ولعل وجه الحصر أن المبحوث عنه في
الفقه إما أن يتعلق بالأمور الأخروية ؛ أي معاملة العبد ربه ، أو الأمور الدنيوية
: فإن كان الأول فهو عبادات ، أما الثاني فإما أن يحتاج إلى صيغة أولاً ، فغير
المحتاج إلى صيغة هو الأحكام كالديات والميراث والقصاص والأطعمة ، وما يحتاج إلى
صيغة فقد يكون من الطرفين أو من طرف واحد : فمن طرف واحد يسمى الإيقاعات كالطلاق
والعتق ، ومن الطرفين يسمى العقود ، ويدخل فيها المعاملات والنكاح ، وتبدأ
العبادات بكتاب الطهارة كمقدمة للعبادات "([8]).
وبعد : فلقد بذلت ما
استطعت لإخراج هذه الموسوعة العلمية بالصورة التي ترضي الله عز وجل ، وترفع سخطه ،
ولقد أمسكت القلم عن التجريح فضلاً عن التكفير إلا إذا وجدت من يكفر أو يفسق خير
البشر بعد رسول الله r ، وهم أبو بكر الصديق وعمر الفاروق – رضي الله عنهما وحشرنا معهما بفضله وكرمه ، وخير جيل عرفته
البشرية في تاريخها ، وهو جيل الصحابة الكرام البررة ، رضي الله تعالي عنهم ورضوا
عنه ، فمن طعن في هؤلاء الذين شهد لهم الله تعالي ، والرسول r ، وهم نقلة الإسلام
والقرآن الكريم والسنة المطهرة ، من طعن في هؤلاء فاعلم أنه زنديق أراد أن يجرح
شهودنا كما قال الإمام أبو زرعة ، وإذا لعنا هؤلاء الزنادقة أتباع عبد الله بن سبأ
اللعين ، فإننا لا نكون خرجنا على المنهج العلمي ، بل اتبعنا سنة رسول الله r كما روى ذلك شيعي غير رافضي ، وهو الحاكم في مستدركه ،
بسنده الذي صححه ووافقه الذهبي ـ عن الرسول r ـ أنه قال : " إن الله
تبارك وتعالي اختارني ، و اختار لي أصحاباً ، فجعل لي منهم وزراء وأنصاراً
وأصهاراً ، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه يوم
القيامة صرف ولا عدل " (3/632) .
ولا شك أن الرافضة لن يرضوا عن هذه الموسوعة ،
وهذا يذكرنا بقول الحق تبارك وتعالي : "" وَلَن
تَرضي عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ "" .
يكفي إذن أن نرضي الله عز وجل ، والمؤمنين من
جمهور المسلمين ، ومن الشيعة غير الرافضة المعتدلين غير الغلاة .
هذا ما أردته ، فإن كنت قد أصبت فهذا من الله
جلت قدرته وعظمته ، وإن كنت قد أخطأت فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، ومما أمرنا
بتلاوته :
"" رَبَّنَا
لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا
إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ
تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا
وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ". (
سورة البقرة ) .
"" رَبَّنَا
افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ
"" (89 : الأعراف ) .
و" سُبْحَانَ
رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الصافات ) .
القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر التشريع
الإسلامي ، وهذا بلا شك لا خلاف حوله ، فهو كتاب ربنا عز وجل .
وفي الجزء الثاني تحدثت عن هذا المصدر بالتفصيل
، حيث قسمت الجزء إلى قسمين :
الأول عن القرآن الكريم وعلومه عند جمهور
المسلمين ، حتى نتبين الفرق بين منهجهم ومنهج الشيعة الاثنى عشرية .
والقسم الثاني جعلته للحديث عن هذا المصدر عند
الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية ، ومن الدراسة ظهر تأثرهم تأثراً كبيراً بعقيدتهم
الباطلة في موقفهم من القرآن الكريم ، ولا حاجة إلى أن نعيد الحديث مرة أخرى ،
ولكن أوجز هنا ما يبين منهجهم ، وأثر عقيدتهم في تناولهم لهذا المصدر وأثر هذه
العقيدة الباطلة ظهر فيما يأتي :
أولاً
:
اعتبروا القرآن الكريم
قرآناً صامتاً ، والإمام قرآناً ناطقاً ، ودوره بالنسبة للقرآن الصامت كدور النبي r سواء بسواء ، فله بيان القرآن الكريم ، وتقييد مطلقه ، وتخصيص
عامه ، بل نسخه عند فريق منهم ، وما دام القرآن الكريم صامتاً فلابد من الرجوع إلى
القرآن الناطق حتى يوضح مراد الله تعالي ، ولهذا قال الإخباريون من الجعفرية ـ وهم
قلة : لا يجوز العمل بظاهر القرآن الكريم ، وقال جمهور الجعفرية ـ وهم الأصوليون ـ
بحجية الظواهر ، ولكنهم قالوا : لا يجوز الاستقلال في العمل بظاهر الكتاب بلا
مراجعة الأخبار الواردة عن أئمتهم .
ثانيا
:
لما لم يجدوا من ظاهر
القرآن الكريم ما يؤيد عقيدتهم لجئوا إلى التأويل ، و قالوا بباطن القرآن ،
وتوسعوا في القول بالباطن إلى غير ما حد حتى أن فريقاً منهم اعتبر ثلث القرآن فيهم
، وثلثه في عدوهم ، وبذلك أخضعوا كتاب الله العزيز لأهوائهم ، وحرفوه ليصبح أقرب
ما يكون إلى كتاب من كتب الفرق ، ولم يفترقوا كثيراً عن الإسماعيلية الباطنية .
ثالثا :
غلاة الجعفرية عز عليهم أن يخلوا القرآن الكريم
من نصوص ظاهرة صريحة تؤيد عقيدتهم في الإمامة ، فلم يكتفوا بالتأويلات الفاسدة بل
أقدموا على جريمة مدبرة ، فطعنوا في الصحابة الأكرمين ، وعلى الأخص الخلفاء
الراشدون الذين سبقوا الإمام علياً ، أرادوا من هذا الطعن الافتراء عليهم بأنهم
غير أمناء على تنفيذ الشريعة ونقلها ، وحفظ كتاب الله ، ولذا انتهوا من هذا الطعن
إلى أنهم اغتصبوا الخلافة ، وحرفوا القرآن الكريم حتى لا يفتضح أمرهم ، ولا يظهر
حق على في الخلافة والأئمة من بعده ، ووجدت المعتدلين نسبيا من الجعفرية ـ في
القديم والحديث ـ قد تصدوا لهؤلاء الغلاة وكشفوا القناع عن هذا الباطل ، وفندوا
مزاعم القائلين بالتحريف.
رابعا :
الجعفرية درجات بين الاعتدال والغلو ، فليسوا
سواء ، لذا كان لزاماً علينا الرجوع إلى كتبهم المختلفة لنرى إلى أي مدى أثرت
عقيدة الإمامة عندهم في تناولهم كتاب الله تعالي .
وقد رجعت إلى الكثير من كتبهم ، وقدمت دراسة
لستة عشر كتاباً ، مقتصراً على بيان أثر الإمامة في كل منها ، ووجدت أن القرن
الثالث ظهر فيه ثلاثة كتب هي :
التفسير المنسوب للإمام العسكرى _ إمامهم
الحادى عشر ، وتفسير العياشى والقمي ،
وهذه الثلاثة تمثل جانب التطرف والغلو في المذهب الجعفري ، ثم يأتى شيخ طائفتهم
الطوسى ( المتوفي سنة 460 هـ ) فيخرج كتابه " التبيان في تفسير
القرآن " وهو يمثل جانب الاعتدال إلى حد ما ، ثم يليه الطبرسى ـ
شيخ مفسريهم ـ ورأيناه قريباً من الطوسى
. والجعفرية بعد هذا إلى عصرنا- كما ظهر من دراستى لباقى كتبهم ـ منهم من سلك أحد
المسلكين ، ومنهم من جمع بينهما ، أو اقترب من أحدهما ، وإن بدا لنا أن الكتب
الضالة المضلة التي رزئ بها القرن الثالث كانت أقوى أثراً من غيرها ، فمنها كتاب
ينسب إلى إمام ، وآخر لعلى بن إبراهيم القمي الذى يوثقونه كل توثيق ، وأحد تلاميذه
هو الكليني صاحب كتاب الحديث الأول عندهم ، وقد نقل عن شيخه القمي مئات الروايات
في التحريف والتكفير وغير ذلك مما يكشف عن غلو صاحبه .
لا شك أن السنة النبوية
المشرفة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم.
وإذا كان الجزء الثاني جعلته للمصدر الأول ، فإن
الجزء الثالث جعلته للمصدر الثاني ، وقسمته أيضاً قسمين :
القسم
الأول :
للحديث وعلومه عند جمهور المسلمين .
القسم
الثاني :
للحديث وعلومه وكتبه عند الشيعة الاثنى عشرية .
وتناول هذا القسم بياناً مفصلاً شافياً يتضح منه
موقف الشيعة والرافضة من السنة المطهرة .
وظهر من هذا البيان
أثر عقيدتهم الباطلة في موقفهم منها ، ويبدو هذا الأثر فيما يلي :
أولاً : جعلوا
الإمام كالنبى المرسل r :
فالعصمة لهم جميعًا ، والسنة قول المعصوم أو
فعله أو تقريره ، يستوي في هذا كله أن يكون المعصوم هو الرسول r ، وأن يكون أحد أئمة الرافضة ، وبذلك أشركوا مع الرسول
الكريم المصطفي هؤلاء الأئمة ، وحتى يكون الإمام مصدراً للتشريع قائماً بذاته ،
جعلوا له الإلهام مقابلاً للوحى بالنسبة للرسول r ، وبعضهم ذهب إلى بقاء الوحي مع الأئمة وإن لم ينزل بقرآن
جديد.
ثانيا : في مراتب الحديث
:
الحديث عندهم لا يرقى لمرتبة الصحيح ما لم يكن
الرواة من الجعفرية الاثنى عشرية في جميع الطبقات.
ويأتي بعد الصحيح الحسن :
فيشترطون إمامية الراوى ، ويقبلون رواية الإمامي غير ثابت العدالة ، ويرفضون رواية
غير الإمامي كائناً من كان ، ويقبلون رواية الإمامي الممدوح المقدوح أحياناً بشرط
ألا يكون القدح بفساد المذهب ، وفساد المذهب يعنى الخروج عن الخط الجعفري الرافضي
فهذا قدح لا يغتفر!!
ويأتي بعد الحسن الموثق لوجود غير
الجعفرية في السند ، والتوثيق لا يكون إلا من الجعفرية أنفسهم .
وإذا دخل في السند غير جعفري لم يوثقه الجعفرية
، فالحديث ضعيف ، وعلى هذا الأساس
يرفضون الأحاديث الثابتة عن الخلفاء الراشدين الثلاثة ، وغيرهم من أجلاء الصحابة
والتابعين وأئمة المحدثين والفقهاء ، ما داموا لا يؤمنون بعقيدة الإمامية الاثنى
عشرية !
وذكرت بعض النماذج في الجرح والتعديل عندهم ،
وهي تبين مدى غلوهم وضلالهم ، سيأتي شيىء منها في خاتمة الكتاب من هذا الجزء .
ثالثا : في الترجيح :
جعلوا المشهور عندهم مقدماً على غيره ، حتى
قدموه على ما وافق الكتاب والسنة .
وجعلوا من المرجحات مخالفة العامة ، أي عامة المسلمين
، فما خالف الأمة الإسلامية أولى بالقبول عندهم مما وافقها ، ولعل هذا من أخطر
المبادئ التي جعلت بين الجعفرية الرافضة وسائر الأمة الإسلامية هوة سحيقة عميقة ،
فابتعد الاثنا عشرية الرافضة كثيراً عن المنهج الإسلامي الصحيح .
رابعا : في كتب السنة
المعتمدة عندهم :
بدراسة أصول الكافي وروضته ، وجدنا أن الكليني
اتخذ من السنة ـ بمفهومها عنده ـ وسيلة لإثبات عقيدته في الإمامة ، ورأيه في
الأئمة وما يتصفون به ، ووسيلة كذلك لبيان بطلان ما ذهب إليه غير الرافضة الذين لم
يأخذوا بعقيدته في الإمامة ، وإنهم مهما تعبدوا فهم في النار ، فعبادتهم غير
مقبولة في زعم الكليني ، على حين أن الرافضة جميعاً بغير استثناء سيدخلون الجنة،
ولا تمسهم النار مهما ارتكبوا من الموبقات والآثام ، ومهما كان خطؤهم في حق الله
تعالي أو في حق عباده ، والكليني من أجل هذا كله رأيناه يفترى آلاف الروايات
وينسبها للرسول r ولآل بيته الأطهار.
والكليني اتخذ من
السنة كذلك وسيلة لتحريف كتاب الله تعالي نصاً ومعنى ، وقد نهج منهج شيخه على بن
إبراهيم القمي ـ صاحب التفسير الضال
المضل ـ في التحريف وفي الطعن في الصحابة الكرام : نقلة الشريعة وحملة رسالة
الإسلام بعد الرسول r وخص بمزيد من الطعن الذين تولوا الخلافة الراشدة قبل
الخليفة الرابع الإمام على رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم .
والكليني أقدم على ما لا يقل خطورة وضلالاً عن
القول بتحريف القرآن الكريم ونقصه ، حيث افترى على الله الكذب فزعم أنه ـ جل شأنه ـ أنزل كتباً من السماء بخط إلهي
تؤيد فرقته ، والكليني يضمن كتابه بعض الأحداث
التاريخية ، ويذكرها بحسب هواه ويفسرها بما يشتهي ، وبما يشبع غيه وضلاله.
ويبقى من الكافي الفروع ، ومن كتب الحديث
المعتمدة : الفقيه للصدوق ، والتهذيب والاستبصار للطوسى ، وهذه كلها تشتمل على
الروايات المتصلة بالأحكام الفقهية ، لذا لم نتوسع في بيان أثر الإمامة فيها ؛
فالفقه خصصناه بهذا الجزء : والآراء التي تأثرت بالإمامة تعتمد بصفة عامة على ما
جاء في هذه الكتب ، إذن يمكن القول بأن أثر الإمامة في الفقه – يبين إلى حد كبير أثر الإمامة في فروع الكافي والكتب الثلاثة
الأخرى ، وعرضت مثلاً انتهيت منه إلى أن ما يقال عن أثر الإمامة في الفقه الجعفري
أقل مما يقال عن أثرها في هذه الكتب الأربعة ، ففي الكتب مزيد من التأثر بالغلو في
عقيدة الإمامة ، كما أننى نقلت كثيراً من الروايات التي افتراها أصحاب هذه الكتب
في البابين التاليين.
هو المصدر الثالث من مصادر التشريع عند الجعفرية
الرافضة ، وقد يظن هنا إذن أنهم متفقون مع جمهور المسلمين ، ولكن الواقع غير هذا
لأن الإجماع عندهم في مفهومه وحجيته لا يخرج عن النطاق الجعفري وأئمة الجعفرية
الاثنى عشرية:-
فالإجماع عند الجمهور يعنى " اتفاق
المجتهدين من أمة محمد r ، في عصر من العصور بعد وفاته على حكم ، وهذا التعريف :
يخرج المجتهد المبتدع بما يكفر فلا يعتد بقوله وإن لم يعلم بكفر نفسه ، لأنه لا
يعد من الأمة ، ولا يؤتمن على شئونها ، أما المبتدع بما لا يكفر فالمختار دخوله فيمن
يعتد بآرائهم من المجتهدين"([9]).
إذن الإجماع هنا ينظر فيه إلى الأمة التي قال
عنها الرسول r " لا تجتمع أمتى على
ضلالة" ([10]).
هذا بالنسبة لجمهور المسلمين ، أما الجعفرية
الاثنا عشرية فالإجماع عندهم يعنى شيئاً آخر ، لأنهم لا ينظرون إلى المجتهدين من
أمة محمد r ، وإنما ينظرون إلى من دان بإمامة الأئمة الاثنى عشر ،
شريطة أن يكون الإجماع كاشفاً عن رأي الإمام ، ما لم يكن الإمام داخلا بنفسه في
المجمعين .
وكى نتبين هذا الرأي
ننظر أولاً إلى حجية الإجماع عند الجعفرية . جاء في فوائد الأصول للخراسانى ( 3/
52) :
" اختلفت مشارب الأعلام في مدرك حجية
الإجماع المحصل([11]) الذي هو
أحد الأدلة الأربعة : فقيل إن الوجه في حجيته دخول شخص المعصوم في المجمعين ،
ويحكى ذلك عن السيد المرتضى.
وقيل إن قاعدة اللطف تقتضي أن يكون المجمع عليه
هو حكم الله الواقعي الذي أمر المعصوم بتبليغه إلى الأنام ، ويحكى ذلك عن شيخ
الطائفة ، وقيل إن المدرك في حجيته هو الحدس برأيه ـ أي الإمام ـ ورضاه بما أجمع
عليه للملازمة العادية بين اتفاق المرءوسين المنقادين على شيىء وبين رضا الرئيس
بذلك الشيء ، ويحكى ذلك عن بعض المتقدمين .
وقيل إن حجيته لمكان تراكم الظنون من الفتاوى
إلى حد يوجب القطع بالحكم كما هو الوجه في حصول القطع من الخبر المتواتر.
وقيل إن الوجه في حجيته إنما هو لأجل كشفه عن
وجود دليل معتبر عند المجمعين " .
من هذا نرى أنهم على اختلاف مشاربهم يربطون
الإجماع بالإمام بشخصه أو برأيه ، وكذا بالنسبة للدليل المعتبر عندهم لا يخرج عن
هذا ، فهم يقولون بأن المجمعين لا يخرج الدليل الذي استندوا إليه عن السنة (
بالمفهوم الجعفري ) فلا يصح أن يكون هذا الإجماع كاشفاً عن وجود دليل معتمد من أي
أصل من أصول الفقه الأخرى عندهم([12]).
فالجعفرية الإمامية إذن ينظرون في الإجماع إلى
الإمام نفسه لا إلى ذات الإجماع ، قال علامتهم الحلى : " الإجماع إنما هو حجة
عندنا لاشتماله على قول المعصوم ، فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول الإمام في جملة
أقوالها فإجماعها حجة لأجله لا لأجل الإجماع " ([13]).
وقال غيره : " أما الإجماع فعندنا هو حجة
بانضمام المعصوم ، فلو خلا المائة من فقهائنا عن قوله لما كان حجة ، ولو حصل في
اثنين لكان قولهما حجة لا باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله " ([14]).
ومادام الإمام عندهم يعتبر معصوماً وقوله سنة ،
فما جدوى الإجماع إذن؟ وما الفرق بينه وبين السنة ؟ يوضح هذا أحد علمائهم إذ يقول
:
" إن الإجماع بما هو إجماع لا قيمة علمية
له عند الإمامية ما لم يكشف عن قول المعصوم ... فإذا كشف على نحو القطع عن قوله
فالحجة في الحقيقة هو المنكشف لا الكاشف فيدخل حينئذ في السنة ولا يكون دليلاً
مستقلاً في مقابلها.
و... لم تثبت عندنا عصمة الأمة من الخطأ وإنما
أقصى ما يثبت عندنا من اتفاق الأمة أنه يكشف عن رأي من له العصمة ! فالعصمة في
المنكشف لا في الكاشف.
وعلى هذا فيكون الإجماع منزلته منزلة الخبر
المتواتر الكاشف بنحو القطع عن قول المعصوم ، فكما أن الخبر المتواتر ليس بنفسه
دليلاً على الحكم الشرعي رأساً بل هو دليل على الدليل على الحكم ، فكذلك الإجماع
ليس بنفسه دليلاً بل هو دليل على الدليل .
غاية الأمر أن هناك فرقاً بين الإجماع والخبر
المتواتر ، فإن الخبر دليل لفظي على قول المعصوم ، أي أنه يثبت به نفس كلام المعصوم
ولفظه فيما إذا كان التواتر للفظ ، أما الإجماع فهو دليل قطعي على نفس رأي المعصوم
لا على لفظ خاص له ، لأنه لا يثبت به ـ في
أي حال ـ أن المعصوم قد تلفظ بلفظ خاص معين في بيانه للحكم .
ولأجل هذا يسمى
الإجماع بالدليل اللبى ، نظير الدليل العقلي ، يعنى أنه يثبت بهما
نفس المعنى والمضمون من الحكم الشرعي الذي هو كاللب بالنسبة إلى اللفظ الحاكى عنه
الذي هو كالقشر له " ([15]).
إذن
فالإمام هو الأساس الذى ينبنى عليه الإجماع عند الجعفرية الإمامية .
ومن هنا نستطيع أن ندرك سبب نظر المحدثين - من
علماء الشيعة - إلى الإجماع نظرة تباين ما كان عليه الأقدمون منهم ، قال عالمهم
المعاصر الشيخ مغنية : " اتفق المتقدمون على أن مصادر التشريع أربعة : الكتاب
والسنة والإجماع والعقل ، وغالوا في الاعتماد على الإجماع حتى كادوا يجعلونه
دليلاُ على كل أصل وكل فرع .
وعد المتأخرون لفظ الإجماع مع هذه المصادر
ولكنهم أهملوه عملياً ، ولم يعتمدوا عليه إلا نادراً ، بل لم يعتمدوا عليه إلا
منضماً مع دليل أو أصل معتبر".
([16])
ثم قال : "
والخلاصة أن الإجماع المنقول ليس بحجة ، والإجماع المحصل حجة شريطة أن يحصل من
الصدر الأول إلى العصر الأخير ، وقد اشتهر على ألسنة رجال الدين في هذا العصر ،
وذهب مذهب المثل القول بأن الإجماع المنقول ليس بحجة والمحصل غير حاصل " ([17]).
وقال الشيخ المظفر : " على كل حال لم تبق
لنا ثقة بالإجماع فيما بعد عصر الإمام في استفادة قول الإمام على سبيل القطع
واليقين " ([18]).
المراد بالعقل الذي
اتخذوه دليلاً على الحكم الشرعي ـ ما لم يوجد دليل من كتاب أو سنة أو إجماع ـ إنما
هو أحكامه المستقل بها ، مثل حكمه بوجوب دفع الضرر ، واستحالة الترجيح بلا مرجح ،
وبقبح العقاب بلا بيان .
ومما استدلوا عليه
بالأول وجوب النظر والمعرفة ، لأن ترك النظر ـ وكذلك ترك المعرفة ـ موجب للخوف وهو
ضرر ، ودفع الضرر واجب بالضرورة . وبالثاني على التخيير عند تعارض الأدلة مع عدم
المرجح . وبالثالث على الحكم بإباحة ما لم يعلم من الشرع حرمته كالحكم بإباحة شرب
القهوة لعدم ورود بيان من الشارع ، وقبح العقاب بلا بيان ضروري ([19])
.
وهذا الدليل ينبني على أساس التحسين والتقبيح
العقليين ، باعتبار أن الأشياء لها حسن ذاتي أو قبح ذاتي يمكن إدراكه بالعقل
كالعدل والظلم ، وكالصدق والكذب. " فإن العدل بما هو عدل لا يكون إلا حسناً
أبداً : أي أنه متى ما صدق عنوان العدل فإنه لابد أن يمدح عليه فاعله عند العقلاء
ويعد عندهم محسناً ، وكذلك الظلم بما هو ظلم لا يكون إلا قبيحاً ، أي أنه متى صدق
عنوان الظلم ، فإن فاعله مذموم ويعد مسيئاً " ([20])، "
والصدق بما هو صدق فيه اقتضاء التأثير فى إدراك العقلاء بأنه مما ينبغى أن يفعل ،
ويمدحون فاعله عليه بخلاف الكذب فإنه مذموم لديهم . ولكن هذا التأثير لا يتم عادة
مع وجود مزاحم له يمنع من تأثيره نظراً لأهميته كأن يكون فى الصدق ما يوجب قتل
النفس المحترمة ، أو انتهاك عرض ، أو تسلط ظالم على مؤمن ، وهكذا ([21]) .
وإذا كنا ندرك علاقة
الحسن بالمصلحة ، والقبح بالمضرة ، أفيعنى هذا أن الشيعة يأخذون بالمصلحة ؟
يقول أحد علمائهم المعاصرين([22])
في
تلخيص وتعقيب بعد دراسة مقارنة للمصالح المرسلة :
إن تعاريف المصالح المرسلة مختلفة ، فبعضها ينص
على استفادة المصلحة من النصوص والقواعد العامة ، ومقتضى هذا النوع من التعاريف
إلحاقها بالسنة ، والاجتهاد فيها إنما يكون من قبيل تحقيق المناط بقسمه الأول ، أي
تطبيق الكبرى على صغراها بعد التماسها أي الصغرى ـ بالطرق المجعولة من الشارع لذلك
، ولا يضر في ذلك كونها غير منصوص عليها بالذات ، إذ يكفي في إلحاقها بالسنة
دخولها تحت مفاهيمها العامة . وأما على تعاريفها الأخرى فينحصر إدراكها بالعقل.
والذي ينبغى أن يقال عنها أنها تختلف من حيث
الحجية باختلاف ذلك الإدراك ، فإن كان ذلك الإدراك كاملاً – أي إدراكاً للمصلحة بجميع ما يتعلق بها في عوالم تأثيرها في مقام
جعل الحكم لها من قبل المشرع – فهي حجة . ورفض الأخذ بالمصلحة إذا لم يكن إدراك العقل لها كاملاً
، كأن يدركها مع احتمال وجود مزاحم لها يمنع من جعل الحكم .
وانتهي إلى قوله : " وبهذا يتضح أن الشيعة
لا يقولون بالمصالح المرسلة إلا ما رجع منها إلى العقل على سبيل الجزم " ([23]) .
ومما يتصل بهذا الأصل الرابع فتح الذرائع وسدها
، حيث يعتبرون فتحها وسدها تابعاً للعقل أو السنة ، " لأن اكتشاف حكم المقدمة
إما أن يستفاد من العقل بقاعدة الملازمة ، بمعنى أن العقل يحكم بوجود ملازمة بين
الحكم على شيىء والحكم على مقدمته ، فإذا علمنا أن الشارع قد حكم على ذى المقدمة
بالوجوب فقد علمنا بحكمه على المقدمة كذلك ، وعندها تكون من صغريات حكم العقل
وليست أصلاً برأسه ، وإما أن يستفاد من طريق الملازمة اللفظية ، أي من الدلالة
الالتزامية لأدلة الأحكام ، كما هو مبنى فريق بدعوى أن اللفظ الدال على وجوب
الصلاة هو بنفسه يدل على لازمه وهو وجوب مقدماتها ، وعليها يكون وجوب المقدمات
مدلولاً للسنة ، فتكون المسألة من صغريات دليل السنة " ([24]).
ويدخل تحت هذا الأصل كذلك الاستصحاب ، ويعللون
هذا بقولهم : "وجود الشيء في الحال يقتضي ظن وجوده في الاستقبال لقضاء العقل
بذلك في أكثر الوقائع ، ولأن الأحكام الشرعية مبنية عليه لأن الدليل إنما يتم لو
لم يتطرق إليه المعارض من نسخ وغيره ، وإنما يعلم نفي المعارض بالاستصحاب " ([25]).
أما القياس فقد رفضوا الأخذ به إلا ما كان منصوص
العلة ، وهم لا يرونه قياساً وإنما يرون ذلك من دليل العقل لحكمه بوجوب وجود
الشيىء عند وجود علته ، وما عدا ذلك من قياس الشبه وأمثاله فلا
يعتبرونه من حكم العقل ، ويرون أنه لا دليل على الأخذ به ، وأن روايات أئمتهم
كثيرة في المنع عنه .([26])
وهناك قسم آخر اعتبره بعضهم من دليل العقل وهو ما
يتوقف فيه على الخطاب وهو ثلاثة : فحوى الخطاب ولحن الخطاب ودليل الخطاب([27])
.
وفي أصول الفقه للمظفر ( 3 / 19 ) قال المؤلف :
" من تصريحات المحقق والشهيد الأول يظهر أنه لم تتجل فكرة الدليل العقلي في
تلك العصور ، فوسعوا في مفهومه إلى ما يشمل الظواهر اللفظية مثل : لحن الخطاب و000
إلخ " .
والمحقق توفي سنة 676 هـ ، والشهيد الأول توفي
سنة 786 هـ .
والجعفرية الاثنا عشرية ـ كما ذكرنا من قبل ـ
ينقسمون إلى أصوليين وهم الكثرة الغالبة ، وإخباريين وهم قلة قليلة ، والذين
اتخذوا من العقل دليلاً بعد الأدلة الثلاثة هم الأصوليون ، أما الإخباريون فإنهم
يأبون تحكيم العقل في الأمور الشرعية ، ويكتفون بما ورد عن أئمتهم في كتب الحديث
الأربعة .
هذا هو الدليل الرابع عند الجعفرية الاثنى عشرية
، وأثر الإمامة هنا لا يبدو واضحاً كما رأينا في الأدلة الثلاثة ، ولكن يمكن القول
بأن الإخباريين عندما رفضوا الأخذ بهذا الدليل تأثروا بعقيدتهم في الإمامة حيث
اكتفوا بما ورد عن الأئمة . وهذا الاتجاه يتفق مع ما يراه جمهور الجعفرية من عدم
الاجتهاد في زمن الأئمة حيث يرجع إليهم ، وأقوالهم ليست اجتهاداً ـ في نظر
الجعفرية ـ وإنما سنة كسنة الرسول r كما سبق بيانه ، غير أن الإخباريين استمروا في المنع من الاجتهاد
بعد عصر الأئمة ، بل قالوا : " بالمنع عن الاحتياج إلى علم الأصول والمنع عن
تدوينه ، بل عن بعضهم أنه بدعة محرمة " .
وقالوا : " إن هذا العلم مما أحدثه العامة – أي جمهور المسلمين- فسرى منهم إلى أصحابنا الإمامية في زمن الغيبة
، ولم يكن يعرفه أصحاب الأئمة . فلولا أنه من البدع المستحدثة والطرق المخترعة
الممنوع عنها في الشريعة لما أهمل بيانه أهل العصمة "([28]).
ولعل أهم ترابط بين الإمامة والعقل عند الجعفرية
جميعاً أنهم حاولوا إثبات عقيدتهم في الإمامة بالعقل حتى " كانت الحركة
الإخبارية تستبطن في رأي كثير من ناقديها تناقضاً ، لأنها شجبت العقل من ناحية لكى
تخلى ميدان التشريع والفقه للبيان الشرعي ، وظلت من ناحية أخرى متمسكة به لإثبات
عقائدها الدينية ".([29])
وعقيدة الجعفرية الاثنى عشرية في الإمامة لم
تثبت بالكتاب والسنة ، بل ثبت خلاف ما ذهبوا إليه كما رأينا في الجزء الأول . إذن
لا يمكن أن تثبت هذه العقيدة بالعقل ، فلسنا في حاجة إلى مناقشة ما اعتبروه
إثباتاً للإمامة بدليل العقل ([30]).
أجمعت المذاهب الأربعةعلى طهارة سؤر الآدمى مسلماً
كان أو كافراً ([31]) فالآدمى
طاهر ، ورأي الإماميون أن سؤر الكافر نجس ، لأن الكافر ذاته نجس ، وتوسعوا في
مفهوم الكفر فحكموا بكفر كثير من المسلمين ، بل كفر كل من لا يدين بدين الرافضة
كما مر وسيأتى.
استدل الشيعة الرافضة بقوله تعالي في سورة
التوبة : "" إِنَّمَا
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ
هَـذَا "" ( الآية
28 ) .
فالمشركون أنجاس ، والنجاسة عينية لا حكمية .
وردوا على من قال : إن كونهم نجساً أنهم لا يغتسلون من الجنابة ، ولا يجتنبون
النجاسات ، أو كناية عن خبث أبدانهم سبعين مرة لم يزيدوا إلا نجاسة.
وما دام المشركون أنجاساً ، فأسآرهم نجسة تبعاً
لذلك ، ولا فرق بينهم وبين باقى الكفار ، فإن كل من قال بنجاستهم عيناً قال بنجاسة
كل كافر ، وأهلالذمة مشركون لقوله تعالي :"" وَقَالَتِ الْيَهُودُ
عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ
." إلى قوله تعالي : " سُبْحَانَهُ
عَمَّا يُشْرِكُونَ " وكل مشرك
نجس بالآية([32]).
ورووا عن الإمام
الصادق أنه سئل عن سؤر اليهودي والنصراني ، فقال :" لا " . ورووا كذلك
عنه أنه كره سؤر ولد الزنى ،وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك وكل من خالف
الإسلام ، وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب([33]).
وقد وافق الظاهرية الإمامية في الحكم بنجاسة
المشركين نجاسة عينية ، مستدلين بالآية الكريمة ، وبحديث إنزاله r وفد ثقيف المسجد ، وتقريره لقول الصحابة : قوم أنجاس ، لما رأوه
أنزلهم المسجد ، وقوله لأبى ثعلبة لما قال له : يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل
الكتاب أفناكل في آنيتهم ؟
قال : " إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها ،
وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها "
([34]).
ويجاب عن ذلك كله بأن المراد من الآية الكريمة
أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار ، والحجة على صحة هذا التأويل : أن الله سبحانه
أباح نساء أهل الكتاب ، ومعلوم أن عرقهن
لا يسلم منه من يضاجعهن ،ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليهم من
غسل المسلمة . وحديث إنزال وفد ثقيف صريح في نفي النجاسة الحسية لا في إثباتها ،
فبعد قول الصحابة قوم أنجاس ، قال r " ليس على الأرض من
أنجاس القوم شيء ، إنما أنجاس القوم على أنفسهم " .
وحديث أبى ثعلبة الأمر فيه بغسل الآنية ليس
لتلوثها برطوباتهم بل لطبخهم الخنزير وشربهم الخمر فيها ، يدل على ذلك ما عند أحمد
وأبى داود من حديث أبى ثعلبة أيضاً بلفظ : " إن أرضنا أرض أهل الكتاب ، وإنهم
يأكلون لحم الخنزير ، ويشربون الخمر ، فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم ؟ "
وحديثه الأول مطلق ،
وهذا مقيد بآنية يطبخ فيها ما ذكر ، ويشرب ، فيحمل المطلق على المقيد ، ويجوز حمله
على كراهية الأكل في آنيتهم للاستقذار لا لكونها نجسة ، إذ لو كانت نجسة لم يجعله
مشروطاً بعدم وجدان غيرها ، إذ الإناء المتنجس بعد إزالة نجاسته هو وما لم يتنجس
على سواء .
وقد ثبت في الصحيحين أنه r توضأ من مزادة مشركة ، وربط ثمامة بن آثال ـ وهو مشرك ـ بسارية من سوارى المسجد . وأكل من
الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر . وأكل من الجبن المجلوب من بلاد النصارى ،
كما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر ، وأكل من خبز الشعير والإهالة ([35]) لما دعاه
إلى ذلك يهودى
ويستدل كذلك بتحليل طعام أهل الكتاب ونسائهم
بآية المائدة ، وهي آخر ما نزل ، وإطعامه r وأصحابه للوفد من الكفار من دون غسل الآنية ولا أمر به .
فلو حرمت رطوبتهم
لاستفاض بين الصحابة نقل توقيهم لها ، لقلة المسلمين حينئذ ، مع كثرة استعمالاتهم
التي لا يخلو منها ملبوس ومطعوم ، والعادة في مثل ذلك تقتضى بالاستفاضة .([36])
وقد رد هذه الأدلة أحمد بن يحيى بن المرتضى في
كتابه البحر الزخار (1/13) بقوله : ( دليلنا أصرح لقوله تعالي : ""
فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسجدَ الْحَرَامَ
"" ، ولأنها بعد الفتح فنسخت ما قبلها ) .
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن الأدلة صريحة في نفي
النجاسة العينية ، مما دل على صحة تأويل الآية الكريمة ، وأما دعوى النسخ فيعارضها
آية المائدة ، حيث لا نسخ بينهما ، وهي صريحة في نفي النجاسة ، فبتأويل آية التوبة
يمكن الجمع بينها وبين آية المائدة ، والأحاديث الموافقة لحكمها دون اضطرار لادعاء
النسخ .
وأما استدلال الإمامية بروايتهم عن الإمام
الصادق ، فالرواية الأولى تناقضها رواية أخرى عن الإمام نفسه أنه سئل عن الرجل هل
يتوضأ من كوز أو إناء غيره إذا شرب فيه على أنه يهودى ، فقال : نعم ، قيل : من ذلك
الماء الذي يشرب منه ، قال : نعم([37]).
وحاول شيخ الطائفة
الطوسى أن يوفق بين الروايتين فقال : " فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على من
يظن أنه كافر ولا يعرف على التحقيق ، فإنه لا يحكم له بالنجاسة إلا مع العلم بحاله
، ولا يعمل فيه على غلبة الظن ، أو يحمل على من كان يهوديا فأسلم ، فإنه لا بأس
باستعمال سؤره ويكون حكم النجاسة زائلاً عنه " ([38]).
والرواية فيها تكرار للاستفسار ، وتأكيد لإثبات
الطهارة ، فلو كانت المسألة مبنية على الظن لوضحها الإمام ، واليهودى الذي يسلم لا
يسمى يهودياً بل مسلماً.
رأي صاحب وسائل الشيعة أن الخبر يمكن حمله على
التقية . وقد روى عن الإمام مالك أنه قال " لا يتوضأ بسؤر النصرانى ولا بما
أدخل يده فيه " ([39]) فلا حاجة
إذن إلى التقية .
ولو صحت الروايات الثلاثة عن الإمام الصادق ،
لأمكن تخريج الرواية الأولى على الكراهية حملاً لها على الرواية الثانية ، ففيها
النص بالكراهية ، كما أن الجواز المفهوم من الرواية الثالثة لا يتعارض مع الكراهية
، فلا تتعارض الأخبار ، دون لجوء إلى
تخريجات الطوسى والعاملى . فلا دليل في هذه الروايات على نجاسة الكافر وسؤره ، وإن
كنا نرى أن الرواية الثانية لا يمكن بحال أن تكون صادرة من الإمام الصادق ؛ فلا
يعقل أن ينزل إلى هذا الدرك الأسفل فيرى أن سؤر الناصب من المسلمين أشد كراهية من
سؤر اليهودى والنصرانى والمشرك وكل من خالف الإسلام .
وهناك روايات أخرى عن الإمام الصادق تفيد طهارة
أهل الكتاب ، فقد سئل عن مؤاكلة اليهود والنصارى ؟ قال : لا بأس إذا كان من طعامك
. وعن زكريا بن إبراهيم أنه قال : كنت نصرانياً ، فأسلمت فقلت للإمام الصادق : إن
أهل بيتى على دين النصرانية ، فأكون معهم في بيت واحد ، وأكل من آنيتهم . فقال لى
: أيأكلون لحم الخنزير ؟ قلت لا . قال : لا بأس .
وقيل للإمام الرضا حفيد الإمام الصادق : الجارية
النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة . قال : لا
بأس ، تغسل يدها .
إلى غير ذلك من
الروايات([40]).
ومع أن الأدلة تؤيد المذاهب الأربعة، إلا أن
الخلاف بينها وبين الإمامية حول نجاسة المشرك والكافر خلاف مبنى على تعقل وتفكر ،
ونظر واستدلال من الجانبين ، وفلو اقتصر الخلاف حول ذلك لهان الخطب ، ولكن
الإمامية في تحديدهم لمفهوم الكافر خرجوا كلية عن نصوص الإسلام وروحه إلى جهل
الطائفية وعصبيتها الحمقاء ، فحكموا بكفر الخوارج والغلاة والنواصب.
وإذا كان الغلاة قد
اشتطوا في آرائهم فخرجوا عن الإسلام ، وإذا كان الخوارج قد كفروا سائر المسلمين ،
واستحلوا دماءهم وأموالهم فاستحقوا بذلك اللعنة ، فمن أولئك النواصب الذين حكم
عليهم بالكفر من الإمامية ؟
رووا عن الإمام الصادق أنه قال : " ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ، لأنك لا تجد
رجلاً يقول أنا أبغض محمداً أو آل محمد ، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم
تتولوننا ، وأنكم من شيعتنا " . ورووا عن الإمام على الهادى ([41]) أن أحدهم
كتب إليه يسأله عن الناصب :
" هل أحتاج في
امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت ([42]) واعتقاد
إمامتها ؟ " فرجع الجواب : " من كان على هذا فهو ناصب " ([43]).
وبهذا يصبح كل المسلمين غير الرافضة نواصب أي
كفاراً ، نقلنا من قبل بعض الروايات التي عقب عليها المامقانى بقوله بأن غاية ما
يستفاد منها جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على من لم يكن اثنى عشريا ([44]).
وفي ظلمات هذا الجهل والزندقة نظم محمد باقر
الطباطبائى منظومة منها :
فمـذهب الصـادق خير مذهب وهو وبيت الله أولى بالنبى
ذخـرت حبى لهـم ليــوم لا ينفع للمرء سوى ما عمـلا
ومـا أخـذتـم منهــم وعنهم بل
اتبعتـم من هم دونـهم
حتى انتهي الأمر إلى التقليد في شرايع الدين القويم الحنـفي
قلـدتـم النعمـان أو محمـداً
أو مالك بن أنس أو أحمـداً
فهـل أتى الذكر بـه أو أوصى
به النبى أو وجدتم نصـاً([45])
وعنوان كتابه هو : " الشهاب الثاقب في رد
ما لفقه الناصب " ([46])فأهل السنة
جميعاً في رأيه نواصب. ([47])
وقال صاحب مفتاح الكرامة : " إن الذى يظهر
من السير والتواريخ أن كثيراً من الصحابة في زمن النبى r وبعده وأكثر أهل مكة وغيرهم ، كانوا في أشد العداوة لأمير
المؤمنين ، وذريته . مع أن مخالطتهم ومساورتهم لم تكن منكرة عند الشيعة أصلا ولو
سراً " .
يفهم من هذا أن هناك إشكالاً : فكيف أباح الشيعة
مخالطة هؤلاء مع أنهم نجس لكفرهم بسبب هذا العداء ؟
أجاب صاحب الكتاب عن هذا بقوله : " الحاصل
أن طهارتهم مقرونة إما بالتقية ، أو الحاجة وحيث ينتفيان فهم كافرون قطعا " ! ([48])
فأكثر الصحابة ، وغيرهم من السلف الصالح
رضوان الله عليهم ، ومن تبعهم بإحسان في نظر هؤلاء الرافضة ، يعدون كافرين !
وبعض الإمامية يرى أن النواصب هم الخوارج فقط ،
وبعضهم يرى أنهم المبغضون لأمير المؤمنين على وجه التدين به أو المتظاهرون بهذا
البغض ، إلى غير ذلك من الآراء !([49]).
وحاول بعض الكتاب المعاصرين من الشيعة الإمامية
أن يحدوا من سورة المغالين فقال بعضهم : " إن بين أهل السنة وبين الناصب
بوناً شاسعاً ، فأهل السنة لا ينصبون العداء لعلى وذريته " ([50]).
وقال آخر : الناصب في الحقيقة عبارة عمن ينصب
العداوة لعلى ويظهرها ، لا من يخالفه في الخلافة والفضيلة بحيث يشتهر في الشيعة
بأنه ناصب . فمن ذكرهم صاحب مفتاح الكرامة لا يعدون كذلك ، لأنهم لم يكونوا
مشتهرين بهذا ، ولا نجد في كل عصر من الأعصار إلا نفراً قليلاً.
وعقب على الرواية المنسوبة للصادق " ليس
الناصب من نصب لنا أهل البيت 00 إلخ
" قال : وحيث إن هذا المعنى موجود في أغلب المخالفين فلا محالة لا يكون النصب
بهذا المعنى محكوماً بالنجاسة ، وإنما يكون الموجب للنجاسة من يكون معلنا بالعداوة
، وهم قليلون في كل عصر ، ومعروفون بالنصب عند
الشيعة ، ولا دليل على مساورة الشيعة أو أئمتهم معهم ، بل الأمر كان
على العكس ، فلقد كان معاوية من الناصبين
ومن الذين يضمرون الشرك بالله تعالي ...
وقد نقل أن ابن خلدون كان ناصباً ([51]).
هذه آراء متباينة ، وأقوال متضاربة ، ولا غرو ،
فهي مبنية على غير أساس من الشريعة أو العقل ، وما ينسبونه لأئمتهم في هذا كذب
وبهتان .
وإذا كان لمثل هذه الآراء المنحرفة متنفس بين
الشيعة وهم منعزلون عن سائر الأمة الإسلامية ، فالواجب أن يقضى عليها الآن وهم
يحاولون أن يجعلوا من طائفتهم مذهباً خامساً ، فأولى بهم أن يطهروا أنفسهم أولاً
من هذه الأدران قبل أن يلتصقوا بجسم الأمة الإسلامية . وأكرر هنا ما قاله محمد
جواد مغنية ، وهو يبين طهارة أهل الكتاب : " وأنا على يقين بأن كثيراً من
فقهاء اليوم والأمس يقولون بالطهارة ، ولكنهم يخشون أهل الجهل والله أحق أن يخشوه
" .
وفي كتاب وسائل الشيعة (1/96:90) تحت باب "
بطلان العبادة بدون ولاية الأئمة ، واعتقاد إمامتهم " يذكر تسعة عشر حديثاً
في وجوب الإمامة ، وكفر من لا يقول بها ، ووجوب الرجوع في جميع الأحكام إلى الإمام
،وإن ذلك شرط الايمان .
فالتكفير إذن لا يتعلق
بنصب العداء فقط ، وإنما يتعداه ليشمل كل أمة الإسلام ، خير أمة أخرجت للناس ،
ماداموا ليسوا من الرافضة الذين يرفضون إمامة الشيخين أبى بكر وعمر ، ويرفضون
القول بعدم تكفيرهما ، وهما كما ثبت متواتراً خير البشر بعد رسول الله r .
وما جاء هنا يتفق مع ما ذكرناه من قبل عند
الحديث عن تفسير الحسن العسكرى وعلى بن إبراهيم القمي ، والكافي للكلينى ، وغيرها
من كتب الكفر والضلال ، ولذلك فهو ينقل منها ومن أمثالها ، ويكثر النقل من كتاب الكافي
كما يبدو لمن يقرأ الوسائل .
والأخبار كلها تدور حول المعنى المراد من الباب
، وضعها المفترون من غلاة الرافضة الضالين . وأعود هنا لتأكيد ما ذكرته من قبل من
أن الغلو والضلال والكفر إنما هو للرواة وأصحاب الكتب الذين أرادوا أن يهدموا
الإسلام من الداخل بتكفير نقلة الشريعة ، وحملة الرسالة من خير البشر بعد رسول
الله r . أما الإمام الصادق الذي
يكثرون من نسبة الأقوال إليه ، وغيره من الأئمة الأطهار الأبرار ، فهم بريئون من
هذه الأباطيل والمفتريات .
وأذكر أن أحد الكتاب قابل هذا الغلو والضلال
بمثله ، فذكر خبراً من الأخبار التي وضعها غلاة الرافضة وزنادقتهم ، غير أنه أثبت
القول للإمام الصادق نفسه ـ وحاشاه ـ حيث قال : " قال صادقهم الكذب : "
، وهذا ضلال لا يصح أن يصدر من مسلم ، فالإمام الصادق ـ رضي الله عنه ـ أجل قدراً
وأعظم منزلة من أن ينسب إليه الكذب ، ولقد عبرت عن أسفي وحزنى ، وذكرت هذا لشيخى
الإمام محمد أبو زهرة ـ رحمه الله ـ فغضب
غضباً شديداً ، وعجب كيف يجرؤ أي مسلم على اتهام الإمام الصادق .
وفي مواضع أخرى من كتاب وسائل الشيعة نجد كثيراً
من روايات غلاة الرافضة وزنادقتهم .
ففي الجزء الأول ( ص 158 : 159 ) باب " كراهة
الاغتسال بغسالة الحمام مع عدم العلم بنجاستها ، وأن الماء النجس لا يطهر ببلوغه
كراً " .
وتحت الباب خمس روايات ، كلها تذكر نجاسة الناصب
،وأنه شر من غيره من النجاسات ، ومن كل من خلق الله تعالي .
وينسبون هذا الكفر والزندقة للأئمة الأطهار .
فينسبون إليهم أنهم قالوا : " إن الله
تعالي لم يخلق خلقاً شراً من الكلب ، وإن الناصب أهون على الله تعالي من الكلب ،
وإن الله تعالي لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب ، وإن الناصب لأنجس منه " !!
وفي ص 165 باب " نجاسة أسآر أصناف الكفار
" ، وفي الباب أن الناصب أشد من
اليهودى ، والنصرانى والمشرك وكل من خالف الإسلام !!
وفي الجزء الثاني ( ص 1018 : 1021 ) باب نجاسة
الكافر ولو ذمياً ولو ناصبياً .
وبعد ذكر الروايات أشار المؤلف إلى ما سبق في
الجزء الأول من نجاسة الناصب وغيره .
ونحن لا نزال في بداية الفصل الأول من دراسة
الفقه ، بعد أن مررنا بالعقائد والأصول ، نتساءل : ما الرأي في دعوة دار التقريب
بالقاهرة لجعل الذين يأخذون فقههم من كتاب " وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل
الشريعة " لجعل هؤلاء القوم مذهباً خامساً يضاف للمذاهب الأربعة لأهل السنة ؟
وما الرأي في فتوى الشيخ شلتوت ـ غفر الله
تعالي له ـ بجواز التعبد بمذهب هؤلاء القوم ؟
أكان يعلم هذه البلايا والرزايا عندما أفتى ؟ أم
أنه لم يقرأ وأخذ علمه بهم من أفواه من يدينون بالتقية ؟
وما الرأي فيما ذكر من كلام الشيخ الباقورى من
أن الخلاف بينهم وبين المذاهب الأربعة كالخلاف بين أي مذهب وباقى المذاهب ؟!
ونكتفي هنا بالتساؤل دون إجابة أو تعقيب ، والله
عز وجل يحفظ دينه .
أجمعت المذاهب الأربعةعلى اعتبار المذى والودى
من موجبات الوضوء ([52]) ، وخالفهم
في ذلك الإمامية الرافضة .
استدل الإمامية بروايات عن أئمتهم تفيد ما ذهبوا
إليه . وبحديث عن النبى -r- ، وهو أن علياً كان
رجلاً مذاء ، فاستحيا أن يسأل رسول الله-r -لمكـأن
فاطمة ، فأمر المقداد أن يسأله وهو جالس ، فسأله
، فقال له النبى r : ليس بشيء([53]) .
وورد عن طريقهم أيضاً ما يعارض رأيهم فحملوه على
التقية أو الاستحباب أو غير ذلك .
من هذا ما رووه عن أحد أئمتهم أنه سئل عن المذى
أينقض الوضوء ؟ قال : إن كان من شهوة نقض([54]).
فحمله شيخ الطائفة الطوسى على الاستحباب ، ولكن
نلاحظ أن كلمة " نقض " تنفي هذا الاحتمال ، لأن النقض يوجب التطهر .
ورووا عن أبى عبد الله
أنه قال : ثلاث يخرجن من الإحليل ، وهن المنى وفيه الغسل والودى فمنه الوضوء لأنه
يخرج من دريرة البول . قال : والمذى ليس فيه وضوء ، إنما هو بمنزلة ما يخرج من
الأنف. ([55])
وأعجب تخريج لهذه الرواية هو حملها على التقية ،
فذلك الذي خاف على نفسه فقال تقية : إن الودى ينقض الوضوء ، كيف ذهب عنه الروع وهو
يخالف جمهور المسلمين بقوله : والمذى ليس فيه وضوء . إنما هو بمنزلة ما يخرج من
الأنف .
وحديث المقداد ـ الذي
سبق ـ ورد عن طريقهم برواية خرى ـ هي " عن على u قال : كنت رجلاً مذاء ، فاستحييت أن أسأل رسول الله r لمكان فاطمة عليها السلام بنته ، لأنها عندى ، فقلت للمقداد
يمضى ويسأله ، فسأل رسول الله r وآله وسلم عن الرجل الذي ينزل المذي من النساء ، فقال :
يغسل طرف ذكره وأنثييه ، وليتوضأ وضوءه للصلاة " ([56]).
وهذه الرواية توافق
الرواية التي احتج بها أهل السنة ، فقد روى عن " المقداد ابن الأسود أن على
بن أبى طالب أمره أن يسأل له رسول الله r عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذى ، ماذا عليه ؟ قال
على : فإن عندى ابنة رسول الله r وأنا استحى أن اسأله .
قال المقداد : فسألت
رسول الله r عن ذلك فقال : إذا وجد ذلك أحدكم فلينضح فرجه ، وليتوضأ
وضوءه للصلاة " ([57]).
ويؤيده من طريق أهل
السنة ما روى عن سهل بن حنيف قال : كنت ألقى من المذى شدة وعناء .وكنت أكثر من
الاغتسال ، فذكرت ذلك لرسول الله r
فقال
: " إنما يجزيك من ذلك الوضوء " رواه أبو داود وابن ماجه والترمذى وقال
: حديث حسن صحيح ([58]).
ويؤيد ذلك أيضاً من طريق الإمامية ، ماروى عن
على قال : سمعت رسول الله r بعد أن أمرت المقداد يسأله وهو يقول :
ثلاثة أشياء : منى ووذى ، وودى ، فأما المذى
فالرجل يلاعب امرأته فيمذى ففيه الوضوء .
وأما الودى : فهو الذي يتبع البول يشبه المنى ،
ففيه الوضوء أيضاً.
وأما المنى : فهو الماء الدافق الذي يكون منه
الشهوة ، ففيه الغسل ([61]) .
وهذه الروايات لا يمكن حملها إلا على وجوب
الوضوء ، وقد صحت من الطريقين . أما ما روى من أن الرسول r أجاب المقداد بقوله : " ليس بشيء " فهذا لم يثبت من
طريق أهل السنة ، ولو صح لأمكن الجمع بينه وبين هذه الأخبار بأن نقول : إن قوله
" ليس بشيء " متعلق بالغسل لا بالوضوء ، أي أنه لا يوجب الغسل ، ففي رواية سهل بن حنيف السابقة "
كنت أكثر منه الاغتسال فذكرت ذلك لرسول الله " ، ووقع عند أبى داود والنسائى
وابن خزيمة عن على بلفظ " كنت رجلاً مذاء فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشقق
ظهرى " ([62]). وبهذا يكون الرسول r قد بين أن المذى لا يوجب الغسل ، وهذا لا يتعارض مع وجوب الوضوء .
ويؤيد ما ذهبت إليه ما رواه الشيعة عن على قال :
" إنى لمذاء ، وما أزيد على الوضوء "
([63]).
فأما ما رواه الشيعة عن أئمتهم من أن المذى لا
يوجب الوضوء ، فيمكن حمله على ما ذهب إليه الإمام مالك حيث قال : " إذا كان
ذلك منه من سلس من برد أو ما أشبه ذلك قد استنكحه ودام به فلا أرى عليه الوضوء .
وإن كان ذلك من طول عزبة إذا تذكر فخرج منه ، أو كان إنما يخرج المرة بعد المرة ،
فأرى أن ينصرف فيغسل ما به ويعيد الوضوء " ([64]) .
ويؤيد هذا من طريق الشيعة ما روى عن محمد بن
إسماعيل ، عن أبى الحسن الرضا قال : سألته عن المذى فأمرنى بالوضوء منه ، ثم أعدت
عليه سنة أخرى ، فأمرنى بالوضوء منه ، وقال : إن علياً u أمر
المقداد أن يسأل رسول الله r واستحيا أن
يسأله ، فقال : فيه الوضوء . قلت : وإن لم أتوضأ ، قال لا بأس " ([65]).
فكيف يخالف أمر رسول الله إذن ويبيح للسائل عدم
الوضوء . مع أن الرسول قال : فيه الوضوء ؟ فلعله ارتأي ما يراه الإمام مالك ، ولا شك
أن السائل لقى مشقة كبيرة ، حيث سأل ، ثم جاء بعد عام ليسأل مرة أخرى ، وحيث قال :
وإن لم أتوضأ بعد أن سمع حكم الرسولr ، فيلحق
بأصحاب الأعذار الذين لا يوجب عليهم الوضوء في رأي الإمام مالك .
بهذا يمكن الجمع بين أحاديث أهل السنة وأحاديث
الشيعة ورواياتهم عن الأئمة ، وإذا لم يمكن الجمع ، فإنا بلا ريب نسقط روايات
الأئمة ، وتبقى أحاديث الرسولr
وهي
صريحة نصاً في إيجاب الوضوء .
اتفق الجميع على وجوب غسل الوجه ، وانفرد الشيعة
الرافضة برأيهم في تحديد الوجه ، وطريقة غسله .
ذهبت المذاهب الأربعة في تحديد الوجه بأنه من
منابت شعر الرأس إلى الذقن إلى الأذنين ([66]) وروى عن
مالك أن ما بين اللحية والأذن ليس من الوجه ، وبذلك لا يجب غسله([67]).
أما الشيعة فقد اتفقوا معهم في الطول ، واختلفوا
في العرض . حيث حددوه بما اشتمل عليه الإبهام والوسطى ([68]).
وأقرب الآراء إليهم كما نرى رأي الإمام مالك .
ولكن فى تحديدهم إخراج لجزء كبير من الوجه وهذا يفتقر إلى الدليل.
وإذا نظرنا إلى رواياتهم في الوضوء نجدها لا
تسند إجماعهم ، بل تعارضه ، مثال ذلك :
عن زرارة قال : حكى لنا أبو جعفر u وضوء رسول الله r وآله ، فدعا بقدح من ماء ، فأخذ كفاً من ماء ، فأسدله على وجهـه .
ثم مسح من الجانبين جميعـاً.
وفي رواية أخرى
: فأخذ كفاً من ماء ، فصبه على وجهـه ، ثم مسح جانبيه حتى مسحه كله .
وفي رواية ثالثة : ثم غمس كفه اليمنى في التور ،
فغسل وجهه بها واستعان بيده اليسرى بكفه على غسل وجهه ([69]).
وهذه الروايات كلها معتبرة عندهم في الاحتجاج
بكيفية الوضوء فعلى أي أساس بنى إجماعهم إذاً ؟ ثم إن هذا الإجماع يعارضه أيضاً
إجماع جمهور المسلمين بإيجاب غسل بعض الأجزاء التى أجمعوا على عدم غسلها استناداً
إلى الأمر بغسل الوجه.
فتحديد الوجه بهذه الصورة تحكم يحتاج إلى نظر من
فقائهم بدلا من أن ينساقوا وراء قول يعارض كتاب الله تعالى ، وسنة رسول الله r .
والخلاف الثانى في
طريقة الغسل ، فقد أوجبوا الابتداء بغسل الوجه من الأعلى ، وهذا هو المشهور من
المذهب ، ولكن هناك من لم يوجب ذلك ووجدنا من فقهاء الشيعة اليوم من يقول : "
يلاحظ بأن الأمر بغسل الوجه مطلق ، ولا نص على وجوب الابتداء بالأعلى ، فيحصل
الامتثال بالغسل كيف اتفق .
أما ابتداء الإمام بالأعلى فغاية ما يدل عليه
الجواز والمشروعية ، لا الحصر والتعيين " ([70]).
وهذا يتفق مع المذاهب الأربعة ، وبذا ينتفي الخلاف
.
الخلاف هنا في نقطتين : الأولى : إيجابهم
الابتداء بالمرفقين . الثانية : إيجابهم كذلك الابتداء باليد اليمنى .
فأما إيجاب الابتداء بالمرفق فهو خلاف
الظاهر "" فاغْسِلُواْ
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ
"" فظاهر الآية الانتهاء إلى المرفق ، فإذا لم
ننظر إلي غسل اليدين على أنه مجرد الغسل الذي يعم اليد إلى المرفق ، سواء ابتدأ به
المتوضئ أو انتهي إليه وجب الانتهاء إلى المرفق لا الابتداء به .
والذي دفع الشيعة إلى
هذا القول ورود روايات عن الأئمة في الوضوء مبتدئين بالمرفقين .([71])
ولكن
هذه الروايات لا تتعارض مع ما ذهب إليه أصحاب المذاهب الأربعة ، لأنه جائز ، أما
إيجاب الابتداء بهما فهو التحكم الذي لا دليل عليه. ويخالف ظاهر القرآن الكريم .
وإجماع سائر المسلمين .
وأما الابتداء باليمنى فلا شك أنه الأولى ، فعن
أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : " إذا توضأتم
فابدءوا بميامنكم " أخرجه الأربعة ، وصححه ابن خزيمة ، وأخرجه
أحمد وابن حبان والبيهقى وزاد فيه " وإذا لبستم " وقال ابن دقيق العيد :
هو حقيق بأن يصحح([72]).
وما روى عن وضوء الرسول r عن طريقى السنة والشيعة فيه أنه
صلوات الله عليه كان يبدأ بالميامن ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت :
" كان النبى r يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره . وفي شأنه كله " متفق ([73]).
فلو جعلنا ذلك على الوجوب ، لوجب في اليدين
والرجلين ، ولكنهم جميعا لا يقولون بذلك . فالشيعة يوجبونه في اليدين دون الرجلين
، والمذاهب الأربعة لا توجبه ، ولوجب كذلك
في اللبس ، ولا خلاف في عدم و جوبه ،
فيمكن حمله إذن على الاستحباب لا الإيجاب ، وقول السيدة عائشة " يعجبه التيمن " تدل على هذا وكذلك
التنعل والترجل وفي شأنه كله . فلا خلاف في عدم وجوب البدء بالميامن في ذلك .
انفرد الإمامية بالقول بوجوب مسح مقدم الرأس
ببقية البلل . وبعدم إجزاء الغسل على أي حال .
فهم متفقون مع الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة
في جواز مسح بعض الرأس ([74]) ، ولكنهم
يوجبون المقدم ، ويختلفون مع الجميع في إيجاب المسح ببقية البلل .
رووا عن الإمام أبى جعفر - وهو يحكى وضوء الرسول
r - أنه " مسح مقدم رأسه ، وظهر قدميه ببلة يساره ، وبقية بلة
يمناه " . وفي رواية أخرى " مسح بفضل يديه رأسه ورجليه " . وفي
إحدى الروايات " مسح ببقية ما بقى فى يديه رأسه ورجليه ، ولم يعدهما فى
الإناء " ، إلى غير ذلك من الروايات ([75]) .
والرواية الأولى قد تكون بياناً للمجمل في
الروايتين الأخيرتين ، وقد تدل على جواز مسح المقدم ، ولكنهم رووا عن الإمام أبى
جعفر أيضاً بأن المتوضئ إذا مسح بشئ من رأسه فقد أجزأه ([76]) . مما يؤيد
الاحتمال الثانى ـ وهو الجواز ـ ويرفض الاحتمال الأول .
وقد استدل الإمام الشافعي بروايات أن الرسول r مسح بمقدم رأسه ، ومع هذا لم
يوجب المقدم ، وإنما رأي أن من مسح من رأسه شيئاً فقد مسح برأسه(
[77]) .
وقد ورد عن طريق الشيعة روايات تفيد عدم إيجاب
المقدم ، فحاولوا تخريجها :([78])
مثال ذلك ما
روى عن الإمام الصادق أنه سئل عن الرجل يمسح رأسه من خلفه وعليه عمامة بأصبعه
أيجزيه ذلك ؟ فقال : نعم . فحمله الطوسى على أنه أدخل الأصبع من الخلف ، فمسح بها
مقدم الرأس ، واحتمل أن يكون الخبر خرج مخرج التقية ، لأن ذلك مذهب بعض العامة .
ولا أدرى لم ترفع العمامة ويضع الإنسان يده من
الخلف ليمسح المقدم ؟ أهذا هو الذي فهمه الإمام الصادق من السائل فقال : نعم ؟ أم
أنه جبن فقال ذلك تقية لأنه مذهب بعض العامة ؟ إنى أربأ بالصادق أن يكون بهذا
الخلل من الفهم ، أو بهذه المنزلة من الجبن .
ورواية أخرى عن الإمام الصادق أيضاً أنه سئل عن
المسح على الرأس فقال : كأنى أنظر إلى
عكنة في قفاء أبى يمر عليها يده . وغير ذلك مما لم يستطع الطوسى تخريجه إلا على
التقية ، وهو تخريج لا يمكن أن يقبل بحال ، فإذا كان السائل يسأل عن المسح فلو
أجيب بمسح مقدم الرأس لوافقت الرواية روايات ثبتت عند كثير من أهل السنة ، كتلك
التى احتج بها الإمام الشافعي ، ثم ما الذي يدعو إلى الكذب في قوله " كأني
أنظر إلى عكنة في قفاء أبى " ؟ فلم احتاج إلى الاستشهاد بهذا الدليل ، ولم
يكتف بتحديد موضع المسح ولو تقية ؟ أهو الإيغال في الكذب والجبن ؟ كان الأجدر
بالطوسى أن يحمل هذه الأخبار جميعها على جواز المقدم وغيره ، فينتفي التعارض ،
بدلاً من أن ينزل إلى هذا المستوى في
تخريجاته .
وروى عن الإمام الصادق " مسح الرأس واحدة
من مقدم الرأس ومؤخره ، ومسح القدمين ظاهرهما وباطنهما " . ومعلوم أن جمهور
المسلمين يقول بغسل الرجلين لا مسحهما ، ومع هذا حمل الخبر على التقية ([79]) ! .
وأما إيجاب المسح
ببقية البلل ، فالخلاف بين أهل السنة على العكس من ذلك ، فبعضهم أوجب ماء جديداً والآخرون أجازوا
المسح ببقية البلل ، وخلافهم مبنى على أساس الماء المستعمل : أهو مطهر أم غير مطهر
؟
فظاهر مذهب الحنابلة أنه طاهر غير مطهر ، وهو
المشهور عن أبى حنيفة ، وإحدى الروايتين عن مالك ، وظاهر مذهب الشافعى ، وعن أحمد
رواية أخرى أنه طاهر مطهر ، وهو الرواية الثانية لمالك ، والقول الثانى للشافعى ،
وروى عن على وابن عمر وأبى أمامة فيمن نسى مسح رأسه إذا وجد بللاً في لحيته أجزأه
أن يمسح رأسه بذلك البلل ، وذهب أبو يوسف إلى نجاسته ، وهو رواية عن أبى حنيفة .([80])
ولكل من هؤلاء أدلته
التي استند إليها ([81])
،
ولسنا بحاجة إلى مناقشتها ما دام فيهم من يوافق الإمامية على طهورية هذا الماء .
ولكن ما الذي دفع
الشيعة إلى القول بإيجاب بقية البلل ، وبطلان الماء الجديد؟ فلو جف ماء الوضوء
قبله أخذ من لحيته ، وحاجبيه وأشفار عينيه مسح به ، فإن لم يبق نداوة استأنف
الوضوء([82]).
لا خلاف في أن الماء
الجديد طاهر مطهر ، وأدلة الشيعة التي ذكرناها لو صحت ([83]) فغاية ما
تدل عليه جواز المسح ببقية البلل ، ويؤيد ذلك ما روى عن طريق أهل السنة من أن
الرسول r مسح رأسه بما بقى من وضوئه ، أو من فضل ماء كان بيديه ، وروايات
أخرى أنه r مسح رأسه بماء غير فضل يديه ، أو أنه أخذ لرأسه ماء جديدا(
[84]) . ولا
تعارض بين هذه الأخبار ، فكل جائز ، بل إننا نجد فيما روى عن طريق الشيعة ما يؤيد
القائلين بإيجاب ماء جديد ، جاء في الاستبصار : " سألت أبا الحسن u : أيجوز للرجل أن يمسح قدميه بفضل رأسه ؟ فقال : برأسه لا ، فقلت
: أبماء جديد ؟ فقال : برأسه نعم . " ورواية أخرى : " سألت أبا عبدالله u عن مسح الرأس قلت : أمسح بما في يدي من الندى رأسى فقال : لا بل
تضع يدك في الماء ثم تمسح " ([85]).
وحاول شيخ الطائفة الطوسى أن يوفق بين هذين
الخبرين والأخبار السابقة ، فقال : " فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على
ضرب من التقية ؛ لأنهما موافقان لمذاهب كثير من العامة ، ويحتمل أن يكون المراد
بهما إذا جفت أعضاء الطهارة بتفريط من جهته ، فيحتاج أن يجدد غسلها ، فيأخذ ماء
جديداً ، ويكون الأخذ بها أخذاً للمسح حسب ما تضمنه الخبر الأول .
وأما الخبر الثانى فيحتمل أن يكون المراد بقوله
: " بل تضع يدك في الماء " إنما أراد الماء الذي بقى في لحيته أو حاجبيه
، وليس فيه أن يضع يده في الماء الذي في الإناء أو غيره . فإذا احتمل لذلك لم
يعارض ما قدمناه من الأخبار" ([86]).
ولا شك أن هذا التخريج فيه من البطل ما فيه :
فالخبر الأول يفيد ـ خلاف الماء الجديد ـ
مسح الرجلين في الوضوء ، وقد أجمعت المذاهب الأربعة على وجوب غسلهما . ولهذا أجاز
الشيعة غسلهما للتقية مع إيجابهم المسح . فكيف إذن يحمل هذا الخبر على التقية
لمجرد ذكر الماء الجديد مع إفادته مسح الرجلين؟ والتخريجات الأخرى غير مقبولة ،
فالخبران يفيدان عدم جفاف الأعضاء ، فالأول فيه فضل الرأس ، والثاني فيه ما في
اليدين من الندى ، ولو أراد بالثاني أخذ الماء من اللحية والحاجبين لقال : ضع يدك
على اللحية والحاجبين ، لا ضع يدك في الماء . وما الحاجة إلى ذلك مع وجود الندى ما
لم يكن في حاجة إلى ماء جديد ؟
وأخبار الشيعة لو صحت
لأمكن الجمع بينها بالقول بجواز المسح ببقية الماء واستحباب الماء الجديد . وذلك
أولى من القول بإيجاب المسح ببقية البلل ، فذلك لا يستند إلى أي دليل([87]).
ويرى
الشيعة أن غسل الرأس لا يجزى عن مسحه ، وهم إذا كانوا يشترطون في المسح أن يكون
ببقية البلل ، فمن باب أولى أن يرفضوا إجزاء الغسل .
وأما المذاهب الأربعة فيرون أجزاءه ، لأن فيه
مسحاً وزيادة .
اشترط بعض الحنابلة إمرار اليد على الرأس مع
الغسل أو بعده للإتيان بالمسح([88]) .
ولا شك أن المسح أولى من الغسل ، فهو الفرض
بالنص ، ولكن ليس معنى هذا أن الغسل يبطل الوضوء ، لأن في الغسل إتياناً بالفرض
وزيادة . وهذه الزيادة وإن لم تكن مستحبة إلا أنها ليست مبطلة ، كمن غسل أعضاء
الوضوء أربعاً ، فإن ذلك غير مستحب ، لكنه لا يبطل الوضوء ، وكمن اغتسل ينوى به
الوضوء ، فالشيعة يرون أن غسل الجنابة يجزى عن الوضوء ، واختلفوا في غيره ، فلم
يجمعوا على عدم الإجزاء . إذا فالمسح أولى من الغسل ولكن الغسل لا يبطل ، والله
أعلم .
أجمع أصحاب المذاهب الأربعة على القول بمسح
الأذنين ، والخلاف بينهم حول وجوبه او استحبابه ، أما الإمامية فلا يرون وجوب مسح
الأذنين ولا استحبابه ، واستدلوا بما روى
عن الإمام الباقر " ليس عليهما غسل ولا مسح "([89]) .
ولكن هناك رواية أخرى . وهي " سألت أبا عبد
الله u : الأذنان من الرأس ؟ قال نعم . قلت : فإذا مسحت رأسي مسحت أذني ؟
قال : نعم ، كأني أنظر إلى أبى في عنقه عكنة وكان يخفي رأسه إذا جزه ، كأني أنظر
والماء ينحدر على عنقه "([90]) .
ويمكن الجمع بين هذين الخبرين بأن يحمل الأول
على عدم الوجوب بدلاً من حمل الثانى على التقية ، أو على ما لا صلة له بالطهارة
كمسح الرأس بعد الحلـق! ([91]).
وعن طريق أهل السنة وردت روايات صحيحة بأن
الرسولr مسح أذنيه([92]) ورواية
الباقر لا تنهض دليلاً على بطلان هذه الروايات ، ورواية الصادق تؤيدها ، والتوفيق
بين الروايات ممكن ، فلا حاجة إلى التشبث بما لم يقم عليه دليل.
وأما ما روى عن الإمام الصادق : " الأذنان
ليسا من الوجه ولا من الرأس " فهو دليل على عدم الإيجاب ، ولا يمنع الاستحباب
، ويمكن أن يسقط بما ثبت من مسح الرسول r لأذنيه .
أجمعت المذاهب الأربعة على وجوب غسل الرجلين ،
وأجمع الشيعة على وجوب مسحهما ببقية البلل إلا في حالة التقية .
وسبب ذلك الخلاف أن آية المائدة قرئ فيها "
أرجلكم " بالنصب والجر وثبت ، لدى
فريق أن الرسول r كان يغسلهما ، ولدى الآخر أنه كان يمسحهما ، فاستدل
القائلون بالغسل بقراءة النصب وقالوا بالعطف على اليدين . واستدل الآخرون بقراءة
الجر ، وقالوا بالعطف على الرءوس . ولنذكر ذلك تفصيلا.
استدل الشيعة ([93]) بالآية الكريمة
، فقالوا : إن الاحتجاج بها في قراءة الجر واضح ، وذلك أن للمعطوف حكم المعطوف
عليه ، فكما أنه يجب في الرءوس المسح من غير خلاف بين أحد فكذلك يجب في الأرجل
إعطاء للمعطوف حكم المعطوف عليه .
أما في قراءة النصب ، فالوجه أن الأرجل معطوفة
على الموضع من (برءوسكم) لا على اللفظ ، وذلك أن برءوسكم منصوبة الموضع لأنها
مفعول (لامسحوا) في المعنى ، وإن كانت مجرورة بالباء في اللفظ . والعطف تارة يكون
على اللفظ ، فيعطى المعطوف حكم المعطوف عليه ، وتارة يكون على الموضع فله كذلك
حكمه ، وهو كثير في كلام العرب ؛ قالوا : ليس فلان بقائم ولا ذاهباً ، فجعلوا
ذاهباً معطوفة على موضع بقائم مع أنها مجرورة اللفظ .
وقال الشاعر :
معاوى إننا بشر فأسجح فلسنا
بالجبال ولا الحديدا
فعطف الحديد على موضع الجبال لأن موضعها النصب ،
وإن كان لفظها مجروراً .
وقال تأبط شراً:
هل أنت باعث دينار لحاجتنا وعبد رب أخا عون بن مخراق
فعطف عبد على موضع دينار ، فموضعه النصب على
المفعولية لباعث ، مع أنه مجرور اللفظ بالإضافة .
وقال آخر :
جئنى بمثل بنى بدر لقومهم أو مثل إخوة منظور بن سيار
فعطف مثل الثانية على موضع بمثل الأولى .
وعلى هذا ذهبوا إلى أن الآية تدل على وجوب المسح
سواء أكان نزولها بالجر أو بالنصب ، لأنها معطوفة على الرءوس في القراءتين .
وذهب القائلون بالغسل إلى عكس ذلك ؛([94])
فهم
يرون أن النصب عطف على اليدين ، وبذلك يجب غسل الرجلين ، والعطف على محل الرءوس
خلاف الظاهر ، وقراءة الجر لا تمنع العطف على اليدين ، فهي مجرورة للمجاورة ، وجر
الجوار جائز في النعت وفي العطف ، أما النعت فقوله تعالى : "" إِنِّيَ
أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ""
( جر أليم ) وهو صفة العذاب المنصوب لمجاورته المجرور . وأما العطف فكقوله تعالى :
"" وَحُورٌ عِينٌ
كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ "" ففي قراءة الجر لحور يكون ذلك لمجاورة "
أكواب وأباريق " مع أنه معطوف على " ولدان مخلـدون ".
وقوله تعالى :
"" عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ
وَإِسْتَبْرَقٌ
"" .
وقد وقع هذا الجر في كلام العرب العرباء ، كقول
امرئ القيس :
وظل طهاة اللحم من بين منضج صفيف شواء أو قدير معجل
جر قديراً مع العطف للمجاورة . وقول النابغة :
لم يبق إلا أسير غير منفلت وموثق
في عقال الأسر مكبول
بجر " موثق " و" مكبول "
بجوار " منفلت " مع أنهما معطوفان على أسير . وتقول العرب " جحر ضب
خرب " بجر خرب بالجوار.
وفائدة الجر بالجوار في الآية الإيماء إلى وجوب
الاقتصاد في الماء بغسلهما غسلاً يقرب من المسح ، لأنهما مظنة الإسراف فيه ،
ولبيان أنهما يمسحان حال الاختيار على حائل وهما الخفان بخلاف سائر الأعضاء ،
والفصل بقوله " برءوسكم " إشارة
إلى الترتيب .
والقول بأن الجر
بالجوار إنما يصار إليه حيث الأمن من الالتباس فهنا كذلك، لأن الرسول r يبين للناس ما نزل إليهم .([95])
ويمكن في غير المجاورة
أن يحمل المسح على الغسل ، فذلك مستعمل في كلام العرب ، قال أبو على الفارسى :
العرب تسمى خفيف الغسل مسحاً ، فيقولون :
تمسحت للصلاة أي : توضأت ، وقال أبو زيد الأنصارى نحو ذلك . ويؤيد هذا أنهما
محدودان بحد ينتهي إليه ، فأشبها اليدين . ثم إنه إذا اجتمع فعلان متقاربان بحسب
المعنى جاز حذف أحدهما وعطف متعلق المحذوف على متعلق المذكور ، ومن ذلك قول لبيد :
فعلا فروع الأيهقان وأطفلت بالجلهتين ظباؤها ونعامها
أي باضت نعامها ، لأنها لا تلد .
وقال آخر :
تراه كأن الله يجدع أنفه وعينيه أن مولاه ثاب له
وفر
ومنه قول الأعرابي : علفتها تبناً وماء بارداً ،
أي : وسقيتها .
وحاول الشيعة نقض احتجاجات القائلين بالغسل
فقالوا بالمنع من الجر بالجوار مستدلين بما استدل به الإمام الرازى ([96])، وقد
رأينا الإجابة عن هذه الاعتراضات .
وقالوا : إن ذلك يجرى مجرى " ضربت زيداً
وعمراً وأكرمت خالداً وبكراً " فإن رد بكر إلى خالد في الإكرام هو الوجه في
الكلام الذي لا يسوغ سواه ، ولا يجوز رده إلى الضرب الذي انقطع حكمه .
ونلاحظ هنا بوناً شاسعاً بين هذه الجملة ، وبين
الآية الكريمة ، فبكر لا يجوز فيه إلا
النصب ، ولا تقارب بين الضرب والإكرام ، ولا حكمة وراء هذا الفصل ، إلى غير ذلك
مما يبين فساد هذا القياس([97]).
وقالوا بأن حمل المسح على الغسل باطل ، ففائدة
اللفظين في اللغة والشرع مختلفة ، وقد فرق الله سبحانه بين الأعضاء المغسولة وبين
الأعضاء الممسوحة. والعطف على الرءوس يعطى نفس الحكم . ولو كان المسح بمعنى الغسل
لسقط استدلال القائلين بالغسل بأن الرسول r توضأ وغسل رجليه ، فيجوز حمل ذلك على المسح . وقولهم "
تمسحت للصلاة " المعنى فيه لما أرادوا أن يخبروا عن الطهور بلفظ موجز ، ولم
يجز أن يقولوا تغسلت للصلاة ، لأن ذلك تشبيه بالغسل ، قالوا بدلا من ذلك : تمسحت
لأن المغسول من الأعضاء ممسوح أيضاً ، فتجوزوا لذلك تعويلا على أن المراد مفهوم ،
وهذا لا يقتضى أن يكونوا جعلوا المسح من أسماء الغسل .
وفي تحديد طهارة الرجلين قالوا : المسح أوجبته
الشريعة كالغسل فلا ينكر تحديده ، ولم توجب الغسل في اليدين للتحديد ، بل للأمر به
.
ونلاحظ أن ردهم بأن " المغسول من الأعضاء
ممسوح أيضاً فتجوزوا لذلك تعويلاً على أن المراد مفهوم " ، من الواضح أنه
يؤيد القائلين بحمل المسح على الغسل ولو مجازاً ، والعكس غير صحيح ، لأن
الغسل مسح وزيادة ، وتحديد طهارة الرجلين
قرينة ، وليست دلالة قائمة بذاتها .
وقالوا في مثل " علفتها تبناً وماء بارداً
" بأن ذلك إنما يجوز ـ على ضعفه إذا استحال حمله على ظاهره.
ومما لا شك فيه أن الرسول r إذا بين أن المقصود هو المسح ، أو الغسل ، فإن الآية
الكريمة لا تأبى ذلك ولا تعارضه .
فكل من الفريقين إذا له ما يؤيد وجهة نظره ،
وبهذا لا تعد الآية الكريمة نصاً في إيجاب الغسل أو المسح إلا بالرجوع إلى صاحب
الشريعة r . والشيعة يذهبون إلى أنه كان يمسحهما ، والمذاهب الأربعة
يذهبون إلى أنه واظب على غسلهما ، فلننظر في أدلة كل منهما .
يروى الشيعة ([98]) عن الأئمة
عدة روايات أنهم حكوا وضوء الرسول r ، فمسحوا رءوسهم وأرجلهم ببقية البلل ، لم يجددوا ماء .
وعلى هذا ذهبوا إلى وجوب مسح الرجلين ببقية البلل .
ووردت عن طريقهم أخبار تناقض ما ذهبوا إليه ، من
ذلك ما روى عن الإمام الصادق في الرجل يتوضأ الوضوء كله إلا رجليه ، ثم يخوض الماء
بهما خوضاً، فقالوا : أنه محمول على التقية ([99]).
وروى عن الإمام زيد بن على عن آبائه عن على كرم
الله وجهه قال : جلست أتوضأ فأقبل رسول الله r
حين
ابتدأت في الوضوء فقال لى : تمضمض واستنشق واستن. ثم غسلت ثلاثاً فقال : قد يجزيك
من ذلك المرتان ، فغسلت ذراعي ومسحت برأسي مرتين فقال قد يجزيك من ذلك المرة .
وغسلت قدمي فقال لي : يا على خلل بين الأصابع لا تخلل بالنار ([100]).
وحملهم هذا الخبر على التقية ، مرفوض فما من
مسلم ذي عقل يرى أن الإمام علياً قال ذلك كذباً وتقية من المسلمين ، أما الرواة
فما الذي يدعوهم إلى الكذب على الإمام وعلى الرسول r ؟
إذا كان هناك ما يدعو إلى التقية فكان يكفيهم أن
يغسلوا أرجلهم . أو يقولوا بأن الغسل هو
الواجب ، دون أن يتعمدوا الافتراء على الله ورسوله . ثم إن هذه الرواية عن الإمام
زيد بن على الذي خرج على الدولة الأموية ، وقاتل من أجل حق ارتآه حتى استشهد ،
فكيف إذن يصل إلى هذا الجبن والكذب ؟
ورفض الطوسى هذا الخبر لشيء آخر أيضاً ، وهو أن
رواة الخبر ليسوا إماميين ، ورجال الزيدية وما يختصون بروايته لا يعمل به ([101]).
فالرواة ليسوا كذابين ، ولا وضاعين ، ولا مدلسين
، وإنما جريمتهم التى تدعونا إلى تكذيبهم ، وعدم الأخذ بروايتهم ، أنهم زيديون
وليسوا إماميين ، والعترة الطاهرة وقف على الإمامية ، ومن ليس من العترة فليس أهلا
لأن يروى عن رسول الله r !
ولاشك أن الرسول وعترته بريئون من هذا الإسفاف .
ولقد ناقشنا ذلك من قبل في بحثنا للسنة(
[102]) .
ورووا عن الإمام الصادق أنه قال : إذا توضأت
فامسح قدميك ظاهرهما وباطنهما . ثم قال : هكذا : فوضع يده على الكعب وضرب الأخرى
على باطن قدميه ، ثم مسحهما إلى الأصابع .
فحملوا هذا الخبر على التقية أيضا([103])
، مع
أنه قال امسح ولم يقل اغسل ، وفيه أنه وضع يده على الكعب لا على الكعبين ، فمذهبهم
أن الرجل لها كعب واحد وهي قبة القدم ، ولم يوافقهم في هذا التحديد إلا بعض
الحنفية ([104]) ومع هذا
حملوه على التقية لأنه يخالف ما ذهبوا إليه من عدم استيعاب الرجل في المسح .
ورووا عنه أيضاً أنه قال في مسح الرأس ومسح
القدمين ، مسح الرأس واحدة من مقدم الرأس ومؤخره ، ومسح القدمين ظاهرهما وباطنهما
. وقد حملوه كالسابق على التقية " لأنهما موافقان لمذهب بعض العامة ممن يرى
المسح ويقول باستيعاب الرجل "([105]).
فالتعصب للرأي أدى إلى الاضطراب والتناقض في
التخريج ، فمن يخشى بعض الناس ، وهم القلة النادرة ، كيف يجرؤ على الوقوف أمام
الكثرة الغالبة ، ويخالف جمهور المسلمين القائلين بالغسل ؟ وهناك رواية عن الإمام
الصادق ذكرها الكليني في الكافي . والطوسى
في كتابيه : التهذيب والاستبصار ، استدلوا بها فيما استدلوا على وجوب الترتيب في
الوضوء ، وهذه الرواية هي :
" عن أبى عبدالله u
قال : إن نسيت فغسلت ذراعيك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ثم اغسل
ذراعيك بعد الوجه ، فإن بدأت بذراعك.الأيسر فأعد على
الأيمن ثم اغسل اليسار ، وإن نسيت مسح رأسك حتى تغسل رجليك فامسح رأسك ثم اغسل
رجليك " ([106]).
ولم يتكلم فيها الطوسى ، وإنما استدل بها على
وجوب الترتيب وكفي ، فالرواية صحيحة في نظره ، فماذا يقول في غسل الرجلين ؟
لو حمل ذلك على التقية لشك الناس في عقليته
وتفكيره ، فهذه الرواية خالفت ما أجمع عليه المسلمون من عدم إيجاب الترتيب في
اليدين ، ولكن العاملى في وسائله وقع فيما لم يقع فيه الطوسى ، وقال : " غسل
الرجلين محمـول على التقيـة " ([107]).
والتعصب للرأي الذي اقترن بالمذهب ، والذي كان
له أثره فيما وجدنا من الاضطراب في التفكير والتخريج ، كان له أثر أسوأ من ذلك
بكثير ، وهو وضع الأحاديث .
ونحن بهذا
ـ علم الله ـ لا نريد الافتراء على الشيعة ، إنما نذكر ما بدا لنا عند
النظر في أدلتهم . ولنذكر أمثلة لذلك :
يروون أن الرسول r قال : " إن العبد إذا توضأ فغسل وجهه تناثرت ذنوب وجهه
، وإذا غسل يديه إلى المرفقين ، تناثرت عنه ذنوب يديه ، وإذا مسح برأسه تناثرت عنه
ذنوب رأسه ، وإذا مسح رجليه أو غسلهما للتقية ، تناثرت عنه ذنوب رجليه ، وإن قال
في أول وضوئه : بسم الله الرحمن الرحيم ، طهرت أعضاؤه كلها من الذنوب ، وإن قال في
آخر وضوئه أو غسله من الجنابة : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ،
أستغفرك وأتوب إليك ، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك وأشهد أن علياً وليك وخليفتك
بعد نبيك . وأن أولياءه خلفاؤهوأوصياؤه 000 إلخ " ([108]).
ويبدو أثر الوضع واضحاً في قوله : " أو
غسلهما تقية " وفي قوله : " وأشهد أن علياً وليك وخليفتك بعد نبيك ، وأن
أولياءه خلفاؤه وأوصياؤه " فارتباط الرأي الفقهي بالمذهب جعل من لا خلاق لهم يضعون
الأحاديث لنصرة الاثنين . ويؤيد هذا أيضا ما رووه عن الرسول r أنه قال للمقداد وسلمان وأبى ذر : أتعرفون شرائع الإسلام ؟ قالوا
: نعرف ما عرفنا الله ورسوله ، فقال : هي أكثر من أن تحصى : أشهدوني على أنفسكم
بشهادة أن لا إله إلا الله ـ إلى أن قال :
وأن القبلة قبلتي شطر المسجد الحرام لكم قبلة ، وأن على بن أبى طالب وصى محمد r ، وأمير المؤمنين ، وأن مودة أهل بيته مفروضة واجبة مع إقام
الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والخمس ، وحج البيت ، والجهاد في سبيل الله ، وصوم شهر
رمضان ، وغسل الجنابة ، والوضوء الكامل على الوجه واليدين والذراعين إلى المرافق ،
والمسح على الرأس والقدمين إلى الكعبين ، لا على خف ، ولا على خمار ، ولا على
عمامة - إلى أن قال : فهذه شروط الإسلام وقد بقى أكثر([109]).
نخرج من هذا أن رواياتهم متناقضة ، فبعضها فيه
مسح جزء من الرجلين ببقية البلل ، وبعضها فيه مسح مع استيعاب الرجلين ، وروايات
أخرى فيها الغسل.
وهم يرون أن عدداً من الأخبار وضع للتقية ـ على
حين رأينا روايات وضعت لنصرة المذهب ، فرواياتهم إذن غير قاطعة بالمسح أو الغسل ـ
وإن كانت ترجح الغسل ، لأن روايات الغسل تخالف المذهب ، ورأينا أن بعضها لا يحتمل
التقية على الإطلاق ، أما روايات المسح فيحتمل أنها موضوعة انتصاراً للمذهب كما
وضح في الروايتين الأخيرتين .
أما أهل السنة فقد رووا أحاديث صحيحة متعددة في
الغسل ([110]) ومنهاحديث
عثمان رضي الله عنه ، وهو يحكى وضوء رسول الله r ففيه " ثم غسل كلتا رجليه ثلاثا " متفق عليه . وفي لفظ
: " ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ، ثم غسل اليسرى مثل ذلك
" . وعن الإمام على أنه حكى وضوء رسول الله r فقال : " ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثلاثاً ثلاثاً " .
وكذلك قالت الربيع بنت معوذ ، والبراء بن عازب ، وعبد الله بن عمر . وعن أبى هريرة
أن النبى r رأي رجلاً لم يغسل عقبه ، فقال : " ويل للأعقاب من النار
" إلى غير ذلك من الروايات التى تصل إلى حد التواتر . وهي تبين أن الرسول r كان يغسل رجليه في الوضوء .
وهذه الروايات كافية لإسقاط روايات الشيعة التى
توجب المسح ، بخاصة إذا نظرنا إلى رواياتهم القائلة بالغسل والتى لا تحتمل التقية
، وإلى رواياتهم الأخرى التى ثبت أنها موضوعة انتصاراً للمذهب الجعفري ، ولما ذهب
إليه من آراء فقهية .
وقد ورد
عن طريق أهل السنة أيضاً روايات بالمسح ، ولكنها لا تتعارض مع الروايات
السابقة .
مثال ذلك : ما روى عن الإمام على كرم الله وجهه
أنه مسح برأسه ورجليه ، وقد رأينا فيما رووا عن طريق أهل السنة والشيعة من أن
الرسول r أمره بتخليل الأصابع وهو يغسل رجليه ، وأنه حكى وضوء الرسول r ، فغسل الرجلين . ولا يمكن بحال أن يخالف الإمام أمر الرسول r ، فبم نعلل ذلك ؟
من روايات المسح أن علياً صلى الظهر ، ثم
قعد للناس في الرحبة ، ثم أتى بماء فغسل وجهه ويديه ، ثم مسح برأسه ورجليه ، وقال
: هذا وضوء من لم يحدث . ورواية أخرى أنه اكتال من حب فتوضأ وضوءاً فيه تجوز ،
فقال هذا وضوء من لم يحدث .
وقال عكرمة : كان على رضي الله عنه يتوضأ عند كل
صلاة ، ويقرأ هذه الآية "" يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
""
. فالتجوز في وضوئه إذن لأنه لم يحدث ، وأراد أن يجدد وضوءه([111]).
ولعل مثل هذه الروايات هي التى جعلت الإمامية
يظنون أن هذا مذهب الإمام ، فتعصبوا له ، وأعرضوا
عن سائر الأدلة الثابتة التى ذكرت الغسل ، ووجد أعداء الإسلام ـ الذين استتروا وراء قناع التشيع لآل البيت
فرصتهم لإذكاء نار الفرقة بين المسلمين ، ومحاولة طمس سنة سيد المرسلين ، فأخذوا
يكذبون عمداً على الرسول r ، وعلى الأئمة الكرام ، مبينين أن المسح هو الواجب . ومن غسل فلا
وضوء له .
وقد رأينا أمثلة للوضع في أحاديثهم . ونزيد ذلك
بياناً بهذه الرواية:
قال أبو عبد الله u : " يأتى على الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل الله منه صلاة ،
قلت : وكيف ذلك ؟ قال : لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه " ([112]).
فالإمام الصادق عاصر الإمامين أبا حنيفة ومالكاً
، ويعلم أنهما أفتيا بوجوب الغسل نتيجة أدلة ثبتت لديهما ، وتمسك بالغسل كل
المسلمين ، إلا القلة النادرة ، وهم قريبو عهد من الرسول الكريم وصحابته ، وفيهم
كثير من تابعيه رضي الله عنهم أجمعين ، ترى هل كان الإمام الصادق يرى أن هؤلاء جميعاً
لا تقبل صلاتهم؟ لا يقول بذلك إلا عدو للإسلام والمسلمين .
ومما ساعد على تفشى هذه الروايات المكذوبة
التعصب للرأي ، فيقبل ما وافقه ، ويرفض كل ما خالفه ، ولو أدى ذلك إلى إهمال العقل
، واضطراب التفكير ، وقد مرت أمثلة كثيرة
لذلك .
وقد رووا عن الإمام على أنه قال : " لولا
أنى رأيت رسول الله r يمسح ظاهر قدميه لظننت أن باطنها أولى بالمسح من ظاهرها " .
ويستدلون بذلك فيما يستدلون به على مسح الرجلين
.
وفي موضع آخر يستدلون برواية عن الإمام في إبطال
القياس ، وهي : " لو كان الدين يؤخذ قياساً لكان باطن الخف أولى بالمسح من
ظاهره " ([113]).
فروايات المسح إذن
يمكن أن تحمل أيضاً على المسح على الخفين ، وهذا واضح بمقابلة الروايتين ، ولكنهم
مع هذا يرفضون المسح على الخفين ويوجبون المسح على القدمين .
وكذلك يمكن حمل هذه الروايات على الغسل الخفيف .
فابن عباس الذي روى أنه قال بالمسح ، جاء في حديثه عن الرسول r : " أخذ ملء كف من ماء فمسح على قدميه " ، والمسح يكون
بالدلك لا برش الماء والشيعة يوجبونه ببقية البلل .
وقد مرت مناقشة حول إطلاق المسح على الغسل ،
ورأينا إمكان ذلك ، ويؤيده من جهة الشيعة ما روى عن الإمام موسى الكاظم : "
لا تعمق في الوضوء، ولا تلطم وجهك بالماء لطماً ، ولكن اغسله من أعلى وجهك إلى
أسفله بالماء مسحاً ، وكذلك فامسح الماء
على ذراعيك ورأسك وقدميك " .
قال العاملى : المسح هنا محمول أولاً على المجاز
- بمعنى الغسل ، ثم على الحقيقة([114]).
فلما وجب الغسل
للذراعين حمل المسح على معنى الغسل ، فلماذا لا يكون كذلك بالنسبة للرجلين ما دامت
أخبار الغسل ثابتة إلى حد التواتر؟
وروى عن ابن عباس وأنس والشعبى والإمام الباقر
وغيرهم أن القرآن الكريم نزل بالمسح ، ونجد في رواية أنس : " نزل القرآن
الكريم بالمسح والسنة الغسل " فليس معنى ذلك أن السنة الشريفة عارضت القرآن
الكريم فلا قائل بذلك، ولكن معنى هذا أن الذين نظروا إلى قراءة الجر رأوا أن
الظاهر هو المسح ولكن الرسول r بين أن المقصود هو الغسل ، وفي هذا إيجاب للغسل لا للمسح. ([115])
ونقل عن ابن جرير الطبرى أنه أوجب غسلهما
للأحاديث ، وأوجب مسحهما للآية ، وقال ابن كثير تعقيباً على ذلك : " كلامه في
تفسيره إنما يدل على أنه أراد أنه يجب دلك الرجلين من دون سائر أعضاء الوضوء
لأنهما يليان الأرض والطين وغير ذلك ، فأوجب دلكهما ليذهب ما عليهما ، لكنه عبر عن
الدلك بالمسح ، فاعتقد من يتأمل كلامه أنه أراد وجوب الجمع بين غسل الرجلين
ومسحهما([116])
.
وروى عن الحسن البصرى أن المضرور مخير بين الغسل
والمسح ([117]) .
ومعنى هذا أنه يرى جواز العدول عن أصل الطهارة
وهو الغسل إلى رخصة المسح في حال الضرر.
ونخرج من هذا البحث إلى أن الواجب في الوضوء غسل
الرجلين لا مسحهما، والله سبحانه وتعالى أعلم .
منع الشيعة المسح على الخفين سفراً وحضراً ،
وأجازه أصحاب المذاهب الأربعة، إلا في رواية عن مالك بالمنع في الحضر ([118])
.
وحجة من أجازه ([119]) ما روى عن جرير " أنه بال ثم توضأ ومسح على
خفيه، فقيل له : تفعل هكذا ؟ قال : نعم . رأيت رسول الله r بال ثم توضأ ومسح على خفيه " .
فكان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد
نزول المائدة . متفق عليه، ورواه أبو داود ، و زاد : فقال جرير لما سئل هل كان ذلك
قبل المائدة أو بعدها : ما أسلمت إلا بعد المائدة ، وكذلك رواه الترمذى . ووردت
روايات أخرى تؤيد هذا ، كرواية عبد الله بن عمر ، والمغيرة بن شعبة ، وغيرهم كثير.
واستدل المانعون ، بأن آية المائدة ناسخة له .
وبروايات في المنع . ويبطل دعوى النسخ رواية جرير ، فهي نص في الموضوع ([120]) ، ثم إنه
لا تعارض بين الآية والمسح على الخفين ، فتخصيص العام ، أو تقييد المطلق ، أو
تفسير المجمل لا يعد نسخاً .
قال الإمام الشافعى بعد ذكر الآية : "
فاحتمل أمر الله عز وجل بغسل القدمين أن يكون على كل متوضئ ، واحتمل أن يكون على
بعض المتوضئين دون بعض ، فدل مسح رسول الله
r على الخفين أنها على من
لا خفين عليه إذا هو لبسهما على كمال الطهارة ، كما دل صلاة رسول الله r صلاتين بوضوء واحد، وصلوات بوضوء واحد ، على أن فرض الوضوء على من
قام إلى الصلاة على بعض القائمين دون بعض ، لا أن المسح خلاف لكتاب الله عز وجل ،
ولا الوضوء على القدمين " ([121]) .
وروايات المنع
المذكورة عن طريق السنة رفضها المجيزون ، فما أخرجه ابن أبى شبيبة ، عن على رضي
الله عنه أنه قال : " سبق الكتاب الخفين " منقطع وقد روى عنه مسلم
والنسائى القول به بعد موت النبى r ، وأخرج أبو داود عنه " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف
أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله r يمسح على ظاهر خفيه " ، وهذا يذكرنا بما ذكره الشيعة عن أمير
المؤمنين من قوله " لو كان الدين يؤخذ قياساً لكان باطن الخف أولى بالمسح من
ظاهره ".
وقلنا إنهم استدلوا به على بطلان القياس .
ولكنهم يرفضون المسح على الخفين. ([122])
وروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :
سلوا هؤلاء الذين يروون المسح ، هل مسح رسول الله r بعد نزول المائدة ؟ والله ما مسح رسول الله r بعد نزول المائدة ، ولأن أمسح على ظهر عنز في الفلاة أحب إلى من
أن أمسح على الخفين .
وإنما قال جرير روايته المذكورة لما روى عن ابن
عباس . وقد صح رجوعه عنه على ما قال عطاء بن أبى رباح رضي الله تعالى عنه : "
لم يمت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما حتى اتبع أصحابه في المسح على الخفين "
.
وروى عن عائشة رضي الله تعالى عنها : " لأن
تقطع قدمأي أحب إلى من أن أمسح على الخفين " ، وقد صح رجوعها عنه على ما روى
شريح بن هانئ قال: سألت عائشة – رضي الله تعالى عنها – عن المسح على الخفين ،
فقالت : لا أدرى ، سلوا علياً رضي الله تعالى عنه ، فإنه كان أكثر سفراً مع رسول
الله r فسألنا علياً رضي الله تعالى عنه فقال : رأيت رسول الله r يمسح على الخفين . وفي رواية : سمعت رسول الله r يقول :
يمسح المقيم يوماً وليلة ، والمسافر ثلاثة أيام
ولياليها . فبلغ ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها ، فقالت : هو أعلم ([123])
.
ونجد الشيعة يروون المنع عن على وعائشة رضي الله
عنهما . ويروون رواية المغيرة ، ويقولون أنها منسوخة بآية الوضوء([124]) .
وقد تقدم الكلام في ذلك .
ونجد روايات أخرى تحتم علينا أن نعيد ما قلناه
من وضع الأحاديث لنصرة المذهب ، وما ارتبط به من آراء فقهية ، وقد ضربنا أمثلة
لذلك ، وفي رواية منها ذكر لعدم جواز المسح على الخفين ([125]) ، ونكتفي
هنا بذكر هذه الرواية : " خطب أمير المؤمنين ـ u ـ فقال : " قد عملت الولاة قبلى أعمالا خالفوا فيها رسول
الله r وآله متعمدين لخلافه ، ولوحملت الناس على تركها لتفرق عنى جندى ،
أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم فرددته إلى الموضع الذي كان فيه ( إلى أن قال ) :
وحرمت المسح على الخفين ، وحددت على النبيذ ، وأمرت بإحلال المتعتين ، وأمرت
بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ،
( إلى أن قال ) : إذا لتفرقوا عنى " ([126]).
ونحن نعلم جزاء من يخالف أمر الرسول r :
قال عز وجل: ([127])
"" فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يصِيبَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ "".
والخلفاء الراشدون الثلاثة قد خالفوا الرسول
متعمدين هذا الخلاف ، والخليفة الرابع لا يخشى الله فيقيم حدوده ، وإنما يخشى أن
يتفرق عنه جنده لو أقام هذه الحدود !
يدل الخبر على هذا المعنى الضال فكيف يقبله مسلم
؟! أو لم يدرك هذا من سولت له نفسه أن يضع مثل هذه الأخبار ؟ ومن تلقاها بالقبول
؟!
لم يوقت الإمام مالك في الوضوء مرة ولا ثلاثاً
، وإنما قال بإسباغه ، والمشهور في المذهب استحباب الثلاث ، وباقى المذاهب الأربعة
على إجزاء المرة، واستحباب الثلاث ([128]).
أما الشيعة فيرون إجزاء المرة ، واستحباب
المرتين ، وأن الثالثة بدعة .
والخلاف هنا يمكن أن يكون هيناً لو اكتفوا
بالقول باستحباب المرتين فقد يكون الإسباغ بهما ، بل بالمرة الواحدة ، وهنا يتفقون
مع الإمام مالك ، ولكن القول بأن الثالثة بدعة يجعل الخلاف واضحاً ، فغسل أعضاء
الوضوء ثلاثاً روى عن الرسول r ، كرواية عثمان الصحيحة ، وقد روى عن على نفسه أنه حكى وضوء رسول
الله r وقال بالثلاث ([129]) .
وقد استدل الشيعة بروايات عن أئمتهم بالغسل مرة
ومرتين وحملوا ما عداها على التقية ([130]) .
مثال ذلك ما روى عن داود الرقى قال : "
دخلت على أبى عبد الله u ، فقلت له : جعلت فداك كم عدة الطهارة ؟ فقال : ما أوجبه الله
فواحدة ، وأضاف إليها الرسول r واحدة لضعف الناس ، ومن توضأ ثلاثاً ثلاثاً فلا صلاة له . أنا معه
في ذا حتى جاءه داود بن زربى ، فسأله عن عدة الطهارة ، فقال له : ثلاثاً ثلاثاً .
من نقص عنه لا صلاة له " ([131]) .
فقوله لابن زربى إذن للتقية ، ولكن لا أحد من
المسلمين يقول ببطلان الصلاة لمن ينقص عن الثلاث ، فمن الذى يتقيهم بقوله هذا ؟
وبطلان الصلاة لمن يتوضأ ثلاثاً ثلاثاً ينافي ما ثبت عن الرسول r .
وقيل : إن خبر الثلاث مدنى ، وقد اطرحه مالك ولم
يصححه ، وهو أمارة الضعف . ثم هو معارض بما روى([132]) .
ونلاحظ أنه لا تعارض بين روايات أهل السنة . فمجموعها
يدل على جواز المرة والمرتين والثلاث . وتعارضها مع بعض روايات الشيعة يسقط هذا
البعض ، والاستشهاد على الضعف بموقف الإمام مالك يجاب عنه بما جاء في المدونة ([133]) بعد ذكر
رواية عثمان بن عفان ، قال ابن شهاب : " وكان علماؤنا بالمدينة يقولون هذا الوضوء
أسبغ ما توضأ به أحد للصلاة " .
فالإمام مالك لم يضعف هذه الرواية ، وإنما نظر
إلى الروايات المختلفة ورأي أن المقصود هو الإسباغ ، فقال به . وإن كان بالمرة أو
المرتين أو الثلاث ([134]) والله أعلم
.
فرق الشيعة بين
الاستعانة بالغير في الوضوء وبين التولية . فهم يرون أن الاستعانة هي صب الماء على
يد المتوضئ ، لا على أعضاء وضوئه ، على أن يتولى هو بنفسه توزيع هذا الماء على
الأعضاء .
أما التولية فهي التوضئة بصب الغير الماء على
أعضاء الوضوء كلاً أو بعضاً ، وإن تولى هو الدلك.([135])
وهم يكرهون الاستعانة ، ويحرمون التولية
اختياراً .
وهم بهذا لا ينفردون بالقول بكراهة الاستعانة ،
وإنما بالتفرقة بين الاستعانة والتولية ، وتحريم الأخيرة .
والتولية بهذا المفهوم تعد استعانة تكره عند
الشافعية والحنابلة ، والمالكية لا يرون كراهتها ، والحنفية لا يرون الكراهة إلا
إذا لم يباشر المتوضئ بنفسه غسل الأعضاء ومسحها([136]).
وقد ورد عن طريقى السنة والشيعة ما يفيد جواز
الصب في الوضوء ، وفي روايات أخرى كراهة ذلك . وإن كان المروى في الكراهة عن طريق
أهل السنة ضعيفاً . ولم يرد عن الطريقين ما يفيد التحريم ([137]) .
فبم إذن استدل الشيعة على ماذهبوا إليه ؟
احتجوا ([138]) بالوضوءات
البيانية ، وبظاهر الأوامر بالغسل والمسح فإنها تقتضى المباشرة ،وإرادة كون الفعل
مستنداً إلى المأمور به . وقوله تعالى : "" فاغْسِلُواْ
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ "" خطاب لنا
يجب علينا امتثاله ، وإنما يتحقق الامتثال بوقوع الفعل منا ، وصدوره عنا .
وإذا صح ذلك فإنه
يتعلق بمباشرة الغسل والمسح . فلم يثبت عن النبى r أنه وكل غسل أعضاء وضوئه إلى أحد . أو قال بجواز ذلك . وهنا يكون
الامتثال والاتيان بالفعل ، أما الصب على اليد والصب على الأعضاء ، فكله استعانة بجنس
الصب ، وهو ما أفادت الأدلة جوازه ، كحديث المغيرة " فصببت عليه – أي على
النبى r - وضوءه للصلاة " ، وحديث صفوان بن عسال : " صببت الماء
على النبى r في السفر والحضر في الوضوء ".
وعن طريق الشيعة رواية أبى عبيدة الحذاء "
وضأت أبا جعفر u بجمع وقد بال ، فناولته الماء فاستنجى ، ثم صببت عليه كفاً فغسل
به وجهه ، وكفاً غسل به ذراعه الأيمن ، وكفا غسل به ذراعه الأيسر ، ثم مسح بفضلة
الندى رأسه ورجليه " ([139])
.
وأعجب ما قيل في هذه الرواية هو جواز حملها على
التقية ([140])
.
فذلك الذى استعان بغيره في الوضوء بصب الماء
خوفاً وتقية من جمهور المسلمين ، الذين يجيزون ذلك مع القول بالكراهة عند كثير
منهم ، ولم يوجبه أحد على الإطلاق ، أفلا خافهم فغسل رجليه بدلا من مسحهما مخالفاً
بذلك ما أجمعوا عليه ؟
علماً بأن الشيعة يجيزون غسل الرجلين تقية .
فلا دليل على التفرقة بين الاستعانة والتولية ،
وجعل الصب على الأعضاء تولية تحرم اختياراً.
اتفق الشيعة مع المذاهب الأربعة في وجوب الماء
لغسل موضع الغائط إذا تعدى المخرج ، ونظر أصحاب المذاهب الأربعة أيضاً إلى تعدى
المخرج في البول ، فأوجبوا الماء حينئذ
فقط كالغائط ([141]) .
أما الشيعة فقد فرقوا بين البول والغائط ورأوا
وجوب الماء لغسل مخرج البول عموماً .
ولم يثبت عن الرسول r ـ من طريقى السنة والشيعة ـ أنه أوجب الماء ، ولكنهم استدلوا
بروايات عن الأئمة مثل ما رووه عن الإمام الباقر : " لا صلاة إلا بطهور ،
ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار . بذلك جرت السنة من رسول الله r وأما البول فإنه لا بد من
غسله " ([142]) .
فإذا كانت السنة جرت بإجزاء الأحجار ، فمن أين
استمدوا الحكم الآخر؟
ورأي بعضهم أن التفرقة بين البول والغائط لأن
الغائط قد لا يتعدى المخرج إذا كان يابساً ، ويتعداه إذا كان بخلاف هذه الصفة ،
والبول مائع جار لابد من تعديه المخرج ، وهو في تعديه أبلغ من دقيق الغائط ، فوجب
فيه ما وجب فيما تعدى المخرج من مائع الغائط ، ولا خلاف في وجوب غسل ذلك ([143])
.
وهذا التفسير ، إن صح لما كان هناك خلاف ،
فالمذاهب الأربعة توجب الغسل إذا تعدى البول المخرج ، ولكن المعروف أن البول لا
يتعدى المخرج في جميع الحالات ، ومن الشيعة أنفسهم من صرح بإيجاب الماء سواء تعدى
البول المخرج أو لم يتعد ([144]) وهذا يناقض
التفسير السابق .
وقد رووا عن الإمام الصادق عن الرجل يبول ولا يكون
عنده الماء ، فيمسح ذكره بالحائط ، قال: " كل شيىء يابس زكى " .
قال صاحب وسائل الشيعة ([145]) : "
هذا محمول على التقية لأنه عادة المخالفين، أو على الجواز لمنع تعدى النجاسة ، وإن
لم تحصل الطهارة ، بل لا دلالة له عليها أصلا ".
وأقول له : بل توجد الدلالة ، فكلمة "
زكى" توحى بهذه الطهارة ، ولو كان المقصود غير ذلك لوضحه ([146]) ، أما
التقية فإنها أسهل مركب للرفض وإن كان في البول ! مع العلم بأنه لا خلاف في أفضلية
الماء .
لا نتحدث هنا عن جواز الوطء في دبر المرأة أو عدم
جوازه ، وإنما عما يستتبعه من وجوب الغسل .
فمن المعلوم أن الوطء يوجب الغسل ، سواء أكان في
موضع الحرث أم في غيره .
وقال المحقق الحلى في المختصر النافع في فقه
الإمامية ( ص 32 ) أن الجماع في دبر المرأة يوجب الغسل على الأشبه .
وقال في شرائع الإسلام (1/21) : " وإن جامع
في الدبر ولم ينزل وجب الغسل على الأصح ".
فاعتبر وجوب الغسل هو الأصح ، ولم يلتفت للرأي
الآخر.
غير أن شيخ طائفتهم الطوسى قال في كتاب الخلاف
(1/24) : " لأصحابنا في الدبر روايتان :
إحداهما : أن عليه الغسل ،وبه
قال جميع الفقهاء – أي فقهاء الأمة من غير فرقته .
والأخرى : لا غسل عليه ولا
على المفعول به ، ولا يوافقهم على هذه الرواية أحد ".
وفي وسائل الشيعة (1/481) تحت باب : حكم الوطء
في الدبر من غير إنزال ، يذكر ثلاثة أخبار عن الإمام الصادق :
الأول عن الرجل يأتى أهله من خلفها ـ قال : هو
أحد المأتيين ، فيه الغسل.
والثانى عنه قال : إذا أتى الرجل المرأة في
دبرها فلم ينزلا فلا غسل عليهما، وإن أنزل فعليه الغسل ، ولا غسل عليها .
والثالث عنه في الرجل يأتى المرأة في دبرها وهي
صائمة قال : لا ينقض صومها (!!) وليس عليها غسل .
والخبر الأول يوجب الغسل خلافاً للخبرين الآخرين
، فقال صاحب وسائل الشيعة : " قد حمل الشيخ ـ أي الطوسى ـ الأول على
التقية " قلت : لو كان الإمام الصادق ـ حاشاه ـ على هذه الدرجة من الجبن
والخوف فقال بوجوب الغسل ، فكيف ذهب عنه الروع عندما خالف جمهور الأمة حيث أباح
الإتيان قائلاً هو أحد المأتيين ، فجعل
الدبر كالقبل ؟!
توسع الشيعة في الأغسال المندوبة ، حتى قال
بعضهم باستحباب الغسل لكل شريف من الأماكن والمشاهد ، والأيام والليالى ، وعند
ظهور الآثار في السماء، وعند كل فعل متقرب به إلى الله تعالى ، ويلجأ إليه فيه ([147]) .
وكثير من الأغسال التى يرون استحبابها تتعلق
بمذهبهم الاثنى عشرى ، فهم يرون استحباب الاغتسال لزيارة الأئمة ، وفي ليلة النصف
من شهر رمضان ، وتسع عشرة ، وإحدى وعشرين منه : فالأولى وإن كانت احتفالا بانتصاف
رمضان المعظم ، فقد قيل بأن فيها ولد الإمام الثانى : الحسن بن على ، والإمام
التاسع محمد الجواد ([148]) . والليلة
الثانية فيها ضرب الإمام على ، ومات في الثالثة ، والغدير يعدونه عيداً يحتفلون به
، حيث يرون أن في مثل هذا اليوم وهو الثامن عشر من ذى الحجة كان حديث غدير خم
المشهور ، والذى يعد سندهم الأول في الإمامة . والاغتسال يوم المباهلة لنزول قول
الله تعالى :([149])
""فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ
مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا
وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ
نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ
"" .
والرسول عليه الصلاة والسلام دعا علياً وفاطمة
والحسن والحسين ، فلم ينظر الشيعة إلى أن صلة القرابة لها مكانتها في مجال التضحية
لا العبادة ، وإنما رأوا أن هذه الآية الكريمة دليل على فضلهم وتقدمهم غيرهم ، وهم
يقولون بعصمة هؤلاء الأربعة ، وبإمامة على
وولديه .
ويبدو العجب في قولهم بالاغتسال لنيروز الفرس ،
فهذا احتفال بعيدٌ كل البعد عن الإسلام ، ولكن نجد من يقول بأنه يوم ظهور الإمام
الثانى عشر القائم المنتظر ([150]) ، وقيل بأن
في هذا اليوم أعلن النبى r خلافة على ([151]) .
فالخلاف في هذه الاغسال تبع للخلاف في المذهب من
أساسه ، وما أهون هذا الخلاف إذا قيس بالخلاف في الإمامة ! فهذه أغسال مستحبة ،
وليست شرطاً في عبادة من العبادات .
وهذه الأغسال قد تتمشى مع منطق الشيعة الرافضة
إلا فيروز الفرس ، ففيه مشاركة لأعداء الإسلام . وإذا كان هذا اليوم قد ارتبط
بناحية دينية عندهم ، فالأولى تحويل ذلك إلى التاريخ الهجرى ، فإذا كانت الخلافة
بزعمهم لعلى قد أعلنها الرسول r في هذا اليوم فيكفيهم يوم الغدير ، أما ظهور الإمام الثانى عشر فلو
صح ذلك على خلاف ما يقطع به كل المسلمين قاطبة إلا الإمامية الرافضة فلا يعلم
ميقاته إلا الله سبحانه وتعالى .
وفي الجزء الثانى من وسائل الشيعة نجد أبواب
الأغسال المسنونة ، وتحت هذه الأبواب ينسبون للأئمة الأخيار القول بكل الأغسال
التى ابتدعها غلاة الرافضة.
ففي الباب الأول (ص 941:936) حصر أنواعها
وأقسامها :
ينسبون للإمام الصادق في الخبر الثالث أن غسل
المباهلة واجب ، وفي أكثر من خبر أنه قال بغسل الزيارة ، أي زيارة الأئمة في
قبورهم .
حتى نيروز الفرس ، الذى يدل على المجتمع المجوسى
، وأن من شاركهم كان ممن يحن إلى المجوسية إن لم يكن مجوسياً ، حتى هذا الغلو
الواضح الفاضح ينسبونه كذباً للإمام الصادق
المبرأ مما قالوا .
ففي الباب الرابع والعشرين (ص 960) تحت عنوان " استحباب غسل يوم النيروز
" ، ينسبون للإمام الصادق أنه قال : " إذا كان يوم النيروز فاغتسل ،
والبس أنظف ثيابك " !!
وفي الباب الثامن والعشرين ( ص 961) "
استحباب غسل يوم الغدير " ، وتحت
الباب يفترون على الإمام الصادق أنه قال :
" صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا
" !!
" ومن صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال
الشمس عدلت عند الله تعالى مائة ألف حجة ، ومائة الف عمرة " !!!
وفي الباب الذى يليه " استحباب غسل
الزيارة " ينسبون له أيضاً أنه قال
" إذا أتيت قبر الحسين u فأت الفرات واغتسل " .
رابع عشر : قراءة القرآن
الكريم ومس المصحف
يرى الشيعة تحريم قراءة العزائم الأربع للجنب
والحائض والنفساء ، وهذه العزائم هي السور التى بها السجدات الواجبة عندهم ([152]) . وهي : السجدة ،
وفصلت، والنجم ، والعلق . ويكره عندهم كذلك قراءة ما زاد على سبع آيات من غير هذه
السور . ويحرم مس كتابة القرآن الكريم . ويكره مس المصحف دون الكتابة ، ويمنعون
غير المتوضئ مس كتابة القرآن ، ويجوز له مس المصحف دون الكتابة.
أما المذاهب الأربعة فقد منعوا الثلاثة من قراءة
القرآن مطلقاً ، دون تفرقة بين العزائم وغيرها ، ومن أباح منهم ذلك فبشرط ألا يزيد
عن الآية ، أو بغير قصد للقراءة ، كأن يكون للدعاء أو الثناء ، أو التعليم ، إلى
غير ذلك ، وأباح المالكية القراءة للحائض والنفساء حال استرسال الدم ، واشترطوا
لمن يمس المصحف عموماً أن يكون متطهراً من الحدثين الأصغر والأكبر.
وأباح المالكية المس للمعلمة والمتعلمة إذا كانت
حائضاً أو نفساء ([153]) .
والتفرقة بين السور الأربع وباقى القرآن الكريم
لابد لثبوتها من دليل قاطع ، فالقرآن كله له قدسيته وحرمته .
وحكم السجود وعزائمه مختلف فيه ، ولو صح كما ذهب
الشيعة إليه من إيجاب السجود وتحديد عزائمه ـ لتعلقت الحرمة بمواضع السجود فقط ،
ولكنهم يحرمون السور الأربع كلها حتى البسملة إذا نواها منها ، ثم إنهم لا يشترطون
الطهارة لهذه السجدات .
فإذا كانت الطهارة ليست شرطاً لسجود القرآن ،
فكيف تكون شرطاً فيما يؤدى إلى هذا السجود ؟
وإذا نظرنا إلى رواياتهم نجد أنهم يروون ثلاثة
أحاديث عن الرسول r ، وباقى الروايات عن الأئمة ([154]) .
فأما أحاديث الرسول ـ r : فالأول هو أن النبى ـ rـ قال للإمام على : " يا على ، من كان جنباً في الفراش
مع امرأته فلا يقرأ القرآن ، فإنى أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما
" .
والحديث الثانى عن الإمام كرم الله وجهه :
" كان رسول r لا يحجزه عن قراءة القرآن
إلا الجنابة " .
والحديث الثالث كالثانى وفيه : " لا يحجبه
أو لا يحجزه " .
وهذه الأحاديث الثلاثة تؤيد ما ذهب إليه أصحاب
المذاهب الأربعة ، وتخريج القراءة على أنها قراءة العزائم ، أو احتمال النسخ ([155]) كل ذلك
ينقصه الدليل . وما يتعارض مع أحاديث الرسول ـ r ـ من أقوال للأئمة أو غيرهم ـ فإنا بلا ريب لا يمكن أن نأخذ بها .
على أن الشيعة أنفسهم منهم من ذهب إلى تحريم
القراءة مطلقاً كالمذاهب الأربعة ، ومنهم من حرم ما زاد على سبع آيات ([156]) .
وبالنسبة لمس المصحف فقد فرق الشيعة بين مسه ومس
الكتابة ، ورأوا أن المقصود من الضمير في قوله تعالى : "" لَّا
يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ "" وهو
القرآن الكريم ، وهو غير المصحف ، فالقرآن عبارة عن المقروء وهو نفس الكتابة ،
والمصحف إنما هو الكتاب الذى جعلت فيه الصحف ([157]) .
ونلاحظ أن المصحف ما استمد قدسيته إلا بما فيه من
الكتابة ، وإذا كان بعض الشيعة الرافضة يرون حرمة مس أسماء الأئمة ، فهل يرى هؤلاء
أن المصحف لا يصل إلى هذه المرتبة ؟"" أَفَلَا
يَعْقِلُونَ "" ؟
وقد ورد عن طريقهم : " لا يجوز لك أن تمس
المصحف وأنت جنب ، ولا بأس أن يقلب لك الورق غيرك " ([158]) .
وقد استدل أحمد بحديث ابن عمر : " لا يمس
المصحـف إلا علـى طــهارة " ([159])
.
ففي هاتين الروايتين ذكر صريح للمصحف ، والله
أعلم بالصواب .
وبعد هذا النقاش نأتى إلى رأي لا يحتاج إلى
مناقشة ، فهو يتصل بغلوهم في عقيدة الإمامة ، حيث يجعلون بيوت أئمتهم تقترب من المساجد
في الحكم فيمنع الجنب من دخولها ، كما يجعلونها بيوت أنبياء : ونذكر هنا ما جاء في
وسائل الشيعة (1/489-490) تحت باب " كراهة دخول الجنب بيوت النبى ـ صلى الله
عليه وآله وسلم ـ والأئمة عليهم السلام " .
نجد هنا خمس روايات :
أربعة منها تذكر أن أبا بصير دخل ـ وهو جنب ـ
على أبى عبد الله ، أي الإمام الصادق ، فقال له : " أما تعلم أنه لا ينبغى
لجنب أن يدخل بيوت الأنبياء ؟ "
وفي رواية : " أما علمت أن بيوت الأنبياء
وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب ".
وفي رواية أنه فعل ذلك عمداً ليعطيه من دلالة
الإمامة مثل ما أعطاه أبوجعفر ، أي الإمام الباقر . والكذاب يقصد هنا نسبة علم
الغيب للأئمة ، حيث عرف أنه جنب بمجرد أن رآه .
وفي الرواية الأخيرة : " هكذا تدخل بيوت
الأنبياء وأنت جنب " ؟
وغير الأربعة رواية عن الحسين u، أن أعرابياً دخل عليه فقال له :
" أما تستحي يا أعرابي تدخل على إمامك وأنت جنب " ؟!
خامس عشر : أقل الطهر
بين الحيضتين وأكثر النفاس
قال الشيعة بأن أقل الطهر بين الحيضتين عشرة
أيام ، وأكثر النفاس عشرة كذلك على المشهور ، و قيل ثمانية عشر.
وأقل الطهر عند الحنابلة ثلاثة عشر يوماً ،
وبقية المذاهب يرون أنه خمسة عشر ، وأكثر النفاس عند المالكية والشافعية ستون
يوماً . وغالبه أربعون يوماً فيما استقرأه الإمام الشافعى . وأكثره عند الحنفية
والحنابلة أربعون( [160]).
وقد استدل الشيعة في أقل الطهر بروايات عن
الأئمة تفيد ذلك ( [161])
. وأرى ألا مانع من الأخذ بها ، فلا تعارض بينها جميعاً ، ولا علاقة لها
بأصل المذهب حتى يخالجنا الشك بأنها موضوعة .
وممن روى عنهم الإمامان الباقر والصادق ، ولهما
مكانتهما عند الفقهاء ، ولم يرو عن طريق أهل السنة ما يعارض ذلك ، فإن الرواية
الوحيدة التى رواها الإمام أحمد عن أمير المؤمنين على ، واستدل بها الحنابلة على
صحة رأيهم ، ورفضها باقي المذاهب ، هذه الرواية تتفق مع ما ذهب إليه الشيعة (
[162]) .
ولم يرو غيرها عن الرسول r أو صحابته الأكرمين .
وقد روى عن الإمام مالك ثلاث روايات : إحداهن :
عشرة أيام .( [163])
فإن
ثبتت ينتفي انفراد الشيعة بما ذهبوا إليه من التحديد بعشرة أيام .
وأما النفاس ، فقد اضطربت فيه روايات الشيعة
أيما اضطراب ،( [164]) فإلى جانب
الروايات التى تفيد أن أكثره عشرة ، نجد روايات أخرى تفيد أنه سبع عشرة ، وثمان عشرة ، فحملوا ذلك على التقية ،
مع أن المذاهب الأربعة ترفض ذلك ، والشيعة منهم من قال بأن أكثره ثمانية عشر يوماً
، فكيف يحمل على التقية ؟!
ورووا عن الإمام على أنه قال : " النفساء
تقعد أربعين يوماً فإن طهرت وإلا اغتسلت وصلت ، ويأتيها زوجها ، وكانت بمنزلة
المستحاضة تصوم وتصلى " . ولا شك أن الإمام علياً لم يذق طعم التقية أبداً .
وعن الإمام الصادق : " تقعد النفساء إذا لم
ينقطع عنها الدم ثلاثين أو أربعين يوماً إلى الخمسين " . وعنه أيضاً : "
كما كانت تكون مع ما مضى من أولادها وما جربت " قيل له : فلم تلد فيما مضى ،
فقال " بين الأربعين إلى الخمسين ".
وعنه أيضاً : " أن نساءكم لسن كالنساء
الأول ، إن نساءكم أكثر لحماً وأكثر دماً ، فلتقعد حتى تطهر " .
وروايات الأربعين تتفق مع الروايات التى وردت عن
طريق أهل السنة ( [165]) ، ويمكن أن
يقوى بعضها بعضاً ، وأن نجعل هذا هو الغالب ، كما ذهب إليه الإمام الشافعى نتيجة
استقرائه ، ونأخذ بالرواية الأخيرة للإمام الصادق ، فالنساء يختلفن ، وما أكثر
الاختلاف كذلك باختلاف العصور ! ولهذا فإن الإمام مالكاً بعد أن حدد أكثر النفاس
بستين يوماً ، رجع عن ذلك . وقال يسأل عن ذلك النساء . وأصحابه ثابتون على القول
الأول ( [166]) .
والطب الحديث ـ وهو الخبير بما نحن فيه ـ يقرر أن النفاس يستمر إلى ستة أسابيع ، وأنه قد
يمتد إلى ثمانية أسابيع(
[167]) ، مما يؤيد الروايات الأخيرة للشيعة التى
رفضوا الأخذ بها ، ويؤيد ما ذهب إليه المالكية والشافعية ، ويدل على دقة ما أفتى
به الإمام الشافعى ، ويقطع برفض رأي الشيعة ، الذى لا يتفق والروايات الأخيرة لهم
..
سادس عشر : ما يتعلق
بالميت من الأحكام
الأحكام المختلف فيها تنقسم إلى قسمين( [168]) :
الأول : مرجعه إلى مذهبهم الاثنى عشر الرافضي .
الثانى : مرده إلى الخلاف في النظر والاستدلال .
فمن النوع الأول : أنهم يرون ألا يغسل الكافر ،
وتوسعوا في مفهوم الكفار حتى حكموا بكفر كثير من المسلمين غير الإماميين ، وقد
ناقشنا ذلك من قبل عندما تناولنا حكم سؤر الآدمى .
وفي تلقين الميت فإلى جانب تلقين الشهادتين
يضيفون الإقرار بالأئمة .
وفي الكتابة يرون أن تكتب أسماء الأئمة بالتربة
الحسينية ، وأن يجعل مع الميت شيىء من هذه التربة .
وفي نجاسة الإنسان بالموت ، يخرجون الأئمة من
هذا الحكم .
وهذا القسم لا يصح إلا بصحة مذهبهم الذى يخالفه
كل المسلمين غيرهم .
وقد رأينا من قبل مدى التعصب والغلو والضلال ،
الذى دفعهم إلى تكفير الصحابة وغيرهم من المسلمين . وهنا نقطة أخرى نقف عندها
قليلاً وهي التربة الحسينية ، فقد جاء ذكرها هنا ، وسيجىء لها ذكر في مواضع أخرى ،
فهم يفضلونها على بقاع الأرض جميعاً . وقد كتب أحد كبار علمائهم ـ وهو الإمام محمد
الحسين آل كاشف الغطاء ـ رسالة بعنوان" الأرض والتربة الحسينية " (
[169])، وذكر في هذه الرسالة
فضل الأرض ، ثم فضل التربة الحسينية بالذات ، ومما جاء
في هذه الرسالة :
" لا يبعد أن تكون تربة العراق على الإجمال
من أطيب بقاع الأرض في دماثة طينتها ،
وسعة سهولها ، وكثرة أشجارها ونخيلها وجريان الرافدين عليها ..." (
[170]) .
وجاء أيضاً " إنما يعرف طيب كل شئ ، بطيب
آثاره ، وكثرة منافعه ، وغزارة فوائده . ويدل على طيب الأرض ، وامتيازها على غيرها
، طيب ثمارها، ورواء أشجارها ، وقوة ينعها وريعها ، وقد امتازت تربة كربلاء من حيث
المادة والمنفعة بكثرة الفواكه وتنوعها ، وجودتها وغزارتها حتى أنها في الغالب هي
التى تمون أكثر حواضر العراق وبواديه بكثير من الثمار اليانعة التى تختصها ، ولا
توجد في غيرها .
إذاً أفليس من صميم الحق والحق الصميم أن تكون
أطيب بقعة في الأرض مرقداً أو ضريحاً لأكرم شخصية في الدهر ؟
نعم لم تزل الدنيا تمخض لتلد أكمل فرد في
الإنسانية ، وأجمع ذات لأحسن ما يمكن من مزايا العبقرية في الطبيعة البشرية ،
وأسمى روح ملكوتية في أصقاع الملكوت ، وجوامع الجبروت ، فولدت نوراً واحداً شطرته
نصفين : سيد الأنبياء محمداً ، وسيد الأوصياء علياً ، ثم جمعتهما ثانياً فكان
الحسين مجمع النورين ، و خلاصة الجوهرين كما قال r : حسين منى وأنا من حسين " ([171])
.
وذكر فيما ذكر هذا البيت :
ومن حديث كربلا والكعبة لكربلا بأن علو الرتبة (
[172])
.
وقال كذلك ( [173])
" اتفق علماء الإمامية ، وتضافرت الأخبار ،
بحرمة أكل الطين إلا من تربة قبر الحسين u بآداب مخصوصه وبمقدار معين ".
وذكر في موضع آخر رواية منسوبة للإمام الصادق
وهي : " السجود على طين قبر الحسين ينور الأرضين السبع ، ومن كانت معه سبحة
من طين قبر الحسين كتب مسبحاً وإن لم يسبح " (
[174]) .
ونلاحظ
ما يأتى :
1 ـ لو كان فضل هذا المكان لطيب الثمار ، ورواء
الأشجار إلى ما شابه ذلك ، لوجدنا أماكن أخرى تشبهه أو تفضله في سائر بقاع الأرض ،
فضلًا عن أن هذا ليس من الأسس التى شرعها الإسلام في التفضيل من حيث السجود ، أو
التسبيح ، أو غير ذلك من الأمور الدينية .
2 ـ ولو كان فضل هذا المكان يرجع لكونه ضريحاً
لأكرم شخصية في الدهر ، فهناك من هو أكرم منه بكثير . أفلا يفضله من اصطفاه الله
واجتباه ، وأرسله رحمة للعالمين ؟
3 ـ إذا كان فضل الحسين يرجع لشرف انتسابه إلى
الرسول r ، فلا يمكن أن يصل إلى صاحب الفضل . وإذا فسرنا " مجمع النورين
" بأنه يفضل كل نور على حدة ؛ أي أنه يفضل الرسول صلوات الله عليه ، فلا أحد
من المسلمين يقول به ، ولا أظن الشيعة يقولونه ، وإلا لخرجوا عن الإسلام .
4- تفضيل كربلاء على بيت الله الحرام غلو وأي
غلو؟! وأين كربلاء من قول الله تعالى : (
[175]) ""إِنَّ
أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى
لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ
كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ "" وقال سبحانه : (
[176])""
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ
عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ""
5 - مذهبهم الاثنا عشرى
ليس هو وحده الذى دفعهم إلى هذا الغلو ، وإلا لفضلوا تربة أبى الأئمة كرم الله
وجهه ، وإنما الذى دفعهم إلى ذلك عقدة الشعور بالذنب ، فالعراقِ هو الذى خدع
الحسين رضي الله عنه ، وأغراه بالخروج ، ثم تخلى عنه ، فكانَ سبباً في استشهاده
ومن معه ، فكأنهم يريدون أن يكفروا عن هذا الذنب ، ولكِنهَم يفعلون ذلك بارتكاب
ذنب آخر !
وننتقل بعد ذلك إلى القسم الثانى من هذه الأحكام
. وهو الذى يرجع إلى النظر والاستدلال ، وإن كان لا يخلو من الطائفية المذهبية .
ومن هذا القسم نجد نقط الخلاف الآتية :
1
ـ تغسيل الميت بماء السدر ثم بماء الكافور ،
وإمساس أعضاء سجوده بالكافور ، وكراهة تجمير الأكفان ، أو تطييبه بغير الكافور
والذريرة .
2
ـ يجعل مع الميت
جريدتان .
3
ـ وجوب الغسل على من
مس الميت .
ولنناقش
هذه النقاط :
1-
فالشيعة قد خالفوا المذاهب الأربعة بإيجابهم تغسيل الميت بماء السدر ثم
بماء الكافور ، وإمساس أعضاء سجوده بالكافور ، فلم يوجب ذلك أحد منهم وإن كان
مستحباً .
فقد نظر الشيعة إلى ما حدث على عهد الرسول r فأنزلوه منزلة الإيجاب ، ولذا أوجبوا ما سبق ، وكرهوا التطييب
بغير الكافور والذريرة ، أما أهل السنة فقد أنزلوا ذلك منزلة الاستحباب ، ورأوا
جواز ما يؤدى نفس الغرض من التنقية
والتطييب ، ولهذا قال الإمام مالك " ليس في غسل الميت حد ، يغسلون وينقون
" ( [177]) .
وقال كذلك : وأحب إلى أن يغسل كما قال رسول الله
r ثلاثاً أو خمساً بماء وسدر ، و يجعل في الآخرة كافور إن تيسر ذلك
" ( [178]) .
وسئل عن المسك والعنبر في الحنوط للميت فقال :
" لا بأس بذلك " ( [179]) .
وعاب بعض الناس قوله
الأول ، وقال : سبحان الله ! كيف لم يعرف
أهل المدينة غسل الميت ؟ ففسر الإمام الشافعى ذلك بأن الروايات فيه كثيرة ، فرأي
مالك معانيها على إنقاء الميت لأنها جاءت عن رجال غير واحد في عدد الغسل وما يغسل
به فقيل : غسل فلان فلاناً بكذا وكذا ، وقيل بكذا وكذا ، فهذا على قدر ما يحضرهم
مما يغسل به الميت ، وعلى قدر إنقائه لاختلاف الموتى في ذلك ، واختلاف الحالات ،
وما يمكن الغاسلين ويتعذر عليهم ، فقال مالك قولاً مجملاً : يغسل فينقى (
[180])
.
وإلى جانب ما ورد عن طريق السنة تأييداً لما
ذهبوا إليه ، ورد كذلك عن طريق الشيعة ، فقد رووا أن النبى r حنط بمثقال مسك سوى الكافور ( [181]) .
قالوا : " هذا محمول إما على بيان الجواز ،
أو على الاختصاص بالنبى r، أو على التقية في
الرواية ".
فأما الجواز ، فلو كان ذلك مكروهاً لما فعل ،
وأما الاختصاص فلا يوجد ما يدل عليه ، وأما التقية فليس هناك ما يدعو الى الكذب
فلا أحد يوجب المسك ، ولو وجب لكفاهم الإتيان بذلك تقية بدلاً من الكذب على رسول
الله r ، وعلى أهله الأطهار .
ورووا عن أبى الحسن الثالث (
[182]) أنه سئل : هل يقرب إلى
الميت المسك والبخور ؟ قال : " نعم " .
وعن الإمام الباقر : أنه كان يجمر الميت ( الكفن
) بالعود فيه المسك وربما جعل على النعش الحنوط ، وربما لم يجعله ، وكان يكره أن
يتبع الميت بالمجمرة (
[183]).
وعن الإمام على أنه كان لا يرى بالمسك في الحنوط
بأساً ، وكان لا يرى بتجمير الميت بأساً وتجمير كفنه ، والموضع الذى يغسل فيه
ويكفن ( [184])
.
ونرى أن في هذا كفاية .
2-
وقد اتفق الشيعة مع كثير من السنة باستحباب وضع الجريد فوق القبر أو داخله ،
ولكنهم رأوا استحبابه أصلا داخل الكفن عن يمين الميت ويساره ، ولا نظن في هذا كبير
خلاف ، ما دام مبدأ الاستحباب متفقاً عليه.
3- وأوجب الشيعة الغسل على من مس الميت بعد
برده ، وقبل غسله ، ولم يوجبه أي من المذاهب الأربعة ، وإنما جعلوا من الأغسال
المستحبة غسل من غسل الميت ما عدا الحنفية ، فلم يجعلوه واجباً ولا مستحباً ،
واختلفوا في إيجاب الوضوء منه ( [185]).
والخلاف الذى وقع هنا بين الشيعة وأهل السنة لا
يزيد عن الخلاف الذى وقع بين أهل السنة أنفسهم ، فعلى حين نرى الحنفية لم يجعلوه
حتى من الأغسال المستحبة ، نرى المالكية والحنابلة يجعلونه مستحباً ، ونرى
الشافعية يكادون يجعلونه واجباً ، فقد قال الإمام الشافعى : " أولى الغسل
عندى أن يجب بعد غسل الجنابة من غسل الميت ولا أحب تركه بحال " وقال أيضاً :
" إنما منعنى من إيجاب الغسل من غسل الميت أن في إسناده رجلاً لم أقع من
معرفة ثبت حديثه إلى يومى هذا على ما يقنعنى ، فإن وجدت ما يقنعنى من معرفة ثبت
حديثه أوجبت الوضوء من مس الميت مفضياً إليه ، فإنهما في حديث واحد " (
[186]) .
والحديث الذى رأي الإمام الشافعى أن الغسل لا
يجب إلا أن يثبت هو حديث أبى هريرة أن النبى r قال : " من غسل ميتاً فليغتسل " . رواه الخمسة وأخرجه
البيهقى ، وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف . وبينما نجد من يضعف هذا الحديث ، نجد
الترمذى يحسنه ، وابن حبان يصححه ، والدارقطنى يرويه بسند رواته موثقون ، وقدد
صححه كذلك ابن حزم ، وقال الحافظ : بأن الحاصل أن الحديث أسوأ أحواله أن يكون
حسناً لكثرة طرقه ، وذكر المواردى أن بعض أصحاب الحديث خرج لهذا الحديث مائة
وعشرين طريقاً ([187])
.
وإذا نظرنا إلى أدلة أهل السنة نرى أنها تمنع
إيجاب الغسل على من مس ميتاً ، مثل "
لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن ليس بنجس حياً ولا ميتاً " ، وكذلك حديث "
المؤمن لا ينجس " ، بل إنها تمنع إيجابه من غسل الميت كحديث ابن عباس :
" لا غسل عليكم من غسل الميت " ، وكحديث " كنا نغسل الميت فمنا من
يغتسل ، ومنا من لا يغتسل " ، وما رواه الإمام مالك فى الموطأ عن عبد الله بن
أبى بكر أن أسماء بنت عميس امرأة أبى بكر الصديق رضي الله عنه ـ غسلت أبا بكر حين
توفى ، ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين ، فقالت : إن هذا يوم شديد البرد ،
وأنا صائمة ، فهل على من غسل ؟
قالوا : لا .
وحديث أبى هريرة ، إذا ثبت ، يمكن حمله على
الاستحباب .
ويؤيد هذا من طرق الشيعة ، ما روى عن الإمام على
أنه قال : " الغسل من سبعة : من الجنابة وهو واجب ، ومن غسل الميت ، وإن
تطهرت أجزأك " ([188])
ونجد من الشيعة من يرى استحباب هذا الغسل ، وهو اختيار
المرتضى ، ورماه بعضهم بالضعف ، وآخرون بالشذوذ ([189]) .
وهكذا نجد خلافاً وقع بين الشيعة والسنة لا
يزيد عن الخلاف الداخلى فى كل منهما ، ولا غرو ، فهو مبنى على اجتهاد واستدلال .
فشتان بين هذا ، وبين الخلاف الذى يبنى على التعصب المذهبى ، فيخلق هوة سحيقة بينهما
تمنع اللقاء .
من أخبارهم في كتاب
وسائل الشيعة :
كل غلو
عند الرافضة نراهم ينسبونه كذباً إلى الأئمة الأطهار ، وفيما يتعلق بالميت من
الأحكام نذكر بعض ما جاء فى الوسائل من الأخبار التى تبين غلوهم .
فى
الجزء الثانى ( ص 665 : 666 ) يذكر أربع روايات تحت باب " استحباب تلقى
المحتضر الإقرار بالأئمة عليهم السلام وتسميتهم بأسمائهم " ، ثلاث منها
منسوبة لأبى جعفر الباقر :
الأولى قوله
: لو أدركت عكرمة عند الموت لنفعته . فقيل لأبى عبد الله ـ أي ابنه جعفر الصادق :
بماذا كان ينفعه ؟ قال : بلغته ما أنتم عليه .
والثانية قوله : أما إني لو أدركت عكرمة
قبل أن تقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها ، ولكنى أدركته وقد وقعت موقعها .
فقال أبو بصير : جعلت فداك ، وما ذاك
الكلام ؟ قال : هو والله ما أنتم عليه ، فلقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله
إلا الله والولاية .
وفى
الثالثة : فلقنه كلمات الفرج والشهادتين ، وتسمى له الإقرار بالأئمة عليهم السلام
واحداً بعد واحد حتى ينقطع عنه الكلام .
والرواية الأخيرة ، أو الكذبة الرابعة ، منسوبة
للإمام الصادق ( افتراء عليه ) وهي قوله : والله لو أن عابد وثن وصف ما تصفون عند
خروج نفسه ما طعمت النار من جسده شيئاً أبداً !
هذه هي روايات الباب ، وقولهم عن الصحابي عكرمة
ـ رضي الله عنه ـ ليس غريباً بعد أن مر كثيراً تكفيرهم لخير الأمة ، صحابة رسول
الله r .
والجرأة العجيبة فى نسبة الكذب على الله ـ عز
وجل ـ للإمام الصادق رضي الله عنه : فلو أن عقيدة الإمامة الباطلة كانت صحيحة ، بل
لو كانت كالإيمان بالله سبحانه وتعالى سواء بسواء ، فهل ينتفع عابد الوثن بالإيمان
عند خروج نفسه؟! أو لم يؤمن فرعون قبل خروج نفسه ؟ فهل نفعه إيمانه ؟ .
وفى
الجزء الثانى أيضاً ( ص 742 : 743 ) باب " استحباب وضع التربة الحسينية مع
الميت فى الحنوط والكفن وفى القبر " .
وتحت
الباب ثلاث روايات يكتفى بإثبات إحداها ، وهي بالنص ما يأتى :
" إن امرأة كانت تزنى وتوضع ( هكذا )
أولادها وتحرقهم بالنار خوفاً من أهلها ، ولم يعلم به غير أمها . فلما ماتت دفنت
فانكشف التراب عنها ولم تقبلها الأرض ، فنقلت من ذلك المكان إلى غيره فجرى لها ذلك
. فجاء أهلها إلى الصادق u وحكوا له القصة ،
فقال لأمها : ما كانت تفعل هذه من المعاصي ؟ فأخبرته بباطن أمرها ، فقال الصادق u : إن الأرض لا تقبل هذه ، لأنها كانت تعذب خلق الله بعذاب الله ، اجعلوا
في قبرها شيئاً من تربة الحسين u . ففعل ذلك بها ،
فسترها الله تعالى " !!
انتهت القصة بدون تعليق !
وفى الجزء نفسه ( ص 757 : 758 ) باب "
استحباب كتابة اسم الميت على الكفن ، وأنه يشهد أن لا إله إلا الله ، ويكون ذلك
بطين قبر الحسين u " .
وفى
معنى الباب ثلاث روايات ، نسبت إحداها إلى الإمام الثانى عشر الذى غاب منذ توليه
الإمامة وهو طفل لم يكد يترك فترة الرضاعة إلا قليلاً ، ولا يزال غائباً حتى عصرنا
، وهو يرانا ولا نراه !! ويحج كل عام !! وسبق الحديث عن هذه الخرافة ، وموقف
الشيعة أنفسهم منها . وفى نهاية هذا الجزء بعد الخاتمة تجد ما قاله السيد كاظم
الكفائى عن هذا الذى اعتبروه إماماً !! وتجد الحديث نفسه فى كتابى " فقه
الشيعة الإمامية " ( 1 / 264 ـ 265 ) .
وفى ص 869 نجد باباً عنوانه " كراهية
البناء على القبر فى غير قبرالنبي ـ r ـ والأئمة عليهم
السلام " .
وفى الواقع العملي
نراهم يطوفون حول قبور الأئمة ، ويدعون بأدعية مخصوصة فيها تكفير للصحابة الكرام
البررة ، وعلى الأخص أبو بكر وعمر خير الناس بعد رسول الله ـ r ـ واللذان أقاما دولة الإسلام . وفى
خاتمة الكتاب يأتى الحديث عن دعاء صنمى قريش . وموقف الرافضة منه فى عصرنا تبعاً
لمن سبقوهم بالضلال والزندقة .
وفى
الجزء الثانى أيضاً من الوسائل ( ص 842 : 844 ) باب " استحباب قراءة الحمد
والمعوذتين والإخلاص وآية الكرسي عند وضع الميت في قبره ، وتلقينه الشهادتين ،
والإقرار بالأئمة عليهم السلام بأسمائهم حتى إمام زمانه " :
ويضم الباب تسع روايات ، والرواية لا تقف عند
الكذب على الأئمة ، بل تتعداهم لتصل إلى الصحابة الكرام ، والرسول ـ r ، فتنسب لابن عباس ـ رضي الله تعالى
عنهما ، أن النبي ـ r ـ لما وضع فاطمة
بنت أم على بن أبى طالب ـ رضي الله عنه ـ فى قبرها زحف حتى صار عند رأسها ، ثم قال
: يا فاطمة إن أتاك منكر ونكير فسألاك عن ربك فقولى : " الله ربى ، ومحمد
نبيي ، والإسلام دينى ، والقرآن كتابى ، وابنى إمامي ووليي " .
والباب
التالى " استحباب الدعاء بالمأثور للميت عند وضعه فى القبر ، وجملة من أحكام
الدفن . ( ص 845 ـ 848 ) ويضم الباب ست روايات ، الأخيرتان فيهما التلقين بأسماء
الأئمة كالباب السابق .
وفى
باب آخر ( ص 862 : 863 ) عنوانه " استحباب تلقين الولى الميت الشهادتين ،
والإقرار بالأئمة عليهم السلام بأسمائهم بعد انصراف الناس " ، نجد فيه ثلاث
روايات .
لا نجد
بين الشيعة والسنة هنا إلا القليل من الخلاف وهو ينحصر في نقطتين:
الأولى
: وجوب الترتيب بين اليد اليمنى واليسرى . وقد ناقشنا ذلك من قبل عند مناقشتنا
للترتيب فى الوضوء .
الثانية : جواز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود
الماء ندباً . فإنهم لا يشترطون الطهارة لصلاة الجنازة ، لأنهم لا يعدونها صلاة
بالمعنى الحقيقى وإنما هي بمثابة دعاء ، فلا ركوع ولا سجود ، ويروون فى ذلك روايات
منها : إن الإمام الصادق سئل عن الجنائز يصلى عليها على غير وضوء . فقال : "
نعم ، إنما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل ، كما تكبر وتسبح فى بيتك على غير وضوء
"([190]).
وهم
يعدون صلاة الجنازة من الصلوات الواجبة كالصلوات الخمس ، والطهارة شرط لأي صلاة ،
فكيف إذن خرجوا بها عن مفهوم الصلاة لخلوها من الركوع والسجود ، فهل التكبير
والتسبيح فى البيت واجب كالصلوات الخمس ، وبكيفية وشروط لابد منها كاشتراط تكبيرة
الإحرام وغيرها من التكبيرات ؟
نحن نصلى كما بين لنا الرسول r وليس لنا أن نسقط شرطاً من شروط الصلاة إلا بأمر من المشرع نفسه ،
وهو الذى بين لنا أن صلاة الجنازة لا ركوع فيها ولا سجود ، وألا صلاة بلا طهور ،
فهل استثنى من ذلك صلاة الجنازة كما ذهب الشيعة ؟
ليس هناك عن طريق السنة ولا عن طريق الشيعة ما
يثبت هذا الاستثناء من صاحب الشريعةr ([191]).
إنما ورد عن طريق الشيعة روايات عن الأئمة فقط كالرواية التي ذكرناها من قبل ،
ورواية واحدة عن الإمام على وهي أنه سئل عن الرجل يحضر الجنازة وهو على غير وضوء
ولا يجد الماء ؟ قال : يتيمم ويصلى عليها إذا خاف أن يفوته ([192]).
وهذه
الرواية تتفق مع ما ذهب إليه السنة من اشتراط الطهارة لأنه لم يبح التيمم إلا مع
عدم وجود الماء ، وخوف الفوت .
على أن من الشيعة أنفسهم من قيد جواز التيمم
بخوف الفوت ، ورد ما يخالف ذلك ، ولم يعجب بعضهم هذا الرد ، فقال : عمل الأصحاب
بالرواية ـ أي رواية جواز التيمم مع وجود الماء ندباً ـ فلا يضر ضعفها ([193]).
وكيف
لا يضر ضعفها ، وهي تهدم مبدأ أساسياً من مبادئ العبادة وهو اشتراط الطهارة لأي
صلاة ، وعدم جواز التيمم لمن يستطيع الوضوء ؟
إن
صلاة الجنازة صلاة لا تجوز بغير طهور ، والتيمم لها لا يجوز إلا بشروط كأي صلاة ،
والروايات التي تخالف ذلك لابد من إسقاطها وترك العمل بها ، فإنها ـ مع ضعفها ـ تخالف الكتاب والسنة
بإسقاطها شرطاً من شروط الصلاة ، وإجازتها التيمم مع وجود الماء .
1-يرى
الشيعة الرافضة أن الكافر نجس ، وقد ناقشنا ذلك من قبل وبينا ضلال غلاة الرافضة
وكفرهم .
2- ويرون كذلك أن الميت ينجس الملاقى له مطلقاً
. ولذلك أوجبوا الغسل على من مسه ، وقد ناقشنا هذا أيضاً من قبل .
3- ويرون طهارة المذى والودى على خلاف المذاهب
الأربعة([194])
وأنهما لا ينقضان الوضوء . وقد أثبتنا من قبل نقضهما للوضوء .
والأدلة التى استدلوا بها على طهارتهما تدخل
ضمن ما احتجوا به على أنهما لا ينقضان الوضوء ، وما استدل به على نجاستهما مما
يستدل به على نقضهما للوضوء . وأضيف إلى ذلك ما ورد عن طريق الشيعة عن الإمام
الصادق أنه سئل عن المذى يصيب الثوب ؟ قال : إن عرفت مكانه فاغسله ، وإن خفى عليك
مكانه فاغسل الثوب كله . وفى رواية أخرى : يغسله ولا يتوضأ ([195]) .
وحمل
الروايتين على الاستحباب بعيد ، فلو كان كذلك لكفى غسله إن عرف مكانه ، دون مراعاة
لتكلف غسل الثوب كله إن لم يعرف مكانه . وأما الحمل على التقية ([196]) فهو إلغاء
للعقل ، ففى الرواية الأخيرة " يغسله ولا يتوضأ " ، والمذاهب الأربعة
توجب الوضوء منه كما ذكرنا .
والحنابلة وإن كانوا يرون أن حكم الودى حكم
البول سواء ، لأنه خارج من مخرجه ، وجار مجراه ، والمذى ظاهر المذهب أنه نجس ، إلا
أن هناك رواية عن الإمام أحمد أنه سئل عن المذى أشد أو المنى ؟ قال : هما سواء ،
ليسا من مخرج البول ، إنما هو من الصلب والترائب كما قال ابن عباس ، هو عندى
بمنزلة البصاق والمخاط ([197]) .
وهذه الرواية تتفق مع الشيعة فى طهارة المذى . ولكنها
تخالفهم فى حكم المنى . وسواء ألحقنا هذا أو ذاك بالبول أو المنى ، فالشيعة يرون
نجاستهما ، فالأولى أن يلحق بهما المذى والودى .
4 ـ وفى النجاسة
المعفو عنها فى الصلاة : فرق الشيعة بين الدم ودم الحيض ، وبين ما يتم الصلاة فيه
منفرداً ، وما لا يتم فيه منفرداً : كالتكة ، والجورب ، والقلنسوة ، ولم نجد هذه
التفرقة عند المذاهب الأربعة ([198]) ، فهم
يرون العفو عن يسير الدم مطلقاً فى ثياب المصلى .
أما الشيعة فيرون أن دم الحيض تجب إزالته وإن قل
، وألحق بعضهم به دم الاستحاضة والنفاس ، وأجازوا الصلاة فيما لا يتم الصلاة فيه
منفرداً مع نجاسته .
واستدلوا بروايات عن أئمتهم ، مثل ما رووه عن
الإمام الصادق أو الباقر أنه قال : لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره ، غير دم الحيض
، فإن قليله وكثيره فى الثوب ـ إن رآه أو لم يره ـ سواء ([199]) .
وعن
زرارة قال : " قلت لأبى عبد الله u
: إن قلنسوتى وقعت فى بول فأخذتها فوضعتها على رأسى ثم صليت ؟ فقال : لا بأس
" ([200]) .
وعن
الإمام الصادق أيضاً : لا بأس بالصلاة فى الشيىء الذى لا تجوز الصلاة فيه وحده
يصيب القذر ، مثل : القلنسوة والتكة والجورب .
وتبدو
المشقة البالغة في الرواية الأولى ، فدم الحيض القليل الذى لم يره المصلى مبطل
لصلاته ، على حين يظهر الاستهتار البالغ فى الرواية الثانية ، فما الذى ألجأ زرارة
إلى أن يأخذ قلنسوته من البول ويصلى بها ؟ ولماذا لم يصل بدونها ؟ ألا تندرج هذه
من ضمن ما يشمله قوله تعالى : "" وَثِيَابَكَ
فَطَهِّرْ"" ؟ ، ثم ألم تصب هذه القلنسوه بدنه بالنجاسة ؟
إن هذه الرواية ـ وأمثالها ـ لا يمكن بحال أن تقبل ، فهي تجيز الصلاة بنجاسة مغلظة
يمكن تجنبها دون عسر ومشقة .
أما ما
يرونه من وجوب إزالة دم الحيض وإن قل ، فإنا قد نجد ما يؤيدهم عن طريق أهل السنة ([201]) كحديث أسماء بنت أبى بكر قالت : " جاءت
امرأة إلى النبى r
فقالت : إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض ـ كيف تصنع ؟ فقال : تحته ، ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ، ثم تصلى فيه
" متفق عليه .
وفى
حديث آخر : " فإذا طهرت فاغسلى موضع الدم ، ثم صلى فيه " . وفى رواية :
" حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر " .
فهذه
الأحاديث تفيد وجوب إزالة دم الحيض ـ وإن قل ـ لعمومها ، ولكنا نجد رواية عن
السيدة عائشة فى الحائض يصيب ثوبها الدم ، قالت : " تغسله ، فإن لم يذهب أثره
فلتغيره بشئ من صفرة ، قالت : ولقد كنت أحيض عند رسول الله r ثلاث حيض جميعاً لا أغسل
لى ثوباً " .
وفى
رواية أخرى عنها قالت : " قد كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض ، وفيها تصيبها
الجنابة ، ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها . وفى لفظ : ما كان لإحدانا إلا
ثوب فيه تحيض فإن أصابه شيىء من دمها بلته بريقها ثم قصعته بظفرها " .
وهذه
الروايات ـ وما شاكلها ـ يمكن الجمع بينها دون تعارض بالعفو عن اليسير من دم الحيض
، وتحمل الروايات التى أوجبت الغسل على غير اليسير تماماً كالدم بصفه عامة ،
والأحوط أن يغسل موضع الدم ما أمكن خروجاً من هذا الخلاف ، والله سبحانه أعلم
بالصواب .
اختلف الشيعة فيما بينهم فى تحديد مواقيت الصلاة
([202]) والروايات
التى رووها عن النبى r تتفق مع روايات أهل السنة ، كالرواية المشهورة عن جبريل u ، والروايات التى خالفت ذلك تنتهي إلى أئمتهم ([203]) . وهم فى
اختلافهم لا ينفردون بالرأي ، فمنهم من حدد المواقيت كالسنة ، ولكنهم انفردوا
بالقول دون المذاهب الأربعة ، بإجازتهم الجمع بين الصلاتين بلا عذر ، فلم يوافقهم
أي مذهب منها([204]) .
وقد استدل الشيعة بعدة أحاديث مؤداها : أن
الرسول r جمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، من غير خوف ، ولا
مطر ، ولا سفر ، توسعة لأمته ، ومنعا للحرج عن المسلمين ، إلى جانب روايات أخرى عن
أئمتهم ([205]) .
وإذا نظرنا في روايات
السنة وجدنا ما يوافق أحاديثهم : كرواية ابن عباس رضي الله عنهما " أن
النبي r صلى بالمدينة سبعا وثمانيا ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء
" متفق عليه ، وفى رواية أخرى :
" جمع بين الظهر
والعصر ، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر . قيل لابن عباس : ما
أراد بذلك ؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته " ([206]) .
وقد خرج أصحاب المذاهب
الأربعة مثل هذه الرواية على الجمع الصوري ، بأن يصلى الظهر في آخر وقته ، والعصر
في أول وقته ، وكذلك المغرب والعشاء، أو أن ذلك كان لعذر كمرض أو مطر ، أو غير ذلك
، ولهم ما يؤيد وجهة نظرهم([207]) .
ولكنا وجدنا آخرين : كابن سيرين وربيعة وابن
المنذر وغيرهم ، يستدلون بهذا على جواز
الجمع مطلقا بشرط ألا يتخذ ذلك خلقا وعادة ([208]) ، ووجدنا
من علماء السنة المعاصرين من يؤيد الأخذ برواية الجمع دفعا للحرج والمشقة ([209]) .
فلو اقتصر الشيعة على جواز الجمع دفعا للحرج
"" َمَا
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
"" ، وتأسوا
بالرسول r : حيث كان يفرق غالب الأوقات ، وما كان يجمع إلا نادرا باعترافهم ([210]) ، لو
فعلوا ذلك لكان لهم ما يؤيد مذهبهم ، ولكنهم يجمعون دائما جماعة وفرادى كما يقول
السيد كاظم الكفائى ([211]) ، بل يروون
روايات تفيد استحباب الجمع ، مثل : عن عياش الناقد قال : تفرق ما كان فى يدى ، وتفرق عنى حرفائى ، فشكوت ذلك إلى أبى
محمد ( ع ) فقال لى : اجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ، ترى ما تحب " ([212]) .
و" عن أمير المؤمنين u قال : الجمع بين الصلاتين يزيد فىالـرزق " ([213]) .
فهذه مخالفة صريحة لما كان عليه الرسول r . ولما أمر به سبحانه وتعالى فى قوله : "" إِنَّ
الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا
"" ، فالجمع بهذه الصورة
مضيعة للمواقيت التى بينها جبريل والرسول عليهما السلام .
وجاء عن طريقهم ـ غير حديث جبريل ـ روايات أخرى
تفيد تحديد المواقيت الخمس ، ولزوم المحافظة على هذه المواقيت ، من ذلك ما كتبه
الإمام على لمحمد بن أبى بكر عندما ولاه مصر : " وانظر إلى صلاتك كيف هي ،
فإنك إمام لقومك . ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها ، ولا تعجل بها قبله لفراغ ،
ولا تؤخرها عنه لشغل ، فإن رجلا سأل رسول الله
r عن أوقات الصلاة فقال : أتانى جبريل ( ع ) فأراني وقت الظهر حين
زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن ، ثم أراني وقت العصر وكان ظل كل شيء مثله ، ثم
صلى المغرب حين غربت الشمس ، ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق ، ثم صلى الصبح
فأغلس بها والنجوم مشتبكة ، فصل لهذه الأوقات ، والزم السنة المعروفة ، والطريق
الواضح " ([214]) .
وقد احتج أحد علمائهم على مانعي الجمع لغير عذر
بروايات السنة التي أباحت ذلك ، وقال في آخر كلمته : " لا كلام في أن التفريق
أفضل ، ولذلك كان يؤثره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا لعذر كما هي عادته
في المستحبات كلها " ([215]) .
فإذا كانت هذه حقيقة لا كلام فيها ، فعلى أي
أساس إذن يجمع الشيعة دائماً بين الصلاتين ؟؟
*****
ينحصر الخلاف هنا في أن الشيعة يزيدون " حي
على خير العمل " مرتين بعد " حي على الفلاح " ، ويثنون لا إله إلا
الله ، وحاليا يزيدون الشهادة بالولاية بعد الشهادتين .
وحجة الشيعة روايات عن أئمتهم تفيد ذلك ([216]) .
وقالوا : إن " حى على خير العمل " كان
موجوداً فى الأذان والإقامة إلى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو الذى أسقطها
رغبة منه فى إعلام الناس بأن خير العمل إنما هو الجهاد فى سبيل الله ، وقد كان
عصره عصر فتوحات ، فلو عرف الناس أن الصلاة خير العمل مع ما فيها من الدعة
والسلامة لاقتصروا فى ابتغاء الثواب عليها ، وأعرضوا عن خطر الجهاد المفضول
بالنسبة إليها ، وفتح الممالك لا يكون إلا بتشويق الجند إلى التورط فى سبيله
بالمهالك ، بحيث يشربون فى قلوبهم الجهاد ، حتى يعتقدوا أنه خير عمل يرجونه يوم
الميعاد ، فقدم المصلحة على التعبد بما جاء به الشرع الأقدس ، وقد تبعه فى إسقاطها
عامة من تأخر عنه من المسلمين ، حاشى أهل البيت ومن يرى رأيهم " ([217]) .
وروى أن ابن عمر كان يؤذن بحى على خير العمل
أحياناً ، وعن على بن الحسين أنه قال : هو الأذان الأول ، وعن زيد بن أرقم أنه أذن
بذلك ، وروى بذلك عن أمامة بن سهيل البدرى ([218]) .
ويلعب الخيال الشيعى دوره ، ويجد الوضاعون مجالا
لهم هنا ، فيروى أن الإمام السابع موسى الكاظم سئل عن ( حي على خير العمل ) لم
تركت من الأذان؟ فقال : " أما العلة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالا
على الصلاة ، وأما الباطنة فإن خير العمل الولاية ، فأراد من أمر بترك ( حى على
خير العمل ) من الأذان ألا يقع حث عليها ، ودعاء إليها " ([219]) .
وسواء قال الإمام ذلك أو لم يقله ، فهو طعن فى
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وتعصب جاهل لمبدأ دخيل ، وإذا كانت الولاية خير
العمل فلم لم يوضح ذلك الرسول r ؟ وكيف حرم منها الصفوة الصافية من سلف المسلمين رضوان الله عليهم
؟ وكيف أن عمر الفاروق يعلم بأن الولاية خير عمل فيقدم على أمر فيه مخالفة لله
سبحانه ولرسوله عليه الصلاة والسلام ؟
لقد ذكرنا من قبل أن الشيعة جميعهم ليس فيهم من
يصل إلى مكانة عمر رضي الله عنه باعتراف أبى الأئمة على كرم الله وجهه ، ولكن
العداء للإسلام ، ولرافعى رايته من خيرة المسلمين ، هو الذى دفع هؤلاء إلى الطعن
في شخصية ارتبط اسمها بالعدالة الإسلامية ، وبالدفاع عن الدين ، ونشره في العالمين
.
ويبقى بعد ذلك أن روايات الشيعة يعارضها
الأحاديث الصحيحة في كتب السنة عن النبي r ، فليس في شيء منها ما يدل على ثبوت حي على خير العمل، وليس فيها
أن عمر رضوان الله عليه أو غيره هو الذى أسقط ذلك ، فالأذان كما بينه الرسول r يتفق مع ما ذهب إليه أصحاب المذاهب الأربعة ([220]) .
ولا خلاف في أن الأذان المشروع هو ما كان على
عهد رسول الله r ، وليس لأحد أن يزيد فيه أو ينقص منه .
ولكنني عندما سمعت آذانهم وجدتهم يزيدون بعد
الشهادتين " أشهد أن علياً ولى الله ، أشهد أن علياً أمير المؤمنين وأولاده
المعصومين حجة الله " .
بحثت فى كتاب " مستمسك العروة الوثقى
" للمرجع السابق السيد محسن الحكيم ، فوجدته يقرر أن الشهادة بالولاية ليست
جزءاً من الأذان والإقامة بلا خلاف ولا إشكال ، وينقل عن محكى الفقيه قوله : ( هذا
هو الأذان الصحيح ، لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا
أخبارا زادوا بها فى الأذان : " محمد وآل محمد خير البرية " مرتين ، وفى
بعض رواياتهم بعد " أشهد أن محمداً رسول الله " " أشهد أن علياً
ولى الله " مرتين .
ومنهم من روى بدل ذلك " أشهد أن علياً أمير
المؤمنين حقاً " مرتين ، ولا شك فى أن علياً ولى الله ، وأمير المؤمنين حقاً
، وأن محمداً وآله صلى الله عليهم خير البرية ، لكن ليس ذلك فى أصل الأذان ) .
وقال : " وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه
الزيادة المتهمون بالتفويض المدلسون أنفسهم فى جملتنا " .
وعن الشيخ فى محكى النهاية " فأما ما روى
فى شواذ الأخبار من قول : أن علياً ولى الله وآل محمد خير البرية ، فمما لا يعمل
عليه فى الأذان والإقامة ، فمن عمل به كان مخطئاً " .
ونقل عن المبسوط : " وأما قول : أشهد أن علياً
أمر المؤمنين وآل محمد خير البرية ـ على ما ورد في شواذ الأخبار ـ فليس بمعمول
عليه في الأذان ، ولو فعله الإنسان لم يأثم به ، غير أنه ليس من فضيلة الأذان ولا
كمال فصوله " .
وعن المنتهي : " وأما ما روى من الشاذ من
قوله : أن علياً ولى الله وأن محمدا وآله خير البرية ـ فمما لا يعول عليه " ([221])
.
ولكن السيد الحكيم عقب على ذلك بقوله : "
الظاهر من المبسوط إرادة نفى المشروعية بالخصوص ، ولعله أيضا مراد غيره ، لكن هذا
المقدار لا يمنع من جريان قاعدة التسامح على تقدير تماميتها في نفسها ، ومجرد
الشهادة بكذب الراوي لا يمنع من احتمال الصدق الموجب لاحتمال المطلوبية ، كما أنه
لا بأس بالإتيان به بقصد الاستحباب المطلق لما في خبر الاحتجاج " إذا قال
أحدكم : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فليقل : على أمير المؤمنين ، بل ذلك في
هذه الإعصار ، معدود من شعائر الإيمان ، ورمزا إلى التشيع ، فيكون من هذه الجهة
راجحاً شرعاً ، بل قد يكون واجباً ، لكن لا بعنوان الجزئية من الأذان . ومن ذلك
يظهر وجه ما في البحار من أنه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبة
للأذان : بشهادة الشيخ والعلامة والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها " ([222]) .
ولا أدرى لم استحق قوم اللعنة لأنهم زادوا
" محمد وآل محمد خير البرية " ولم يستحق هذه اللعنة من زاد الشهادة
بالولاية التي لا يقول بها أحد غير الإمامية الرافضة ؟!
ولنا أن نتساءل بعد هذا : أكل من ارتأي رأيا ـ
ولو كان صحيحاً ـ فله أن يزيده فى الأذان ؟ وكيف يكون الأذان إذن لو زاد كل ما
ارتأي ؟!
إن الأذان شرع للصلاة ، وليس اعلاناً عن
المبادىء التي يراها كل فريق . فيجب أن يبقى كما بينه رسول الله r ، فليس لأحد أن يشرع من بعده .
وشيء آخر أحب أن أشير إليه هنا وهو أنهم أسقطوا
أذانين !!
فحرصهم على الجمع بين الصلاتين دائما جرفهم إلى
الاكتفاء في مساجدهم بالأذان ثلاث مرات ، وأسقطوا أذان العصر وأذان العشاء . ولا
شك أن هذا يخالف ما كان عليه رسول الله r ، وما أمر به"" فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ … "".
وأولى لمن يزعمون أنهم أتباع أهل البيت أن يتبعوا
سنة صاحب البيت r ، لا أن يهدموا البيت لبنة لبنة ، أو يغيروا معالمه ، فجمعهم
الدائم وآذانهم فيهما هدم وتغيير . نسأل الله تعالى أن يهديهم سواء السبيل .
لبيوت الله تعالى أحكامها الخاصة ، فهي ليست
كغيرها من البيوت .
والشيعة الاثنا
عشرية يتفقون مع جمهور المسلمين في تعظيم المساجد بصفة عامة، وفى الأحكام الخاصة
بها ، لكن الغلو والضلال لا يفارقهم ، والوضاعون من غلاتهم وزنادقتهم يضعون من
الأخبار ما يتفق مع ضلالهم .
ونضرب أمثلة لبعض ما نراه من ضلالهم :
اتخذ هؤلاء القوم قبور أئمتهم مساجد ، ونراهم في
الواقع العملي يزورون هذه القبور ، ويطوفون حولها ، ويصلون خلفها ، أي يجعلون
القبر قبلتهم . وفى زيارتهم وطوافهم يدعون بدعاء مخصوص ، يعتبرونه مأثورا ، فيه
تكفير للصحابة الكرام ـ رضي الله تعالى عنهم ولعن أعداءهم ، ويخصون خير الناس بعد
رسول الله ـ r ، وهم
الشيخان الصديق والفاروق ، بمزيد من التكفير واللعن .
ومسجد الكوفة أسسه سعد بن أبى وقاص ـ رضي الله
عنه ـ فى العام السابع عشر من الهجرة ، وأعيد بناؤه بعد ذلك . وفى هذا المسجد
محراب أمير المؤمنين على بن أبى طالب ـ رضي الله عنه وكرم وجهه ، وفيه ضربه بالسيف
الشقى اللعين عبد الرحمن بن ملجم ([223]) .
ولهذا يغالون فى هذا المسجد ، ويقدمونه على باقي
بيوت الله تعالى عدا الحرمين الشريفين فقط ، فالصلاة فيه بألف صلاة ، أي كالصلاة
في مسجد رسول الله ـ r وأفضل من المسجد الأقصى : أولى القبلتين ، وثالث الحرمين . وسيأتي
مزيد من الضلال في مروياتهم ، ووصفهم لبعض مساجد الكوفة بأنها ملعونة ـ لعنوا بما
قالوا .
وفى مسجد رسول الله ـ r ـ بيت على وفاطمة رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما ، فيرى هؤلاء
القوم الضالون أن الصلاة في بيتهما أفضل من الصلاة في الروضة الشريفة .
وننظر في كتاب وسائل
الشيعة :
في الجزء الثالث نجد عدة أبواب :
منها : باب أنه يجوز لزائر الإمام أن يصلى خلف
قبره ، أو إلى جانبيه ولا يستدبره ولا يساويه ـ ( ص 454 : 456 ) .
في الرواية الأولى : أما السجود على القبر فلا
يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة ، بل يضع خده الأيمن على القبر . وأما الصلاة
فإنها خلفه ويجعله الإمام ، ولا يجوز أن
يصلى بين يديه ، لأن الإمام لا يتقدم ويصلى عن يمينه وشماله .
وفى الرواية الثانية : لا يجوز أن يصلى بين يديه
، ولا عن يمينه ، ولا عن يساره ، لأن الإمام لا يتقدم عليه ولا يساوى .
وقال صاحب الوسائل : الأولى محمولة على الجواز ،
والثانية على الكراهة .
قلت : أي أن المستحب أن يكون القبر قبلة فى
الصلاة بركوعها وسجودها ، أقرب ما يكون إلى عبادة الأصنام والأوثان !!
ومع هذا ففى الرواية السادسة : من صلى خلفه صلاة
واحدة يريد بها الله تعالى لقى الله تعالى يوم يلقاه وعليه من النور ما يغشى له كل
شيىء يراه .
وفى السابعة : يصلى خلفه ولا يتقدم عليه ، فهما
تأكيد لضلالهم السابق . أما الرواية الثالثة ففيها أن النبى r ـ قال : لا تتخذوا قبرى قبلة ولا مسجداً ، فإن الله عز وجل لعن
اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .
ومثلها الرواية الخامسة . فقال صاحب الوسائل :
هذا محمول على الكراهة لما مر ، ويحتمل النسخ ، ويحتمل أن يريد بالقبلة أن يصلى
إليه من جميع الجهات كالكعبة !!
قلت : يا هذا كيف أن اللعن يحتمل الكراهة !!
وكيف ينسخ ؟!! أفبعد أن لعنهم الله عز وجل رضي عنهم عندما ظهر منهم ـ مثلا ـ عبد
الله بن سبأ صاحب فكرة الوصى بعد النبى !! وكيف تكون الصلاة إلى جميع الجهات وهي
لا تكون إلا إلى الكعبة ؟ !! أي أن المصلى يجعل القبر بينه وبين شطر الكعبة ؟!
ومن هذه الأبواب باب ما يستحب الصلاة فيه من
مساجد الكوفة ، وما يكره منها ( ص 519 : 520 )
فى الرواية الأولى ينسب كذبا للإمام الباقر أنه
قال : إن بالكوفة مساجد ملعونة ، ومساجد مباركة … إلخ
والروايات كلها تدور حول هذه الفكرة الضالة حيث
جعلوا مساجد الرافضة مباركة ، ومساجد غيرهم ملعونة . لعنوا بما قالوا ، بل كلها
بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيه اسمه تبارك وتعالى .
أما مسجد الكوفة الذى بناه سعد بن أبى وقاص ،
وأشرت إليه آنفت فى الحديث عن المساجد فقد خصص له باب يضم ثمانية وعشرين خبرا من
مروياتهم، وهو باب تأكد استحباب قصد مسجد الأعظم بالكوفة ولو من بعيد ، وإكثار
الصلاة فيه فرضاً ونفلاً ، واختياره على غيره من المساجد إلا ما استثنى : ( ص 520 : 528 )
ويطول بنا الحديث لو أثبتنا هنا كل هذه الأكاذيب
والضلالات ، ولذا نكتفى ببعضها :
الخبر الأول عن الإمام الباقر أنه قال : مسجد
كوفان روضة من رياض الجنة، صلى فيه ألف نبى وسبعون نبياً ، وميمنته رحمة ، وميسرته
مكرمة ، فيه عصا موسى ، وشجرة يقطين ، وخاتم سليمان ، ومنه فار التنور وبحرت
السفينة ، وهي صرة بابل ومجمع الأنبياء .
وفى الخبر الثانى : صلى فيه ألف نبى وألف وصى :
وفى الخبر الثالث : ما من عبد صالح ولا نبى إلا
وقد صلى فى مسجد كوفان، حتى أن رسول الله ـ
r ـ لما أسرى به قال له جبريل : أتدرى أين أنت الساعة يا رسول الله
؟ أنت مقابل مسجد كوفان ، قال : فاستأذن لي ربى حتى آتيه فأصلى ركعتين . فاستأذن
الله ـ عز وجل ـ فأذن له .. ([224]) .
وإن الصلاة المكتوبة فيه لتعدل بألف صلاة وإن
النافلة فيه لتعدل بخمسمائة صلاة ..
وفى عدد من الأخبار تأكيد أنه روضة من رياض
الجنة ، وأن الصلاة فيه بألف صلاة ، ومن المعلوم أن هذا ليس إلا لمسجد الرسول ـ r ـ بعد المسجد الحرام حيث تعدل مائة ألف صلاة ، وقبل ثالث الحرمين
وأولى القبلتين ، المسجد الأقصى ، فالصلاة فيه بخمسمائة صلاة .
وفى بعض الأخبار أن آدم هو الذى خط هذا المسجد
!! وفى بعضها أن النافلة فى هذا المسجد تعدل عمرة مع النبى r والفريضة تعدل حجة مع النبى r..
وفى بعضها : حجة مقبولة ، وعمرة مقبولة .. وفى بعضها : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد
: المسجد الحرام ، ومسجد الرسول r ومسجد الكوفة !
فوضع الكذابون مسجد الكوفة بدلاً من المسجد
الأقصى كما جاء فى الحديث الصحيح المشتهر .
وفى بعضها : مكة حرم الله ـ تعالى ، وحرم رسوله r ، وحرم على بن أبى طالب ـ رضي الله عنه ..
والمدينة حرم الله ، وحرم رسوله ، وحرم على بن
أبى طالب ..
والكوفة حرم الله ، وحرم رسوله ، وحرم على بن
أبى طالب ..
وفى بعضها أن أمير المؤمنين قال :
ياأهل الكوفة ، لقد حباكم الله عز وجل بما لم
يحب به أحدا ، من فضل مصلاكم ، بيت آدم ، وبيت نوح ، بيت إدريس ، ومصلى إبراهيم الخليل
، ومصلى أخى الخضر ، ومصلأي . وإن مسجدكم هذا لأحد المساجد الأربعة التى اختارها
الله عز وجل لأهلها ، وكأنى به قد أتى به يوم القيامة فى ثوبين أبيضين يتشبه
بالمحرم ويشفع لأهله ولمن يصلى فيه فلا ترد شفاعته ، ولا تذهب الأيام والليالى حتى
ينصب الحجر الأسود فيه ، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدى من ولدى ، ومصلى كل مؤمن … إلخ
وبعد : نكتفى بهذا القدر من أكاذيب هؤلاء الغلاة
، والخبر الأخير يذكرنا بما فعله القرامطة ، وهي فرقة من فرق الشيعة ، أو من يسمون
أنفسهم بأهل البيت ، حيث نزعوا الحجر الأسود من مكانه بالكعبة المشرفة ، وحملوه
إلى ديارهم ، إلى أن أعيد بعد ذلك .
ولعل هؤلاء القوم يفكرون فى حمله إلى الكوفة كما
فعل أسلافهم من القرامطة!
وبعد الباب السابق يأتى " باب استحباب
اختيار الإقامة فى مسجد الكوفة والصلاة فيه على السفر إلى زيارة المسجد الأقصى ( ص
528 : 529 ) .
ويليه " باب عدم استحباب السفر للصلاة فى
شيىء من المساجد إلا المسجد الحرام ، ومسجد الرسول r ومسجد الكوفة ( 529 : 530 ) .
وفى ص 547 من الجزء الثالث نفسه يقع " باب
استحباب اختيار الصلاة فى بيت على وفاطمة عليهما السلام ، على الصلاة فى الروضة !!
ولا حاجة لذكر الأخبار ، فالأبواب السابقة يكفى
قراءة العنوان لتدرك ضلال هؤلاء القوم .
*****
يرى الشيعة عدم جواز السجود على ما ليس بأرض
كالجلود والأصواف ، ويجيزونه عليها وعلى
نباتها غير المأكول والملبوس عادة ، عدا الكتان والقطن ففيه خلاف .
وهم كذلك يرون أفضلية السجود على التربة
الحسينية ، ولذا يضعون فى مساجدهم قطعا من هذه التربة معدة للسجود عليها ، يضعونها
تحت الجبهة ، كما يحمل الكثيرون مثل هذه القطع .
وقد خالفهم فى ذلك أصحاب المذاهب الأربعة ، حيث
أجازوا السجود على ما ليس بأرض ما دام طاهرا ، ولكن ، كان مالك يكره أن يسجد الرجل
على الطنافس وبسط الشعر والثياب والأدم ، وكان يقول : لا بأس أن يقوم عليها ،
ويركع عليها ، ويقعد عليها ، ولا يسجد عليها ، ولا يضع كفيه عليها ([225]) .
ومستند الشيعة فيما ذهبوا إليه روايات عن أئمتهم
، مثل ما روى عن الإمام الصادق أنه قال : " لا تسجد إلا على الأرض ، أو ما
أنبتته الأرض ، إلا القطن والكتان " ([226]) .
وما روى عن هشام بن الحكم أنه قال للإمام الصادق
:
أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز . قال
: السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض ، إلا ما أكل أو لبس . فقال
له : جعلت فداك ، ما العلة فى ذلك ، قال : لأن السجود خضوع لله عز وجل ، فلا ينبغى
أن يكون على ما يؤكل ويلبس ، لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون . والساجد
فى سجوده فى عبادة الله عز وجل ، فلا ينبغى أن يضع جبهته فى سجوده على معبود أبناء
الدنيا الذين اغتروا بغرورها ([227]) .
ولكنا نجد روايات أخرى عن طريقهم تعارض هذا ،
مثل ما روى عن ياسر الخادم قال : " مربى أبو الحسن وأنا أصلى على الطبرى ،
وقد ألقيت عليه شيئاً أسجد عليه ، فقال لى : مالك لا تسجد عليه ، أليس هو من نبات
الأرض ؟ " ([228])
وسئل إمامهم العاشر أبو الحسن الثالث على الهادى
: " هل يجوز السجود على الكتان والقطن من غير تقية ؟ فقال : جائز " ([229]) .
وكتب إليه أحدهم يسأله عن السجود على القطن
والكتان من غير تقية ولا ضرورة ، فكتب إليه : ذلك جائز ([230]) .
وأمام هذا الاضطراب فى الروايات ، حمل بعضهم مثل
الروايات الأخيرة على التقية أو الضرورة ([231]) ، مع أنها
تنفى ذلك ، ورأي آخرون الأخذ بها ، فأجازوا السجود على القطن والكتان ([232]) .
ورأينا بعضهم يجيز السجود على الحنطة والشعير ([233]) ، وهذا
ينافى التعليل السابق فى الرواية الثانية من أن السجود لا ينبغى أن يكون على ما
يؤكل ويلبس ، لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، فأي شئ أقرب إلى الناس من
القطن والكتان ، والحنطة والشعير ؟
ويعارض ما ذهب إليه الشيعة ، ما روى عن طريق
السنة من أن النبى r صلى على بساط ، وكان يصلى على الحصير والفروة المدبوغة ، وعن أبى
الدرداء قال : ما أبالى لو صليت على خمس طنافس ، وصلى ابن عباس على طنفسة ([234]) .
فلم يثبت إذن عن النبي r أنه لم يجز السجود على ما ليس بأرض ، بل ثبت غير ذلك ، كصلاته ـ u ـ على الفروة المدبوغة .
ونجد في القرآن الكريم ما يؤيد ما ذهب إليه
السنة ، قال تعالى : في سورة النحل ( آية 80 ) : ""
وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا
وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ
ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا
وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ
"" .
رأي الشيعة أن فى هذه الآية الكريمة دلالة على
جواز اتخاذ الفرش والآلات من جلود الأنعام وأصوافها وأشعارها ، وجواز الصلاة عليها
إلا ما أخرجه الدليل من عدم جواز السجود على شئ من ذلك ، بل إما على الأرض ، أو ما
ينبت فيها غير مأكول ولا ملبوس ([235]) .
وقد رأينا ألا دليل على عدم جواز السجود على شئ
من ذلك ، بل ما روى عن الرسول r يتمشى مع مدلول هذه الآية الكريمة ، فلا مناص إذن من رفض رواياتهم
عن أئمتهم التى تعارض الكتاب والسنة .
وأما تفضيل الشيعة السجود على التربة الحسينية ،
فيقول فى ذلك أحد أعلامهم : " ولعل السر فى التزام الشيعة الإمامية السجود
على التربة الحسينية مضافاً إلى ما ورد فى فضلها من الأخبار ، ومضافاً إلى أنها
أسلم من حيث النظافة والنزاهة من السجود على سائر الأرض ، وما يطرح عليها من الفرش
والبوارى والحصر الملوثة ، والمملوءة غالباً من الغبار والمكروبات الكامنة فيها ،
مضافاً إلى كل ذلك ، لعل من جملة الأغراض العالية ، والمقاصد السامية ، أن يتذكر
المصلى حين يضع جبهته على تلك التربة تضحية ذلك الإمام نفسه وآل بيته ، والصفوة من
أصحابه فى سبيل العقيدة والمبدأ ، وتحطم هياكل الجور والفساد والظلم والاستبداد .
ولما كان السجود أعظم أركان الصلاة ، وفى الحديث ( أقرب ما يكون العبد إلى ربه حال
سجوده ) ، فناسب أن يتذكر بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية ، أولئك الذين وضعوا
أجسامهم عليها ضحايا للحق ، وارتفعت أرواحهم إلى الملأ الأعلى ، ليخشع ويخضع ،
ويتلازم الوضع والرفع ، ويحتقر هذه الدنيا الزائفة ، وزخارفها الزائلة ، ولعل هذا
هو المقصود من أن السجود عليها يخرق الحجب السبع " ([236]) .
وقد ناقشنا ذلك من قبل في الفصل السابق ([237]) وبينا مدى
مغالاة الشيعة في نظرتهم إلى التربة الحسينية ، وحاولنا تعليل ذلك ، فلا مدعاة إذن
لتكرار ما ذكر .
اتفق الشيعة مع المذاهب الأربعة على منع التكلم
فى أثناء الصلاة ، ولكنهم اختلفوا فى نقاط ثلاث ، فقد أجاز الشيعة تشميت العاطس
وأوجبوا رد السلام ، وحرموا قول آمين آخر الحمد على خلاف بينهم ؛ فالكثرة الغالبة تذهب
إلى القول بالتحريم وبطلان الصلاة ، وذهب بعضهم إلى الحرمة دون البطلان ، وقيل
بالكراهية فقط ([238]) .
أما المذاهب الأربعة فقد منعوا رد السلام ،
وتشميت العاطس واستحبوا قول آمين ، إلا أن الإمام مالكا جعل التأمين للمأموم دون
الإمام ([239]).
واستدل الشيعة على وجوب رد السلام بقوله تعالى :
"" وَإِذَا
حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ
اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا "" ([240]) .
قال صاحب كنز العرفان : " إذا سلم أحد على
المصلى وجب عليه الرد ، لإطلاق الأمر بالرد المتبادل لحال الصلاة وغيرها ، وليس هو
من كلام الآدميين فيدخل تحت النهي ، لأن هذه الصيغة وردت فى القرآن " ([241]) .
واستدلوا كذلك بروايات عن أئمتهم ، كرواية عثمان
بن عيسى عن الإمام الصادق قال : " سألته عن الرجل يسلم عليه فى الصلاة ، قال
: يرد بقوله : سلام عليكم ، ولا يقول : عليكم السلام ، فإن رسول الله r كان قائما يصلى ، فمر به عمار بن ياسر ، فسلم عليه ، فرد عليه
النبى r وهكذا " ([242]).
وعن محمد بن مسلم قال : " دخلت على أبى
جعفر u وهو فى الصلاة ، فقلت : السلام عليك . فقال : السلام عليك . قلت :
كيف أصبحت ؟ فسكت . فلما انصرف قلت له : أيرد السلام وهو فى الصلاة ؟ قال : نعم
مثل ما قيل له " ([243]) .
وأجازوا تشميت العاطس ، مستندين إلى روايات عن
أئمتهم ، مثل ما روى عن أبى بصير : " قلت له ( أي للإمام الصادق ) : أسمع
العطسة ، فأحمد الله ، وأصلى على النبى وأنا فى الصلاة ؟ قال نعم ولو كان بينك
وبين صاحبـك البحـر "([244]) .
أما قول آمين فقد اعتبروه من الكلام المنهي عنه
فى الصلاة ، واحتجوا بما روى عن أئمتهم ، كقول الإمام الصادق : " إذا كنت خلف
إمام فقرأ الحمد ، وفرغ من قراءتها ، فقل أنت : الحمد لله رب العالمين ، ولا تقل
آمين ([245]) .
ونلاحظ
فيما سبق أن استدلالهم بالآية الكريمة يصح إذا لم يكن لها ما يخصصها ، وأن آراءهم
تتعلق بمدى صحة رواياتهم ، والأخذ بها ، وإلا فلا يمكن أن يكون التأمين كلاما
منهيا عنه فى الصلاة ، على حين يجوز تشميت العاطس ، فالمسألة إذن تتعلق بالأدلة
النقلية .
ومن المعروف أن التكلم
كان مباحا فى الصلاة ، ثم نهي المسلمون عنه ، فقد ثبت ما يفيد ذلك ، كرواية زيد بن
أرقم قال : كنا نتكلم فى الصلاة ، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه فى الصلاة ،
حتى نزلت ( وقوموا لله قانتين ) فأمرنا بالسكوت ، ونهينا عن الكلام " . رواه
الجماعة إلا ابن ماجه ([246]).
وينطبق هذا على رد السلام ، وتشميت العاطس ، فقد
ثبت النهي عنهما ، فعن ابن مسعود قال : " كنا نسلم على النبى r وهو فى الصلاة ، فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند النجاشى ، سلمنا
عليه فلم يرد علينا ، فقلنا : يا رسول الله ، كنا نسلم عليك فى الصلاة فترد علينا
، فقال : " إن فى الصلاة لشغلا " متفق عليه . وفى رواية : " كنا
نسلم على النبى r إذ كنا بمكة قبل أن نأتى أرض الحبشة ، فلما قدمنا من أرض الحبشة
أتيناه ، فسلمنا عليه ، فلم يرد ، فأخذنى ما قرب وما بعد حتى قضوا الصلاة ، فسألته
، فقال : إن الله يحدث من أمره ما يشاء ، وإنه قد أحدث من أمره أن لا نتكلم فى
الصلاة " رواه أحمد والنسائى وأبو داود وابن حبان فى صحيحه ([247]) .
وعن معاوية بن الحكم السلمى قال : " بينما
أنا أصلى مع رسول الله r ، إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله ، فرمانى القوم
بأبصارهم ، فقلت : واثكل أماه ! ما شأنكم تنظرون إلى ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على
أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتوننى لكنى سكت ، فلما صلى رسول الله r ، فبأبى
وأمى ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فو الله ما كهرنى ، ولا ضربنى
، ولا شتمنى ، قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيىء من كلام الناس ، إنما هي
التسبيح والتكبير وقراءة القرآن " . رواه أحمد ومسلم والنسائى وأبو داود ،
وأخرجه أيضا ابن حبان والبيهقى ([248]) .
ومن الواضح أن روايات الشيعة حتى إذا صحت لا
يؤخذ بها ، فالأحاديث التى وردت عن طريق أهل السنة قد بينت أن ذلك كان مباحا ثم نهي
عنه رسول الله r ([249]).
وأما التأمين فقد وردت عن طريق السنة عدة روايات
تدل على مشروعيته ، فعن أبى هريرة أن رسول الله r قال : " إذا أمن الإمام فأمنوا ، فإن من وافق تأمينه تأمين
الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " . وقال ابن شهاب : " كان رسول الله r يقول آمين " . رواه الجماعة إلا أن الترمذى لم يذكر قول ابن
شهاب ،وفى رواية " إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقولوا :
آمين ، فإن الملائكة تقول آمين ، وإن الإمام يقول آمين ، فمن وافق تأمينه تأمين
الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه أحمد والنسائى .
وعن وائل بن حجر قال : " سمعت النبى r قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقال : آمين يمد بها صوته
" . رواه أحمد وأبو داود والترمذى ، وأخرجه أيضا الدارقطنى وابن حبان ، إلى
غير ذلك من الروايات التى تدل على مشرعية التأمين ([250]) .
فالكلمة تدل على الدعاء ، وليست كلاما خارجا عن
الصلاة ، ويؤيد مشروعيتها ما ورد عن طريق الشيعة من أن الإمام الصادق سئل عن قول
الناس فى الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب " آمين " قال : ما أحسنها
؟ واخفض بها الصوت ([251]).
وقد حمل بعضهم هذه الرواية على التقية ، وهذا
بعيد ، فلو كان القول تقية فلم خفض الصوت ؟
فالأولى إذن إسقاط الروايات التى تنهي عن
التأمين ، بدلا من إسقاط هذه الرواية ، أو حملها على التقية ، فالأحاديث التى تدل
على مشروعيته كثيرة ، ووردت من طرق صحيحة مختلفة ، ولا جدال أن الدعاء مشروع فى
الصلاة ، وكونها اسم فعل وليست بفعل لا يخرجها عن قصد الدعاء ، وهذا هو السيد محسن
الحكيم يعقب على قول المحتجين للمنع بأنها ليست دعاء وإنما هي اسم للدعاء بقولـه ([252]) : "
لو سلم ذلك لم تخرج عن كونها دعاء ، لأن أسماء الأفعال حاكية عن نفس الأفعال بما
هي حاكية عن معانيها " .
ثم يقول : " فآمين إذا كان اسماً لـ "
استجب " كان دعاء مثله ، ولا يكون بذلك من كلام الآدميين . نعم كونه من
الدعاء الجدى ، موقوفاً عن فرض دعاء ،
ليطلب استجابته ، وإلا كان لقلقة لسان ، ويخرج بذلك عن كونه مناجاة لله تعالى ،
ومكالمة له سبحانه " .
يشترط الشيعة لصلاة الجمعة ألا يقل العدد عن
خمسة ، وقيل سبعة .
وهذا خلاف يسير ، فإذا
كان العدد كذلك فالصلاة صحيحة على مذهبهم ومذهب الحنفية ، وإذا كان أقل من ذلك فلا
جمعة لهم فى رأي الشيعة والمالكية والشافعية والحنابلة ([253])، فهم إذن
لا ينفردون بقول فى كلتا الحالتين .
أما الخلاف الأكبر هنا فهو أنهم يشترطون السلطان
العادل أو نائبه ، ([254]) ويقصدون
بالسلطان العادل النبى عليه الصلاة والسلام
، أو أحد أئمتهم الذين يقولون بعصمتهم ([255])، ويشترطون
فى النائب أن يكون مؤمنا ، قالوا : " والإيمان إنما يتحقق بالاعتراف بإمامة
الأئمة الاثنى عشر عليهم السلام ، إلا من مات فى عهد أحدهم ، فلا يشترط في إيمانه
إلا معرفة إمام زمانه ومن قبله " ([256]).
وبعضهم يرى أن هذا شرط فى ماهية الجمعة
ومشروعيتها ، والكثيرون منهم يرونه شرطاً فى وجوبها ، وآخرون ينكرون اشتراط هذا
الشرط من أصله ([257]).
وفى زمن غيبة إمامهم الثانى عشر ـ كما يعتقدون ـ
اختلفوا حول هذا الشرط اختلافا بلغ إلى أربعة أقوال : ([258])
الأول : أنها واجبة عينا .
الثانى : أنها حرام .
الثالث : أنها واجبة تخييراً ([259]) مع الفقيه
الجامع لشرائط الافتاء .
الرابع : أنها واجبة كذلك ، لكن لا يشترط فى
إمامها إلا شروط إمام الجماعة.
وكان
من الممكن أن نترك الشيعة الرافضة وما اشترطوا ، لأنا لا نعدم أن نجد من يوافق أهل
السنة ، وكان من الممكن أيضاً لوانحصر فى زمن الأئمة أن نبين خطأ هذا الشرط ، ونمر
مرورا سريعاً ، حيث ينتفى ضرره الآن ، ولكن الواقع المؤلم هو أن شيعة اليوم لا
يصلون الجمعة إلا قليلا منهم ، مثال ذلك ما أخبرنا به السيد كاظم الكفائى فى حديثه
قال : " فى العراق الآن الشيعة لا يصلون الجمعة إلا الشيخ الخالصى فى المسجد
الصفوى فى الصحن الكاظمى " ([260])
.
فهذا
موضوع جد خطير ، لذا رأيت أن أبحث عن الدوافع التى دفعتهم إلى ترك فريضة من فرائض
الله ، وأن أناقش أدلتهم .
وأحب
هنا أن أوضح موقف الحنفية ، فهم وحدهم ـ من المذاهب الأربعة ـ الذين اشترطوا
السلطان عادلاً كان أم جائراً ([261])
.
استدل
الحنفية بحديث جابر رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله r فقال " أيها الناس ، توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا ، وتقربوا
إلى الله بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا ، وتحببوا إلى الله بالصدقة فى السر
والعلانية تجبروا وتنصروا وترزقوا ، واعلموا أن الله تعالى كتب عليكم الجمعة فى
يومى هذا ، فى شهرى هذا ، فى مقامى هذا ،
فمن تركها تهاوناً بها ، واستخفافاً بحقها ، وله إمام جائر أو عادل ، فلا جمع الله
شمله ، ألا فلا صلاة له ، ألا فلا صوم له ، إلا أن توب ، فإن تاب تاب الله عليه
" ([262])
.
وقالوا
أيضاً : جاء فى الأثر : أربع إلى الولاة منها الجمعة ، لأن الناس يتركون الجماعات
لإقامة الجمعة ، ولو لم يشترط فيها السلطان أدى إلى الفتنة ، لأنه يسبق بعض الناس
إلى الجامع ، فيقيمونها لغرض لهم ، وتفوت على غيرهم ، وفيه من الفتنة ما لا
يخفى ، فيجعل مفوضاً إلى الإمام الذى فوض
إليه أحوال الناس والعدل بينهم ، لأنه أقرب إلى تسكين الفتنة ([263])
.
ومعنى
هذا أن الحنفية خافوا الفتنة عند ما لا يجتمع الناس على رأي ، يسىء بعضهم إلى بعض
، فاشترطوا إذن السلطان كائناً من كان ، ولهذا قالوا : إذا صلى رجل الجمعة بالناس
بغير إذن الإمام ، أو خليفته ، أو صاحب الشرط ، أو القاضى ، لم يجزئهم . وقالوا أيضاً : لو مات
من يصلى الجمعة بالناس فاجتمعوا على رجل فصلى بهم الجمعة أجزأهم ، لأن عثمان رحمه
الله تعالى لما حصر اجتمع الناس على علي رضي الله عنه ، فصلى بهم الجمعة ، ولأن
الخليفة إنما أمر بذلك نظراً منه لهم ، فإذا نظروا لأنفسهم ، واتفقوا عليه ، كان
ذلك بمنزلة أمـر الخليفـة إيـاه ([264]).
فالحنفية ، وإن كانوا قد خالفوا باقى المذاهب
الأربعة ، غير أنهم لا يسقطون الجمعة إلا حين تخشى الفتنة ، ولذا أجازوا الإذن حتى
من صاحب الشرط ، وأسقطوا هذا الشرط عند تعذره ، واجتماع الناس على رجل يصلى بهم ،
وبهذا يتبين لنا أن الحنفية ما كانوا ليسقطوا فرضا من فرائض الله ، فلننظر بعد ذلك
فيما ذهب إليه الشيعة الاثنا عشرية .
إن
اشتراطهم الإمام أو نائبه فى زمن الحضور مستند أساساً إلى إجماعهم ، فهم يرون أن
هذا للإمام كحقه فى الخلافة ، ولذا يروون " الجمعة والحكومة لإمام المسلمين
" ([265])
فكما أنهم ينظرون إلى من تولى الحكم من غير المعصومين ـ فى اعتقادهم ـ نظرة من
اغتصب حق الأئمة ، فكذلك الجمعة ، وهذا هو الذى دفعهم إلى هذا الاشتراط ، حتى أن
بعضهم رأي إسقاط الجمعة فى زمن الغيبة تحرزاً عن غصب منصب الإمام ([266])
.
ولقد
ناقشنا من قبل إجماعهم ، وبينا عدم جدواه ([267])
. ثم إن هذا الإجماع محل نظر ، حيث إن الشيعة أنفسهم منهم من لم يشترط هذا الشرط
كما ذكرنا ، وهو كذلك معارض بإجماع باقى المسلمين كافة ، وهذا الموقف يعيد إلى
الأذهان المأساة من جديد ، فهم ينظرون إلى الخلفاء الراشدين الثلاثة : أبى بكر
وعمر وعثمان ـ رضي الله تعالى عنهم ـ على أنهم اغتصبوا الجمعة فيما اغتصبوا ،
ويرون أن الجمعة ليست واجبة على المسلمين فى زمنهم ، لأنها ليست بإذن من الإمام
المعصوم ، فخير جيل بعد الرسول الكريم لم يكن ـ بناء على هذا الرأي الضال ـ يعرف
أحكام دينه ، حتى أنه فرض على نفسه فرضاً لم تفرضه الشريعة ، وصلى الجمعة بإذن من غير المعصوم .
وإذا كان هؤلاء الأكرمون لا يعرفون فمن ذا الذى
يعرف من بعدهم ؟ فياله من افتئات ! ويالها من مأساة !
وإذا
كان الرافضة قد ارتكنوا إلى الإجماع فيما ذهبوا إليه سابقاً ، فإن الخلاف قد ظهر
بينهم فى زمن الغيبة حيث افتقدوا هذا السند الذى يسلمون به تسليمهم بالقرآن الكريم
، بل إنهم يرون أن هذا الكتاب المجيد قرآن صامت ، وأن الإمام ـ حجة الإجماع عندهم
ـ قرآن ناطق . ولذا قال بعضهم : " لولا دعوى الأصحاب الإجماع على عدم الوجوب
علينا لكان القول به فى غاية القوة " ([268])
.
وهم فى
خلافهم هنا يصلون إلى مرتبة لم نرها من قبل ، حيث يؤدى بهم الخلاف إلى أن يصم
بعضهم بعضا بالقصور والغرور ، والجهل والغفلة ، أو التجاهل والتغافل ([269])
.
والقائلون بالوجوب عينا فى زمن الغيبة عدد كبير
، لهم مكانتهم عند الشيعة، منهم مثلا : الشيخ الصدوق صاحب كتاب " من لا يحضره
الفقيه " أحد كتب الحديث الأربعة ، وشيخ الطائفة فى زمانه الإمام الطوسى ،
صاحب كتابين من تلك الكتب ، هما " التهذيب والاستبصار " والحر العاملى
مؤلف كتاب " وسائـل الشـيعة "، وغيرهم كثير حتى أن بعضهم نسب هذا القول
إلى أكثر المتقدمين ([270]).
بل إننا إذا نظرنا في أدلة الشيعة القائلين بعدم اشتراط الإمام المعصوم أصلاً
نجدهم يحتجون فيما يحتجون بأقوال الأئمة ، فهم يقولون ([271])
، بأن الأصل والظاهر فيما ثبت وجوبه عينا عمومه لكافة المكلفين فى جميع الأزمان
والأصقاع ، إلا أن يدل دليل على التخصيص أو النسخ ، وقد ثبت وجوب عقد الجمعة
والاجتماع إليها عيناً بالإجماع والنصوص من الكتاب والسنة ، ولم يعذر فيها سوى غير
المكلفين والمرأة والمسافر وغيرهم ممن ذكروه فى الأخبار ، ولم يذكر فيها ولا فى
غيرها معذورية من لم يكن عنده الإمام أو من نصبه ، وهي لإطلاقها إذن من الشارع فى
فعلها ، إيجاب لها على كل مكلف كان عنده الإمام أو منصوبه أو لم يكن ، فلا حاجة
إلى إذنه لواحد أو جماعة بخصوصهم ، ونصبه لهم لخصوص الجمعة كسائر العبادات إلى أن
يقوم دليل على امتيازها من سائر العبادات بافتقارها إلى هذا الإذن .
أما الكتاب فقوله تعالى : "" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ
اللَّهِ "" .
وأما
السنة ([272])
فمنها ما روى عن الإمام أبى جعفر الباقر : تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ،
ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا
أمهم بعضهم وخطبهم ، وقوله : من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات طبع الله على قلبه .
وعن
عبد الملك عن أبى جعفر قال : مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله تعالى . قال :
كيف أصنع ؟ قال : صلوا جماعة . يعنى صلاة الجمعة .
وعن
الإمام الصادق قال : يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة إلى أن قال: والجمعة
واجبة على كل أحد . وقال زرارة : حثنا أبو عبد الله على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه
يريد أن نأتيه ، فقلت : نغدو عليك فقال : لا .إنما عنيت عندكم .
وروى
عن النبي r أنه قال : " إن الله تعالى قد فرض عليكم الجمعة ، فمن تركها
في حياتي أو بعد موتى استخفافاً بها . أو جحوداً فلا جمع الله شمله " .
وهذه
الأدلة كما نرى صريحة الدلالة في وجوب الجمعة دون اشتراط الإمام المعصوم ، ولكن
القائلين بالمنع يردونها بأنها تنصرف إلى الجمعة الصحيحة بشرائطها ، ولا تصح
الجمعة بدون إذن الإمام أو نائبه ، واستدلوا على ذلك بالسنة والعقل ([273])
.
أما
السنة فرووا عن النبي r أنه قال : " اعلموا أن الله تعالى قد افترض عليكم فرض الجمعة
، فمن تركها في حياتي أو بعد مماتي ، وله إمام عادل استخفافاً بها أو جحوداً لها ،
فلا جمع الله شمله ، ولا بارك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ألا ولا زكاة له ،
ألا ولا حج له ، ألا ولا صوم له ، ألا ولا بركة له حتى يتوب " . وقال "
أربع للولاة : الفىء والحدود والجمعة والصدقات " . وقال كذلك : " الجمعة
والحكومة لإمام المسلمين " . وقالوا بأن النبى r كان يعين لإمامة الجمعة كما يعين للقضاء ، فكما لا يصح أن ينصب
الإنسان نفسه قاضيا من دون إذن الإمام ، فكذلك إمامة الجمعة .
ومما
رووه عن أئمتهم أن الإمام الصادق سئل عن الصلاة يوم الجمعة فقال : أما مع الإمام
فركعتان ، وأما لمن صلى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر ، يعنى إذا كان إمام
يخطب فإن لم يكن إمام يخطب فهي أربع ركعات وإن صلوا جماعة . وقال الإمام أبو جعفر
: صلاة الجمعة فريضة ، والاجتماع إليها فريضة مع الإمام . ورووا عن الإمام
على رضي الله عنه أنه قال : " لا جمعة إلا فى مصر يقام فيه الحد " قال
بعضهم : " ومن المعلوم أن المصر الذى يقام فيه الحد هو مصر الإمام أو نائبه ،
فيكون هذا التعبير كناية عن لزوم كونها مع الإمام أو نائبه " ([274])
.
وأما
الاستدلال بالعقل ففى قولهم : أن اشتراط عدل الإمام فلأن الاجتماع مظنة النزاع
ومثار الفتن ، فيجب أن يكون هناك حاكم عادل غير محتاج إلى مسدد، يرتدع بوجوده غيره
، ويكون وجوده حاسماً لمادة النزاع ، وقاطعاً لمثار الفتن .
وهذه
الأدلة لا تصل بهم إلى ما يريدون ، فالحديث الأول روى عن طريقهم دون ذكر للإمام ،
وعن طريق أهل السنة وفيه . " وله إمام جائر أو عادل " وهو ما استدل به
الحنفية كما ذكرنا من قبل . وهذا الحديث الشريف فيه من التهديد والوعيد ما يثير
النفوس المؤمنة الزاكية . والحديثان الآخران لو صحا يدلان على أن الحكام عامة
ينظمون إقامة الجمع فيما ينظمون ، وليس معنى هذا أنهم محصورون فى الأئمة الاثنى
عشر ، وإنما هو يعنى حكام المسلمين إلى يوم
القيامة ، وكذلك ما روى من فعله عليه الصلاة والسلام . على أن ذلك لو سلمنا
بصحته لكان دليلا على جواز ما وقع لا على تحريم غيره ، كالحج يتولاه أئمة المسلمين
وليس بشرط فيه ([275])
. وفرق بين إمام الجمعة الذى يصلى بالناس ، وبين القاضى الذى يحتاج إلى سلطة
مستمدة من الإمام لتنفيذ أحكامه .
وأما
روايات الأئمة فإنها لا تزيد عن اشتراط الإمام الذى يخطب الناس يوم الجمعة ،
والأول نص على ذلك ، وتفسير رواية الإمام على تحملها فوق ما تحتمل، ثم إنهم لا
يشترطون للجمعة المصر ، ولذا رفضوا الأخذ بهذه الرواية ، وحملوها على التقية ([276])
.
هذه
الروايات إذن لا تنهض دليلاً على ما يزعمون ، ولذا قال مؤلف " الروضة البهية
" الذى تحدثنا عنه فى المقدة بأن إطلاق القرآن الكريم بالحث العظيم المؤكد
بوجوه كثيرة ، يضاف إليه النصوص المتضافرة على وجوب الجمعة بغير الشرط المذكور ،
بل فى بعضها ما يدل على عدمه ([277])
.
واستدلالهم بالعقل لا يعنى وجوب الإمام المعصوم
، بل إن أبا الأئمة نفسه لم يستطع أن يحسم مادة النزاع بين المسلمين ، ويقطع ثائرة
الفتنة ، فكيف بمن جاءوا بعده ولا حول لهم ولا قوة ؟ وهم لا يشترطون ذلك فى الحج ،
فأيهما أكثر مظنة للنزاع ومثاراً للفتن : اجتماع العدد القليل فى الجمعة ، أم الجم
الغفير فى موسم الحج ؟ ثم إن هذا مبنى على الظن ، وإن الظن لا يغنى عن الحق شيئا ،
ولا يقف دليلاً أمام نصوص القرآن الكريم ، ولا الأحاديث الشريفة .
وقد
ورد عن طريق أهل السنة أحاديث كثيرة ([278])
، منها أن النبى r قال : " الجمعة على
من سمع النداء " ، وقال : " رواح الجمعة واجب على كل محتلم " ،
وقال أيضاً : " الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك،
أو امرأة ، أو صبى ، أو مريض " وغير ذلك من الأحاديث الشريفة التى تؤيد
روايات الشيعة القائلين بوجوبها ، دون اشتراط الإمام ، فالقرآن الكريم والسنة
الشريفة صريحان بإيجاب الجمعة دون هذا الشرط ، بل إن روايات الأئمة تصرح بذلك كما
ذكر من قبل ، ولم ينقل أحد عن الأئمة أنهم كانوا ينصبون للناس إماماً للجمعة
بالخصوص ([279])
. فالشيعة الذين أسقطوا الجمعة قد خالفوا كتاب الله ، وسنة رسوله .
وقد
أثار ذلك الشيخ الخالصى الذى انفرد بإقامتها ([280])
دون سائر شيعة العراق ، فألف كتاباً أسماه
" الجمعة " ليثبت أنها واجبة عيناً فى جميع الأزمنة ، وقد استطاع أن
يثبت ذلك بما لا يدع لأي شيعى مجالاً للتردد فى إقامتها ، إن كان يريد أن يطيع الله
ورسوله .
ذكر
قول الله تعالى فى سورة الجمعة : "" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . فَإِذَا
قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ
وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا
انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ
اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ "".
وقال : اشتملت هذه الآيات على ضروب من
التأكيدات ، ووجوه من الدلالات ، جعلتها
نصاً على الوجوب التعيينى فى جميع الأزمنة ([281])
. وأخذ يبين هذه التأكيدات والدلالات ، ومما ذكره أن :
"
الأحكام الواردة بعد الخطابات العامة فى القرآن كلها تشمل جميع المكلفين ، وقد
أوضحت ذلك السنة بقولها ( حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة
) ومن جملتها حكم صلاة الجمعة . فما الذى خصصه بزمان النبى والأئمة عليهم السلام ،
وأي شيىء أسقطه عمن كان فى زمن الغيبة ؟ وما الذى استثناه من سائر الأحكام
الخطابية حتى شملت المعدومين دونه ؟
ومن
جملة ضروب التأكيد توحيد الخطاب بالنداء إلى الذين آمنوا ، إيماء إلى أن صلاة
الجمعة من لوازم الإيمان ، وإلا لم يبق فرق بين قوله : "" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ""
وقوله : "" يَا أَيُّهَا النَّاسُ "" والذين آمنوا لفظ يشمل جميع المؤمنين ، إذ ليس
الخطاب بمقصود كأمر ، فما الذى أسقطها عن مؤمنى زمان الغيبة ؟
ولو كان لها بدل فى زمان لما كان فعلها من لوازم
الإيمان ، إذ تركها حينئذ إلى بدل يكون جائزاً للمؤمنين .
ومن
جملتها " إذا " لفظ عام ، وهو يدل على تحقق الجزاء عند تحقق الشرط ، فالأمر بالسعى حاصل كلما تحقق النداء
، فما الذى سوغ لأهل زمان الغيبة عدم امتثال أمر الله عند النداء ؟
ومنها أن لفظ ( نودى ) فعل مبنى للمفعول ، وترك
فيه الفاعل ليدل على وجوب السعى عند أي مناد من غير اعتبار شرط فيه من عصمة أو غيرها
، لأن حذف المتعلق دليل العموم كما تقرر فى البيان والأصول ، ولو كان إذن الإمام
شرطا لما كان بحذف المتعلق وجه .
ومنها
أن لفظ الصلاة عام ، وذكرها تأكيدا لبيان اشتمال صلاة الجمعة على كل ما اشتملت
عليه الصلاة من المصالح التى ذكرت لها : كالنهي عن الفحشاء والمنكر ، وغير ذلك .
إن وجوبها متعين على المكلفين بدون شرط إذن
الامام كما هو كذلك فى ساير الصلوات ، لأنها صلاة مثلها ، فكيف أبيح تركها لأهل
زمان الغيبة ولو إلى بدل ؟ أو جعلت حراماً عليهم مع أنها صلاة بنص الكتاب ؟
"" أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهي عَبْدًا
إِذَا صَلَّى "" ([282])
.
واستمر فى ذكر مثل هذه الدلالات ثم قال :
وعلى
كل حال فكيف يناسب هذا الاهتمام الشديد فى الكتاب المجيد سقوط الجمعة عن المسلمين
فى زمان الغيبة ، بل بعد خلافة الحسن بن على عليهما السلام، لأن الأئمة كانوا
ممنوعين عن إقامتها ، فلم تكن واجبة إلا عشر سنين زمن النبى ، وأربع سنين زمن
خلافة على والحسن عليهما السلام ([283])
.
.. ولو
قلنا إن الآيات تدل على الوجوب التعيينى المطلق فى كل زمان ، والخبر الدال على
سقوطه عن أهل زمان الغيبة ، مخصص لها ، فالأمر يكون أشكل ، لأن ذلك يكون من باب النسخ
، والقول بنسخ الكتاب بالخبر الواحد ، ولا سيما غير النبوى ، جرأة على الله ورسوله
، والمدعى دلالته من الأخبار على السقوط ليس من الأخبار النبوية .
على أن
هذا مناف لكون حلال محمد حلالاً إلى يوم القيامة ، وحرامه حراماً إلى يوم القيامة
، ومستلزم لنزول الوحي على المهدى ، لأنهم متفقون على وجود صلاة الجمعة زمانه ،
ولا دليل عليه ، إذ الآيات مخصصة بزمان الغيبة ، فلا يعود الحكم بغير الوحي ،
والقول بذلك ينافى الإيمان ، فلا يتم القول بالسقوط إلا بادعاء شرطية الإذن للوجوب
أو الصحة ، وهو مخالف لنص الكتاب .
فنحن
فى غنى عن مراجعة الأخبار والبحث فى سندها ودلالتها ، بعد قيام الحجة علينا فى
وجوبها علينا بكتاب الله ، ونحن ندينه ونتقرب إليه بإقامتها ، ونسأله التوفيق لذلك
، ولكل ما يرضيه عنا ، وإنه أرحم الراحمين .
هذا
على سبيل التنزل ، وفرض أن يكون فى الأحاديث ما يدل على السقوط عن أهل زمان الغيبة
، وهذا الفرض مخالف للواقع ، إذ السنة نطقت بما نطق به الكتاب ، ونصت على ما نص
عليه ، وليس فى الأحاديث ما يدل على شرطية الإمام أو إذنه ، أو الحرمة أو التخيير
فى زمن الغيبة ، وقد تواترت الأحاديث بوجوبها التعيينى على كل مكلف ، سواء فى زمن
الغيبة أو الحضور ([284])
.
وهذا
بعض ما أورده الشيخ الخالصى فى كتابه ([285])
.
ومن
قبله آخرون ارتأوا هذا الرأي ، واستدلوا عليه ، منهم الشيخ ملا محسن المعروف
بالفيض الكاشانى ، ألف كتابا أسماه " الشهاب الثاقب فى تحقيق صلاة الجمعة
ووجوبها العينى " .
قال فى
مقدمة كتابه : " هذه رسالة فى رفع الشبهة التى وقعت لبعض متأخرى أصحابنا فى
حتمية وجوب صلاة الجمعة فى زمان الغيبة ابتغيت بتأليفها وجه الله سبحانه لما رأيت
أنه قد ابتلى بالبلية أهل الإيمان فى هذا الزمان ، وخذلهم بحده وعداوته الشيطان ،
حتى هدمت أعظم قواعد الدين بالشبهة لا بالبرهان ، وحرمت أهم العبادات بالجهل
والخذلان " ([286])
.
وقال
كذلك : " إن جميع علماء الإسلام طبقة بعد طبقة قاطعون بأن النبى r استمر يفعلها على الوجوب العينى طول حياته المقدسة ، وأن النسخ لا
يكون بعده r .
ولم
يذهب إلى اشتراط وجوبها بشرط يوجب سقوطها فى بعض الأزمان ، إلا رجل واحد أو رجلان
من متأخرى فقهائنا الذين هم أصحاب الرأي والاجتهاد ، دون القدماء الذين لا
يتجاوزون مدلول ألفاظ الكتاب والسنة ، وأخبار أهل البيت صلوات الله عليهم فإنه لا
خلاف بينهم فى وجوبها الحتمى " ([287]).
ثم
استدل بعد ذلك بكلام الله تعالى ، وبالأحاديث المروية عن النبى r ، وبكلام الأئمة ، وبالإجماع وبالوجوه العقلية .
والسيد
هبة الدين الحسينى ، المعروف بآية الله الشهرستانى ، فى كتيبه " وجوب صلاة
الجمعة " استدل على هذا الوجوب ، وذكر أسماء سبعة وأربعين من فقهاء الإمامية
القائلين بالوجوب ([288]).
وفى كل
هذا غنى وكفاية ، فما الذى دعا معظم شيعة اليوم إلى ترك هذه الفريضة ؟ وما الذى
يخشونه لو استجابوا لنداء الله تعالى ، ولم يضيعوا الجمعة التى تعد عيداً إسلامياً
باعترافهم ([289]).
ولمَ
لم يقيموها حتى فى مناطق تجمعهم ؟ أرى أنهم فى ذلك على ضربين : ففريق منهم رأوا
أنهم إن صلوا الجمعة قاموا مقام الإمام المعصوم ، وأخذوا منصبه من غير إذنه ،
وجعلوا إمامهم من اغتصب هذا المنصب ([290]).
وهؤلاء
فيما يظنونه خاصاً بالإمام يتعصبون تعصباً جاهلاً كل الجهل ، ولهذا رأينا بعضهم
يضع الجمعة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويعتبر الجمعة منكراً ([291]).
والفريق الآخر : نظر إلى الجمعة نظرة دنيوية لا
دينية ، فقد نقل أحد علمائهم المعاصرين ([292])عن
صاحب الجواهر قوله : قيل " إن بعضهم كان يبالغ فى حرمتها ـ أي الجمعة ـ حال
قصور يده ، ولما ظهرت له كلمة بالغ فى وجوبها ، ولولا خوف الملل لنقلنا أكثر
كلماتهم فى هذه الوسائل ، وأوقفنا على ما فيها من الفضائح والغرائب " .
وعقب
على ذلك بقوله : " ولا أدرى ماذا كان يسجل صاحب الجواهر لو رأي قضاة الشرع
اليوم ، الذين أعرضوا عن كتاب الله ، وسنة نبيه ، وإجماع العلماء والعقل والحياء ،
واتخذوا من شهواتهم وأهوائهم مقياسا للدين والشرعية ، واستعاضوا عن مصادرها
بالرشوات ، وإغراء السيدات من ربات الحاجات ، وبالشفاعات والوساطات ، ووجاهة
الوجهاء وأبناء الدنيا " . ا . هـ .
وقد
أردت من ذكر هذا قبيل توضيح الرأي أن أبين أن هذا الفريق يحكم الهوى والمصلحة
الدنيوية ، غير عابئ بأحكام الشرع المقدسة ، ولهذا نظروا إلى " الخمس " ([293])
الذى يأخذ أئمة المساجد منه الآن النصيب الأوفى ، ورأوا أنهم لو أقاموا الجمعة
فسيقيمها في كل بلدة إمام واحد لاشتراط المسافة ، وضرورة التجمع ، ومعنى ذلك أن الأخماس ستنهال عليه
دون الآخرين ، فقنع كل بإقامة الظهر فى مسجده ، واستغنوا عن العيد الإسلامي بمتاع
دنيوي .
هذا ما
بدا لي ، والله سبحانه أعلم بالصواب .
رأينا
من قبل كيف أن الشيعة أجازوا صلاة الجنازة بغير طهارة ، وناقشناهم فيما ذهبوا إليه
. وهنا نراهم يذهبون إلى أن عدد التكبيرات في الصلاة خمس ، وأن الانصراف منها بلا
تسليم .
وإذا
كان الحنفية والمالكية والشافعية يذهبون إلى أن التكبير أربع فقط ، ففى رواية عن
أبى يوسف أنها خمس ، والحنابلة يذهبون إلى جواز ذلك ، حيث إنهم لا يجيزون الزيادة
على سبع ولا النقصان عن أربع ، والأولى عندهم أربع لا يزاد عنها .
وقد
روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كبر أربعاً وخمساً وأكثر من ذلك ،
حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الصحابة حين اختلفوا في عدد التكبيرات ،
وقال لهم : إنكم اختلفتم ، فمن يأتى بعدكم أشد
اختلافاً ، فانظروا آخر صلاة صلاها رسول الله r على جنازة فخذوا بذلك ، فوجدوه صلى على امرأة كبر عليها أربعاً ،
فاتفقوا على ذلك ، وكأن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة فى سائر الصلوات ، وليس في
المكتوبات زيادة على أربع ركعات، ولكن ابن أبى ليلى رحمه الله يقول : التكبيرة
الأولى للافتتاح فينبغى أن يكون بعدها أربع تكبيرات ، كل تكبيرة قائمة مقام ركعة ،
وأكثر أهل العلم يرون التكبير أربعا ، فمنهم ـ إلى جانب من ذكر ـ ابن عمر ، وزيد
بن ثابت ، وجابر، وابن أبى أوفى ، والحسن بن على ، والبراء بن عازب ، وأبو هريرة ،
وعقبة بن عامر ، وابن الحنفية ، وعطاء ،
والأوزاعي ، والثوري ، وقد ذهبوا إلى ذلك لأن النبي r كبر على النجاشي أربعاً . متفق عليه . وكبر على قبر بعد ما
دفن أربعاً ، وكذلك آخر ما كبر على
الجنائز كان أربعاً ، وجمع عمر الناس على أربع كما سبق ، ولأن أكثر الفرائض لا
تزيد على أربع ([294]).
وكان من
الممكن ألا نناقش هذا الخلاف ، فمع أن الأربع رأي من ذكرنا وحجتهم واضحة ، إلا أن
الخمس قال بها أبو يوسف ، وأجازها الحنابلة ، وأخذ بها ابن أبى ليلى ، وكل قد روى
عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى أن أصحاب عبد الله بن مسعود قالوا له :
إن أصحاب معاذ يكبرون على الجنائز خمساً فلو وقت لنا وقتاً . فقال : إذا تقدمكم
إمامكم فكبروا ما يكبر ، فإنه لا وقت ولا
عدد ([295]).
وروى عنه أنه قال : التكبير تسع وسبع وخمس وأربع ، وكبر ما كبر الإمام ([296]).
مثل
هذا أيضا قد روى عن طريق الشيعة ، فقد رووا أن أبا جعفر الباقر سئل عن التكبير على
الجنازة هل فيه شيء موقت ؟ فقال : لا ، كبر رسول الله r أحد عشر ، وتسعاً ، وسبعاً ، وخمساً ، وستاً ، وأربعاً . ورووا عن
الإمام على أنه كبر خمساً وأربعاً ([297])
.
ومع
هذا فهم يأبون إلا الخلاف ؛ فقالوا بالخمس ، وأجازوا ما زاد ، ولم يجيزوا الأربع إلا
مع التقية ، أو كون الميت مخالفا لهم ، لأن الرسول r كان ـ في زعمهم ـ يصلى على المؤمنين فيكبر خمساً ، وعلى المنافقين
فيكبر أربعاً ([298]).
فهم
بذلك ينزلون المخالفين لهم من المسلمين كافة منزلة المنافقين الذين هم فى الدرك
الأسفل من النار ([299])
.
ويلعب
الخيال الشيعى الوضاع هنا دوره كذلك فيروون روايات منها : إن علة التكبير على
الميت خمساً أن الله أخذ من كل فريضة تكبيرة للميت ، فأخذ من الصلاة ، والزكاة ،
والحج ، والصوم ، والولاية ، وإن العلة فى ترك العامة ـ يعنى باقى المسلمين ـ
تكبيرة : أنهم أنكروا الولاية وتركوا تكبيرها ([300])
.
ويحتج
الشيعة هنا بإجماعهم ، وبروايات منها ما يروونه عن الإمام الصادق : " لما مات آدم فبلغ إلى الصلاة
عليه ، فقال هبة الله لجبرئيل : تقدم يا رسول
الله فصل على نبى الله ، فقال جبرائيل : إن الله أمرنا بالسجود لأبيك ،
فلسنا نتقدم أبرار ولده ، وأنت من أبرهم ، فتقدم فكبر عليه خمساً عدة الصلوات التى
فرضها الله على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي السنة الجارية فى ولده إلى
يوم القيامة " ([301])
.
ومنها
ما يروونه عن أئمتهم أنهم قالوا : " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يصلى على المؤمنين ويكبر خمساً ، ويصلى على أهل النفاق ـ سوى من ورد النهي عن
الصلاة عليهم ـ فيكبر أربعاً ، فرقاً بينهم وبين أهل الإيمان ، وكانت الصحابة إذا
رأته قد صلى على ميت وكبر أربعاً قطعوا عليه بالنفاق " ([302]).
ولهذا
خرجوا الروايات التى تذكر الأربع على أن الصلاة كانت على منافقين ، أو على التقية كما ذكرنا آنفا .
ولا
ندرى كيف أن الصلاة على آدم كانت بخمس تكبيرات ، وأن هذه هي السنة إلى يوم القيامة
؟ ([303])
ومن الذى عنده علم هذا ما دام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يخبرنا به ؟
وإذا
كان الرسول يعلم هذا فلم يخرج على هذه السنة فيصلى بغير الخمس كما ورد عن الطريقين
؟
ثم أنى
للرسول الكريم أن يصلى على المنافقين بعد أن نهاه ربه سبحانه عن ذلك في قوله تعالى
: "" وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ
عَلَىَ قَبْرِهِ "" ([304]) فهذه
الآية الكريمة تشمل المنافقين جميعا ، فمن إذن أولئك المنافقون الذين لم يرد النهي
بالصلاة عليهم ؟
وإذا
كان الصحابة يعلمون أن تكبير الأربع لا يكون إلا في الصلاة على المنافق ، فكيف بهم
إذن يجتمعون فى عهد عمر على الأربع ([305])
.
فما
ذهب إليه الشيعة يرفضه الكتاب الكريم ، والسنة الشريفة ، وإجماع الكثيرين من
الصحابة الأجلاء ، وليس لهم من مستند إلا حب الخلاف ، وإجماعهم الذى لا جدوى منه ،
والذى دفعهم إلى الوضع والتحريف .
وأما
إسقاطهم التسليم ، فكما قلنا من قبل ، عند إسقاطهم الطهارة بأن هذه صلاة مفروضة ،
والمشرع هو الذى أسقط الركوع والسجود ، فليس من حق أحد غيره أن يسقط شيئا آخر ([306])
.
على
أنا إذا نظرنا فى روايات الشيعة وجدنا منها عددا يشترط التسليم ، وحمل هذه
الروايات على التقية فيه من التناقض ما لا يقبله العقل فإنها تذكر خمس تكبيرات ،
وبلا قراءة ، وفيها دعاء للميت ([307])
.
فمعنى
هذا فى مذهبهم أنها صلاة على من ليس بمخالف ، فلو كانت هذه الروايات وردت مورد
التقية لاقتضى المذهب الشيعي أن تكون التكبيرات أربعاً ، وأن تكون الصلاة بقراءة ،
فإنهم يجيزون الأربع والقراءة تقية ، لأن ذلك مذهب أكثر السنة ، فأما أن تأتى
الروايات بالشروط التي يرونها كاملة ، حتى إذا ما انتهت بالتسليم حملوه على التقية
فهذا عين التناقض .
وأعجب
من هذا أن بعضهم يرى أن التسليم زيادة عن حمله على التقية يمكن كونه كناية عن
الانصراف ، ويحمل كونه سنة خارجة عن صلاة الجنازة لاستحباب التسليم عند المفارقة ([308])
.
فأيهما
أولى بالحمل على الكناية : أن نحمل " ثم تنصرف " التى وردت فى بعض
رواياتهم على الانصراف المعهود وهو بالتسليم ، أم أن نحمل التسليم على الإنصراف
بدون تسليم ؟ على أن إحدى رواياتهم ورد فيها " فإذا فرغت من الصلاة على الميت
انصرفت بتسليم " .
ثم إذا
كان التسليم سنة خارجة عن صلاة الجنازة فلم يذكر في بيان كيفية الصلاة ؟
لابد
إذن من التسليم كسائر الصلوات ، ورواياتهم التى تعارض هذا لا يمكن الأخذ بها ، فهي
إلى جانب معارضتها بروايات لا تقل عنها ، نرى في بعضها ظهور وضعه لنصرة الرأي ،
فمثلاً يروون عن أبى الحسن الرضا أنه سئل عن الصلاة على الميت فقال : " أما
المؤمن فخمس تكبيرات ، وأما المنافق فأربع ، ولا سلام فيها " .
وقد
أثبتنا في التكبير خطأ هذا الرأي ، مما يؤدى إلى إسقاط مثل هذه الرواية .
وفى
وسائل الشيعة ( 2/ 762 : 819 ) نجد أبواب صلاة الجنازة ، وفى الأخبار التي
ينسبونها كذباً للأئمة الأطهار نرى ما يؤيد ما سبق من أقوالهم الضالة من كون
التكبيرات لا تكون أربعاً إلا مع التقية أو كون الميت منافقاً ، أو مخالفاً للشيعة
الرافضة .
وصلاة
الجنازة إنما شرعت للدعاء للميت ، وطلب الرحمة والمغفرة له ، ولذلك نهي الله عز
وجل ، رسوله ـ r
، عن الصلاة عمن لا يستحقون الرحمة والمغفرة وإن تظاهروا بالإسلام وهم المنافقون
حيث قال جل شأنه في سورة التوبة ( 84 ) : "" وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ
مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ "" . وكان r يعامل المنافقين بحكم الظاهر معاملة المسلمين ، حتى نزلت هذه الآية
، فما صلى بعدها على منافق ولا قام على قبره حتى قبض r .
ولكن
الرافضة جعلوا الصلاة على غيرهم من الموتى على عكس ما شرعه الله تبارك وتعالى ،
وجاءوا إفكاً وزوراً بما لا يتفق مع أخلاق المسلمين ، فضلاً عن خلق خير البشر صلى
الله عليه وآله وصحبه وسلم ، حيث جعلوا الصلاة للدعاء على الميت وليس الدعاء له ما
دام الميت لم يكن من غلاة الرافضة وزنادقتهم .
وأكتفي
هنا بالنظر في باب واحد من هذه الأبواب ، فإنه يكشف حقيقة هؤلاء القوم بما لا يدع
مجالاً للشك أو التبرير .
وهذا
الباب هو " كيفية الصلاة على المخالف ، وكراهة الفرار من جنازته إذا كان يظهر
الإسلام " . ( ص 769 : 771 ) . فالباب إذن يتحدث عن كيفية الصلاة على من خالف
الرافضة ، فكيف تكون هذه الصلاة التى ابتدعها زنادقة هؤلاء القوم ؟
يتضمن
الباب سبع روايات ، إحداها بلغ الوضاعون بها رسول الله r ، والباقيات منسوبة للأئمة .
والروايات الستة تتحدث عن المخالفين ، لكن بعضهم
يصف المخالف بالنفاق ، وبعضها يذكر أن
الميت كان من بنى أمية ، وكلها تذكر الدعاء على الميت مثل ما نسبوه للإمام الصادق
في الرواية الأولى : " اللهم فاحش قبره نارا واحش جوفه ناراً ، وعجل به إلى
النار ، فإنه كان يوالى أعداءك ، ويعادى
أولياءك ، ويبغض أهل بيت نبيك . اللهم ضيق عيه قبره " .
وما
نسبوه للإمام الحسين ـ رضي الله تعالى عنه ـ فى الرواية الثانية أنه رفع يديه فقال
: " اللهم أخزِ عبدك في عبادك وبلادك ، اللهم اصله أشد نارك ، اللهم أذقه حر
عذابك ، فإنه كان يتولى أعداءك ، ويعادى أولياءك ، ويبغض أهل بيت نبيك " .
وما
نسبوه لأبى جعفر الباقر ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه قال في الرواية الخامسة :
" إن كان جاحداً للحق فقل : اللهم املأ جوفه ناراً ، وقبره ناراً ، وسلط عليه
الحيات والعقارب " .
أما
الرواية المرفوعة ، وهي رقم ( 4) ، فتنسب للإمام الصادق أنه قال : " لما مات
عبد الله بن أبى ابن سلول حضر النبى ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ جنازته ، وقال
عمر : يا رسول الله ، ألم ينهك الله أن تقوم على قبره ؟! فسكت ، فقال : ألم ينهك
الله أن تقوم على قبره ؟! فقال له : ويلك وما يدريك ما قلت ؟! إنى قلت : اللهم احش
جوفه ناراً ، واملأ قبره ناراً ، وأصله ناراً .
وضلال هذه الرواية المفتراة أوضح من أن يناقش ..
هذا باب من الأبواب التى وضعها غلاة الرافضة
وزنادقتهم ، وسار عليها الشيعة الاثنا عشرية ، فهذه مصادر تحصيل شريعتهم ولذلك
نحذر جميع المسلمين من أن يشترك هؤلاء فى صلاة الجنازة ، فإنهم سيدعون على الميت
بمثل هذه الدعوات الآثمة الفاجرة !!
ذكرنا في مناقشتنا للأغسال المندوبة أن كثيراً
منها مما يرى الشيعة استحبابه يتعلق بمذهبهم ، كالاغتسال لزيارة الأئمة ، أو يوم الغدير
، أو المباهلة ، وتتكرر الصورة هنا فنرى صلاة الزيارة والغدير والمباهلة وهكذا .
وهذا ـ كما قلنا هناك ـ تبع للخلاف فى المذهب من
أساسه ([309]) . ونرى
هنا كذلك صورة أخرى للصلاة تعمد إلى قراءة سور معينة مع الفاتحة ، مع تكرار هذه السور
لدرجة تجعل المصلى مشغولا بالعد والإحصاء أكثر من التدبر والتأمل والخشوع ، كتكرار
السورة مائة مرة بل ألف مرة ، ومثل هذه لم تثبت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
، وقد نجد لها مكاناً فى الأحاديث الموضوعة ([310]) .
والشيعة ينسبون بعضها إلى الإمام على أو السيدة
فاطمة الزهراء أو غيرهما .
وإذا كان هناك خلاف بين الشيعة والسنة حول السنن
الراتبة فى اليوم والليلة أو غيرها ، فإنا نجد الخلاف أيضا بين الشيعة أنفسهم .
وكذلك السنة ، حتى أن الإمام مالكا لم يوقت
شيئاً معلوماً للسنن الرواتب وقال فى صلاة الليل والنهار : النافلة مثنى ([311]) . فقد
اختلفت الآثار الواردة فى النوافل ، وهي
ـ كما قيل سابقاً ـ قربان كل تقى ، وخير موضوع ، فمن شاء استقل ، ومن شاء استكثر .
ولكن الذى يلفت النظر هنا هو موقف الشيعة من
صلاة الضحى والتراويح ، وما يروونه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتأييد
مذهبهم . فصلاة الضحى ثبت أن الرسول r صلاها ، ولكنه لم يداوم عليها ([312]) وحتى لو
لم يثبت ذلك فهي نافلة فى وقت غير منهي عنه ، والشيعة وهم يستدلون على عدم
مشروعيتها ، يأتون بروايات ـ لو صحت ـ تدل على خطأ من ينهي عنها ، مثل ما يروونه
عن عبد الله بن المختار الأنصارى ، عن أبى جعفر قال : سألته عن صلاة الضحى ، فقال
أول من صلاها قومك ، إنهم كانوا من الغافلين
فيصلونها ، ولم يصلها رسول الله r. قال : إن علياً مر على رجل وهو يصليها ، فقال على : ما هذه
الصلاة ، فقال : أدعها يا أمير المؤمنين ؟ فقال على : أكون أنهي عبداً إذا صلى
" ([313]).
وأما صلاة التراويح فقد روى أن النبى r ـ صلى في المسجد ذات ليلة من رمضان فصلى بصلاته ناس ، ثم صلى من
القابلة فكثر الناس ، ثم اجتمعوا فى
الليلة الثالثة فخرج إليهم رسول الله r ، فلما أصبح قال : " قد رأيت الذى صنعتم ، ولم يمنعنى من
الخروج إليكم إلا أنى خشيت أن تفرض عليكم " ، وفى رواية للبخارى : " أن
تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها " ([314]) .
إلى جانب روايات أخرى ، والثابت أنها لم تأخذ
الصورة التى عليها الآن إلا فى عهد عمر بن الخطاب ، حيث جمع الناس علَى أبىّ بن
كعب ، وأخرج القناديل إلى المسجد ،
فجعلهم جماعة واحدة بعد أن كانوا يصلونها جماعات ، وفرادى . وفى عهد على بن أبى
طالب بقيت هذه السنة ولم يمنع المسلمين منها ، بل على العكس كان معجبا بما قام به
عمر ، وروى أنه قال نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا ([315]).
ومع هذا نجد الإمام الشافعى ـ من المذاهب
الأربعة ـ يرى عدم استحبابها جماعة ، وإنما فرادى ([316])، فلو اقتصر
الشيعة الاثنا عشرية على عدم استحبابها لما كان هناك خلاف يذكر ، فهم يرون قيام
رمضان فرادى . لكن الخلاف الذى استحق الذكر هو أنهم أخذوا برواية موضوعة نتيجة
لدور عمر في صلاة التراويح، وهو الخليفة الثانى ، وكان له أثره في بيعة الخليفتين
الأول والثالث ، والثلاثة في نظر الشيعة الرافضة قد أخذوا حق علي في الخلافة ،
وهذه الرواية هي أن النبي r كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ،
ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيصلى . فخرج من أول ليلة في شهر رمضان ليصلى ما
كان يصلى ، فاصطف الناس خلفه ، فهرب منهم إلى بيته فتركهم ففعلوا ثلاث ليال . فقام
في اليوم الرابع على منبره فحمد الله وأثنى عليه . ثم قال : يا أيها الناس إن
الصلاة بالليل في شهر رمضان في النافلة جماعة بدعة ، صلاة الضحى بدعة ، ألا فلا
تجتمعوا ليلاً في شهر رمضان لصلاة الليل ، ولا تصلوا صلاة الضحى ، فإن تلك معصية ،
ألا وإن كل بدعة ضلالة ، وإن كل ضلالة سبيلها إلى النار ، ثم نزل وهو يقول قليل في
سنة خير من كثير في بدعة ([317]) .
فهذه الرواية ينقضها ما سبق من صلاة الرسول عليه
الصلاة والسلام ، والصحابة والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ، وكيف تكون النافلة
التى هي قربى إلى الله تعالى معصية وبدعة
ضالة تؤدى إلى النار ؟ وإذا وجدنا بدعة فإنما جمع الناس على إمام في جماعة واحدة
بعد أن كانوا يؤدونها جماعات ووحدانا ، وهذا الاجتماع لم يكن إلا بعد الرسول r ، وهو ما قصده عمر عندما خرج ذات ليلة بعد أن جمع المسلمين على
أبى بن كعب ووجد اجتماعهم في الصلاة ، فقال : " نعمت البدعة هذه " .
فعمر لم يشرع صلاة جديدة ، وإنما جعل الجماعات
جماعة واحدة لخير ارتآه ([318]) ، والرسول
u لم يفعل ذلك رأفة بالمسلمين خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا كما روى
عنه ، فهذه طبيعته ، وكما قالت أم المؤمنين عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يدع العمل وهو يحب أن يعمله ، خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم ([319]) ، فهل يعد
ما فعله عمر معصية وضلالة سبيلها إلى النار ؟ وكيف خفي ذلك على إجلاء الصحابة ؟
ولماذا لم يبطله على وهو بالكوفة ؟ بل استحسنه
أيما استحسان فأبقاه ودعا لعمر .
ومع هذا فالضحى والتراويح نافلتان ، فللمسلم أن
يصليهما ، وله أن يدعهما ، وله أن يصلى التراويح فردا ، أو في جماعة ، ولكن ليس
بمسلم من يتعمد الكذب على رسول الله r ليؤيد ما ذهب إليه ، ويبطل ما ذهب إليه مخالفوه .
ونجد في الجزء الثالث من وسائل الشيعة ( ص 74 ـ
75 ) باب عدم استحباب صلاة الضحى ، وعدم مشروعيتها .
وتحت الباب ست روايات ، منها الرواية التي
ذكرتها من قبل ، ومنها أن الرسول ـ r ـ قال : " صلاة الضحى بدعة " .
ومن وضع هذه الرواية المفتراة نسأله : من الذى
يجيء بصلاة بدعة في عهد رسول الله r ؟
فالهدف من هذا الباب برواياته هو مخالفة ما عليه
جمهور المسلمين تبعا لأصول هذه الفرقة كما بينتها من قبل .
وفى الجزء الخامس ( ص 224 ـ 225 ) " باب
استحباب صلاة يوم غدير …" ومما جاء فيه :
صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا .. وهو
عيد الله الأكبر ، وما بعث الله نبيا إلا وتعبد فى هذا اليوم وعرف حرمته .. ومن
صلى فيه ركعتين عدلت عند الله ـ عز وجل ـ مائة ألف حجة ، ومائة ألف عمرة … وما خلق عز وجل - يوما أعظم حرمة منه … إلى آخر هذه الأباطيل والمفتريات العجيبة التى وضعها غلاة الرافضة
.
وفى الجزء الخامس أيضاً ( ص 288 : 289 ) نجد
الحنين إلى المجوسية حيث يصادفنا "
باب استحباب صلاة يوم النيروز ، والغسل فيه ، والصوم ، ولبس أنظف الثياب ، والطيب
، وتعظيمه ، وصب الماء فيه " !!
وكل ضلالة ينسبها الغلاة والزنادقة إلى الأئمة
الأطهار كذباً وبهتاناً .
بعد أن انتهينا من الحديث عن الطهارة والصلاة في
الفصلين السابقين ، وناقشنا بعض النقاط بشيء من التفصيل ، نكتفي بهذا كنموذج للمناقشات
التفصيلية حتى لا يطول بنا الحديث ، فقليل جداً من فقه هؤلاء القوم الرافضة يخضع
للمناقشة العلمية التي نراها في مجال الفقه المقارن .
وهذا واضح من النموذج الذى قدمناه آنفاً ، ويتضح
أكثر من العرض الذى يبدأ من هنا إلى آخر أبواب الفقه .
وفى هذا العرض نشير إلى أهم ما جاء في فقههم
تأثراً بعقيدتهم الباطلة في الإمامة التي اخترعها ابن سبأ كما بينا في الجزء الأول
، ثم نذكر بعض الأخبار التي وضعوها لتأييد ما ذهبوا إليه لبيان مدى غلوهم وضلالهم
، وهذه الأخبار التي جاءت في كتبهم المختلفة جمعها الحر العاملى في كتابه "
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة " ، وذكرت في الفصلين السابقين شيئاً
من هذه الأخبار ، والنقل من الوسائل يغنى عن الرجوع إلى الكتب التي نقل منها ، وقد
تحدثت عن هذه الكتب ، وقدمت دراسة لأهمها في الجزأين الثانى والثالث .
وننظر في كتب الفقه عندهم فنجد في الصيام ما
يأتى :
في رؤية
الهلال يعتبرون البينة الشرعية خبر عدلين . يأخذون كذلك بحكم الحاكم ، ولكن هذا لا
يخرج عن النطاق الجعفري ، الرافضي ، أي أنهم لا يأخذون بشهادة غيرهم ولا بحكمه ([320]).
وفى شرائط صحة الصوم يشترطون مع الإسلام الإيمان
. ويقولون لا يصح الصوم من غير المؤمن([321]) وقد عرفنا
مرادهم بالإيمان ، وقولهم بأن العبادة لا تصح من المخالف إجماعا .
وفيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات
يجعلون من هذه المفطرات الكذب على أئمتهم ، وألحق بعضهم بهم السيدة فاطمة الزهراء
رضي الله تعالى عنها ([322]).
وفى المندوب من الصيام يجعلون من المؤكد صوم
يومي الغدير والمباهلة ، ويجعلون صوم عاشوراء حزناً ([323]).
هذا في الصيام ، أما الاعتكاف فنجد فيه ما يأتى
:
يشترطون لصحة الاعتكاف الإيمان .. قال صاحب
المستمسك ( 8 / 539 ) : " الاعتكاف
من العبادات إجماعاً ، وهي لا تصح من غير المؤمن للإجماع والنصوص كما سبق ، مضافا إلى ما في الجواهر :
من كون اللبث في المسجد حرام على الكافر والحرمة مانعة من صحة
التعبد " ..
وإذا أضفنا قوله هذا إلى قوله السابق عن الإيمان
ظهر أنه ومن يرى رأيه ـ يعتقد أن المسلم غير الجعفري الرافضي كافر لا يحل لبثه في
المسجد . والمؤلف هو محسن الحكيم ـ كان المرجع الأعلى للشيعة في العراق ، وهو أحد
الثلاثة الذين وجهوا الشيعة الرافضة في عصرنا كما سأبين في خاتمة الكتاب .
وإلى جانب قولهم بصحة الاعتكاف في كل مسجد جامع
، وجدنا منهم من يقول بأنه لا يصح إلا في أحد المساجد الأربعة : مكة والمدينة
وجامع الكوفة والبصرة ([324]).
وقال آخرون : الأحوط مع الإمكان كونه في أحد
المساجد الأربعة المذكورة ([325]).
ويرون أن الاعتكاف يفسده ما يفسد الصوم ، أي
يدخل فيه الكذب الذى تحدثنا عنه آنفاً .
هذا بعض ما جاء فى كتب الفقه ، أما " كتاب
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة " فإنا نجد فيه ما يأتى :
الجزء السابع يشتمل على الصوم والاعتكاف .. وفى
ص 20 : 22 نجد باب وجوب إمساك الصائم عن
الكذب على الله ـ عز وجل ، وعلى رسوله ـ r ، وعلى الأئمة .
ومن أحاديث الباب ما روى عن أبى بصير قال : سمعت
أبا عبد الله ( أي الإمام الصادق ) يقول
: الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم ، قال : قلت له: هلكنا . قال : ليس حيث تذهب ،
إنما ذلك الكذب على الله تعالى ، وعلى رسولهـ
r ، وعلى الأئمة .
ومما يضحك ـ ومن شر البلية ما يضحك ! ـ أن هذا
الحديث نفسه من الكذب على الأئمة !
وفى ص 94 : 96 باب جواز الإفطار للتقية والخوف
من القتل ونحوه ويجب القضاء .
ومن أحاديث الباب :
ما نسب إلى الصادق : " لو قلت : إن تارك
التقية كتارك الصلاة لكنت صادقاً " .
وما نسب إليه أيضا : " لا دين لمن لا تقية
له " . وما نسب لغيره : " وأما الرخصة التى صاحبها فيها بالخيار فإن
الله تعالى نهي المؤمن أن يتخذ الكافر
ولياً ، ثم من عليه بإطلاق الرخصة له عند التقية فى الظاهر أن يصوم بصيامه
، ويفطر بإفطاره ، ويصلى بصلاته ، ويعمل بعمله ، ويظهر له استعمال ذلك موسعا عليه فيه . وعليه أن يدين الله سبحانه فى
الباطن بخلاف ما يظهر لمن يخافه من المخالفين " .
ونلاحظ هنا أنه أطلق المؤمن على الرافضي ،
والكافر على من يخالف الرافضة !
ومن خرافاتهم وأباطيلهم باب أن من نذر أن يصوم
حتى يقوم القائم لزمه ووجب عليه صوم ما عدا الأيام المحرمة !! ( ص 281 : 282 ) أي أنه
صيام دهر منذ أكثر من ألف ومائة عام !
وفى ص 323 : 329 باب استحباب صوم يوم الغدير ،
وهو ثامن عشر ذى الحجة ، واتخاذه عيداً …
وفى روايات الباب أنه أعظم حرمة وأشرف من الفطر
والأضحى ، وأن صيامه يعدل صيام عمر الدنيا ، ويعدل فى كل عام مائة حجة ومائة عمرة
مبرورات متقبلات ، وهو عيد الله الأكبر !! ومن صامه كان أفضل من عمل ستين سنة !!
إلى غير ذلك من الضلال والزندقة مما زاد على ما
ذهب إليه عبد الله بن سبأ هو نفسه صاحب فكرة الرافضة !
وفى ص 337 : 339 باب استحباب صوم يوم التاسع
والعاشر من المحرم حزنا .. والإفطار بعد العصر بساعة !!
وفى ص 339 : 342 باب عدم جواز صوم التاسع
والعاشر من المحرم على وجه التبرك بهما .
وفى ص 342 باب جواز صوم يوم الاثنين لا على وجه
التبرك به .
وفى ص 400 : 403 باب اشتراط كون الاعتكاف فى
المسجد الحرام ، أو مسجد النبى ـ r ، أو مسجد الكوفة ، أو مسجد البصرة ، أو فى مسجد جامع رجلا كان
المعتكف أو امرأة .
ومما جاء تحت الباب :
عن الإمام الصادق : لا يصلح الاعتكاف إلا في
المسجد الحرام ، أو مسجد الرسول ـ r ، أو مسجد الكوفة ، أو مسجد جماعة .
وعنه : لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه
إمام عدل صلاة جماعة ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد
مكة .
وروى أنه لا يكون الاعتكاف إلا في مسجد جمع فيه
نبي ، أو وصى نبي ، وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام ، جمع فيه رسول الله r، ومسجد المدينة جمع فيه رسول الله ـ r وأمير
المؤمنين u ، ومسجد الكوفة ومسجد البصرة جمع فيهما أمير المؤمنين . قال صاحب
الوسائل : هذا محمول على الفضل والكمال ..
ونختم الكلام هنا ببيان حنين هؤلاء إلى المجوسية
.. ففى ص 346 باب استحباب صوم يوم النيروز
والغسل فيه ولبس أنظف الثياب والطيب !!
ويفترون الكذب على الإمام الصادق أنه قال :
إذا كان يوم النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك ،
وتطيب بأطيب طيبك ، وتكون ذلك اليوم صائماً !!
يرى الاثنا عشرية الرافضة أن الزكاة واجبة على
الكافر ، ولكنها لا تصح منه إذا أداها لاشتراطهم الإيمان ـ بحسب أهوائهم في تعريفه
ـ ويرون أن من حق إمامهم أو نائبه أن يأخذ الزكاة من الكافر قهراً ([326]).
هذا بالنسبة لأخذها ، ولكنها لا تعطى إلا
للجعفري ، الرافضي لأن مستحقها يجب أن يكون مؤمنا ، والإيمان وقف على الجعفرية ،
ولذا يجيزون دفعها إلى الفساق ، ومرتكبى الكبائر ، وشاربى الخمر بعد كونهم فقراء
من أهل الإيمان ([327]).
أما غير الجعفري الرافضي ، فيجوز أن يأخذ ـ كما
يأخذ الكفرة عادة ـ من سهم المؤلفة قلوبهم ، وسهم سبيل الله في الجملة إذا كان هذا
في مصلحة الجعفري([328]).
ويرون أن غير المؤمن ـ أي غير الجعفري الرافضي ـ
إذا أعطى زكاته أهل نحلته ثم أتبصر ـ أي أصبح رافضيا ـ أعادها . ولو كان قد دفع
الزكاة إلى المؤمن ثم استبصر أجزأه ، ويرون أن الأحوط الإعادة أيضا ([329]).
ويرون الزكاة يجب دفعها إلى الإمام إذا طلبها ،
ويستحب دفعها إليه ابتداء ، ومع فقده إلى الفقيه المأمون من الرافضة لأنه أبصر
بمواقعها .
وحتى يحثوا الناس على دفعها للفقهاء قالوا : إذا
قبضها الفقيه برئت ذمة المالك ولو تلفت .
وقالوا : يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الشرعي
بعنوان الوكالة عن المالك في الأداء ، كما يجوز بعنوان الوكالة في الإيصال ، ويجوز
بعنوان أنه ولى عام على الفقراء ([330]).
وأثر عقيدتهم الباطلة في صدقة الفطر كأثرها في
الزكاة بصفة عامة .
هذا في الزكاة ، وبعدها نأتي إلى الخمس وعند
جمهور المسلمين لا نجد في الفقه كتاباً مستقلاً بعنوان الخمس ، وإنما نرى الحديث
عن خمس الغنائم في كتاب الجهاد ، ونرى فى كتاب الزكاة الحديث عن خمس الركاز ([331])، وعن
المعدن وما يجب فيه من خمس إلحاقا بالركاز ، أو مقدار الزكاة لمن لم يلحقه بالركاز
.
ولكن نجد في الفقه الجعفري الاثنى عشري كتابا
كاملا بعنوان الخمس ، وقد حظي بعناية غير عادية ، واعتبروه من الفرائض المهمة
وقالوا : "من منع منه درهما ـ أو أقل ـ كان مندرجا في الظالمين لهم ( أي لآل
البيت ) والغاصبين لحقهم ، بل من كان مستحلا لذلك كان من الكافرين ، ففى الخبر عن
أبى بصير ، قال : قلت لأبى جعفر : ما أيسر ما يدخل به العبد النار ؟ قال : من أكل
من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم … إلخ ([332]).
وتوسعوا فيما يجب فيه الخمس حتى جعلوه فيما يفضل
عن مؤنة السنة من أرباح التجارات ، ومن سائر التكسبات من الصناعات والزراعات ،
والإيجارات ، حتى الخياطة والكتابة والنجارة والصيد ، وحيازة المباحات ، وأجرة
العبادات الاستئجارية من الحج والصوم والصلاة والزيارات ، وتعليم الأطفال ، وغير
ذلك من الأعمال التى لها أجرة ، وجعلوا الأحوط ثبوته فى مطلق الفائدة وإن لم تحصل
بالاكتساب كالهبة والهدية والجائزة والمال الموصى به ونحوها ، وجزم بعضهم بهذا ([333]).
كما جعلوا الأحوط إخراج خمس رأس المال وقالوا :
لا إشكال في أن رأس المال ومالا يعد للصرف ويدخر للقنية كالفرش ونفس الضيعة وأمثال
ذلك ـ لا يحسب من المؤنة . ثم قالوا : وعلى هذا يتعين تقويمه في آخر السنة وإخراج
خمسه([334]) بل قالوا
: الأحوط إخراج الخمس في الآلات المحتاج إليها في الكسب مثل آلات النجارة للنجار
وآلات النساجة للنساج ، وآلات الزراعة للزارع وهكذا([335]).
ومخرجو الخمس الآن يعطونه فقهاءهم لينفق
بمعرفتهم ، ولا يخرج عن النطاق الجعفري الرافضي ما يخرج من أيدى هؤلاء الفقهاء بعد
الإنفاق على أنفسهم ، ويتفاوت قدر هذا الإنفاق بقدر حاجة الفقهاء ومن ينفقون عليهم
، وبقدر الإيمان أو النفاق والاستغلال وبقدر الخشية من الله تعالى أو الخشية من
الناس ([336]).
وأثر عقيدتهم الباطلة في الخمس يبدو فيما يأتى :
لما كان الخمس مرتبطا بأئمتهم ، أو من ينوب عنهم
من الفقهاء ، رأيناهم مع توسعهم الزائد فيما يجب فيه الخمس ، يتشددون في إيجابه فيجعلون
منع الدرهم ـ أو أقل ـ ظلما لآل البيت واغتصابا لحقهم ، ويكفرون من يستحل ذلك كما
سبق .
وفيما يجب فيه الخمس
يشترطون إذن أحد أئمتهم في القتال حتى يكون الواجب فى الغنائم هو الخمس فقط . أما
إذا كان الغزو بغير إذن الإمام فإن كان في زمان الحضور ، وإمكان الاستئذان منه ،
فالغنيمة للإمام ، وإن كان في زمن الغيبة ـ أي غيبة إمامهم الثانى عشر ، كما
يعتقدون ـ فالأحوط إخراج الخمس . ولذا يقولون بأن ما يأخذه السلاطين ([337]) في هذه
الأزمنة من الكفار بالمقاتلة معهم ـ من المنقول وغيره ـ يجب فيه الخمس على الأحوط
.ويقولون : إذا أغار المسلمون على الكفار فأخذوا أموالهم ، أو أخذوها بالسرقة
والغيلة ، فالأحوط بل الأقوى إخراج خمسها إذا كان بإذن الإمام ، وإلا فهي له وإن
كان فى زمن الغيبة .
ويرون
جواز أخذ مال الناصب أينما وجد ، مع إخراج خمسه من باب الحيطة ([338]).
وقد عرفنا تحديد الكافر والناصب عند الجعفرية
الرافضة وكيف أنه يشمل كثيرا من المسلمين إن لم يكن كل المسلمين عدا الرافضة ، كما
أنهم يرون كفر غير المسلمين ، ومنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى .
ومعنى هذا أن كل هؤلاء يباح للرافضى أخذ أموالهم
بالإغارة أو بالسرقة والغلبة ([339]).
وفى تقسيم الخمس قالوا ([340]): يقسم ستة
أسهم : سهم لله سبحانه وتعالى ، وسهم للنبي
r ، وسهم للإمام الجعفري . وهذه الثلاثة الآن لإمامهم الغائب الثانى
عشر. والأسهم الثلاثة الأخرى للأيتام والمساكين وأبناء السبيل بشرط الإيمان ـ أي
أن يكونوا من الرافضة ، ولا يعتبر في المستحق العدالة ، وهذا يذكرنا برأيهم في
مستحق الزكاة .
وقالوا : النصف من الخمس الذى للإمام أمره في
زمان الغيبة راجع إلى نائبه ، وهو
المجتهد الجامع للشرائط ([341])
فلابد
من الإيصال إليه أو الدفع إلى المستحقين
بإذنه ([342]).
أما النصف الآخر ـ الذى للأصناف الثلاثة ـ فيجوز
للمالك دفعه إليهم بنفسه لكن الأحوط فيه أيضا الدفع إلى المجتهد أو بإذنه ([343]).
وبالنسبة للأنفال قالوا بأنها بعد الرسول ـr ـ لأئمة الجعفرية الرافضة زيادة على مالهم من سهم الخمس ([344]).
ويبقى أن نقول :
إن الخمس الذي ينادى به الجعفرية الاثنا عشرية
لم يكن علي عهد الرسول r ، ومن المقطوع به أن أبا الأئمة علي بن أبي طالب لم يأخذه ولم
يفرضه ، ولا ندري من أين تسللت هذه الفكرة إلي الفقه الجعفري ؟! وإن كنا ندري أن
الكليني وأمثاله تبعا لابن سبأ بذلوا ما استطاعوا من جهد لإبعاد الرافضة عن المنهج
الإسلامي .
ويبقى كذلك أن نقول : إن المسلمين اليوم إن
أرادوا ألا يحكم عليهم رافضة العصر بالكفر فعليهم أن يجمعوا خمس مكاسبهم ورؤوس
أموالهم ويبعثوا به إلي علماء الشيعة الرافضة !!
وبعد كتب الفقه نأتي إلي كتاب وسائل الشيعة فنجد
ما يأتي في الزكاه في الجزء السادس ( ص 19 ) يروون عن الإمام الصادق أنه قال :
" دمان في الإسلام حلال من الله – عز وجل ، لا يقضي فيهما أحد حتي يبعث الله قائمنا أهل البيت ،
فإذا بعث الله – عز وجل – قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله تعالى ذكره : الزانى المحصن
يرجمه ، ومانع الزكاه يضرب عنقه " .
وهذه الرواية المفتراة علي الإمام الصادق تعني
تعطيل إقامة حدود الله سبحانه وتعالى ، وربط إقامتها بهذه الخرافة ، خرافة الإمام
الثانى عشر الذي مر علي غيابه – لو كان قد ولد – أكثر من ألف ومائة عام !!
وفي الجزء السادس أيضاً نجد أبواب المستحقين
للزكاه( ص 143 : 220 ) : وللاستدلال علي
ضلال هؤلاء القوم يكفى أن نقرأ عناوين بعض الأبواب دون حاجة إلي ذكر الروايات
المفتراة علي الأئمة الأطهار .
ومن هذه الأبواب :
باب أن من دفع الزكاة إلي غير المستحق كغير
المؤمن أو غير الفقير ونحوهما ضمنها .
باب وجوب إعادة الزكاة إذا دفعها إلي غير
المستحق كغير المؤمن ونحوه مخالفاً ثم استبصر …
باب اشتراط الإيمان والولاية في مستحق الزكاة
إلا المؤلفة والرقاب والأطفال …
باب عدم جواز دفع الزكاة إلى المخالف في
الاعتقاد الحق من الأصول كالمجسمة والمجبرة والواقفية والنواصب ونحوهم .
هذه بعض الأبواب ، وهي كافية لبيان غلو هؤلاء
وضلالهم ، بعد أن عرفنا أن مرادهم بالمؤمن ، أي أن يكون رافضيا ، وغير المؤمن أمة
الإسلام كلها عدا الرافضة ، والمخالف إذا استبصر أي إذا أصبح من الرافضة .
وبعد الزكاة نأتي إلى الخمس :
والحديث عن الخمس في الجزء السادس يبدأ من ص 336
والروايات هنا تتفق مع ما ذكرته آنفاً من ضلالهم ، فلا حاجة لذكرها ، ولكن نقف هنا
عند نقطة واحدة وهي ما يتصل بالناصب :
فعند بيان وجوب الخمس في مال الناصب كما أشرت من
قبل بين المراد من الناصب فشمل أمة الإسلام كلها عدا الرافضة !
ففى ص 339 رووا عن الإمام الصادق أنه قال :
" ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ، لأنك
لا تجد رجلا يقول : أنا أبغض محمدا وآل محمد ، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم
أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا " .
وفى ص 341 : 342 نسبوا للإمام العاشر على بن
محمد الهادي أنهم كتبوا إليه يسألونه عن الناصب : هل نحتاج فى امتحانه إلى
أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد
إمامتهما ؟
فرجع
الجواب : " من كان على هذا فهو ناصب " .. ويقصد هؤلاء الزنادقة بالجبت
والطاغوت خير البشر ـ بعد رسول الله ـ
r ـ وهم خليفة رسول الله أبو بكر الصديق ، وعمر الفاروق ـ رضي الله
تعالى عنهما وأرضاهما .
والرافضة إنما سموا رافضة لرفضهم إمامتهما
والثناء عليهما ، والمسلمون جميعاً ـ عدا الرافضة ـ يقدمون الشيخين ويقولون
بإمامتهما ، أي أنهم جميعا كلهم فى نظر الرافضة يعتبرون من النواصب الذين يستحلون
أموالهم .
فما رأي دعاة التقريب ؟!
أفيجوز أن نتعبد بهذا المذهب كما أفتى الشيخ
شلتوت ؟!
وهل يمكن أن يكوّن هؤلاء القوم مذهبا خامسا كما
نادى الشيخ الباقورى ودار التقريب بين المذاهب في القاهرة ؟! ما رأيكم أيها السادة
؟
ذكرنا من قبل ما ذهب إليه هؤلاء الجعفرية
الرافضة من بطلان عبادة المسلمين جميعا ما داموا ليسوا رافضة . ومحسن الحكيم يعود
ليذكرنا بهذه المأساة من جديد فيقول : " لا ريب بشرطية الإيمان في صحة
العبادة ، وعليه فعبادة المخالف باطلة لا يترتب عليها الأحكام " ([345]).
ويقولون : إذا حج المخالف ثم استبصر ـ أي أصبح رافضيا
ـ يستحب أن يعيد حجه .
وفى الإنابة : يرون أن الجعفري الرافضي لا يجوز
أن يحج عن المخالف إلا إذا كان أباه . وكذلك يشترط فى النائب الإيمان ، أي أن يكون
رافضياً ([346]).
ويقولون : إذا نذر ـ قبل حصول الاستطاعة ـ أن
يزور الحسين فى عرفة ، ثم حصلت الاستطاعة
لم يجب عليه الحج ([347]).
وجعلوا من اللواحق إلى جانب زيارة الرسول r ، استحباب الغسل وزيارة السيدة فاطمة الزهراء ـ رضي الله تعالى
عنها ـ فى الروضة ، وأئمتهم الذين دفنوا بالبقيع . وأثر عقيدة الإمامة هنا فى
تخصيص هؤلاء بالزيارة ، فمن دخل مسجد الرسول ـ r ـ فلا يتجه صوب الشيخين ، ومن ذهب إلى البقيع فليذهب إلى مراقد
أئمة الجعفرية فقط ، فلا أحد غيرهم يستحب زيارته فضلا عن الاغتسال للزيارة . وهم
يجعلون الاستحباب هنا استحباباً مؤكداً .
وفى الدعاء يستحبون أن يكون بالأدعية المأثورة .
وإذا رجعنا إلى هذه الأدعية وجدنا أثر عقيدتهم الباطلة واضحاً في كثير منها ([348]).
هذا بعض ما وجدناه فى كتب الفقه عند هؤلاء القوم
فماذا نجد في وسائل الشيعة ؟
فى الحديث عن كتب السنة عند الشيعة ، وهي أربعة
، ضربت مثلا ببعض ما جاء فى هذه الكتب عن الحج لبيان مدى غلو هذه الفرقة وضلالها .
وإذا أضفنا إلى ذلك
البيان ما جاء آنفاً عن فقه الحج عندهم ، وتأثرهم بعقيدتهم الباطلة ، أرى أننا
لسنا في حاجة إلى عرض ما جاء في الوسائل بالتفصيل ، وإنما يكفى الإشارة إلى بعض
الأبواب والأخبار ، والحج يقع في ثلاثة أجزاء هي : الثامن والتاسع والعاشر ، ومما
جاء في هذه الأجزاء :
1ـ باب أن المسلم
المخالف للحق إذا حج ثم استبصر لم يجب عليه إعادة الحج ،بل يستحب ( 8 / 42 ) .
فاعتبروا دعوة ابن سبأ
التى ورثها الرافضة هي الحق ، وأن أمة الإسلام على باطل ، فمن أصبح رافضيا ـ
والعياذ بالله ـ فالمستحب إعادة الحج . ومعلوم أن من أراد أن يحج من الرافضة فعليه
أن يخرج خمس كل ما يملك إلىفقهائهم ، ومن أجل هذا وجدناهم يحرصون كل الحرص على
تضليل عامتهم ،وتوسيع هوة الخلاف بينهم وبين غيرهم ، وترهيبهم من ترك غلو
الرفضوضلالهم ، وإصدار صكوك الغفران ما داموا على ملة الرفض ، ملتزمين بأداء الخمس
!!
2ـ باب عدم جواز الحج
عن الناصب إلا أن يكون أبا النائب ، وعدم جواز الحج به. ( 8 / 135 ) .
3ـ باب استحباب الطواف
عن المعصومين عليهم السلام أحياء وأمواتاً
( 8/ 141).
4ـ باب استحباب استصحاب التربة الحسينية فى
السفر ، وتقبيلها ووضعها علىالعينين ، والدعاء بالمأثور . ( 8 / 313 ) .
5ـ باب تأكد استحباب
زيارة النبى ـ r ـ والأئمة وخصوصاً بعد الحج ( 10 /252 ) .
ومن أخبار الباب :
" ليقضوا تفثهم " : التفث لقاء الإمام ( ص 253 ) … تمام الحج لقاء الإمام
( أكثر من خبر ) .وأخبار الباب تؤكد أن
زيارة قبور الأئمة تؤدي إلى الجنة.
6ـ باب استحباب اختيار
زيارة النبى r على الحج
ندبا . ( 10 / 273 ) .وفى الباب أن زيارة الحسين أيضاً مقدمة على الحج ندباً .
7ـ باب وجوب احترام
مكة والمدينة والكوفة ، واستحباب سكناها ، والصدقة بها وكثرة الصلاة فيها ،
والإتمام سفراً بها . ( 10 / 282 ) .
8ـ باب استحباب الصلاة
فى مسجد الغدير ولو نهاراً فى السفر . ( 10 / 292)
9ـ باب استحباب زيارة
أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، وكراهة تركها .( 10 / 293 ) .
ومن أحاديث الباب ما نسبه غلاة الرافضة للإمام
الصادق أنه قال : ما خلق الله ـ تعالى ـ خلقاً أكثر من الملائكة ، وإنه لينزل كل
يوم سبعون ألف ملك ، فيأتون البيت المعمور فيطوفون به ، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة ، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبى
r فسلموا عليه ، ثم أتوا قبر أمير المؤمنين u فسلموا
عليه ، ثم أتوا قبر الحسين عليه السلام فسلموا عليه ، ثم عرجوا فينزل مثلهم أبدا
إلى يوم القيامة . وقال : من زار قبر أمير المؤمنين عارفاً بحقه ، غير متجبر ولا
متكبر ، كتب الله له أجر مائتى ألف شهيد و .. إلى آخر الفرية .
ومن مفتريات الباب
أيضاً عن الإمام الصادق :
من زاره عارفاً بحقه
كتب الله له بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة . وعن النبى r أنه قال : من زار عليا بعد وفاته فله الجنة .
10ـ باب استحباب زيارة أمير المؤمنين u ماشياً ذهاباً
وعوداً . (10 /296 ) .
وفى الباب : من زاره
ماشياً كتب الله تعالى له بكل خطوة حجة وعمرة فإن رجع ماشياً كتب الله له بكل خطوة
حجتين وعمرتين .
11ـ باب استحباب
اختيار زيارة أمير المؤمنين ـ u ـ على
زيارة الحسين ـ u ـ وعلى الحج والعمرة ندباً . ( 10 / 297 ) .
قلت : ولماذا إذن الحج
والعمرة ما دامت الخطوة الواحدة بحجتين
وعمرتين ؟!
ولماذا أيضاً الجهاد
فى سبيل الله تعالى ما دامت زيارة القبر تعدل أجر مائة ألف شهيد ؟!
يكفى الرافضي إذن أن يزور القبر ، ويطوف
حول المقام ويصلى إليه راكعا ساجداً ،
ولا يظن أحد أنه قد عاد إلى الوثنية ، أو إلى المجوسية فجاء بما يعوضه عنها ، فإن
الكليني وأمثاله أخبروه عن المعصومين أن درجته لن يبلغها الحجاج والعمار
والمجاهدون فى سبيل الله !!
12ـ باب استحباب عمارة
مشهد أمير المؤمنين ومشاهد الأئمة، وتعهدها وكثرة زيارتها . ( 10 / 298 ) .
وفى الباب أن الرسول r قال لعلى رضي الله تعالى عنه : يا أبا الحسن ، إن الله قد جعل
قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنة ، وعرصة من عرصاتها .
وإن الله تعالى ـ عز وجل ـ جعل قلوب نجباء من
خلقه وصفوة من عباده تحن إليكم ، وتحتمل الأذى والمذلة فيكم ، فيعمرون قبوركم ..
أولئك يا علىالمخصوصون بشفاعتى ، والواردون حوضى ، وهم زوارى غداً فى الجنة .
يا على ، من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان
سليمان بن داود على بناء بيت المقدس ، ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجة
بعد حجة الإسلام ..
ولكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم
بزيارتكم كما تعيرون الزانية بزناها ، أولئك شرار أمتى ، لا أنالهم الله ـ تعالى ـ
بشفاعتى ، ولا يردون حوضى !!! ( 10 / 298 ـ 299 ) .
قلت : أراد هؤلاء
الغلاة الضالون من كذبهم على الرسول r أن يحثوا الرافضة على الإكثار من الطواف حول الأضرحة تحت القباب
الذهبية ،والصلاة والركوع والسجود إليها كعبدة الأوثان ، ومعلوم أنهم يرددون
منالدعاء ما يكفرون به خير أمة أخرجت للناس من الصحابة الكرام البررة ، نقلة
الشريعة وحملة الإسلام بعد الرسول r .
13ـ باب استحباب زيارة
آدم ونوح وإبراهيم مع أمير المؤمنين ( 10 / 299 ) ومن مفتريات الباب ما نسبه
الضالون للإمام الصادق أنه قال : الكوفة روضة من رياض الجنة ، فيها قبر نوح
وإبراهيم ، وقبور ثلاثمائة نبى وسبعين نبياً ، وستمائة وصى ، وقبر سيد الأوصياء
أمير المؤمنين . ( 10 / 301 ) .
وفى الباب أيضاً :
إذا زرت أمير المؤمنين
فاعلم أنك زائر عظام آدم ! ( 10 / 299 ) .
14ـ باب تأكد استحباب
زيارة أمير المؤمنين يوم الغدير ، وكثرة الصدقة فيه .(10 / 302 ) .
وفى الباب خبر واحد ، ومما جاء فيه :
... إن يوم الغدير فى
السماء أشهر منه فى الأرض ، إن لله تعالى فى
الفردوس الأعلى قصراً : لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، يجتمع فيه الملائكة…. أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين ، فإن الله تعالى
يغفر لكلمؤمن ومؤمنة ، ومسلم ومسلمة ، ذنوب ستين سنة ، ويعتق من النار ضعف ماأعتق
فى شهر رمضان ، وفى ليلة القدر ، وليلة الفطر ، والدرهم فيه بألفدرهم لإخوانك
العارفين ……... إلخ
15ـ باب استحباب الغسل
لزيارة أمير المؤمنين وغيره من الأئمة ، ثم يمشى إليه حافياً متطيباً و …….. إلخ ( 10 / 303 )
وفى الباب :
000 قصر خطاك ، وألق
ذقنك إلى الأرض ، يكتب لك بكل خطوة مائة ألف حسنة ، وتمحى عنك مائة ألف سيئة ،
وترفع لك مائة ألف درجة ، وتقضى لك مائة ألف حاجة ، ويكتب لك ثواب كل صديق وشهيد
مات أو قتل . ( 10/ 305 ) .
16ـ باب استحباب زيارة
أمير المؤمنين والأئمة بالزيارات المأثورة .( 10 / 305 ) .
قلت : سنقف ـ إن شاء الله تعالى ـ وقفة خاصة عند
الزيارات والدعاء المأثور عند الرافضة ، وبيان ما فيه من كفر وزندقة وغلو ، حيث
إنهم يكفرون الصحابة الكرام ، ويعتبرون الشيخين الصديق والفاروق مغتصبين لحق
أبى الحسن ، ولذلك يطلقون عليهما الجبت
والطاغوت ، وصنمى قريش ، ومرشيىء من هذا أثناء عرض كتبهم فى التفسير والحديث .
17ـ باب استحباب زيارة
هود وصالح عند قبر أمير المؤمنين . ( 10 / 308 )
18ـ باب استحباب زيارة
الحسين ، ووجوبها كفاية . ( 10 / 318 ) .
ويضم الباب ثمانية
وأربعين خبرا ..
منها : وكل الله تعالى
بقبر الحسين أربعة آلاف ملك شعث غبر، يبكونه إلى يوم القيامة . فمن زاره عارفاً
بحقه شيعوه حتى يبلغوه مأمنه ، وإن مرض عادوه غدوة وعشية ، وإن مات شهدوا جنازته
واستغفروا له إلى يوم القيامة. ( 10 / 318 ، وانظر ص 327 ) .
ومنها : من زار قبره
كان كمن زار الله ـ عز وجل ـ فوق عرشه !!
( 10 / 319 ) .
ومنها : والله لقد تمنيت
أنى كنت زرته ولم أحج . ( 10 / 321 ) .
ومنها : إتيانه مفترض
على كل مؤمن يقر له بالإمامة من الله تعالى .
( 10 / 322 ) .
ومنها : إن أيام زائره
لا تعد من آجالهم . ( 10 / 322 ، وانظر
ص 329 :330 ) .
ومنها : ليس شيىء فى
السموات إلا وهم يسألون الله سبحانه أن يؤذن لهم في زيارة الحسين ، ففوج ينزل ،
وفوج يعرج . ( 10 / 322 ) .
ومنها : وكل بالحسين
سبعون ألف ملك شعثاً غبرا ، يصلون عليه يوم قتل إلى ما شاء الله ، يعنى قيام
القائم . ( 10 / 323 ) .
ومنها : ما بين قبره إلى السماء السابعة
مختلف الملائكة . ( 10 / 323 ) .
ومنها : إن زواره يدخلون الجنة قبل الناس
بأربعين عاماً وساير الناس فى الحساب . ( 10 / 131 ) .
ومنها : أربعة آلاف
ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين لم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا فى الاستيذان
فهبطوا وقد قتل الحسين ، فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ، رئيسهم
ملك يقال له : منصور ، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه و .. إلخ ( 10 / 333 ) .
19ـ باب كراهة ترك
زيارة الحسين . ( 10 / 333 ) .
ويضم الباب واحداً
وعشرين خبراً .
منها : لو أن أحدكم حج
دهره ، ثم لم يزر الحسين لكان تاركاً حقاً من حقوق رسول الله ـ r ، لأن حق الحسين فريضة من الله تعالى واجبة على كل مسلم ( 10 / 333 ، وانظر ص 337 ) .
ومنها : من لم يأت قبر
الحسين حتى يموت كان منتقص الإيمان ، منتقص الدين . إن أدخل الجنة كان دون
المؤمنين فيها . ( 10 / 335 ) .
ومنها : من ترك زيارة
قبره من غير علة كان من أهل النار .( 10 / 337).
20 ـ باب استحباب
زيارة النساء الحسين وسائر الأئمة ـ ولو من سفر بعيد ( 10 / 339 ) .
وفى الباب :
… قلت ( أي للإمام الصادق ) : إنى امرأة . فقال : لا بأس لمن كان
مثلك أن تذهب إليه وتزوره . قالت : قلت : أي شيىء لنا فى زيارته ؟ قال تعدل حجة
وعمرة واعتكاف شهرين في المسجد الحرام ، وصيامها ، وخير منها . ( 10 / 339 ) .
وفيه : زيارة الحسين
واجبة على الرجال والنساء . ( 10 / 340 ).
21 ـ باب استحباب
تكرار زيارة الحسين بقدر الإمكان . ( 10 / 340 ) .
وفى الباب : حق على
الغنى أن يأتى قبره فى السنة مرتين ، وعلى الفقير مرة . ( 10 / 340 ) .
وفيه : من زاره فى كل
شهر كان له ثواب مائة ألف شهيد ، ومثل شهداء بدر( 10 / 341 ) .
22 ـ باب استحباب
المشى إلى زيارة الحسين وغيره . ( 10 / 341 ) .
وبعد : فهذا الجزء
العاشر يستمر إلى ص 470 ، وكله من مثل هذه الأباطيل المضلة التى تدل على أن غلاة
الرافضة بلغوا من الكذب والكفر والزندقة ما لا يمكن تصوره إلا لمن يقرأ كتبهم .
ولعل فيما نقلته ما يكفى لبيان ما أردنا
حتى لا نطيل أكثر من
هذا القدر . ومن أراد المزيد فليرجع إلى الجزء كله ، فما نقلت منه إلا اليسير .
رأينا في الخمس أنهم
يشترطون إذن أحد أئمتهم في القتال حتى يكون في الغنائم الخمس فقط ، ومعنى هذا أنهم
يرون أن القتال المشروع هو ما كان بإذن أئمتهم . لهذا قالوا بأن الجهاد واجب مع
وجود الإمام العادل أو من نصبه لذلك ودعائه إليه ، فلا يجوز مع الجائز إلا أن يدهم
المسلمين من يخشى منه على بيضة الإسلام ، أو يكون بين قوم ويغشاهم عدو فيقصد الدفع
عن نفسه في الحالتين لا معاونة الجائر . وكل حاكم في زمن أئمتهم يعتبرونه جائراً
مغتصباً للإمامة ، بل في زمن الغيبة ما لم يكن جعفرياً رافضياً .
ويقولون : يجب قتال من خرج على إمام عادل إذا
دعا إليه أو من نصبه ، والتأخر عنه كبيرة . ويسقط بقيام من فيه غنى مالم يستنهضه
الإمام على التعيين ، والفرار منه فى حربهم كالفرار فى حرب المشركين .
وفى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قالوا
: لو افتقر إلى الجراح أو القتل لم يجز إلا بإذن الإمام أو من نصبه . وكذا الحدود
لا ينفذها إلا الإمام أو من نصبه .
وإذا كان الجعفرية الاثنا عشرية اتفقوا على
مشروعية الجهاد ووجوبه فى زمن حضور الأئمة مع الإذن فإنهم قد اختلفوا في زمن
الغيبة : فرأي بعضهم مشروعيته ووجوبه بأمر المجتهد الجامع للشرائط ، ورأي آخرون عدم
الاكتفاء بالمجتهد وحرمة توليه لأمر الجهاد . ([349])
وبالنسبة لإقامة الحدود في زمن الغيبة قالوا :
يقيمها الفقهاء إذا أمنوا ويجب على الناس مساعدتهم .
وبالجملة : الجهاد وما
يتعلق به موكول إلى أئمة الجعفرية الرافضة وفقهائهم ([350])
هذا بعض ما جاء في كتب فقههم ، وننتقل بعده إلى
كتاب وسائل الشيعة ، فماذا نجد في هذا الكتاب تأثراً بعقيدتهم التي وضعها عبد الله
بن سبأ ؟
نجد الجهاد والأمر بالمعروف في الجزء الحادي عشر
. ومما جاء فيه ما يأتى :
1 ـ باب حكم المرابطة في
سبيل الله ، ومن أخذ شيئاً ليرابط به ، وتحريم القتال مع الجائر إلا أن يدهم
المسلمين من يخشى منه على بيضة الإسلام فيقاتل عن نفسه أو عن الإسلام . ( ص 19 )
وفى الباب :
قلت لأبى عبد الله ـ أي الإمام الصادق : جعلت
فداك ، ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور ؟ فقال : الويل : يتعجلون
قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة ! والله ما الشهيد إلا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم
. ( ص 21 )
2 ـ باب من يجوز له
جمع العساكر والخروج به إلى الجهاد . ( ص 23 )
وفى الباب :
جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل ، ولرسوله
r ، ولأتباعهم من المؤمنين من أهل هذه الصفة ، فما كان عن الدنيا في
أيدى المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله ـ
r ـ والمولى عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين
من أجل هذه الصفات ….. إلخ ( ص25 )
وفيه : إن لم يكن مستكملاً لشرائط الإيمان فهو
ظالم ممن ينبغى ويجب جهاده حتى يتوب ، وليس مثله مأذونا له في الجهاد ... ( ص26 )
3 ـ باب اشتراط وجوب
الجهاد بأمر الإمام وإذنه ، وتحريم الجهاد مع غير الإمام العادل . ( ص32 )
4 ـ باب حكم الخروج
بالسيف قبل قيام القائم . ( ص35 )
وفيه : والله لا يخرج
أحد منا قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه … ( ص36 )
وفيه : كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها
طاغوت يعبد من دون الله عز وجل . ( ص37 )
قلت : ومادام الجهاد مرتبطاً بخرافة القائم الذى
لن يقوم فقد أبطلوا الجهاد إلى يوم القيامة . ويكفى زيارة القبور والطواف بالأضرحة
!
5 ـ باب حكم قتال
البغاة . ( ص59 )
وفى الباب :
مال الناصب وكل شيء
يملكه حلال إلا امرأته ، فإن نكاح أهل الشرك غير جائز . ( ص60 )
قلت : هذه الفرية الكبرى
ينسبها غلاة الرافضة الزنادقة إلى الإمام المجتهد العلامة أبى عبد الله جعفر
الصادق ، برأه الله تعالى مما قالوا ، وقد أشرت من قبل أنهم جعلوه كزعيم عصابة
تغير وتسرق وتنهب ثم تعطيه الخمس ! فأين دعاة التقريب ؟ وأين معتدلو الشيعة ؟ وأين
المحبون لأهل البيت الأطهار ؟ وكيف تلصق بهم هذه الأدناس المضلة ؟ وسيأتي استحلال
الدم أيضاً وليس المال فقط .
وفى الباب أيضاً :
لا يحل قتل أحد من
النصاب والكفار في دار التقية إلا قاتل أو ساع فى فساد ، وإذا لم تخف على نفسك
وعلى أصحابك . ( ص62 )
ومع هذه المضلات
المهلكات جاء في رواية أن علياً رضي الله عنه وكرم وجهه ، لم يكن ينسب أحداً من
أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ، ولكنه كان يقول : هم إخواننا بغوا علينا . (
ص62 )
هذا هو ما يتفق مع
الواقع ، فكيف ينسب الشرك أو النفاق إلى أم
المؤمنين ، زوج رسول الله r ـ في الدنيا والآخرة ، وإلى من شهد لهم الوحي بأنهم من أهل الجنة
، أفنكذب الله ـ عز وجل ، ورسوله ـ r ؟ وقوله
يتفق مع ما جاء في كتاب الله العزيز في سورة الحجرات :
"" وَإِن
طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن
بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ
إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ
""
وصاحب كتاب وسائل
الشيعة لم يطعن فى صحة الخبر ولا فى ثبوت ذلك عن الإمام على ، وإنما قال :
" هذا محمول على التقية " انتهي !
قلت : وهذا طعن في
الإمام نفسه ، الشجاع الذى لا يخشى فى الله تعالى لومة لائم ، والذى يضرب بشجاعته
المثل ، فكيف يصور بهذه الدرجة من الجبن والخوف وهو لم يذق طعم الجبن أبداً ؟!
إن محاولة هدم الإسلام
من الداخل لم تترك أحدا من نقلة الوحي وحملة الشريعة ، ولذلك كان موقف الإمام من
ابن سبأ مؤسس حزب الرافضة .
6 ـ باب وجوب التقية
مع الخوف إلى خروج صاحب الزمان . ( ص459 ) ويضم الباب خمسة وثلاثين خبراً ، كلها
في التقية !
منها ما هو تحريف
لكتاب الله تعالى ، مثل :
""أُوْلَئِكَ
يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا
"" قال
الإمام الصادق : بما صبروا على التقية "" وَيَدْرَؤُونَ
بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ "" قال :
الحسنة التقية ، والسيئة الإذاعة "" ادْفَعْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ "" قال : التي
هي أحسن التقية . ( ص459 ، 460 ) ، وفى أكثر من رواية أخرى :
"" إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ "" قال : أشدكم تقية . ( ص466 ) وكثير منها ينسب للأئمة
قولهم : التقية من ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقية له ، ولا إيمان لمن لا
تقية له .
ومنها : عليكم بالتقية
، فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجية مع من يحذره . (
ص466)
ومنها : تارك التقية
كتارك الصلاة . ( ص466)
والأشد غرابة ونكراً أن يفتري هذا على الرسول ـ r ـ هو نفسه
! حيث نسبوا إليه أنه r كان يقول :
" لا إيمان لمن
لا تقية له " ! ( ص467)
7 ـ باب وجوب عشرة
العامة بالتقية . ( ص470 )
والمقصود بالعامة هنا
عامة المسلمين من غير الرافضة .
8 ـ باب وجوب طاعة
السلطان للتقية . ( ص471 )
9 ـ باب وجوب التقية
في الفتوى مع الضرورة . ( ص482 )
10 ـ باب وجوب كتم
الدين عن غير أهله مع التقية . ( ص483 )
11 ـ باب وجوب كف
اللسان على المخالفين وعن أئمتهم مع التقية . ( ص498 )
قلت : من هذه الأبواب
نستطيع تفسير معاملة الرافضة لجمهور المسلمين في عصرنا . ولذلك لم نعرف حقيقتهم
إلا من قراءة كتبهم ، أما مخالطتهم فلا تظهر شيئا من واقعهم ، فقد يبدون لك المحبة
والمودة والموافقة بغير خلاف يذكر ، وهم يستحلون دمك ومالك !
في
كتب فقه هؤلاء القوم نجد أثر عقيدتهم الباطلة التي وضعها ابن سبأ تظهر فيما يأتى :
فيما يكتسب به يرون من
الأعمال المحرمة حفظ كتب الضلال ونسخها لغير النقد أو الحجة ([351]) وقد عرفنا
نظرتهم لغيرهم من سائر الأمة .
ويرون من المحرم كذلك
هجاء المؤمنين واغتيابهم وسبهم ، والتشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة ، ومعنى هذا
أن التحريم خاص بالجعفرية الرافضة ، ويحل الهجاء والغيبة والسب لغيرهم ، وكذلك
التشبيب . وقالوا : لا فرق في المؤمن ـ أي الرافضي ـ بين الفاسق وغيره ([352]).
وفى تولى الأعمال ـ
كالقضاء والسياسة وتدبير النظام ونحوها ـ يرون أن الولاية من قبل العادل مستحبة ،
وقد تجب ، ومن قبل الجائر تحرم الولاية إلا مع التمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، وقسمة الصدقات والأخماس على
من يرون أنه مستحق لها
، وصلة الإخوان من الجعفرية الإمامية ([353]) . ومعلوم
أنهم يرون أن الحاكم ما لم يكن جعفريا رافضيا فهو جائر .
وفى آداب البيع يرون استحباب ترك الربح للمؤمن
إلا اليسير مع الحاجة ، وعدم الدخول في سومه ([354]) ؛ أي أن
هذا خاص ببيع الرافضي لأخيه الرافضي فقط.
يشترطون لانعقاد الإجارة أن تكون المنفعة مباحة
، فلو استأجر العين لتعليم كفر ونحوه من المعلومات الباطلة بطل العقد . وقد لا
يظهر أثر عقيدتهم هنا ، ولكن إذا راجعنا مفهوم الكفر عند الشيعة الرافضة
والمعلومات التي يعتبرونها باطلة ظهر الأثر . وهذا يعنى – مثلا – أنه لا يحل للرافضى أن يؤجر مكاناً لتعليم فقه غير الرافضة أو
لبيع الكتب التي يسمونها كتب الضلال .
اشترط بعض الجعفرية – كالطوسى وغيره – أن يكون الوكيل مؤمناً ، فلا يصح عندهم توكيل المخالف ، ([355]) أي غير
الرافضي .
يرى الرافضة أنه لا يصح نكاح الناصب ولا
الناصبة ، وأشرنا من قبل إلى المراد بالنواصب .
وهل يجوز للمؤمنة
التزويج بالمخالف من أي فرق الإسلام ولو كان من الشيعة غير الاثنى عشرية ؟ قولان :
أحدهما –
وعليه معظم الجعفرية – المنع ، والثاني : الجواز على كراهية .
وبالنسبة للمولود : يرون استحباب تحنيكه ([356]) بتربة
الإمام الحسين . ويرون أن أفضل الأسماء – إلى جانب أسماء الأنبياء – أسماء الأئمة ([357]) .
أما نكاح المتعة وما فيه من البلايا والرزايا
والفجور فسأكتفي بذكر بعض ما جاء في وسائل الشيعة من روايات ، ثم أختم الفصل ببحث قيم
لشيخنا الأستاذ على حسب الله رحمه الله إتماما للفائدة ، وبعده بحث آخر لأحد علماء
شيعة النجف .
لا نكاد نجد في
الإيقاعات أثرا للإمامة غير أنهم في العتق يرون كراهة عتق المخالف ، على حين يقولون
: إذا أتى على المملوك المؤمن سبع سنين يستحب عتقه .
وفى الأْيمان يرون أن
من حلف على تخليص مؤمن لم يأثم وإن كان كاذباً ، فعدم الإثم هنا لتخليص جعفري
رافضي .
بعد النظر في كتب فقههم نأتي إلى كتاب وسائل
الشيعة لنرى أخبارهم التي وضعوها تأثراً بعقيدتهم الباطلة .
ونقف هنا وقفة قصيرة عند آرائهم في النكاح
بصفة عامة ، ووقفة طويلة عند نكاح المتعة بصفة خاصة .
والنكاح تناوله المؤلف
في الجزء الرابع عشر ، وأكمله في 265 صفحة من الجزء الخامس عشر ، وبعده يبدأ
الطلاق .
ومما جاء في النكاح :
باب
جواز التزويج بغير بينة في الدائم والمنقطع ، واستحباب الإشهاد والإعلان . ( 14 /
17 ) .
وتحت
الباب عشر روايات ، والمراد بالمنقطع زواج المتعة .
عن
الإمام الصادق أنه قال :
" إذا أتى الرجل المرأة في الدبر وهي
صائمة لم ينقض صومها ، وليس عليها غسل " ( 14 / 104 ) .
باب تحريم الجماع والإنزال في المسجد لغير
المعصوم . ( 14 / 192 ) وفى الباب رووا أن الرسول - r - قال :
" لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد
إلا أنا وعلى وفاطمة والحسن والحسين
" .
باب
حكم الجمع بين ثنتين من ولد فاطمة عليها السلام . ( 14 / 387 ) .
وفى
الباب : لا يحل لأحد أن يجمع بين ثنتين من ولد فاطمة عليها السلام ، فإن ذلك
يبلغها فيشق عليها . ( 14 / 388 ) .
أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه . ( 14 / 410) .
وهي
خمسة عشر باباً :
منها : باب تحريم
مناكحة الكفار حتى أهل الكتاب . ( 410 : 412 ) أخبار الباب تدل على هذا التحريم ،
وأن قوله تعالى : "" وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ "" نسخ بقوله
تعالى : "" وَلَا
تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ "" ، وبقوله تعالى :
"" وَلاَ تَنكحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى
يُؤْمِنَّ ""
. وسبق مراراً بيان مراد الرافضة بالكفار.
وجاء ما يخالف ما سبق في
الباب التالي ، وهو باب جواز تزويج الكتابية عند الضرورة ( 14 / 412) ، فقال
المؤلف : هذا محمول على التقية أو الضرورة أو المستضعفة . ( ص 414 )
وفى باب جواز نكاح الكتابية المستضعفة ( ص 414)
روى أن زرارة قال : قلت لأبى جعفر u : إنى أخشى أن
لايحل لى أن أتزوج ممن لم يكن على أمرى ، فقال : " وما يمنعك من البله ؟ وهن
المستضعفات من اللاتى لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه " ؟ ( ص 414 ـ 415 ) .
ومن أبواب ما يحرم بالكفر
ونحوه : باب تحريم تزويج الناصب بالمؤمنة ، والناصبة بالمؤمن . ( 14 / 423) .
ويضم الباب سبعة عشر
خبراً تبين حقيقة هؤلاء الرافضة الغلاة ، وسبق من قبل بيان أن تقديم الشيخين
والاعتراف بخلافتهما يكفى ليكون المسلم ناصباً كافراً عند هؤلاء الرافضة .
وأخبار الباب تذكر أحيانا
كلمة الناصب والناصبة ، مع التحريم : كما جاء في الأخبار الثلاثة الأولى ( ص 423 -
424 ) .
وبعضها تذكر أن
المخالفة – أي مخالفة الرافضة – تعتبر كفراً .
مثال هذا ما جاء في الخبر الرابع ( ص 424 ) .
قلت لأبى عبد الله : إن لامرأتي أختاً عارفة على
رأينا ، وليس على رأينا بالبصرة إلا قليل
، فأزوجها ممن لا يرى رأيها ؟ قال : لا ولا نعمة ، إن الله – عز وجل – يقول : "" فَلَا
تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ
لَهُنَّ
"".
وفى الخبر السادس اعتبر استنكار شتم السلف
دليل النصب والكفر!
( ص 425) .
أي
أن شتم سلفنا الصالح يعتبر عند هؤلاء الزنادقة من لوازم الإيمان ، وإنكار هذا
يعتبر كفراً .
ومما يدل على حقد
هؤلاء القوم على الإسلام وأهله ما نسبوه كذباً وزوراً للإمام الصادق إنه قال :
تزوج اليهودية أفضل من أن تزوج الناصبى والناصبة ( ص 426) .
ومن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه : باب جواز
مناكحة الناصب عند الضرورة والتقية . ( 14 / 433 ) .
ويشيرون في هذا الباب إلى زواج عمر – رضي الله تعالى عنه
ـ من ابنة على ـ رضي الله تعالى عنه ،
فماذا قالوا ؟
رووا عن الإمام الصادق في تزويج أم كلثوم أنه
قال : " إن ذلك فرج غصبناه " ( ص 433 ) .
وبالطبع ليس في هذا
إساءة سيدنا عمر فقط ، بل إساءة أشد إلى سيدنا على رضي الله تعالى عنهما ، فكيف
غصب فرج ابنته ؟ لا يكون إلا إذا كان ذليلا
جبانا ، في مجتمع جاهلى !
وبهذا
يرى هؤلاء الزنادقة من الرافضة أنهم يستطيعون أن يهدموا الإسلام من الداخل .
بل حاول هؤلاء أن
يصوروا خير أمة أخرجت للناس في صورة أسوأ من الجاهلية ، فبعد الرواية
السابقة ذكروا الراوية التالية :
" لما خطب عمر
إلى أمير المؤمنين u
قال له : إنها صبية ، فلقى - أي عمر - العباس ، فقال : مالى ؟ أبى بأس ؟ فقال :
وما ذاك ؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك فردنى . أما
والله لأغورن زمزم ، ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها ، ولأقيمن عليه شاهدين بأنه سرق
، ولأقطعن يمينه . فأتاه العباس فأخبره ، وسأله أن يجعل الأمر
إليه فجعله إليه " ( 14 / 433 / 434 ) .
وهذه الرواية أيضا
نسبها الزنادقة من الرافضة إلى الإمام الصادق ـ رضي الله تعالى عنه ، والروايتان
رواهما الكليني في الكافى . والرواية الثانية تضيف إلى سابقتها صورة مجتمع فاسد ،
وتبين مدى جبن على والعباس وما بهما من ذلة ومهانة ، وتفشى شهادة الزور ، أما عمر
فسيجعل ماء زمزم غوراً ، وسيستعين بشهداء الزور لإلصاق تهمة السرقة لعلى ، ثم يقوم
هو بتنفيذ الحد فيقطع يمينه ، ثم سيفترى الكذب لهدم كل مكرمة لأهل بيت رسول الله -
r !! وعندئذ يخضع ويذل على والعباس !! .
هذا ما يؤخذ من رواية الكليني الضال
وأمثاله من الزنادقة ، وإذا عرفنا أن هذا المجتمع هو الذى شهد له الله عزوجل حيث
قال : "" كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"" إلى جانب ما قاله في صحابة
رسول الله r من
الآيات البينات ، وشهد له رسول الله - r بأنه خير الناس " خير الناس قرنى " إلى جانب ما جاء
متواتراً ، وصحيحا ، في فضل الصحابة ، رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه ، وعرفنا أن هؤلاء هم نقله كتاب ربنا عز وجل ،
وسنة نبينا -r ،
وحملة الشريعة بعد رسول الله r ، إذا عرفنا هذا أدركنا هدف هؤلاء
الزنادقة وهو هدم الإسلام من الداخل ، وهو الهدف نفسه الذى رامه ابن سبأ اللعين ،
صاحب فكرة الوصى بعد النبى - r ، والطعن في الصحابة
الكرام البررة ، فأين إذن المعتدلون من الشيعة في عصرنا ؟
وما موقفهم من هذا الكفر والزندقة ؟ ومن أصحاب
هذه الكتب ؟ ومن أين يستمدون عقيدتهم وشريعتهم ؟
وبعد هذه البلايا
والرزايا التي رزئ بها الإسلام نأتى إلى ما هو أدهي وأمر !! نأتى إلى الأخبار المتصلة بزواج
المتعة .
وأبواب
المتعة في الجزء الرابع عشر ، وتبدأ من ص 436 ، وتنتهي في ص496 ،
وتضم ستة وأربعين باباً ، ومما جاء تحت إباحتها "
ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ، ولم يستحل متعتنا " . ( ص 438 ) .
فجعلوا استحلال زواج المتعة كالإيمان بالرجعة
التي تحدثنا عنها عند بيان عقيدتهم ومبادئهم ، فمن لم يستحلها فليس بمؤمن عند
هؤلاء القوم .
وجعلوها أيضاً من محض
الإسلام مع شهادة أن لا إله إلا الله . ( ص 439 ).
وافتروا على الرسول ـ r ـ أنه تزوج متعة ،
فاطلع عليه بعض نسائه فاتهمته ـ r ـ بالفاحشة ! ( ص 440) .
وجاء في رواية عن على رضي الله تعالى عنه - أنه
قال : " حرم رسول الله ـ r ـ يوم خيبر لحوم
الحمر الأهلية ونكاح المتعة " . فقال صاحب
الوسائل : حمله الشيخ -
أي الطوسى -
وغيره على التقية يعنى في الرواية ، لأن إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإمامية (
ص 441) .
ولم يقف الأمر عند جواز
المتعة ، فالباب الثانى من أبواب المتعة
عنوانه " باب استحباب المتعة وما ينبغى قصده منها " .
ومما جاء تحت هذا الباب :
إن كان المتمتع يريد بذلك
وجه الله تعالى ، وخلافا على من أنكرها ، لم يكلمها كلمة إلا كتب الله له حسنة ،
ولم يمد يده إليها إلا كتب الله له حسنة ، فإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنباً ،
فإذا اغتسل غفر الله بقدر ما مر من الماء على شعره بعدد الشعر ( ص 441) .
وقالوا : إن جبريل u
لحق بالنبى - r - في الإسراء ،
وقال له : يا محمد ، إن الله تبارك وتعالى يقول : إنى قد غفرت للمتمتعين من أمتك
من النساء ( ص 442 ) .
وقالوا أيضاً :
" المؤمن لا يكمل
حتى يتمتع " . ( ص 442)
" يستحب للرجل أن يتزوج المتعة ، وما
أحب للرجل منكم أن يخرج من الدنيا حتى يتزوج المتعة ولو مرة " . ( ص 443 ) .
" ما من رجل تمتع ثم
اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكا يستغفرون له إلى يوم القيامة ،
ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة " ( ص 444) .
والباب الثالث عنوانه
" باب استحباب المتعة ، وإن عاهد الله تعالى على تركها أو جعل عليه نذرا
" . ( ص 444) .
والروايات المفتراة على الأئمة كسابقتها -
تدور حول معنى الباب ، وإحداها منسوبة لإمامهم الثانى عشر ، الطفل المشكوك في
ولادته الذى تحدثنا عنه في بيان عقيدة هؤلاء القوم .
والباب الرابع هو :
" باب أنه يجوز أن يتمتع بأكثرمن
أربع نساء وإن كان عنده أربع زوجات بالدائم
" ( ص 446 ) .
ومما جاء تحت هذا الباب :
" تزوج منهن ألفا ،
فإنهن مستأجرات " . ( ص 446 ) .
" المتعة ليست من
الأربع ، لأنها لا تطلق ، ولا ترث ، وإنما هيمستأجرة " . ( ص 446 )
" صاحب الأربع نسوة
يتزوج منهن ما شاء بغير ولى ولا شهود " .( ص 447 )
قلت : ما الفرق إذن
بين هذا الفجور وبين الزنى ، فكل من يخلو بامرأة ليزنى بأجر يكفيه أن يقول :
" متعة " !! وإن كرر هذا مع ألف فاجرة ، وإن جمع بين هؤلاء الفاجرات
كلهن !! .
والعجيب أنهم يجعلون هذا الفجور
هو مراد الله تعالى من قوله :"" فَمَا
اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ "" مع
تحريف الآية الكريمة بزيادة قولهم : إلى أجل مسمى .
وسيأتى ما هو أشد نكرا .
ونلاحظ أن الروايات التي رووها هم أنفسهم مخالفة
لهذا الفجور رفضوا الأخذ بها ، وحملوها على التقية أو غيرها ، كما سبق في الرواية
التي ذكر فيها ـ
رضي الله تعالى عنه ، أن الرسول ـ r ـ حرمها يوم خيبر ،
وهي ليست في كتبهم فقط بل رواها البخارى ومسلم وغيرهما . والحمل على الكذب تقية
فيه طعن وأي طعن في الإمام على نفسه ، وهو من هو شجاعة وقوة !!
وفى رواية عن الإمام
الباقر ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه أحل المتعة ، فقيل له : يسرك أن نساءك وبناتك
وأخواتك وبنات عمك يفعلن ؟ فأعرض حيث ذكر السائل هؤلاء النساء ( 14 / 437) . فإذا
كان الإمام لا يرضي هذا لأهله فكيف رضيه لغيرهن من المسلمات ؟ !
وفى رواية عن الإمام
الصادق
رضي الله عنه
قال : لا تتمتع بالمؤمنة فتذلها فقال الشيخ ـ أي الطوسى : هذا شاذ ، ويحتمل أن
يكون المراد به إذا كانت المرأة من أهل بيت الشرف يلحق أهلها العار ، ويلحقها ،
ويكون ذلك مكروها . ( 14 / 452- 453 ) ،
فكيف إذن ينسب إلى الإسلام أن يبيح ما يؤدى إلىالعار والذل ؟!
وعن الإمام الصادق
أيضا في المتعة قال : ما يفعلها عندنا إلا الفواجر ( 14 / 456) ، فكيف يستحب ، بل يثاب ، ما يفعله
هؤلاء الفواجر ؟!
أليس من الشيعة رجل رشيد
يحارب هذا الفجور الذى قرنوه بالعقيدة فزادوها بطلانا وضلالا وغيا ؟!
ولا زلت أذكر أن أحد
الشيعة سألنى عن المتعة فأجبته بالتحريم ، فقال لى على الفور : أنت كافر !!
مرة أخرى : أليس منهم رجل
رشيد ؟
وإليك ما هو أشد نكرا !!
تحت " باب عدم تحريم
التمتع بالزانية وإن أصرت " جاء ما يلى : قيل لأبى الحسن ـ رضي الله تعالى
عنه : نساء أهل المدينة ؟ قال : فواسق ، قيل : فأتزوج منهن ؟ قال : نعم ( ص 455 )
.
قلت : لقد أعظموا الفرية ! وأساءوا أكبر
إساءة للإمام نفسه ، فما كان لينزل إلى هذا الدرك الأسفل فيحكم بفسق الطاهرات
التقيات العابدات ، نساء أهل المدينة المنورة من المهاجرات والأنصاريات وذرياتهن .
وفى روايات نجد جواز
التمتع بالمرأة المعروفة بالفجور ، وبالعاهرات ، واللائى يرفعن الرايات منهن ( انظر ص 455 ) .
وتحت " باب تصديق
المرأة في نفى الزوج والعدة ونحوها ، وعدم وجوب التفتيش والسؤال ، ولا منها "
، ( ص 456) جاء ما يلى :
قلت لأبى عبدالله ـ أي
الإمام الصادق رضي الله تعالى عنه وأذل من افترى عليه : ألقى المرأة بالفلاة التي
ليس فيها أحد فأقول لها : لك زوج ؟ فتقول لا ، فأتزوجها ؟ قال : نعم ، هي المصدقة
على نفسها .
وعن الرضا رضي الله عنه :
المرأة تتزوج متعة فينقضى شرطها ، وتتزوج رجلا آخر قبل أن تقضى عدتها ، قال : وما
عليك ؟ إنما إثم ذلك عليها .
وقيل لأبى عبدالله : إنى
تزوجت امرأة متعة ، فوقع فى نفسى أن لها زوجا ، ففتشت عن ذلك فوجدت لها زوجا ، قال
: ولم فتشت ؟
وقيل له أيضا : إن فلانا تزوج امرأة متعة ، فقيل
للرجل : إن لها زوجا فسألها ، فقال أبو عبد الله : ولم سألها ؟
قلت : وهكذا أصبحت المتعة زنى مباحا حتى
بالمتزوجات !! ويثاب فاعله عندما يغتسل بعدد شعر رأسه !!
وتحت
" باب حكم التمتع بالبكر بغير إذن
أبيها " جاء ما يلى :
سئل
أبو عبدالله عن التمتع بالأبكار فقال ـ رضي الله عنه : هل جعل ذلك إلا لهن ؟
فليستترن وليستعففن . ( ص 458) .
وقيل : جارية بكر بين
أبويها تدعونى إلى نفسها سرا من أبويها فأفعل ذلك ؟ قال رضي الله عنه : نعم واتق
موضع الفرج فإنه عار على الأبكار . ( ص
458 - 459) .
وقال : لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن
أبويها ما لم يفتض ما هناك لتعف بذلك . ( ص 459) .
وهذه الروايات ، بل الجرائم المفتريات على الأئمة الأطهار جاء ما يعارضها ،
فقال صاحب الوسائل بأن الشيخ حمل ذلك على التقية أو الكراهة . (انظر ص 459 - 460) .
وتحت " باب عدم جواز
التمتع بالبنت قبل البلوغ بغير ولى " . ( ص 460) نقرأ قولهم : أجمعوا كلهم
على أن ابنة تسع لا تستصبى إلا أن يكون في عقلها ضعف ، وإلا فإذا بلغت تسعا فقد
بلغت .
قلت : أي خطر وكارثة أكبر من هذا ؟ فيمكن
أن تخرج الصغيرة في المرحلة الابتدائية وقد بلغت تسعا فلا تذهب إلى مدرستها ،
وإنما تذهب إلى من يزنى بها باسم المتعة والعفة !!
أما في غير المرحلة
الابتدائية فحدث ولا حرج !!
ولعل المسلمين كافة يتنبهون إلى هذا الخطر متى
وجدوا في بيئة يدنسها أي من هؤلاء الذين يستحلون الزنى بالصغيرات سرا دون علم
أهلهن ، وغير الصغيرات من المراهقات ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
وحتى نخرج من هذه المنطقة العفنة الموبوءة أكتفى
بذكر شيئين :-
الأول : أن الاغتصاب والإكراه على الزنى جعلوه
زواجا .
الثانى : الإشارة السريعة إلى بعض ما تبقى من
أبواب المتعة .
وإليك الأول ويبينه ما يأتى :
عن أبى عبدالله u
قال : جاءت امرأة إلى عمر فقالت : إنى زنيت فطهرنى ، فأمر بها أن ترجم ، فأخبر
بذلك أمير المؤمنين u ، فقال : كيف زنيت
؟ قالت : مررت بالبادية فأصابنى عطش شديد ، فاستقيت أعرابيا فأبى أن يسقينى إلا أن
أمكنه من نفسى . فلما أجهدنى العطش وخفت على نفسى سقانى فأمكنته من نفسى . فقال
أمير المؤمنين u : " تزويج ورب
الكعبة " !! ؟ ( ص 472 ) .
هذا هو الخبر ، نقلته كما
هو ، ونلحظ ما يأتى :
كلمة عمر ، وهو أمير
المؤمنين أنذالك رضي الله تعالى عنه ، ذكرت مجردة ، وأخفى الرافضة في أنفسهم ما
أخفوا ، والكليني روى هذا الخبر ، وقد عرفنا من دراستنا لكتابه " الكافى
" تكفيره للصحابة الكرام البررة وعلى الأخص الثلاثة الخلفاء الراشدين .
وعبارة "u " التي تذكر
عادة للأنبياء جعلت لأبى عبدالله أي جعفر الصادق - رضي الله تعالى عنه ، ولأمير
المؤمنين على - رضي الله تعالى عنه ، وهذا قبل أن يصبح أميرا للمؤمنين .
الاختلاف والكذب في القصة
من أوضح ما يكون ، فحفظ النفس مقدم على العرض فكيف ترجم من خافت ، ولم تمكن
الأعرابى من أن يزنى بها إلا وهي كارهة مضطرة ، وعامة الناس يدرك هذا فكيف بمن لو
كان نبى بعد خاتم الأنبياء - r - لكان هو عمر ؟ !
إذا كان الهدف مما سبق من
الكذب هو تجريح عمر الفاروق ـ رضي الله تعالى عنه وأرضاه وأذل شانئيه ـ فإن الكذب
الأكبر والتجريح الأشد هو ما نسب لعلى رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه وبرأه مما
قالوا ، حيث جعل الإكراه على الزنى واغتصاب امرأة توشك على الهلاك لحاجتها
لشربة ماء ، جعل هذا زواجا بأركانه وشروطه
التي شرعها الله عز وجل ، ورسوله r .
هدف أتباع ابن سبأ هدم الإسلام من الداخل ، لذلك
لم يتورعوا عن ذكر ما يسىء للإمام على هو نفسه ما دام ذلك يساعد على تحقيق هدفهم .
وأحب هنا أن أعود إلى
التذكير مرة أخرى بالخطأ الفادح الذى لا يجوز أن يصدر من مسلم ، وهو التسليم بصحة
نسبة هذه الأكاذيب للإمام الصادق - رضي الله تعالى عنه ، ثم اتهامه هو ـ وحاشاه ثم
حاشاه ـ بالكذب ، حيث جاء في كتابات بعض من رد على الرافضة عبارة " قال
صادقهم الكذاب " !! وقد كاد شيخى الإمام محمد أبو زهرة رحمه الله - أن يكفر
من اتهم الإمام الصادق بالكذب .
كما أذكر أيضا بأن المعتدلين من الشيعة عليهم
واجب أكبر في التصدى لهؤلاء الغلاة من الرافضة ، وفضحهم ، وبيان كيدهم للإسلام
وأهله وأئمة المسلمين.
وبعد ما سبق ننتقل إلى الإشارة السريعة إلى بعض
ما تبقى من أبواب المتعة .
" باب أنه لا حد
للمهر ولا للأجل في المتعة قلة ولا كثرة " ( ص 470) .
وفى الباب بيان جواز الدرهم ، وكف الطعام
والسواك ، وما شاء من الأجل .
" باب ما يجب على المرأة من عدة المتعة
" . ( ص 473) :
وفيه : إن كانت تحيض فحيضة ، وإن كانت لا
تحيض فشهر ونصف ، فرقة بغير طلاق ، ولذلك يمكن أن تتكرر الفرقة ألف مرة أو أكثر .
" باب أن المرأة
المتمتع بها مع الدخول لا يجوز لها أن تتزوج بغير الزوج إلا بعد العدة ، ويجوز أن
تتزوج به فيها " ( ص 475) .
وفيه : ليس بينهما عدة
إلا لرجل سواه ، إن شاءت تمتعت منه أبدا ، وإن شاءت تمتعت من عشرين بعد أن تعتد من
كل من فارقته .
" باب وجوب كون الأجل في المتعة معلوما مضبوطا ، وحكم الساعة
والساعتين ، فأنه يجوز اشتراط المرة والمرات مع تعيين
الأجل
" . ( ص 478)
وفيه : إن الساعة والساعتين لا يوقف على
حدهما ، ولكن يجوز أن يشرط الجماع مرة واحدة ، فإذا فرغ فليحول وجهه
ولا ينظر ، ويجوز أن يشرط المرتين أو المرات مع تحديد الأجل .
" باب أنه يجوز أن يتمتع بالمرأة
الواحدة مراراً كثيرة ، ولا تحرم في الثالثة ولا في التاسعة كالمطلقة ، بل هي
كالأمة
" . ( ص 480) .
وفيه : ليس هذه مثل الحرة ، هذه مستأجرة وهي
بمنزلة الإماء .
" باب جواز حبس المهر عن المرأة المتمتع
بها يقدر ما تخلف من المدة إلا أيام حيضها فإنها لها " ( ص 481) .
وفيه : إذا اشترط أن تأتيه كل يوم حتى توفيه شرطه
، يحاسبها على ما لم تأته من الأيام .
فمهر البغاء الواضح الجلى
- سرا أو علنا - يعتبرونه من شرع الله عز وجل ! ولكن فلنستمر في الإشارة للأبواب
وكفى .
" باب أن المرأة المتمتع بها إذا ظهر لها
زوج وقد بقى من مهرها شيىء سقط عن المتمتع وبطل العقد " . ( ص 482 ) .
" باب أنه لا يجب في المتعة الإشهاد ولا
الإعلان بل يستحبان " ( ص 484).
وفيه : صاحب
الأربع نسوة يتزوج منهن ما شاء بغير ولى ولا شهود .
" باب عدم ثبوت الميراث في المتعة للزوج
ولا المرأة " . ( ص 485) .
" باب جواز العزل عن المتمتع بها " .
( ص 489) .
" باب جواز اشتراط الاستمتاع بما عدا الفرج
في المتعة فيلزم الشرط "
( ص 491) .
" باب جواز التمتع بالهاشمية والقرشية
" . ( ص 491) .
" باب أن من أراد التمتع بامرأة فنسى
العقد حتى وطأها فلا حد عليه ، بل يتمتع بها ، ويستغفر الله " . ( ص 492) .
" باب حكم من تمتع بامرأة على حكمه
" . ( ص 493) .وفيه: لا بأس ولكن لابد أن يعطيها شيئا لأنها لا ترثه .
" باب حكم من تمتع بامرأة فزوجها أهلها
رجلا آخر " . ( ص 493) .
" باب أن المتمتع
بها تبين بانقضاء المدة وبهبتها ولا يقع بها طلاق " ( ص 494) .
" باب أنه لا نفقه
ولا قسم ولا عدة على الرجل في المتعة " . ( ص 495) .
في
" باب حكم من اشترى جارية حاملا " ( 14 / 505 ) جاء قولهم : " لك
ما دون الفرج إلى أن تبلغ في حملها أربعة أشهر وعشرة أيام ، فإذا جاز حملها أربعة
أشهر وعشرة أيام فلا بأس بنكاحها في الفرج " .
وجاءت روايات تبين النهي والتحريم ، وبعضها
مرفوع ، فقال صاحب الوسائل : حمل الشيخ :
أي الطوسى ـ وغيره النهي عن الوطء بعد أربعة أشهر وعشرة على الكراهة . ( 14 / 507 ) .
وبعد ما رأيناه في المتعة لم يعد شيىء يستغرب
يصدر عن هؤلاء القوم فإتيان الحبلى من غيره في دبرها وما دون الفرج قبل أربعة أشهر
وعشرة أيام ، ثم استباحة الفرج بعد هذه الفترة ، كل هذا لم نعهده في الإسلام ، دين
النقاء والطهر.
ثم بعد إجارة الفروج نفاجأ بإعارتها !!
حيث يوجد "
باب أنه يجوز للرجل أن يحل جاريته لأخيه فيحل له وطؤها بملك المنفعة " ( 14 / 531 ) .
وفيه : إذا أحل الرجل لأخيه جاريته فهي له حلال
، وفى رواية : يحل فرج جاريته لأخيه ، وفى أخرى ينسبون للإمام الصادق ـ وحاشاه ـ
أنه قال : يا محمد ، خذ هذه الجارية تخدمك
وتصيب منها ، فإذا خرجت فأرددها إلينا .
وهذا يعنى أن جواز مواقعة الجارية ليس قاصراً
على مالكها ، وإنما له أن يعيرها لمن يواقعها ، ثم يردها إليه ، وبالطبع يمكن أن
يكرر هذه الإعارة لمن شاء ، شأن أي متاع
يعار فتوهب منفعته دون العين . ويمكن لأهل حى أن يشترى أحدهم جارية ، ثم يستعيرها
من شاء !! ويستحل فرجها لكل من استعارها للوطء !! وتحت الباب جاء ما يخالف هذا
الفجور والمجون ، فحملوه على التقية ،
ورفضوا الأخذ به .
وإذا كان كل ما سبق ليس من الزنى فما مفهوم
الزنى إذن عند هؤلاء القوم ؟!
وفى "
باب جواز وطء الأمة وفى البيت من يرى ذلك ويسمع على كراهية " ( 14/ 548) :
عن أبى عبدالله في الرجل
ينكح الجارية من جواريه ومعه في البيت من يرى ذلك ويسمعه ، قال : " لا بأس "
" باب أنه يجوز أن تشترط المرأة على الزوج
استمتاعه منها بما دون الوطء ، فلا يحل له إلا أن تأذن بعد ذلك . ( 15 / 45) .
وفيه : " لا تدخل فرجك فى فرجى وتلذذ بما
شئت ، فإنى أخاف الفضيحة " .
" رجل تزوج بجارية على أن لا يفتضها ،
ثم أذنت له بعد ذلك ؟ قال : إذا أذنت له فلا بأس "
قلت : أي فضيحة في الزواج
؟ وكيف تظل الزوجة بكراً فيأتيها زوجها من الدبر وما دون الفرج ؟ !
إن هذا لا يكون إلا في زنى السر الذى أسموه
زواج المتعة .
ومن أبواب أحكام الأولاد ما يأتى :
" باب استحباب التسمية بأحمد والحسن
والحسين وجعفر وطالب وعبدالله وحمزة وفاطمة " ( 15 / 128 ) .
" وباب كراهة التسمية بالحكم وحكيم وخالد
ومالك وحارث ويس وضرار ومرة وحرب وظالم وضريس وأسماء أعداء الأئمة عليهم السلام
" . ( 15 / 130) .
" وباب استحباب تحنيك المولود بالتمر وماء
الفرات ، وتربة قبر الحسين ، u " . ( 15 / 137 ) .
و" باب كراهة استرضاع الناصبية " .
( 15/ 187 )
وفيه : رضاع اليهودية والنصرانية خير من رضاع
الناصبية .
وسبق من قبل بيان أن
هؤلاء الرافضة يعتبرون من قال بتقديم الشيخين وصحة إمامتهما يعتبرونه ناصبيا .
و" باب استحباب
تعليم الأولاد في صغرهم الحديث قبل أن ينظروا في علوم العامة " . ( 15 / 196)
.
وفيه : إنا نأتى هؤلاء
المخالفين فنسمع منهم الحديث فيكون حجة لنا عليهم ، فقال ـ أي الإمام الصادق : لا
تأتهم ولا تسمع منهم ، لعنهم الله ولعن مللهم
المشركة !!
و" باب استحباب
إكرام البنت التي اسمها فاطمة ، وترك إهانتها " ( 15 / 200) .
قلت : هؤلاء الرافضة الغلاة
يفترون الكذب على الإمام الصادق رضي الله تعالى عنه ، فينسبون له الحكم بأن غير
الرافضة مشركون يستحقون اللعنة ، أفلا يستحق زنادقة الرافضة لعنة الله تعالى
والملائكة والناس أجمعين ؟!
ومن أعداء الأئمة الذين يكره التسمية بأسمائهم
؟ إن الرافضة الذين رفضوا إمامة أبى بكر وعمر والثناء عليهما ، وأجمعوا على كفر
الخلفاء الراشدين الثلاثة ومن تبعهم ولم يؤمن بعقيدتهم الباطلة ، هؤلاء الرافضة
يرون أن الخلفاء الراشدين كفروا لأنهم اغتصبوا الإمامة ، فهم أعداء الأئمة .
وقد ذكرت من قبل في هذا
الفصل أسماء أبو بكر وعمر وعثمان من أبناء على بن أبى طالب ، ومن أحفاده أبناء
الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم جميعا ، فماذا يقول هؤلاء القوم ؟! أليسوا هم
أنفسهم بالرفض يعتبرون بحسب الواقع الملموس أعداء الأئمة ؟ وفى خاتمة الكتاب سنجد
أن ثلاثة من الذين وجهوا الشيعة الاثنى عشرية في عصرنا لم يتأسوا بسيرة أهل البيت
الأطهار ،ولم يحدوا من غلو زنادقة الرافضة في موقفهم من المخالفين لهم ، بل وجهوا
الشيعة إلى أسوأ ما عليه الرافضة في أي عصر من العصور . وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
.
على كل حال بعد أن مررنا بهذه المنطقة العفنة ،
وتحملنا الآلام ونحن نقرأ ما قاله الرافضة في زواج المتعة ، وهم الذين قال الإمام
الشافعى فيهم : أشهد الناس بالزور الرافضة " ولذلك نسبوا للإسلام زورا
وبهتانا أنه يقر الزنى والفجور ، بالمتزوجة وغير المتزوجة ، ويقر اغتصاب المرأة
التي توشك على الهلاك مقابل إعطائها شربة ماء ، وغير ذلك من الجرائم
والموبقات التي جعلوها تحت اسم نكاح المتعة ، بعد أن مررنا بهذه المنطقة بسرعة تاركين التفصيل لمن يشاء أن
يرجع إلى الأصل ، بعد هذا أنتقل إلى روايات العتق والأيْمان ، ثم نختم هذا الفصل
بالبحث القيم عن زواج المتعة لأستاذى الجليل الشيخ على حسب الله يرحمه الله تعالى
، وببحث آخر لأحد علماء الشيعة المعتدلين .
في كتاب العتق نجد "
باب جواز عتق المستضعف ـ ولو في الواجب ـ دون المشرك والناصب " . ( 16 / 19 )
.
وفى كتاب الأيمان
نجد" باب تحريم الحلف بالبراءة من الله ورسوله صادقا كان أو كاذبا
.." ( 16 /125 ) .
" وباب تحريم الحلف
بالبراءة من الأئمة عليهم السلام " ( 16 / 126 ) .
" وباب جواز الحلف باليمين الكاذبة للتقية
... "
( 16 / 134 ) وبينت من قبل مفهوم التقية عندهم .
و" باب أن من حلف يمينا ثم رأي مخالفتها خيرا من الوفاء بها جاز له المخالفة
بل استحبت ، ولا كفارة عليه " ( 16 / 145 ) .
ولو لم يقولوا بعدم الكفارة لوافقوا جمهور
المسلمين ، وهم لا يريدون هذا كما بينا في التعارض والترجيح ، وما تقرر عند هؤلاء
القوم من أن مخالفة العامة ـ أي عامة المسلمين - من علامات الإيمان .
منذ أكثر من ربع قرن كنت في الكويت ، وسعدت
بصحبة أستاذى الجليل الشيخ على حسب الله قبل وفاته يرحمه الله تعالى ، وأخبرنى
برغبته في كتابه بحث عن زواج المتعة ، فسعدت بهذه الرغبة لما تميز به شيخنا من دقة
وعمق في أبحاثة ، يدرك هذا جميع طلبته ومن
يقرأ كتبه . ونقلت هذه الرغبة لبعض إخواننا من الشيعة ، حيث تم لقاء وحوار بينهم ،
كما أمكن الحصول على المراجع التي تتصل بالموضوع .
وكنت مع شيخنا - يرحمه الله - طوال فترة
كتابته للبحث ، غير أننى لم أطلع على شيىء مما كتبه إلا بعد الانتهاء من الكتابة ،
فوجدته بحثا علميا دقيقا قيما ، ومع هذا فلا زلت أذكر أن أحد الشيعة الذين زاروه
أعطيته نسخة من البحث ، ووجدته بعد اطلاعه غاضبا ثائرا ، فذكرنى بقول الحق تبارك
وتعالى : ""وَلَن
تَرضي عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ "" .
والبحث جعله أستاذى في
كتابه " الزواج في الشريعة الإسلامية " ، وإتماما للفائدة المرجوة رأيت
أن أنقله هنا كاملا تاما مع حاشيته .
زواج المتعة ([358]) : وجمهور المسلمين على
أن العقد لا يصح ، لأن المراد به مجرد الاستمتاع دون الولد ، وقد ثبت أن رسول الله
r
نهي عن زواج المتعة ، وهو الزواج الذى لا يقصد به إلا الاستمتاع ، سواء أعقد بلفظ
المتعة أم عقد بغيره.
وذلك لأن أهم مقاصد الزواج سكن الرجل إلى المرأة
وبقاء النوع بالتناسل ، وتكثير سواد المسلمين ، قال تعالى "" وَمِنْ
آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً "" ([359]) ، وقال تعالى :
"" هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا
حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ
رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ"" ([360])
وقال
سبحانه : "" وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم
مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ
وَحَفَدَةً "" ([361]) ، وعن معقل بن يسار أن
رجلاً جاء إلى النبى r
فقال : " إنى أصبت امرأة ذات حسن
وجمال ، وإنها لاتلد ، أفأتزوجها ؟ قال : لا . ثم أتاه الثانية ، فنهاه ، ثم أتاه
الثالثة ، فقال : تزوجوا الودود الولود ، فإنى مكاثر بكم الأمم " ([362]).
وهذه المقاصد الشريفة لا
تتم لبنى الإنسان على الوجه الأكمل إلا بزواج مستمر دائم ، يتعاون فيه الزوجان على
العناية بثمرة اجتماعهما .
وإذا كان الخالق سبحانه قد وضع في الإنسان
غريزة الجنس لتكون حافزاً إلى زواج يبقى به النوع ، ويعمر به الكون ـ فلا شك في أن
فتح باب المتعة يحول مجرى هذا الحافز ، إذ يجعل كثيرا من الناس يكتفون في قضاء
حاجتهم الجنسية بالمتعة ، وينصرفون عن الزواج المطلوب بما فيه من تبعات وتكاليف .
وذهب
فريق من الشيعة إلى إباحة زواج المتعة ، واستدلو لهذا :
1ـ بقوله تعالى :"" فَمَا
اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً "" ([363]) . فقد عبر بالاستمتاع دون
النكاح ، فدل على اعتبار عقد المتعة كما اعتبر عقد النكاح الدائم .
ويرشحه أنه عبر في الآية
بالأجور دون المهور .
2ـ
بما ثبت عن رسول الله r أنه أباح المتعة
لأصحابه ، ولم يثبت أنه نهي عنها ، فبقيت إباحة الرسولr مع دلالة الآية
الكريمة دون أن يلحقهما ناسخ .
3ـ بما روى عن ابن عباس وغيره من الصحابة
والتابعين من الإفتاء بحلها .
( أ ) فأما تفسيرهم للآية فيرده سياقها ، حيث قال تعالى في بيان المحرمات : " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم
والمحصنات من النساء " ، أي حرم
عليكم التزوج بهؤلاء .. يعنى ذلك الزواج الدائم المعهود في الإسلام ، ثم عطف قوله
تعالى : "" أُحِلَّ لَكُم مَّا
وَرَاء ذَلِكُمْ "" على قوله : "" حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمْ
"" .
ومعنى قوله تعالى : "" وَأُحِلَّ
لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ
مُسَافِحِينَ "" ـ أحل لكم أن تتزوجوا من عدا المحرمات
المذكورات قبل ([364]) لتبتغوا النساء بأموالكم
، أي لتتزوجوهن بالمهور قاصدين ما شرع الله النكاح لأجله ، من الإحصان وتحصيل
النسل دون مجرد سفح الماء وقضاء الشهوة ،
كما يفعل الزناة ، ففى الآية نهي عن وضع المرأة موضع الذلة والمهانة يجعلها
مستأجرة لمجرد سفح الماء ، وإبعادها بهذا عن وظيفتها الكريمة في الحياة الإنسانية
، ولا نزاع في أن الذى يعقد المتعة ليوم أو يومين ويجوز له أن يشترط العزل كما
قالوا لا
يكون غرضه إلا سفح الماء وقضاء الشهوة الحيوانية .
وكما حرم الله المسافحة على الرجال في هذه
الآية الكريمة - حرم المسافحة واتخاذ الأخدان على الرجال والنساء جميعا في قوله
تعالى : ""مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ
مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ "" ([365])
، وقوله سبحانه
:"" ُمحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ
مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ "" ([366]) وأين الزواج المؤقت بليلة
ونحوها من اتخاذ الأخدان ؟
ثم رتب بالفاء على ذلك الزواج الذى يعقد للمقاصد التي أرادها الخالق سبحانه
: من الإحصان وتحصيل النسل ، دون المسافحة واتخاذ الأخدان قوله تعالى :
"" فَمَا اسْتَمْتَعْتُم
بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً "" .
وحقيقة الاستمتاع فيه
تحصيل المتعة واللذة ، ويشمل بإطلاقة الوطء والتقبيل وغيرهما ، والمعنى استمعتم به
ـ بوطء أو غيره ـ منهن ، أي ممن تزوجتموهن مما أحله الله لكم ـ فقد وجب إعطاؤهن
مهورهن كاملة .
وروى عن ابن جرير عن ابن
عباس أنه قال في تفسير هذه الآية : " إذا تزوج الرجل منكم المرأة ، ثم نكحها
مرة ـ فقد وجب صداقها كله " .
فالآية دليل على أن المهر يجب أو يتأكد
وجوبه كاملا بالاستمتاع ، لا بعقد الزواج وحده ([367]) . ومن زعم أن الاستمتاع
هنا مصروف عن معناه إلى عقد زواج مؤقت فعليه الدليل ([368]) .
وإنما سميت المهور في الآية أجوراً للإشعار بأنها
تعطى في نظير منفعة للزوج ، حثا على عدم المماطلة والتهاون في أدائها ، وهي تسمية
معهودة في الكتاب الكريم حيث قال تعالى في أزواج النبى r : "" يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ "" ([369]) ، وقال سبحانه في التزوج
بالمحصنات من المؤمنات ومن الكتابيات : "" الْيَوْمَ
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ
000 وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن
قَبْلِكُمْ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ "" ([370]) ، وقال في التزوج
بالإماء : "" فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ
أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ "" ([371]) .
وهذا الذى قلناه في تفسير الآية هو المتبادر
منها والموافق لما جعله الله تعالى صفة أصلية من صفات المؤمنين ، وأنزله على رسوله
r
قبل الهجرة مرتين توكيدا له حيث قال تعالى في سورتى المعارج والمؤمنين
"" وَالذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ "" ([372]) .
وقد نزلت هذه الآيات الكريمة في وقت لا نجد في
الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يعد اعترافا من الإسلام بنكاح المتعة فيه ، فلا
يراد بالأزواج فيه إلا الأزواج المعهودة في زواج دائم ، ومن ادعى أن المتمتع بها
تدخل في عداد الأزواج في هذه الآية فعليه الدليل .
ولو كان ما ذهبوا إليه في تفسير الآية صحيحا
لوجد في المسلمين من يقول لعمر ـ حينما أذاع حرمة المتعة كما سيأتى ـ : أنبأنا
الله بغير ما قلت في قوله تعالى : ""فَمَا
اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً "" ، ولرجع
عمر عن قوله واعترف بخطئه ([373]) ، ولاحتج بها ابن عباس
على عبدالله بن الزبير في مناقشتهما الآتية .
وبهذا لا ينبغى لأحد أن يتعلق في إباحة
المتعة بشئ من الكتاب الكريم ، ويحمل آياته ما لاتحتمل ، انتصارا لمذهب اعتنقه ،
أو رأي قلد فيع غيره ، فإن الكتاب الكريم فوق كل مذهب ، وأعلى من كل رأي .
والكلام بعد هذا في مسألة
النسخ لا يقوم على أساس ، بل هو اشتغال بما لاحاجة إليه ، ولا فائدة فيه .
( ب ) وأما قولهم : إن الرسول r أباح المتعة لأصحابه فهو حق ، ولكنه r
إنما أباحها بأمر الله لحاجة عارضة في فتح مكة استثناء من الأصل القرآنى العام ،
ثم نهي عنها عقب الإذن بها نهيا مؤبدا ، كما استباح مكة بأمر الله ساعة من نهار ،
وكما منع إقامة حد السرقة في الحرب .
ومن استعرض الآثار التي
وردت في النهي عن المتعة مرتبة بحسب الزمن الذى تعلقت به ، وحاول أن يصل منها إلى
الحق لوجه الحق دون تأثر بمذهب تجلت له الحقيقة إن شاء الله تعالى ، وإليك هذه
الآثار بترتيبها الزمنى :-
1ـ روى البخارى ومسلم
ومالك وغيرهم عن على رضي الله عنه - أن رسول الله r نهي عن المتعة وعن الحمر الأهلية زمن خيبر (صفر
سنة 7 هـ ) .
وروى محمد بن الحنفية عن على رضي الله عنه ـ
أن منادى رسول الله r نادى يوم خيبر ـ " ألا إن الله تعالى ورسوله ينهيانكم عن
المتعة " .
وليس في الحديثين كما ترى ما
يدل على أن المسلمين فعلوها في خيبر ، ولا أن الرسول أمرهم بها حينئذ وليس فيها
ولا في غيرها ما يدل على أنه أباحها لهم قبل ذلك ، إلا ما روى عن ابن مسعود أنه
قال : " كنا نغزو مع رسول الله r وليس معنا نساء ،
فقلنا : ألا نختصى ؟ فنهانا عن ذلك ، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب ، وفى
رواية : " ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل " ، وفى أخرى :
" رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ففعلنا ، ثم ترك ذلك " ، وفى أخرى : " ثم جاء
تحريمها بعد " وفى أخرى : " ثم نسخ " ([374]) .
وقد يكون المراد بهذا الحديث - إذا اقتصرنا على
الرواية الأولى - تيسير أمر الزواج بما قل من المهر ، وإن صح ما بعد ذلك ـ فإنه
يحمل على ما كان من الغزوات قبل خيبر ، وكان الناس قريبى عهد بالجاهلية التي كانت
تستباح فيها الحرمات .
فلما فتحت خيبر ، وغنم المسلمون فيها مالا ،
وسبوا نساء - اغتنم النبى r هذه الفرصة ، فنهي عنها ، اكتفاء بما أصابوا من سبايا ، فنقل
المسلمين في رفق مما كانوا عليه في الجاهلية إلى الأصل العام في صفات المؤمنين
وكانت الفترة السابقة فترة تدرج في التشريع ، على عادة الإسلام في التدرج في
التشريع حتى يكمل الدين بتمام الرسالة ، كما تدرج بهم في تحريم الخمر ([375]) .
وروى أن رسول الله r نهي عن المتعة في
عمرة القضاء(ذى القعدة سنة 7 هـ ) ، وقد ضعف بأنه من مراسيل الحسن ، ومراسيله كلها
ضعيفة ، لأنه كان يأخذ عن كل أحد ، ولعل الأمر اختلط على الراوى لأن عمرة القضاء
كانت في عام خيبر ، وإذا صح فإنه يكون من باب تكرار النهي في وقت تدعو الحاجة فيه إلى التذكير بالحرمة . ولا
دلالة فيه على أن المتعة كانت مباحة كما قدمنا .
2ـ
وروى مسلم بسنده عن سبرة بن معبد الجهنى - أنه غزا مع رسول r فتح مكة ( رمضان
سنة 8 هـ ) ، فأذن لهم في المتعة ، ثم نهي عنها فقال : " أيها الناس ، إنى كنت قد أذنت لكم في
الاستمتاع من النساء ، وقد حرم الله ذلك إلى يوم القيامة ، فمن كان عنده شيىء منهن
فليخل سبيله ولا تأخذوا مماآتيتموهن شيئا " .
وفى رواية أخرى عنه " أمرنا رسول اللهr
بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ، ولم نخرج منها حتى نهانا عنها " .
وعن الربيع بن سبرة أنه
قال : أباح رسول الله r المتعة عام الفتح
ثلاثة أيام، فجئت مع عم لى إلى باب امرأة ومع كل منا بردة وكانت بردة عمى أحسن من
بردتى ، فخرجت إلينا امرأة كأنها دمية عيطاء ، فجعلت تنظر إلى شبابى وإلى بردته
وقالت : هلا بردة كبردة هذا ، أو شباب كشباب هذا ؟ ثم آثرت شبابى على بردته ، فبت
عندها ، فلما أصبحنا إذا منادى رسول الله r
ينادى : " ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عن المتعة " ، فانتهي الناس عنها
ـ
وروى مسلم عن سلمة بن
الأكوع أنه قال : " رخص رسول الله r
عام أوطاس في المتعة ثلاثة أيام ، ثم نهي عنها " .
ويلاحظ في هذا الحديث أن
الراوى قال : " عام أوطاس " ، ولم يقل :" في أوطاس " ، وعام أوطاس هو عام الفتح ، فقد كان الفتح في
رمضان ، وكانت أوطاس ـ أو حنين أو هوازن ـ عقب ذلك في شوال ، ولأمر ما كانت أوطاس
أقرب إلى ذهن الراوى فذكرها بدل الفتح ، وإلا فليس من المعقول أن ينهي الرسول عن
المتعة نهيا مؤبدا في رمضان ، ثم يبيحها في شوال .
هذا إلى أن حال المسلمين
في أوطاس كحالهم في خيبر : غنموا مالا ، وسبوا نساء ، فكان لهم فيما سبوا ما
يغنيهم عن المتعة ، ولهذا اهتم الرسول r بسبايا أوطاس فقال
فيهن : " لا توطأ حامل حتى تضع حملها ولا غير حامل حتى تحيض حيضة " .
3ـ
أخرج الحازمى عن جابر أنه قال : خرجنا مع النبىr إلى غزوة تبوك ( سنة 9 هـ) ، حتى إذا كنا عند العقبة مما يلى
الشام جاءتنا نسوة ـ كنا تمتعنا بهن ـ
يطفن برحالنا ، فسألنا النبى r عنهن فأخبرناه ،
فغضب وقام إلينا خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ثم نهي عن المتعة ، فتواعدنا يومئذ
، فسميت ثنية الوداع .
وأخرج ابن حبان مثله عن أبى هريرة ، وفى آخره
... فقال r :-
" هدم المتعةَ
النكاحُ والطلاق والميراث " .
وقد ضعف حديث جابر بأنه
من طريق عباد بن كثير وهو متروك ، وضعف حديث أبى هريرة بأنه من رواية مؤمل بن
إسماعيل عن عكرمة بن عمار ، وفى كل منهما مقال .
وعلى فرض صحتهما ليس
فيهما إباحة المتعة ، ولا التصريح بوقوعها فعلا بل فيهما تقرير التحريم من رسول
الله r حيث خشى أن يقع
فيها - أو أن يكون قد وقع فيها - بعض أصحابه .
4ـ
وروى أحمد وأبو داود عن سبرة أن رسول الله r نهي عن المتعة في
حجة الوداع ( سنة 10هـ ).
وقد ضعف بأنه لو وقع لنقله خلق كثير ، ولعله
من باب الخلط بين الفتح وحجة الوداع لتشابههما ، وعلى فرض صحته يكون توكيدا للنهي
السابق عام الفتح وليس منافيا له .
ولعلك تلاحظ معى أن نهي
النبى r عن المتعة كان يقع
حينما تكون هناك تجمعات غير عادية ، قد يعتبرها بعض الناس فرصة لاستباحتها كما
كانوا يفعلون في الجاهلية .
وإذا كان النهي عنها قد
وقع في عدة مواقف - أولها ما روى عن على رضي الله عنه في خيبر - فإن الإذن بها لم
يصح بغير علة - كما قال صاحب الفتح - إلا في غزوة الفتح ، فهي التي صرح فيها
بالإباحة ، وهي التي وقع فيها النهي المؤبد عنها .
وانتصار المسلمين في فتح
مكة هو ذروة سنام انتصاراتهم في الغزوات
السابقة ، وبه زال الجفاء وارتفع العداء بين المدينتين العظيمتين ، واتصل
ما انقطع من الرحم بين أهلها ، وأيامه أيام عيد كبير لا يقل عن الأعياد العادية
التي أباح رسول الله فيها اللعب البرىء ، وقال عنها : " إنها أيام أكل وشرب
وبعال " . ولم يكن في فتح مكة مثل ما كان في خيبر وأوطاس من سبايا ، فأباح r المتعة فيه من باب التوسعة وإدخال البهجة والسرور على نفوس جنود
بعدوا عن أزواجهم وأهلهم في فرصة لا مثيل لها في تاريخهم ، فالإباحة فى الواقع
استثنائية ، وترك بابها مفتوحا أبدا يعود على المشروع الأصلى بالنقض ، إذ يؤدى إلى وضع العلاقة الزوجية موضع
المسافحة ، ويبعدها عن الغرض المقصود من الزواج
الدائم ، ولا أدل على هذا من أن يؤدى القول بإباحتها إلى القول بصحة تزوج
الرجل المرأة متعة على عرد واحد كما سيأتى . ومن أجل هذا نهي الرسول r عنها بعد ثلاث كما تقدم .
وإذا كان هذا النهي لم
يبلغ بعض الناس - كابن عباس وغيره - فبقى على القول بالحل مطلقا أو عند الضرورة فقد حمله إلى الأمة من تقوم به الحجة على مثله ، ومتى صدر الحكم
من الرسول r ، وسمعه من تقوم
الحجة بسماعه ـ كان على من سمعه أن يبلغه ، عملا بقوله r :
" ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع " ، وعلى كل من
علمه أن يعمل به ، ومن لم يبلغه الخبر لا يكون حجة على من سمعه أو بلغه ، فإن من
عرف حجة على من لم يعرف ، والإثبات مقدم على النفى .
وليس بعجيب أن يجهل بعض الناس حكم المتعة
، لأنها ليست من شعائر الإسلام ، ولا من الأمور التي تعم بها البلوى ، فيحتاج
الناس جميعاً إلى معرفة حكمها كما يحتاجون إلى معرفة وجوب الصلاة وحرمة الزنى ونحو
ذلك ، فقد فتح الإسلام باب الزواج الذى يكون به الإحصان ، وتتعلق به مصلحة بقاء
النوع على مصراعيه ، وحث الناس على ولوجه ، فأغناهم عن قضاء وطرهم الجنسى بسواه، والذين أصلح الله قلوبهم
بالإسلام ، وهذب طباعهم بأدابه إنما يستجيبون لنداء الفطرة من هذا الطريق ، ولا
تحملهم شهوة جامحة على التطلع إلى غيره
عملا بقوله تعالى : "" وَلْيَسْتَعْفِفِ
الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ "" ([376]).
وفى زمن عمر رضي الله عنه
وقعت حوادث فردية دلت على أن في الناس من يفعل المتعة جاهلاً أن الرسول r إنما أباحها لحاجة عارضة ثم حرمها تحريماً مؤبداً .
ومن ذلك ما روى مالك في الموطأ عن عروة بن الزبير ـ أن خولة بنت حكيم دخلت
على عمر بن الخطاب فقالت : إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه . فخرج
عمر فزعاً يجر رداءه وقال : " هذه المتعة لو تقدمت فيها لرجمت " يعنى لو
أنى علمت الناس من أمرها ما جهلوا ، وأذعت بينهم حرمتها ـ لرجمت من يفعلها ([377]).
ومنه ما أخرج عبدالرزاق في مصنفه عن جابر- أنه قال : قدم عمرو بن حريث
الكوفة ، فاستمتع بمولاة ، فأتى بها عمرو حبلى ، فسأله فاعترف([378]) .
قال جابر : فذلك حين نهي عنها عمر .
ولا يجوز في تقديرنا أن يكون ربيعة بن أمية
أو عمرو بن حريث أو غيرهما- إذا صح أن غيرهما قد فعلها ـ لا يجوز أن يكون أحد من
هؤلاء قد علم أن الرسول حرمها ثم يقدم على فعلها .
لهذا خطب عمر الناس ـ فيما أخرج ابن ماجه عنه بسند صحيح فقال : " إن رسول الله r أذن لنا في المتعة
ثلاثا ثم حرمها ، والله لا أعلم أحداً تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة " ،
وروى ابن جرير بسنده أن عمر بن الخطاب لما ولى أمر الناس خطب فقال " إن رسول الله
r
أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها ، والله لا أعلم أحدا تمتع وهو محصن إلا رجمته
بالحجارة إلا أن يأتينى بأربعة يشهدون أن رسول الله r أحلها بعد أن حرمها ، ولا أجد رجلا من المسلمين متمتعاً إلا جلدته
مائة جلدة إلا أن يأتينى بأربعة يشهدون أن رسول الله r أحلها بعد أن حرمها "([379]).
قال عمر هذا منذراً ومعلناً في ملأ من الصحابة
ولم يعارضه أحد ، لا من الحاضرين الذين سمعوه ، ولا من الغائبين الذين بلغهم
الخبر، ولم يقل له أحد من المسلمين : إنك خالفت آية في كتاب الله ، أو أمراً من
أوامر رسول الله ، مع أنه كان يقبل أن تعارضه امرأة ويرجع إلى قولها ، فكان سكوتهم
جميعاً تصديقاً له ، وإذا عد عمله خروجاً على الدين فكل من سكت عليه يكون شريكاً
له في ذلك حتى على رضي الله عنه ، ولا نظن أحدا من المسلمين يرضي باتهام أحد من
أصحاب رسول الله بالجبن في دين الله .
وفى مسلم أن عمر رضي الله عنه قال في متعة النساء : " إن الله تعالى
كان يحل لرسوله ما شاء ، وإن القرآن قد نزل منازله([380]) ، فأبتوا نكاح هذه
النساء ، أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا
رجمته بالحجارة " ([381]) ، وقال في متعة الحج
: " أتموا الحج والعمرة كما أمركم
ربكم " وفى رواية : " افصلوا حجكم عن
عمرتكم ، فإنه أتم لحجكم ، وأتم لعمرتكم " .
ومن هذا ترى أن عمر رضي الله عنه ما كان يهدد
بالعقوبة على متعة الحج بل كان يرشد الناس ـ مصيباً أو مخطئاً ـ إلى ما يراه أكمل
لحجهم وعمرتهم ، وأكثر ثواباُ لهم ، من غير إلزام لأحد منهم ، ولهذا قال عبدالله
بن عمر - حينما أفتى في متعة الحج بغير ما أفتى أبوه ، وسئل عن ذلك - : " إن
عمر لم يقل إن المتعة في أشهر الحج حرام ، بل قال إن أتم العمرة أن تفردوها من أشهر
الحج ، وإنما كان يبتغى بذلك الخير للناس ، فلم تحرمون ما أحل الله وعمل به رسوله
؟ أفسنة رسول الله أحق أن تتبعوا أم سنة عمر ؟ "([382])
.
وقد تبين مما قدمنا أن
عمر كان يعتمد في تحريم متعة النساء على تحريم رسول الله r
إياها ، وهي التي كان يتهدد من يفعلها ولا عليه بعد هذا أن يقول أحياناً مشدداً
ومتوعداً ومنفذاً لأحكام الشريعة التي نصب لإقامتها - : " أنا أحرم المتعة
وأعاقب عليها " ، فإن كل مسلم ـ فضلا عن ولى الأمر ـ يستطيع أن يقول أنا أحرم
الخمر وأحرم الزنى ، يعنى أنه يدين بهذا ويعمل به ، لا أنه ينشئ تحريماً من عند
نفسه ، فدعوى أن عمر رضي الله عنه يحرم من تلقاء نفسه دعوى هزيلة رخيصة .
(ج) وأما قولهم : إن ابن عباس وغيره قد أفتوا
بإباحتها ، وإن من الصحابة من كان يفعلها ، فتلك آراء فردية لا ترقى إلى رتبة
المعارضة للآثار المروية عن رسول الله r ، ولا شك أن عمل
بعض الناس بها في زمن الرسالة ، فضلا عن عملهم بها في زمن أبى بكر وعمر - لا يكون
حجة على الإباحة إلا إذا ثبت أن رسول الله r قد
علم به وأقره.
وقد تقدم في حديث جابر وأبى هريرة عن غزوة
تبوك أن رسول الله r حينما علم أن نسوة
كن موضع متعة سابقة يطفن برحال الجنود - غضب ونهي عن المتعة ، لأنه خشى أن تتوجه
نفوس الجنود إليها ، فلو أنه لم يعلم وتمتعوا بهن - فهل يكون فعلهم هذا حجة على
الإباحة إذا قالوا بعد : لقد فعلنا المتعة على عهد رسول الله r ؟
وقد روى أن عليا رضي الله
عنه لما سمع ابن عباس يلين في متعة النساء قال له : " مهلا يا بن عباس، إنك
رجل تائه ، فإنى سمعت رسول الله r نهي عنها يوم خيبر
وعن لحوم الحمر الإنسية " ، وروى البخارى بسنده عن على رضي الله عنه أنه قال
لابن عباس : " إن النبى r نهي عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر" .
وروى مسلم بسنده عن عروة بن
الزبير - أن عبدالله بن الزبير قام بمكة خطيباً فقال " إن ناساً أعمى الله
قلوبهم كما أعمى أبصارهم - يعرض بابن عباس
وكان قد كف بصره ـ يفتون بحل المتعة " ، فقال له ابن عباس : " إنك لجلف
جاف ، فلعمرى لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين " ـ يعنى رسول الله r ([383]) ـ فقال له ابن الزبير :
" فجرب نفسك فوالله لإن فعلتها لأرجمنك بأحجارك" .
وقد روى ما يدل على أن فتوى ابن عباس كانت
مقصورة على حال الضرورة ، فقد روى البخارى
عن أبى جمرة أنه قال : سمعت ابن عباس يسأل عن متعة النساء ، فرخص فيها ، فقال له
مولى له ([384]) : إنما ذلك في الحال
الشديدة وفى النساء قلة أو نحوه ، فقال ابن عباس : نعم .
وروى الحازمى بسنده عن سعيد بن جبير أنه قال :
قلت لابن عباس ، لقد سارت بفتياك الركبان ، وقال فيها الشعراء ، قال : وما قالوا ؟
قلت : قالوا :
قد قلت للشيخ لما طال
محبسه |
يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس |
وهل ترى رخصة الأطراف
آنسة |
تكون مثواك حتى مصدر الناس |
فقال ابن عباس : سبحان
الله ! ما بهذا أفتيت ، وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير ، لا تحل إلا
للمضطر .
وقال الحازمى : إن النبى r لم يبح المتعة للناس
وهم في أوطانهم وبيوتهم ، وإنما أباحها لهم في أوقات ضرورة ، ثم حرمها عليهم
تحريما مؤبدا ، لم يخالف فيه إلا طائفة من الشيعة ([385]) .
وروى البهيقى عن ابن شهاب
الزهرى أنه قال : إن ابن عباس ما مات حتى رجع عن هذه الفتيا .
ومن هذا يتبين :
1ـ أن الآية التي استدل بها الشيعة على الإباحة لا تدل له ،
بل هي حجة عليهم ، ولو صح ما ذهبوا إليه في تفسيرها لعارض الناس بها عمر ، ولرد
بها ابن عباس على ابن الزبير .
2ـ وأن إباحة الرسول r لها لم تثبت بغير
علة إلا في غزوة الفتح ، والنهي عنها وقع في عدة مواقف منها ما روى عن على رضي
الله عنه ، وقد رواه الشيعة في كتبهم ، وكلها مواقف تجمعات غير عادية كما قدمنا
3ـ والذى روى إباحتها عام
الفتح روى مع هذا أن النبى r حرمها عقب ذلك تحريماً مؤبدا فكانت الإباحة استثناء من الأصل
الأصيل في صفات المؤمنين ، وكان التحريم رجوعا إلى ذلك الأصل كما قدمنا .
4ـ وبقاء بعض الناس على
القول بالحل مطلقا أو عند الضرورة لعدم علمهم بالتحريم أو عدم ثبوته عندهم لا يؤثر
في ثبوت الحكم بالحرمة عند الكافة ، كما لايؤثر فيه عمل بعض الناس بها في زمن
الرسول ، فقد يكون عمله بها في وقت الإباحة الاستثنائية ، والعمل بها فى هذا الوقت
لا يكون حجة على الإباحة إلا إذا ثبت أن الرسول قد علم به وأقرهم عليه .
ويؤيد هذا قوله تعالى : "" وَلْيَسْتَعْفِفِ
الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللهُ مِن فَضْلِهِ "" ، وقول
الرسول r :
" يا معشر
الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لا
يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء " .
فقد أمر الله تعالى من لايستطيع الزواج بأن
يجاهد نفسه ويعف عن طلب المرأة ، وأمره الرسول r بأن يستعين على ذلك بالصوم ، ولو كان هناك ذلك الزواج المؤقت على نحو
ما ذكروا من اليسر والسهولة لكان فيه مندوحه عن ذلك .
وروى البخاري بسنده عن أبى هريرة أنه قال :
قلت يا رسول الله ، إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسي العنت ، ولا أجد ما أتزوج به
النساء فأذن لي اختصي ، فسكت عنى ، ثم
قلت مثل ذلك فسكت عنى ، ثم قلت مثل ذلك فسكت عنى ، ثم قلت مثل ذلك فقال لي :
" يا أبا هريرة ، جف القلم بما أنت لاق ، فاختص على ذلك أو ذر " . ولو
كانت المتعة مباحة لنصح الرسول أبا هريرة - وقد وصلت به الحال إلى ما وصلت إليه -
بزواج مؤقت لا يكلفه ما يكلف الزواج الدائم من أعباء.
وإذا سلمنا جدلا بأن أدلة الإباحة تعادل
أدلة الحرمة في القوة فإنها تكون متعارضة ، ولا شك أن دليل الحرمة يقدم حينئذ على
دليل الإباحة ـ كما تقرر في الأصول ؛ لأن ترك المباح أولى من ارتكاب المحرم ، وقد
سئل على رضي الله عنه عن الجمع بين أختين
وطئا بملك اليمين ، فقال : ( أحلتهما آية يعنى قوله تعالى : "" فَوَاحِدَةً أَوْ
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ "" ـ وحرمتهما آية ـ يعنى قوله
تعالى "" وَأَن تَجْمَعُواْ
بَيْنَ الأُخْتَيْنِ "" ـ والتحريم أحب إلينا ) .
وعلى هذا جمهور المسلمين في العالم والحمد لله .
ولا نظن إخواننا من
الشيعة يفعلون المتعة ، لأنهم لايرضون أن يتمتعوا بالمؤمنة أو بالشريفة حتى لا
يذلوها أو يلحقوا العار بأهلها كما قالوا ، وهو ما لا يرضاه الله لأحد من عباده
المؤمنين ، ولعلهم يأنفون من التمتع بالوضيعة ، ويأبون- كما يأبى كل شريف عاقل -
أن يتمتع ناس ببناتهم ، أو أخواتهم .
ولا داعى حينئذ إلى جدل
في مسألة ليس لها في الواقع العملى مجال .
هذا - ومما نلاحظ على ما
ورد في المتعة عند إخواننا الشيعة أمور ([386]):-
1ـ أنهم رووا عن على رضي
الله عنه ـ بسند يرضونه ـ ما روى الشيخان
عنه : حرم رسول الله r وآله - لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة ثم قالوا : إن هذه رواية
شاذة تحمل على التقية ، لأنها موافقة لمذاهب العامة ، فجعلوا الموافقة لمذاهب
العامة حجة لشذوذ الخبر أو حمله على التقية ، كأن مخالفة العامة أمر يقصد لذاته .
ومن من كانت هذه التقية ؟ وما الذى كان يتقيه أكان المتقى أحد الرواة ؟ أم كان
عليا رضي الله عنه ، وحاشاه أن يخشى في الله لومة لائم وهو ما هو شجاعة وشدة بأس .
قد تكون التقية بتجنب
المتعة خوفا من معاقبة ولى الأمر ، كالذى كان من ابن عباس أيام عبدالله بن الزبير
، مع ملاحظة أنه لم يمنعه من الجهر برأيه في شدة وصرامة كما تقدم ، أما أن تكون
التقية بأن ينسب إلى رسول الله r ما لم يقله - فهذا
ما ننزه عنه عليا رضي الله عنه وشيعته رحمهم الله أجمعين .
2 ـ أنهم قالوا بحل
المتعة بالبكر التي تعيش بين أبويها بإذن وليها إذا لم تبلغ سن العاشرة ، وبغير
إذنه إذا بلغت هذه السن ، وندع التعليق على هذا للقارئ بعد أن يطلع على ما كتب عنه
في كتاب الاستبصار ، وندعو الله تعالى ألا نبتلى بصديق أو جار يتسبيح التمتمع
ببناتنا أو أخواتنا - ليعفهن كما قالوا - بغير إذن منا .
3 ـ أنهم أفتوا بصحة تزوج
الرجل المرأة متعة على عرد واحد أو أكثر ([387]) ، وقد يشترطون أن تقدر
لذلك مدة كيوم أو يومين ، لا ساعة أو ساعتين ، لعدم انضباط الوقت ، وأباحوا له أن
يشترط العزل ، ونحن لا نعرف الفرق بين الزنى وهذه المتعة ، ولعل الفرق بينهما أن
من اتفق مع المرأة على عرد واحد مثلا ً - يجب عليه بمجرد فراغه من المواقعه أن
يحول وجهه ولا ينظر إليها كما قالوا ، أفلا نكون معذورين في الجهل بهذا الفرق وقد
روى البيهقى عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال : " هي الزنى بعينه
" ([388])
4-أنهم رووا عن على رضي الله عنه أنه قال :
" لولا ما سبقنى به ابن الخطاب ما زنى إلا شفا " ([389]) ، أي إلا قليل ، وفى
رواية إلا شقى ، وإذا كان الأمر كذلك عنده ، وكان هناك نص قرآنى في الموضوع - وهو
أبو الحسن القادر على حل المشكلات وأفقه الفقهاء من غير منازع - فلماذا سكت عن
عمرولم يعارضه ؟ وهل هو أضعف أو أقل شأناً من المرأة التي عارضت عمر في المهر
علناً وخضع لرأيها ؟! وإذا كان السكوت تقية ، وهو ما لا نرضاه لعلى رضي الله عنه ـ
فلماذا لم يعلن رأيه ، ويبين خطأ عمر فيما ذهب إليه بعد أن آل الأمر إليه ؟
و ما كان المعقول ـ
والمتعة تجوز على عرد أو عردين كما قالوا ـ أن يقول الإمام رضي الله عنه : "
لولا ما سبقنى به ابن الخطاب ما زنى أحد " ، فإن كل زنى سيكون متعة عندهم ،
أو ليس الزنى مواقعة رجل لامرأة بتراضيهما ؟ أم أن الزنى لا يكون إلا بإكراه ؟
على أنا نستطيع أن نفهم هذا الذى روى عن على رضي الله عنه ـ على ضوء ما روى
عنه من نهي النبى r عن
المتعة ، ومن إنكاره إباحتها على ابن عباس ـ بأن معناه أن ما سبقنى به عمر من
إعلان الناس بما خفى على بعضهم من حرمة المتعةـ وكان من الجائز أن
أسبقه إليه وأنادى به ـ لولا هذا لادعى كل زان أنه يستمتع ، فلا يعد زانيا ويقام
عليه الحد إلا القليل الذى يغفل عن ادعاء المتعة ، أي لولا ما فعله عمر لانتشر
الزنى بين الناس باسم المتعة ، وما وقع تحت طائلة العقوبة إلا قليل ، فالكلام
موافقة على ما صنع عمر ، ورضا به لا معارضة له . والله يهدينا جميعا سواء
السبيل . انتهى
شيخنا
الأستاذ على حسب رحمه الله انتهي إلى عدم جواز زواج المتعة ، والبحث الثانى لعالم
شيعي من علماء النجف وهو السيد حسين الموسوى . قال تحت عنوان: ([390])
كنت أود أن أجعل
عنوان هذا الفصل " المرأة عند الشيعة " لكنى عدلت عن ذلك لأني رأيت أن
كل الروايات التي روتها كتبنا ُتنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله ، وإلى أمير
المؤمنين ، وأبى عبدالله u وغيرهما من الأئمة
.
فما أردت أن يصيب الأئمة عليهم السلام أي طعن ،
لأن في تلك الروايات من قبيح الكلام ما لا يرضاه أحدنا لنفسه ، فكيف يرضاه لرسول
الله صلى الله عليه وآله وللأئمة عليهم السلام .
لقد استُغلت المتعةُ أبشع استغلال ، وأهينت
المرأة شر إهانة ، وصار الكثيرون يُشبعون رغباتهم الجنسية تحت ستار المتعة وباسم
الدين ، عملاً بقوله تعالى : "" فَمَا
اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً
"" (
النساء :24)
لقد أوردوا روايات في الترغيب بالمتعة ، وحددوا
أو رتّبوا عليها الثواب ، وعلى تاركها العقاب ، بل اعتبروا كل من لم يعمل بها ليس
مسلماً ، اقرأ معي هذه النصوص :
قال النبي صلى الله عليه وآله : " من تمتع
بامرأة مؤمنة كأنما زار الكعبة سبعين مرة " .
فهل الذى يتمتع كمن زار الكعبة سبعين مرة ؟
وبِمَنْ ؟ بامرأة مؤمنة ؟
وروى الصدوق عن الصادق u قال :
" إن المتعة ديني ودين آبائي ، فمن عمل بها
عمل بديننا ، ومن أنكرها أنكر ديننا واعتقد بغير ديننا " " من لا يحضره الفقيه " ( 3 / 366 )
، وهذا تكفير لمن لم يقبل بالمتعة .
وقيل لأبى عبد الله u : هل للتمتع ثواب ؟ قال :
" إن كان يريد بذلك وجه الله لم يُكلمها كلمةً إلا كتب الله له بها حسنة ، فإذا دنا منها غفر
الله له بذلك ذنباً ، فإذا اغتسل غفر الله له بقدر ما مر من الماء على شعره "
" من لا يحضره الفقيه " ( 3 / 366 ) .
وقال النبي صلى الله عليه
وآله : " من تمتع مرة أَمِنَ سخط
الجبار ، ومن تمتع مرتين حُشر مع الأبرار ، ومن تمتع ثلاث مرات زاحمني في الجنان
" " من لا يحضره الفقيه "
( 3/366 ) .
قلت : ورغبة في نيل هذا الثواب فإن علماء
الحوزة في النجف وجميع الحسينيات ومشاهد الأئمة يتمتعون بكثرة ، وأخص بالذكر منهم
السيد الصدر والبروجردى والشيرازي والقزوينى والطباطبائي ، والسيد المدني إضافة
إلى الشاب الصاعد أبو الحارث الياسري وغيرهم ، فإنهم يتمتعون بكثرة وكل يوم رغبة
فى نيل هذا الثواب ومزاحمة النبي صلوات الله عليه في الجنان .
وروى السيد فتح الله الكاشانى في " تفسير
منهج الصادقين " عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : " من تمتع مرة
كانت درجته كدرجة الحسين u ، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن
u ، ومن تمتع ثلاث
مرات كانت درجته كدرجة على بن أبى طالب u ، ومن تمتع أربع فدرجته كدرجتي " .
لو فرضنا أن رجلاً قذراً
تمتع مرة ،
أفتكون درجته
كدرجة الحسين u ؟
وإذا تمتع مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً كانت درجته
كدرجة الحسن وعلى والنبي عليهم السلام ؟
أَمنزلةُ النبي صلوات الله عليه ومنزلة الأئمة
هينة إلى هذا الحد ؟
وحتى
لو كان المتمتع هذا قد بلغ فى الإيمان مرتبة عالية ، أيكون كدرجة الحسين ؟ أو أخيه
؟ أو أبيه ؟ أو جده ؟
إن مقام الحسين أسمى وأعلى من أن يبلغه أحد ،
مهما كان قوى الإيمان ، ودرجة الحسن وعلى والنبى عليهم السلام جميعا لايبلغها أحد
، مهما سما وعلا إيمانه .
لقد أجازوا التمتع حتى بالهاشمية ، كما روى
ذلك الطوسى فى" التهذيب " (2/193).
أقول : مكانة الهاشميات أرفع من أن يتمع بهن ،
فهن سليلات النبوة ومن أهل البيت ، فحاشا لهن ذلك ، وسيأتى السبب إن شاء الله ،
وقد بين الكليني أن المتعة تجوز ولو لضجعة واحدة بين الرجل والمرأة ، وهذا منصوص
عليه فى " فروع الكافى "
(5/460) .
ولايشترط
أن تكون الُمتَّمتعُ بها بالغةً راشدة ، بل قالوا : يمكن التمتع بمن فى العاشرة من
العمر ولهذا روى الكليني فى " الفروع " (5/463) ، والطوسى فى "
التهذيب " (7/255) ، أنه قيل لأبى عبدالله u :
" الجارية الصغيرة هل يتمتع بها الرجل ؟ فقال : نعم ، إلا أن تكون صبية تُخدع
قيل : وما الحد الذى إذا بلغته لم تخدع ؟ قال : عشر سنين " .
وهذه
النصوص كلها سيأتى الرد عليها إن شاء الله ، ولكنى أقول : إن ما نُسبَ إلى أبى عبدالله
u فى
جواز التمتع بمن كانت فى العاشرة من عمرها .
أقول
: قد ذهب بعضهم إلى جواز التمتع بمن هي دون هذا السن .
لما
كان الإمام الخمينى مقيماً فى العراق كنا نتردد إليه ونطلب منه العلم حتى صارت
علاقتنا معه وثيقة جداً ، وقد اتفق مرة أن وُجَّهَتْ إليه دعوة من مدينة تلعفر،
وهي مدينة تقع غرب الموصل على مسيرة ساعة ونصف تقريباً بالسيارة ، فطلبنى للسفر معه
فسافرت معه ، فاستقبلونا وأكرمونا غاية الكرم مدة بقائنا ، عند إحدى العوائل
الشيعية المقيمة هناك ، وقد قطعوا عهداً بنشر التشيع فى تلك الأرجاء، وما زالوا
يحتفظون بصورة تذكارية لنا تَمَّ تصويرها
فى دارهم .
ولما انتهت مدة السفر رجعنا ، وفى طريق عودتنا
ومرورنا فى بغداد أراد الإمام أن نرتاح من عناء السفر ، فأمر بالتوجه إلى منطقة
العطيفية حيث يسكن هناك رجل إيرانى الأصل يقال له سيد صاحب ، كانت بينه وبين
الإمام معرفة قوية .
فرح سيد صاحب بمجيئنا وكان وصولنا عند الظهر،
فصنع لنا غداء فاخراً واتصل ببعض أقاربه فحضروا ، وازدحم منزله احتفاء بنا ، وطلب
سيد صاحب إلينا المبيت عنده تلك الليلة فوافق الإمام ، ثم لما كان العشاء أتونا
بالعشاء وكان الحاضرون يقبلون يد الإمام ويسألونه ويجيب عن أسئلتهم ، ولما حان وقت
النوم وكان الحاضرون قد انصرفوا إلا أهل الدار
، أبصر الإمام
الخمينى صبية بعمر أربع سنوات أو خمس ، ولكنها جميلة جداً ، فطلب الإمام من أبيها
سيد صاحب إحضارها للتمتع بها ، فوافق أبوها بفرح بالغ ، فبات الإمام الخمينى
والصبية فى حضنه ونحن نسمع بكاءها وصريخها .
المهم أنه أمضى تلك الليلة ، فلما أصبح الصباح
وجلسنا لتناول الأفطار ، نظر إلى فوجد
علامات الإنكار واضحة فى وجهي ؛ إذ كيف
يتمتع بهذه الطفلة الصغيرة ، وفى الدار شابات بالغات راشدات ، كان بإمكانه
التمتع بإحداهن ، فلم يفعل ؟
فقال لى : سيد حسين
ما تقول فى التمتع بالطفلة ؟
قلت له : سيد القول
قولك ، والصواب فعلك ، وأنت إمام مجتهد ولا يمكن لمثلى أن يرى أو يقول إلا ما تراه
أو تقوله ، ومعلوم أنى لا يمكننى الاعتراض وقتذاك .
فقال : سيد حسين ؛ إن التمتع بها جائز ، ولكن
بالمداعبة والتقبيل والتفخيذ .
أما الجماع فإنها لا تقوى عليه .
وكان الإمام الخمينى يرى جواز التمتع حتى
بالرضيعة ، فقال :
" لا بأس بالتمتع
بالرضيعة ، ضماً وتفخيذاً ـ أي يضع ذكره بين فخذيها ـ وتقبيلاً " انظر كتابه
" تحرير الوسيلة " ( 2 / 241 ) مسألة رقم ( 12 ) .
جلست مرة عند الإمام الخوئى فى مكتبه فدخل عليه
شابان يبدو أنهما اختلفا فى مسألة فاتفقا على سؤال االإمام الخوئى ليدلهما على
الجواب .
فسأله أحدهما قائلاً : سيد ما تقول فى المتعة
أحلال هي أم حرام ؟
نظر إليه الإمام الخوئى وقد أوجس من سؤاله
أمراً ، ثم قال له : أين تسكن ؟ قال الشاب السائل : أسكن الموصل ، وأقيم هنا فى
النجف منذ شهرين تقريباً .
قال له
الإمام : أنت سنى إذن ؟
قال الشاب : نعم .
قال الإمام : المتعة عندنا حلال وعندكم حرام .
فقال له الشاب : أنا هنا منذ شهرين تقريباً ،
غريب فى هذه الديار ، فهلاَّ زوجتنى ابنتك
لأتمتع بها ريثما أعود إلى أهلى ؟
فحملق
فيه الإمام هنيهة ثم قال له : أنا سيد ، وهذا حرام على
السادة وحلال عند عوام الشيعة .
ونظر
الشاب إلى السيد الخوئى وهو مبتسم ، ونظرته توحى أنه علم أن الخوئى قد عمل بالتقية
.
ثم قاما فانصرفا ، فاستأذنت الإمام الخوئى فى
الخروج ، فلحقت بالشابين ، فعلمت أن السائل سني وصاحبه شيعى اختلفا فى المتعة
أحلال أم حرام ، فاتفقا على سؤال المرجع الدينى الإمام الخوئى ، فلما حادثت
الشابين انفجر الشاب الشيعى قائلاً : يا مجرمين تبيحون
لأنفسكم التمتع ببناتنا وتخبروننا بأنه حلال وأنكم تتقربون بذلك إلى الله ، وتحرمون علينا التمتع ببناتكم ؟
وراح يسب ويشتم ، وأقسم أنه سيتحول إلى مذهب أهل
السنة ، فأخذت أُهدِّئُ به ثم أقسمت له أن المتعة حرام وبينت له الأدلة على ذلك .
إن
المتعة كانت مباحة فى العصر الجاهلى ، ولما جاء الإسلام أبقى عليها مدة ، ثم حرمت
يوم خيبر ، لكن المتعارف عليه عند الشيعة ، عند جماهير فقهائنا ، أن عمر بن الخطاب
هو الذى حرمها ، وهذا ما يرويه بعض فقهائنا .والصواب فى المسألة أنها حُرمت يوم
خيبر .
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : "
حرم رسول الله صلى اله عليه وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة "
انظر " التهذيب " ( 2/186 ) ، " الاستبصار " (3/142) ، "
وسائل الشيعة " ( 14/441) .
وسئل
أبو عبدالله u :
" كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة ؟
قال : لا " انظر " التهذيب " (2/189) .
وعلق
الطوسى على ذلك بقوله :إنه لم يُرد من ذلك النكاح الدائم ، بل أراد منه المتعة ، ولهذا أورد هذا النص فى باب المتعة
.لاشك أن هذين النصين حجة قاطعة فى نسخ حكم المتعة وإبطاله .
وأمير
المؤمنين صلوات الله عليه نقل تحريمها عن النبى صلى الله عليه وآله ، وهذا يعنى أن
أمير المؤمنين قد قال بحرمتها من يوم خيبر ، ولاشك أن الأئمة من بعده قد عرفوا حكم
المتعة بعد علمهم بتحريمها ، وهنا نقفُ بين أخبارٍ منقولة وصريحة فى تحريم المتعة
، وبين أخبار منسوبة إلى الأئمة فى الحث عليها وعلى العمل بها .
إن الصواب هو ترك المتعة ، لأنها حرام
كما ثبت نقله عن أمير المؤمنين u، وأما الأخبار التى نسبت إلى الأئمة ؛ فلا شك أن نسبتها إليهم غير
صحيحة ، بل هي أخبار مفتراة عليهم ، إذ ما كان للأئمة عليهم السلام أن يخالفوا أمراً
حرمه رسول الله وسار عليه أمير المؤمنين من بعده ، وهم ـ أي الأئمة ـ الذين تلقوا
هذا العلم كابراً عن كابر ، لأنهم ذرية بعضهم من بعض .
لما سئل أبو عبد الله u
: " كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوجون بغير بينة ؟
قال : لا " ، فلولا علمه بتحريم المتعة لما قال : لا، خصوصاً وأن الخبر صحيح
فى أن السؤال كان عن المتعة ، وأن أبا جعفر الطوسي راوى الخبر أورده فى باب المتعة
كما أسلفنا .
وما كان لأبى عبد الله والأئمة من قبله ومن
بعده أن يخالفوا أمر رسول الله صلوات الله عليه ، أو أن يُحلَّوا أمرا حرمه ، أو
أن يبتدعوا شيئاً ما كان معروفا فى عهده u.
وبذلك
يتبّين أن الأخبار التى تحث على التمتع ، ما قال الأئمةُ منها حرفاً واحداً ، بل
افتراها وتَقولَّها عليهم أناسٌ زنادقة ، أرادوا الطعن بأهل البيت الكرام والإساءة
إليهم ، وإلا بِم تُفسر إباحتهم التمتع بالهاشمية ، وتكفيرهم لمن لا يتمتع ؟
مع أن الأئمة عليهم السلام لم يُنقل عن واحد منهم نقلُ
ثابت أنه تمتع مرة أو قال بحلّية المتعة ،أيكونون قد دانوا بغير دين الإسلام ؟
فإذا توضح لنا هذا ندرك أن
الذين وضعوا تلك الأخبار هم قوم زنادقة أرادوا الطعن بأهل البيت والأئمة عليهم
السلام ، لأن العمل بتلك الأخبار فيه تكفير
للأئمة ... فتنبه .
روى الكليني عن أبى عبد الله u أن امرأة جاءت إلى عمر بن
الخطاب فقالت : " إنى زنيت ، فأمر أن تُرجم ، فأخبر أمير المؤمنين u فقال
: كيف زنيت ؟
فقالت : مررت بالبادية فأصابنى عطش شديد ،
فاستسقيت أعرابياً فأبى إلا إنْ مَكَّنتةُ من نفسى ، فلما أجهدنى العطش وخفت على
نفسى سقانى فأمكنته من نفسى ، فقال أمير
المؤمنين u تَزويجٌ ورب الكعبة " . (
الفروع 2 / 198 ) .
إن المتعه كما هو
معروف تكون عن تَراضٍ بين الطرفين وعن رغبة
منهما.
أما
فى هذه الرواية فإن المرأة المذكورة مضطرة ومجبورة ، فساومها على نفسها مقابل شربة
ماء ، وليست هي فى حكم الزانية حتى تطلب من عمر أن يطهرها وفوق ذلك ـ وهذا مهم ـ
أن أمير المؤمنين u هو الذى روى تحريم المتعة فى
نقله عن النبى صلى الله عليه وآله يوم خيبر ، فكيف يفتى هنا بأن هذا نكاح متعة ؟!
وفتواه على سبيل الحِلَّ والإقرار والرضا منه بفعل الرجل والمرأة ؟
إن هذه الفتوى لو قالها أحد طلاب العلم لَعُدَّت
سقطة ، بل غلطة يعاب عليه بسببها ، فكيف تنسب لأمير المؤمنين u ، وهو مَنْ هو فى العلم والفتيا
؟
إن الذى نسب هذه
الفتوى لأمير المؤمنين ، إما حاقد أراد الطعن به ، وإما ذو غرض وهوى ، اخترع هذه
القصة فنسبها لأمير المؤمنين ليضفى الشرعية على المتعة ، كى يسوغ لنفسه ولأمثاله
استباحة الفروج باسم الدين ، حتى وإن أدى ذلك إلى الكذب على الأئمة عليهم السلام ،
بل على النبى صلوات الله عليه .
إن
المفاسد المترتبة على المتعة كبيرة ومتعددة الجوانب :
1
ـ فهي مخالفة للنصوص الشرعية لأنها تحليلُ لما حرم الله .
2
ـ لقد ترتب على هذا ، اختلاق الروايات الكاذبة ونسبتها إلى الأئمة عليهم السلام ،
مع ما فى تلك الروايات من مطاعن قاسية لا يرضاها لهم من كان قلبه مثقال ذرة من
إيمان .
3
ـ ومن مفاسدها ؛ إباحة التمتع بالمرأة المحصنة – أي المتزوجة – رغم أنها فى عصمة
رجل دون علم زوجها ، وفى هذه الحالة لا يأمن الأزواج على زوجاتهم ، فقد تتزوج المرأة متعة دون علم
زوجها الشرعي ودون رضاه ، وهذه مفسدة ما
بعدها مفسدة ، انظر " فروع الكافى
" (5 / 463 ) ، " تهذيب الأحكام
" ( 7 /554 ) ، " الاستبصار "
( 3/145) ، وليت شعرى ما رأي الرجل وما شعوره إذا اكتشف أن امرأته التى فى
عصمته متزوجة من رجلٍ آخَر غيرهِ زواجَ متعة ؟ !
4
ـ والآباء أيضاً لا يأمنون على بناتهم الباكرات إذ قد يتزوجن متعة دون علم آبائهن
، وقد يفاجأ الأب أن ابنته الباكر قد حملت ، …. لم ؟ كيف ؟ لا يدرى .... ممن ؟ لا يدرى أيضاً ، فقد تزوجت من
واحد فمن هو ؟ لا أحد يدرى لأنه تركها وذهب .
5
ـ إن أغلب الذين يتمتعون ، يبيحون لأنفسهم التمتع ببنات الناس ، ولكن إذا تقدم أحد
لخطبة بناتهم أو قريباتهم فأراد أن يتزوجها متعة ، لَمَا وافق ولما رضي ، لأنه يرى
هذا الزواج أشبه بالزنى ، وإن هذا عار عليه ، وهو يشعر بهذا من خلال تمتعه ببنات
الناس ، فلا شك أنه يمتنع عن تزويج بناته للآخرين متعة ، أي أنه يبيح لنفسه التمتع
ببنات الناس وفى المقابل يحرم على الناس أن يتمتعوا ببناته .
إذا
كانت المتعة مشروعة أو أمراً مباحاً ، فلمَ هذا التحرج فى إباحة تمتع الغرباء
ببناته وقريباته ؟
6 ـ
إن المتعة ليس فيها إشهادُ
ولا إعلان ولا رضا ولى أمر المخطوبة ، ولا يقع شيىء من ميراث المتمتع للمُتمتَّع
بها ، إنما هي مستأجرة ([391])،
كما نسب ذلك القول إلى أبى عبد الله u ، فكيف يمكن إباحتها وإشاعتها
بين الناس ؟
7 ـ إن المتعة فتحت المجال أمام الساقطين والساقطات من الشباب والشابات فى لصق ما عندهم من فجور بالدين ، وأدى ذلك إلى تشويه صورة الدين والمتدينين .
وبذلك يتبين لنا أضرار
المتعة دينياً واجتماعياً وخلقياً ، ولهذا حُرّمت المتعة ، ولو كان فيها مصالح لما
حُرّمت ، ولكن لما كانت كثيرة المفاسد ، حرّمها رسول الله صلى الله عليه وآله ،
وحرّمها أمير المؤمنين u.
سألت الإمام الخوئى عن قول أمير المؤمنين فى
تحريم المتعة يوم خيبر ، وعن قول أبى عبدالله فى إجابة السائل عن الزواج بغير بينة
أكان معروفاً على عهد النبى u ؟
فقال
: إن قول أمير المؤمنين u فى تحريم المتعة يوم خيبر إنما يشمل تحريمها فى ذلك
اليوم فقط لا يتعدى إلى ما بعده .
وأما قول أبى عبد الله للسائل ، فقال الإمام الخوئى : إنما
قال أبو عبدالله ذلك تقية وهذا متفق عليه بين فقهائنا.
قلت :
والحق أن قول فقهائنا لم يكن صائباً ،
ذلك أن تحريم المتعة يوم خيبر صاحبه تحريمُ لحوم الحمر الأهلية ، وتحريم لحوم
الحمر الأهلية جرى العمل عليه من يوم خيبر وإلى يومنا هذا وسيبقى إلى قيام الساعة
.
دعوى تخصيص تحريم المتعة بيوم
خيبر فقط دعوى مجردة لم يقم عليها دليل ،
خصوصاً وأن حرمة لحوم الحمر الأهلية والتى هي قرينة المتعة فى التحريم بقىَ العملُ
عليها إلى يومنا هذا .
وفوق
ذلك لو كان تحريم المتعة خاصاً بيوم خيبر فقط لورد التصريح من النبى صلى الله عليه
وآله بنسخ تلك الحرمة ، على أنه يجب أن لا يغيب عن بالنا أن علة إباحة المتعة هي
السفر والحرب ، فكيف تحرم فى تلك الحرب والمقاتل أحوج ما يكون إليها ، خصوصاً وأنه
فى غربة من أهله وما ملكت يمينيه ، ثم تباح فى السلم ؟
إن معنى قوله uإنها
حُرّمت يوم خيبر ، أي : إن بداية تحريمها كان يوم خيبر ، وأما أقوال فقهائنا إنما
هي تلاعب بالنصوص لا أكثر .
فالحق أن تحريم المتعة ولحوم الحمر الأهلية
متلازمان ، نزل الحكم بحرمتهما يوم خيبر وهو باق إلى قيام الساعة ، وليس هناك من
داع لتأويل كلام أمير المؤمنين u من أجل إشباع رغبات النفس
وشهواتها فى البحث الدائم عن الجميلات والفاتنات من النساء للتمتع بهن
والتلذذ باسم الدين وعلى حسابه .
وأما أن قول أبى عبدالله u فى جوابه للسائل كان تقية ،
أقول : إن السائل كان من شيعة أبى عبدالله ، فليس هناك ما يبرر القول بالتقية ،
خصوصاً وأنه يوافق الخبر المنقول عن أمير المؤمنين u فى تحريم المتعة يوم خيبر .
إن المتعة التى أباحها فقهاؤنا تعطى الحق للرجل
فى أن يتمتع بعدد لا حصرله من النسوة ، ولو بألف امرأة وفى وقت واحد .
وكم من متمتع جمع بين المرأة وأمها ،وبين المرأة
وأختها ، وبين المرأة وعمتها أو خالتها وهو لايدرى .
جاءتنى امرأة تستفسر منى عن
حادثة حصلت معها ، إذ أخبرتنى أن أحد السادة وهو السيد حسين الصدر كان قد تمتع بها
قبل أكثر من عشرين سنة فحملت منه ، فلما أشبع رغبته منها فارقها ، وبعد مدة رزقت
ببنت ، وأقسمت أنها حملت منه هو ، إذ لم يتمتع بها وقتذاك أحد غيره .
وبعد أن كبرت البنت وصارت شابة جميلة متأهلة
للزواج ، اكتشفت الأم أن ابنتها حبلى ، فلما سألتها عن سبب حملها ، أخبرتها البنت
أن السيد المذكور استمتع بها فحملت منه ، فدهشت الأم وفقدت صوابها ، إذ أخبرت
ابنتها أن هذا السيد هو أبوها ، وأخبرتها القصة ، فكيف يتمتع بالأم واليوم يأتى
ليتمتع بابنتها التى هي ابنته هو ؟ ثم
جاءتنى مستفسرة عن موقف السيد المذكور
منها ومن ابنتها التى ولدتها منه .
إن الحوادث من هذا النوع كثيرة جداً . فقد تمتع
أحدهم بفتاة تبين لهم فيما بعد أنها أخته من المتعة ، ومنهم من تمتع بامرأة أبيه .
وفى إيران الحوادث من هذا القبيل لا يستطيع أحد
حصرها. وقد رأينا ذلك بقوله تعالى : "" وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا
يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ""
( النور : 23 ) ، فمن لم يتمكن من الزواج الشرعي بسبب قلة ذات اليد ، فعليه
بالاستعفاف ريثما يرزقه الله من فضله كى يستطيع الزواج .
فلو كانت المتعة حلالاً لما أمره بالاستعفاف
والانتظار ريثما تتيسر أمور الزواج بل لأرشده إلى المتعة كى يقضى وطره بدلاً من
المكوث والتحرق بنار الشهوة .
وقال الله تعالى : "" وَمَن لَّمْ
يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ "" إلى قوله تعالى : "" ذَلِكَ لِمَنْ
خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ "" ( النساء 25 ) .
فأرشد الذين لا يستطيعون الزواج لقلة ذات اليد
أن يتزوجوا ما ملكت أيمانهم ، ومن عجز حتى
عن ملك اليمين ؛ أمره بالصبر ، ولو كانت المتعة حلالاً لأرشده إليها . ولابد لنا
أن ننقل نصوصاً أخرى عن الأئمة عليهم السلام فى إثبات تحريم المتعة : عن عبد الله
بن سنان قال: سألت أبا عبد الله u عن المتعة فقال : " لا تُدَنسْ نفسك بها " " بحار
الأنوار " ( 110 / 318 ) .
وهذا صريح في قول أبى عبد الله u : إن المتعة تدنس النفس ، ولو كانت حلالاً لما
صارت في هذا الحكم ، ولم يكتف الصادق u بذلك بل صرح بتحريمها :
عن عمار قال : قال أبو عبد الله u لي ولسليمان بن خالد : " قد حرمت عليكما المتعة "
" فروع الكافى " ( 2 / 48 ) ، " وسائل الشيعة " ( 14 / 450 )
.
وكان u يوبخ أصحابه ويحذرهم من المتعة فقال : " أما يستحى أحدكم أن
يرى فى موضع ، فيحمل ذلك على صالحى إخوانه وأصحابه ؟ " " الفروع
" ( 2 / 44 ) ، " وسائل الشيعة
" ( 14 / 450 ) .
ولما سأل على بن يقطين أبا الحسن u عن المتعه أجابه : " ما أنت وذلك ؟ قد أغناك الله عنها
" " الفروع " ( 2 / 43 ) ، " الوسائل " ( 14 / 449 ) . نعم ، إن الله تعالى أغنى
الناس عن المتعة بالزواج الشرعي الدائم .
ولهذا لم ينقل أن أحداً تمتع بامرأة من أهل
البيت عليهم السلام ، فلو كان حلالاً لفعلن ، ويؤيد ذلك أن عبد الله بن عمير قال
لأبى جعفر u : " يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات
عمك يفعلن ؟ ـ أي يتمتعن ـ فأعرض عنه أبو جعفر u حين ذكر نساءه وبنات عمه " " الفروع " ( 2 / 42 )
، " التهذيب " (2 / 186 ) .
وبهذا يتأكد لكل مسلم عاقل أن المتعة حرام ،
لمخالفتها لنصوص القرآن الكريم وللسنة ولأقوال الأئمة عليهم السلام .
والناظر للآيات القرآنية الكريمة والنصوص
المتقدمة فى تحريم المتعة ـ إن كان طالباً للحق محباً له ـ لا يملك إلا أن يحكم
ببطلان تلك الروايات التى تحث على المتعة لمعارضتها لصريح القرآن وصريح السنة
المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام ، ولما يترتب عليها من مفاسد لا حصر لها ،
بينا شيئاً منها فيما مضى .
إن من المعلوم أن دين الإسلام جاء ليحث على
الفضائل وينهي عن الرذائل ، وجاء ليحقق للعباد المصالح التى تستقيم بها حياتهم ،
ولا شك أن المتعة مما لا تستقيم بها الحياة ؛ إن حققت للفرد مصلحة واحدة ـ افتراضاً
ـ فإنها تسبب له مفاسد جمة ، أجملناها فى النقاط الماضية .
إن انتشار العمل بالمتعة جر إلى إعارة الفرج ،
وإعارة الفرج معناها أن يعطى الرجل امرأته أو أمته إلى رجل آخر ، فيحل له أن يتمتع
بها أو أن يصنع بها ما يريد ، فإذا ما أراد رجل ما أن يسافر أودع امرأته عند جاره
أو صديقه أو أي شخص كان يختاره ، فيبيح له أن يصنع بها ما يشاء طيلة مدة سفره .
والسبب معلوم حتى يطمئن الزوج على امرأته لئلا تزنى فى غيابه ( !! ) .
وهناك طريقه ثانية لإعارة الفرج ، إذا نزل أحد
ضيفاً عند قوم وأرادوا إكرامه فإن صاحب الدار يعير امرأته للضيف طيلة مدة إقامته
عندهم ، فيحل له منها كل شئ ، وللأسف يروون فى ذلك روايات ينسبونها إلى الإمام
الصادق u وإلى أبيه أبى جعفر سلام الله عليه .
روى الطوسى عن محمد بن أبى جعفر u قال : قلت :
الرجلُ يُحُل لأخيه فرج جاريته ؟ قال : نعم لا بأس به له ما أَحلَّ
له منها " الاستبصار " (3/ 136 ) .
وروى
الكليني والطوسى عن محمد بن مضارب قال : قال لى أبو عبدالله u : " يا محمد ! خذ هذه الجارية تخدمك وتصيب منها ، فإذا خرجت
فارددها إلينا " " الكافى ، الفروع " (2 / 200) ، الاستبصار " (3 /136) .
قلت : لو اجتمعت البشرية بأسرها ، فأقسمت أن
الإمامين الصادق والباقر عليهما السلام قالا هذا الكلام ما أنا بمصدَّق .
إن الإمامين سلام الله عليهما أجلُّ وأعظم من أن
يقولا مثل هذا الكلام الباطل ، أو يبيحا
هذا العمل المقزز الذى يتنافى مع الخلق الإسلامي الرفيع ، بل هذه هي الدياثة . ولا
شك أن الأئمة سلامُ الله عليهم ورثوا هذا العلم كابرا عن كابر ، فنسبة هذا القول وهذا العمل إليهما !
إنما هو نسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فهو إذن تشريع إلهي .
فى زيارتنا للهند ولقائنا بأئمة الشيعة هناك
كالسيد النقوى وغيره ، مررنا بجماعة من الهندوس وعبدة البقر والسيخ وغيرهم من
أتباع الديانات الوثنية ، وقرأنا كثيراً ، فما وجدنا ديناً من تلك الأديان الباطلة
يبيح هذا العمل ويحله لأتباعه .
فكيف يمكن لدين الإسلام أن يبيح مثل هذا العمل
الخسيس الذى يتنافى مع أبسط مقومات الأخلاق ؟
زرنا
الحوزة القائمية فى إيران فوجدنا السادة هناك يبيحون إعارة الفروج ، وممن أفتى
بإباحة ذلك السيد لطف الله الصافى وغيره ، ولذا فإن موضوع إعارة الفروج منتشر فى
عموم إيران ، واستمر العمل به حتى بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوى ومجىء آية
الله العظمى الإمام الخمينى الموسوى ، وبعد رحيل الإمام الخمينى أيضاً استمر العمل
عليه ، وكان هذا أحد الأسباب ([392]) التى أدت
إلى فشل أول دولة شيعية فى العصر الحديث ، كان الشيعة فى عموم بلاد العالم يتطلعون
إليها ، مما حدا بمعظم السادة إلى التبرؤ منها ، بل ومهاجمتها أيضاً ، فهذا صديقنا
العلامة السيد موسى الموسوى سماها ( الثورة البائسة ) وألف كتباً وبحوثاً ، ونشر
مقالات فى مهاجمتها وبيان أخطائها .
وقال السيد جواد الموسوى : إن الثورة الإسلامية
فى إيران ليس لها من الإسلام إلا الاسم .
وكان آية الله العظمى السيد محمد كاظم
شريعتمدارى من أشد المعارضين لها ، لما
رآه من انحراف واضح عن جادة الإسلام .
وهناك كثير من السادة ممن أعرفهم معرفة شخصية
انتقدوا حكومة الإمام الخمينى ونفروا منها .
ومما يؤسف له أن السادة هنا أفتوا بجواز إعارة
الفرج ، وهناك كثير من العوائل فى جنوب العراق وفى بغداد فى منطقة الثورة ممن
يمارس هذا الفعل بناء على فتاوى كثير من السادة ، منهم : السيستانى والصدر
والشيرازى والطباطبائى والبروجردى وغيرهم ، وكثير منهم إذا حل ضيفاً عند أحد منهم
استعار امرأته إذا رآها جميلة ، وتبقى مستعارة عنده حتى مغادرته .
إن الواجب أن نحذر العوام من هذا الفعل الشنيع ،
وأن لا يقبلوا فتاوى السادة بإباحة هذا العمل المقزز ، الذى كان للأصابع الخفية
التى تعمل من وراء الكواليس الدور الكبير فى دسه فى الدين ونشره بين الناس .
ولم يقتصر الأمر على هذا ، بل أباحوا اللواطة
بالنساء ، ورووا أيضاً روايات نسبوها إلى الأئمة سلام الله عليهم ، فقد روى الطوسى
عن عبد الله بن أبى اليعفور قال : " سألت أبا عبد الله u عن الرجل يأتى المرأة من دبرها ، قال : لا بأس إذا رضيت ، قلت :
فأين قول الله تعالى ""فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ
اللّهُ"" ؟ فقال : هذا فى طلب الولد ، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله
، إن الله تعالى يقول : "" نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ
حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ "" " الاستبصار " ( 3 / 234 ) .
وروى
الطوسى أيضاً عن موسى بن عبد الملك عن رجل قال : " سألت أبا الحسن الرضا u عن إتيان الرجل المرأة من خلفها فى دبرها فقال :
أحلتها آية من كتاب الله ؛ قول لوط u : "" هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ
""، فقد علم أنهم لا يريدون الفرج " " الاستبصار " ( 3 /
243 ) .
وروى الطوسى عن على بن الحكم قال : سمعت صفوان
يقول : قلت للرضا u : " إن رجلاً من مواليك أمرنى أن أسألك عن مسألة فهابك
واستحيا منك أن يسألك ، قال : ما هي ؟ قال : للرجل أن يأتى امرأته فى دبرها ؟ قال
: نعم ذلك له " المصدر السابق " .
لا شك أن هذه الأخبار
معارضة لنص القرآن إذ يقول الله تعالى
"" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى
فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ
"" ( البقرة : 222 ) ، فلو كان
إتيان الدبر مباحاً لأمر اعتزال الفرج فقط ولقال : ( فاعتزلوا فروج النساء فى
المحيض ) ، ولكن لما كان الدبر محرماً إتيانه أمر باعتزال الفروج والأدبار فى محيض
النساء ، بقوله : "" وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ "" ثم بين الله تعالى بعد ذلك من أن يأتى الرجل
امرأته فقال تعالى : "" فَإِذَا
تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ "" ( البقرة :
222 ) .
والله تعالى أمر بإتيان الفروج فقال :
"" نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى
شِئْتُمْ "" ( البقرة : 223 ) ،
والحرث هو موضع طلب الولد .
إن رواية أبى اليعفور عن أبى عبد الله مفهومها
أن طلب الولد يكون فى الفروج لقوله فى قوله تعالى : "" نسَآؤُكُمْ
حَرْثٌ لَّكُمْ "" ، هذا فى طلب الولد ، كمفهوم الرواية تخصيص الفروج
لطلب الولد ، وأما قضاء الوطر والشهوة فهو فى الأدبار ، وسياق الرواية واضح فى
إعطاء هذا المفهوم .
وهذا
غلط لأن الفروج ليست مخصصة لطلب الولد فقط ، بل لقضاء الوطر والشهوة أيضاً ، وهذا
واقع العشرة بين الأزواج من لدن آدم u وحتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وأبو عبد الله أجل وأرفع من أن
يقول هذا القول الباطل .
ولو افترضنا جواز إتيان الدبر لما كان هناك
معنى للآية الكريمة : ""فَإِذَا
تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ "" ، لأنه قد علم ـ على الافتراض المذكور ـ أن
الإتيان يكون فى القبل والدبر ، وليس هناك موضع ثالث يمكن إتيانه .فلم يبق أي معنى للآية ولا للأمر
الوارد فيها .
ولكن
لما كان أحد الموضعين محرما لا يجوز إتيانه ، والآخر حلالاً احتيج إلى بيان الموضع
الذى يجب أن يؤتى ، فكان أمر الله تعالى بإتيان الحرث ، والحرث هو موضع طلب الولد
، وهذا الموضع يؤتى لطلب الولد ولقضاء الوطر أيضاً .
أما
الرواية المنسوبة إلى الرضا u فى إباحة اللواطة بالنساء واستدلاله بقول لوط u:
أقول : إن تفسير الآية ؛ قول الله تعالى :
"" هَـؤُلاءبَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ""( هود : 78 ) ،
قد ورد فى آية أخرى فى قوله تعالى : "" وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ
إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ
الْعَالَمِينَ . أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ ""
( العنكبوت : 28 ) ، وقطع السبيل لا يعنى ما يفعله قُطاعُ الطرق وحدهم . لا
، وإنما معناه أيضاً قطع النسل فى الإتيان فى غير موضع طلب الولد ، أي فى الأدبار
، فلو استمر الناس فى إتيان الأدبار ـ أدبار الرجال والنساء ـ وتركوا أيضاً طلب
الولد لانقرضت البشرية وانقطع النسل .
فالآية الكريمة تعطى هذا المعنى أيضاً وبخاصة
إذا لاحظنا سياق الآية مما قبلها . ولا مرية أن هذا لا يخفى على الإمام الرضا u ، فثبت بذلك كذب نسبة تلك الرواية إليه .
إن إتيان النساء فى أدبارهن لم يقل به إلا
الشيعة ، وبالذات الإمامية الاثنا عشرية .
اعلم أن جميع السادة فى حوزة النجف والحوزات
الأخرى ، بل وفى كل مكان ، يمارسون هذا الفعل .
وكان صديقنا الحجة السيد أحمد الوائلى يقول بأنه
منذ أن اطلع على هذه الروايات بدأ ممارسة هذا الفعل وقليلاً ما يأتى امرأة فى
قبلها .
وكلما التقيت واحداً من السادة وفى كل مكان فإنى
أسأله فى حرمة إتيان النساء فى الأدبار أو حله ، فيقول لى بأنه حلال ، ويذكر
الروايات فى حليتها ، منها الروايات التى تقدمت الإشارة إليها .
ولم يكتفوا بإباحية اللواطة بالنساء بل أباح
كثير منهم حتى اللواطة بالذكور وبالذات المردان .
كنا فى أحد الأيام فى الحوزة فوردت الأخبار بأن
سماحة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوى قد وصل بغداد ، وسيصل إلى الحوزة ليلتقى
سماحة الإمام آل كاشف الغطاء ، وكان السيد شرف الدين قد سطع نجمه عند عوام الشيعة
وخواصهم ، خاصة بعد أن صدر بعض مؤلفاته كالمراجعات ، والنص والاجتهاد .
ولما وصل النجف زار الحوزة ، فكان الاحتفاء به
عظيماً من قبل الكادر الحوزى علماء وطلاباً ، وفى جلسة له فى مكتب السيد آل كاشف
الغطاء ضمت عدداً من السادة وبعض طلاب الحوزة ، وكنت أحد الحاضرين ، وفى أثناء هذه
الجلسة دخل شاب فى عنفوان شبابه فسلم فرد الحاضرون السلام ، فقال للسيد آل كاشف
الغطاء :
سيد عندى سؤال : فقال له السيد : وجه سؤالك إلى
السيد شرف الدين ـ فأحاله إلى ضيفه السيد شرف الدين تقديراً وإكراماً له ـ .
قال السائل : سيد أنا أدرس فى لندن للحصول على
الدكتوراه ، وأنا ما زلت أعزب غير متزوج ، وأريد امرأة تعيننى هناك ـ لم يفصح عن
قصده أول الأمر ـ .
فقال له السيد شرف الدين : تزوج ثم خذ زوجتك معك
.
فقال الرجل : صعب على أن تسكن امرأة من بلادى
معى هناك .
فعرف السيد شرف الدين قصده ، فقال له : تريد أن
تتزوج امرأة بريطانية إذن ؟
قال الرجل : نعم ، قال له شرف الدين : هذا لا
يجوز ، فالزواج باليهودية أو النصرانية حرام .
فقال الرجل : كيف أصنع إذن ؟
فقال له السيد شرف الدين : ابحث عن مسلمة مقيمة
هناك عربية أو هندية أو أي جنسية أخرى بشرط أن تكون مسلمة .
فقال الرجل : بحثت كثيراً فلم أجد مسلمات مقيمات
هناك تصلح إحداهن زوجة لى .
وحتى أردت أن أتمتع فلم أجد ، وليس أمامى خيار ،
إما الزنى وإما الزواج وكلاهما متعذر على .
أما الزنى فإني مبتعد عنه لأنه حرام ، وأما
الزواج فمتعذر على كما ترى ، وأنا أبقى هناك سنة كاملة أو أكثر ، ثم أعود إجازة
لمدة شهر ، وهذا كما تعلم سفر طويل ، فماذا أفعل ؟
سكت ([393])السيد
شرف الدين قليلاً ثم قال :
إن وضعك هذا محرج فعلاً ... على أية حال أذكر
أنى قرأت رواية للإمام جعفر الصادق u ، إذ جاء رجل يسافر كثيراً ويتعذر عليه اصطحاب امرأته أو التمتع
في البلد الذى يسافر إليه ، بحيث أنه يعانى مثلما تعانى أنت ، فقال له أبو عبد
الله u : " إذا طال بك السفر فعليك بنكح الذكر " ([394]).
هذا جواب سؤالك.
خرج
الرجل وعليه علامات الارتياب من هذا الجواب ، وأما الحاضرون ومنهم السيد زعيم
الحوزة فلم ينبس أحد منهم ببنت شفة .
ضبط
أحد السادة في الحوزة وهو يلوط بصبي أمرد من الدارسين في الحوزة . وصل الخبر إلى أسماع الكثيرين ، وفى
اليوم التالي ، بينما كان السيد المشار إليه يتمشى في الرواق ، اقترب منه سيد آخر
من علماء الحوزة أيضاً ـ وكان قد بلغه الخبر ـ فخاطبه بالفصحى مازحاً : سيد ما
تقول في ضرب الحلق ([395])
؟
فأجابه السيد الأول بمزاح أشد قائلاً له
وبالفصحى أيضاً : يستحسن إدخال الحشفة فقط ، وقهقه الاثنان بقوة !!؟؟
وهناك
سيد من علماء الحوزة مشهور باللواطة ، رأي صبياً يمشى مع سيد آخر من علماء الحوزة
أيضاً ، فسأله : من هذا الصبى الذى معك ؟
فاجابه
: هذا ابنى فلان .
فقال
له : لم لا ترسله إلينا لنقوم بتدريسه وتعليمه كى يصبح عالماً مثلك ؟
فأجابه ساخراً : أيها
السافل الحقير أتريد ان آتيك به لتفعل به ( كذا وكذا ) !؟
وهذه الحادثة حدثني
بها أحد الثقات من أساتذة الحوزة ([396]).
لقد رأينا الكثير من هذه الحوادث ، وما سمعناه
أكثر بكثير حتى أن صديقنا المفضال السيد عباس جمع حوادث كثيرة جداً ودونها
بتفاصيلها وتواريخها وأسماء أصحابها ، وهو ينوى إصدارها في كتاب أراد أن يسميه
" فضائح الحوزة العلمية فى النجف " ، لأن الواجب كشف الحقائق للعوام من
الشيعة أولئك المساكين الذين لا يعلمون ما يجرى وراء الكواليس ، ولا يعلمون ما
يفعله السادة ، فيرسل أحدهم امرأته أو بنته أو أخته لغرض الزيارة أو لطلب الولد أو
لتقديم ( مراد الحسين ) ، فيستلمها السادة وخاصة إذا كانت جميلة ليفجروا بها
ويفعلوا بها كل منكر !! ولا حول ولا قوة إلا بالله . انتهي بحث السيد حسين
الموسوى من علماء الشيعة بالنجف .
بالرجوع إلى كتب الفقه
عندهم نجد أثر عقيدتهم الباطلة التي نادى بها ابن سبأ تبدو فيما يأتى :
يرى
الرافضة حرمة ذبيحة الناصب بلا خلاف بينهم ، واختلفوا في ذبيحة غير الجعفري : فقصر
بعضهم الحل على ما يذبحه الجعفري الاثنى عشرى ، ورأي الباقون كراهة ذبيحة المخالف
.
يرون حرمة أكل الطين إلا طين قبر الحسين ،
فيزعمون أن فيه شفاء من كل داء ، وأمنا من
كل خوف ، فيجوز الاستشفاء منه بقدر الحمصة المعهودة المتوسطة.
اتفقوا على أن الموات للإمام خاصة لا يملكه أحد
وإن أحياه ـ ما لم يأذن له الإمام ، فيملكه ـ إن كان مسلماً ـ بالإحياء إذا أذن له
الإمام . هذا بالنسبة لزمن حضور أئمتهم . وقالوا كذلك : كل أرض لم يجر عليها ملك
مسلم ، أو ليس لها مالك معين ، فهي للإمام .
أما في
زمن غيبة إمامهم فقد اختلفوا : فرأي بعضهم أن الأرض لمن أحياها ، فإذا ظهر الثانى
عشر ـ كما يعتقدون ـ كان له إقرار ملكية المحيى للأرض ، أو إزالة يده ([397]) .
يرون أن
اللقيط العبد ، إذا لم يتول أحدا ، فعاقله([398]) ووارثه الإمام إذا لم يكن له وارث .
يرون من
موانع الإرث الكفر، ولكنهم يفسرون الكفر ، بقولهم : هو كل ما يخرج به معتقده من
دين الإسلام : سواء أكان حربياً ، أم ذمياً ، أم مرتداً ، أم على ظاهر الإسلام إذا
جحد ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة ، كالخوارج والغلاة والنواصب .
وهم بعد هذا يختلفون في التوارث بين الجعفرية
، وغيرهم ، فأكثرهم يرى أن المسلمين يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب ، ويذهب
بعضهم إلى ان جاحد الإمامة لا يرث المؤمن ، أي الجعفري الرافضي ، على حين يرث
المؤمن غيره كما يرث المسلم الكافر ([399]) .
ويرون أن الابن الأكبر يأخذ بغير عوض بعض
الأشياء الخاصة بالأب كمصحفه وسيفه ، ولكن فريقا من الجعفرية يشترطون لهذه الحبوة
ألا يكون الابن فاسد المذهب ([400]) ، أي أن يكون جعفرياً رافضياً .
وفى
الميراث بسبب الولاء يقولون بولاء الإمامة أي أن الإمام يرث من لا وارث له ـ ما
عدا الزوجين ـ ومن في حكمه : كالمسلم والمرتد بغير وارث مسلم ، والمقتول بغير وارث إلا القاتل ، وهكذا
. أما بالنسبة للزوجين : اختلف الجعفرية الاثنا عشرية عند انفراد أحدهما : فذهب
بعضهم إلى أن الزوج - أو الزوجة - يأخذ نصيبه والباقى للإمام ، وذهب آخرون إلى أن
الإمام لا يرث وباقى التركة يرد على الوارث منهما ، وفرق بعضهم بين زمن حضور
أئمتهم وزمن الغيبة بالنسبة للزوجة ، فقالوا بإرث الإمام الظاهر ، وبالرد زمن
الغيبة ([401]).
واتفقوا على أن الإمام الظاهر يأخذ إرثه يصنع به ما شاء ،
واختلفوا في زمن الغيبة ، فقيل : يحفظ للإمام لحين ظهوره ، وقيل يصرف على
المحتاجين من الجعفرية ، وقيل كما ذكرنا في إحياء الموات : إنه ملك لفقهاء الشيعة
الاثنى عشرية .
وهم متفقون على أن هذا
المال لايعطى ـ مع الأمن ـ الحكام الجائرين ، أي الحكام من غير الرافضة .
اتفق
الإمامية الرافضة على أن القاضى لابد أن يكون منهم ، وأن يكون بإذن الإمام لا بنصب
العوام . وفى الغيبة يكون القضاء للفقيه الجعفري الجامع للشرائط
([402])
لا
يقبلون شهادة غير الرافضي ، وأشرنا إلى هذا من قبل في الصيام .
ذكرنا
في الجهاد أن الحدود لا ينفذها إلا الإمام أو من نصبه ، وفى زمان الغيبة يقيمها
فقهاء الرافضة إذا أمنوا ويجب على الناس مساعدتهم .
ونجد أثر عقيدة الإمامة هنا كذلك في قولهم :
من زنى في زمان شريف ، أو مكان شريف عوقب زيادة على الحد ، فأثر الإمامة في تحديد
الأزمنة والأمكنة الشريفة عندهم ، وأشرنا إليها من قبل في الحديث عن الطهارة
والصلاة ، حيث وجدنا الغدير ومراقد الأئمة إلى غير ذلك مما يتصل بعقيدتهم .
ولعل
أخطر أثر هنا قولهم بقتل من سب أحد أئمتهم وحل دمه لكل سامع إذا أمن ([403]) .
يقولون : لا يقتل مسلم بكافر ، ولسنا في حاجة
إلى التذكير بمفهوم الكفر عند الرافضة من الشيعة .
يقولون : لا دية لأهل الكفر ما عدا الذمى ، ولا
تجب الكفارة بقتل الكافر .
ويرون
أن الإمام ولى دم من لا ولى له . وأن الإمام يأخذ الدية من الأب الذى يقتل ولده
عمدا وإذا لم يكن للولد من يرثه .
وبعد : فقبل أن ننتهي من كتب الفقه في هذا الباب ، أورد هنا بعض ما
ذكره عالم النجف المعاصر الشيخ على كاشف الغطاء في الولاية العامة للمجتهد ، حيث أنه
يكشف عن الاتجاه السائد في الوسط الجعفري في عصرنا ، وإن كان كثيراً مما ذكره سبق
مجيئه مبثوثاً في هذا الجزء ، وسيأتى نظيره عن الخمينى في خاتمة الكتاب.
قال كاشف الغطاء : " وقع النزاع بين
الفقهاء في أن الولاية المجعوله للفقيه الجامع لشرائط المرجعية هي الولاية الخاصة
في موارد مخصوصة : كالرجوع إليه في الفتيا ، وقطع الخصومات ، وكل مورد قام الدليل
على ولاية الفقية فيه ، بحيث لو شك في مورد أنه له الولاية فالأصل عدمها . أو أن
المجعول للفقيه الولاية العامة ، بمعنى أن المجعول له هو الولاية العامة المجعولة
للإمام بحيث تكون الولاية ثابتة له في كل مورد إلا إذا قام الدليل على عدمها "
([404]) .
ثم
قال : " والحق هو الثانى ، وأن الفقيه الجامع للشرائط قد جعل الله له من
الولاية ما جعله للإمام ، فيثبت للفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة المقدار الثابت للإمام : من السلطة الدينية ، والسلطة الزمنية ،
والولاية العامة لأمور الناس ، والرياسة
المكلفة ، والزعامة الشاملة فيما يخص تدبير شئون المسلمين العامة : الداخلية
والخارجية ، الدينية والدنيوية ، وما يرجع لمصالحهم ، وما يتوقف عليه نظم البلاد
وانتظام العباد ورفع الفساد بالنحو الذى هو ثابت للإمام في الموارد التي يكون
للإمام الإذن فيها يكون للفقيه الإذن فيها ، وفى الموارد التي يكون للإمام التصرف
فيها يكون الفقيه ذلك .
والحاصل أنه قد جعل الله تعالى للفقيه الجامع
الشرائط في عصر الغيبة الكبرى كل ما جعله تعالى للإمام بما هو إمام يرجع إليه فى
شئون تدبير الملة دينا ودنيا ، لا بما هو مبلغ لأحكام الله تعالى ، فإنه بالصفة
الثانية لابد من إظهار المعجزة لصدقه ، والعصمة لعدم خطئه ، وإزالة حب الدنيا عن
نفسه ، لرفع التهمة عنه في التبليغ ، ولا بما يرجع لتعظيمه واحترامه ومحض إكرامه .
وإنما جعل الله تعالى للفقيه كل ما جعله للإمام من حيث رياسته على كافة الأنام ،
وسلطنته على سائر العباد وإدارته لأمور الملة ، وإمامته لقيادة الأمة ، لتنفيذ
القوانين الدينية ، وتدبير الشئون الحيوية .
والفقهاء عبروا عن هذه الحيثية للإمام بالولاية ، وهي التي من
آثارها الإفتاء والقضاء ، وقبض ما يعود لمصالح المسلمين : كأموال الخراج ،
والمقاسمة ، والأوقاف العامة والنذور ، والجزية ، والصدقات ، ومجهول المالك ،
واللقطة قبل التعريف ، وقبض ما يعود للإمام من الأموال : كحق الإمام والأنفال وإرث
من لا وارث له ([405]).
والتولى
للوصايا مع فقد الوصى ، وللأوقاف مع فقد المتولى ، وحقظ أموال الغائبين واليتامى ،
والمجانين والسفهاء ، والتصرف بما فيه المصلحة لهم حفظاً أو إدارة أو بيعا أو نحو
ذلك ، وجعل بيت المال ، ونصب الولاة على الأمصار والوكلاء والنواب والعمال المعبر
عنهم في لسان الفقهاء بالأمناء . وتجنيد الجنود والشرطة : للجهاد ، ولحفظ الثغور
ومنع التعديات وحماية الدين وإقامة الحدود على المعاصى والتعزيزات على المخالفات
وإعاشتهم وتقدير أرزاقهم وتعيين رواتبهم
. ونصب القضاء لرفع الخصومات وحمل الناس على مصالحهم الدينية والدنيوية : كمنع
الغش والتدليس في المعايش والكاييل والموازين ، وكمنع المضايقات في الطرقات ، ومنع
أهل الوسائط من تحميلها أكثر من قابليتها ، والحكم على المبانى المتداعية بهدمها
أو إزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة . وضرب السكة ، وإمامة الصلاة ، وإجبار
الممتنع عن أداء الحقوق الخالقية والمخلوقية وقيامه مقامه في أدائها . وإجبار
المحتكر والراهن على الأداء والبيع ، وإجبار الشريك على القسمة ، وإجبار الممتنع
عن حضور مجلس الترافع والخصومة . وتسيير الحج ، وتعيين يوم طلوع الأهلة ، والجهاد
في سبيل الله ، وإصلاح الجسور وفتح الطرق وحفر الترع وصنع المستشفيات وسياسة
الرعية وإعطاء الراية والعلم واللواء وتقسيم الغنيمة والأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر ([406]) .
هذا ما ذكره العالم الجعفري الإمامي المعاصر ،
وإذا كان ما جعله لأئمته غير صحيح ـ كما أثبتنا ـ فمن باب أولى أنه لا يثبت
لفقهائهم ، ولا خلاف بين الجعفرية حول جعل الولاية للأئمة وإنما الخلاف في جعلها
للفقهاء ([407])، فالفقهاء من جانبهم حاولوا إثباتها لأنفسهم ليقنعوا شيعتهم ،
ويبدو أنهم أقنعوهم .
وإذ كانت الحكومات تتولى هذه الولاية العامة فلا
ضير ، لأن الأموال ـ من الخمس وغيره ـ التي استحلها الفقهاء لأنفسهم جاءتهم وفيرة
غزيرة ، وأعتقد أنه لولا هذه الأموال لما ظل الخلاف قائما بين الجعفرية الرافضة
وسائر الأمة الإسلامية إلى هذا الحد ، فكثير من فقائهم يحرصون على إذكاء هذا
الخلاف حرصهم على هذه الأموال . والله سبحانه وتعالى أعلم ، ونسأله عز وجل أن يطيب
مطعمنا ، ويهدينا الصراط المستقيم .
بعد هذه
النظرة وهذا العرض لما جاء في كتب فقه الرافضة تأثراً بعقيدتهم الباطلة في الأحكام
نأتى إلى كتاب وسائل الشيعة لنرى ماذا فيه من الأبواب والروايات المفتراة .
نجد " تحريم ذبائح الكفار من أهل الكتاب
وغيرهم سواء سموا عليها أم لم يسموا إلا مع التقية " ـ ( 16 /282 ) .
و"
باب إباحة ذبائح أقسام المسلمين وتحريم ذبيحة الناصب والمرتد إلا للضرورة والتقية
" . ( 16 / 292 ) .
وأبواب في تحريم السمك إذا مات في الماء ، أو
خارج الماء إلا إذا أدركه الإنسان وهو يتحرك . ( انظر ج 16 ص 300 : 304 ) .
وفى كتاب الأطعمة
والأشربة نجد تحريم السمك الذى ليس له قشور ، وأنواع أخرى من السمك . (
انظر ج 16 ص 329 وما بعدها ) .
و"
باب تحريم أكل الطين والمدر " ( 16 / 391 ) .
و"
باب عدم تحريم أكل طين قبر الحسين ( ع ) بقصد الشفاء .." ـ ( 16 / 395 ) .
و"
باب عدم جواز إطعام الكافر إلا ما استثنى " ـ ( 16 / 429 ) ، وفى هذا الباب
نجد قولهم : ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ، لأنك لا تجد أحدا يقول : أنا أبغض محمدا وآل محمد ، ولكن الناصب
من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتبرءون من أعدائنا . ثم قال u : أي الإمام الصادق
: من أشبع عدوا لنا فقد قتل وليا لنا " ( 16 / 430 ) .
و"
باب استحباب اختيار إطعام الشيعة على إطعام غيرهم " . ( 16 / 478 ) وفى الباب
أن إطعام الشيعى أحب إلى أئمتهم من إطعام مائة ألف من غيرهم . ( انظر 16 / 479) .
و" باب استحباب الشرب من ماء الفرات ،
والاستشفاء به ، وتحنيك الأولادبه " ( 17 / 211 ) .
وفى الباب : " يصب فيه ميزابان من ميازيب
الجنة " .
" لو كان بيننا وبينه أميال لأتيناه
فنستشفى به "
"
أما إن أهل الكوفة لو حنكوا أولادهم بماء الفرات لكانوا شيعة لنا "
"
إن ملكا من السماء يهبط في كل ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسكا من مسك الجنة فيطرحها في
الفرات ، وما من نهر في شرق الأرض ولا غربها أعظم بركة منه " ( 17 / 211 ـ
212) .
و" باب الشرب من نيل
مصر وماء العقيق وسيحان وجيجان ، وكراهة اختيار ماء دجلة وماء بلخ للشرب " .
( 17 / 214 ) . وفيه : " نهران مؤمنان ونهران كافران ، فالمؤمنان : الفرات
ونيل مصر ، وأما الكافران : فدجلة وماء بلخ " ( 17/215 ) .
و" باب استحباب ذكر الحسين u ، ولعن قاتله عند
الشرب " ( 17 /216 ) .
وفى الباب أن من فعل هذا كتب الله عز وجل له مائة ألف حسنة ، وحط
عنه مائة ألف سيئة ، ورفع له مائة ألف درجة ، وكأنما أعتق مائة ألف نسمة .
وفى كتاب الفرائض والمواريث نجد ما يأتى:" باب أن البنت
إذا انفردت ورثت المال كله ..." . ( 17 / 441 )
و"
باب أنه لا يرث الإخوة ولا الأعمام ولا العصبة ولا غيرهم سوى الأبوين والزوجين مع
الأولاد شيئا " ( 17 / 444 ) .
" ورث على u علم رسول الله ـ r ، وورثت فاطمة
عليها السلام تركته " .
وأخبار
البابين تدور حول عنوانيهما خلافا لما ثبت عن الرسول ـ r ، وأخذ به الصحابة
الكرام ومن جاء بعدهم .
" وباب أن الإخوة يحجبون الأم عن الثلث
إلى السدس بشرط كونهم للأبوين أو أب ، لا من الأم وحدها " . ( 17 / 454 ) .
و"
باب أنه إذا اجتمع الأعمام والأخوال فللأعمام الثلثان ولو واحدا ، ويرثون بالتفاضل
، وللأخوال الثلث ولو واحدا بالسوية " . ( 17 / 504 ) .
وفيه :
إن لها الربع ، والباقى للإمام .
"
وباب أن الزوجة إذا لم يكن لها منه ولد لا ترث من العقار والدور والسلاح والدواب
شيئا ... " . ( 17 /517 ) .
والجزء الثامن عشر من وسائل الشيعة يبدأ بكتاب
القضاء ، وأوله أبواب صفات القاضى وما يقضى به ، وهي أربعة عشر بابا ، تقع في 153
صفحة . وجلها ، إن لم يكن كلها ، فيه الغلو والتطرف والضلال مثل الذى رأيناه في
عقيدتهم في الإمامة ، وذلك لاتصال القضاء بالإمامة .
ولا
نستطيع هنا أن ننقل هذه الصفحات ، ولكن نكتفى بذكر شيىء منها .
فالباب الأول هو " باب أنه يشترط فيه
الإيمان والعدالة ، فلا يجوز الترافع إلى قضاة الجور وحكامهم إلا مع التقية والخوف
، ولا يمضى حكمهم وإن وافق الحق " . ( ص 2 : 5 ) .
وهم يحصرون الإيمان في الرافضة وحدهم دون
المسلمين جميعا كما سبق في أكثر من موضع ، ولهذا لا يجيزون الترافع إلى غيرهم وهو
ما عبروا عنه بقضاة الجور وحكامهم . وفى الباب أكثر من رواية أن من ترافع إلى
غيرهم كان ممن حاكم إلى الطاغوت ، وبمنزلة من قال الله تعالى فيهم : "" أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا
أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ
أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ
""
والثالث "
باب أنه لا يجوز لأحد أن يحكم إلا الإمام أو من يروى حكم الإمام فيحكم به " .
( ص 6 : 9 ) .
وفيه ينسبون لأمير المؤمنين على كرم الله وجهه
أنه قال : إن مجلس القضاء لا يجلسه إلا نبى ، أو وصى نبى ، أو شقى .
ويفترون
الكذب كذلك على غيره أيضا ، فيروون عن الإمام الصادق رضي الله تعالى عنه أنه قال :
يغدو الناس على ثلاثة أصناف : عالم ، ومتعلم ، وغثاء : فنحن العلماء وشيعتنا
المتعلمون ، وسائر الناس غثاء .
وأنه استنكر أن يقضى بقضاء أبى بكر وعمر مع قضاء
على ، رضي الله تعالى عنهم جميعا ورضوا عنه .
والرابع
" باب عدم جواز القضاء والإفتاء بغير علم بورود الحكم عن المعصومين عليهم
السلام " . ( ص 9 : 17 ). وهنا يستمرون في الافتراء على الأئمة الأبرار ،
طعنا في الصحابة الكرام الأطهار : فمن المشهور أن زيد بن ثابت - رضي الله تعالى
عنه - أعلم الأمة بالفرائض كما شهد له الرسول r فيما رواه الإمام
أحمد في مسنده ( 3 / 184 ، 281 ) ، فإذا
بالرافضة يفترون الكذب على الإمام الباقر رضي الله عنه ، وينسبون له أنه قال :
" أشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في
الفرائض بحكم الجاهلية " .
وفى الباب السادس يفترون
روايات تفيد عدم جواز تقليد غير أئمتهم ، وبطلان القياس حتى القياس الجلى قياس
الأولوية ، وعدم حجية الإجماع ما لم يدخل فيه قول الإمام ، وعدم الأخذ بظاهر
القرآن الكريم وتفسيره إلا ما نسبوه ـ كذبا - إلى أئمتهم . ( ص 20 : 41 ) .وقد
رأينا من قبل الرزايا والبلايا عند عرض كتب التفسير عندهم .
والسابع "
باب وجوب الرجوع في جميع الأحكام إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام " . ( ص
41 : 52 ) .
وفيه يذكرون تحريم العمل بقول العامة وطريقتهم ، أي عامة
المسلمين غير الرافضة .
والثامن "
باب وجوب العمل بأحاديث النبى صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام المنقولة
في الكتب المعتمدة وروايتها وصحتها وثبوتها " ( ص 52 : 75 ) .
والإشارات السابقة لما نقله صاحب كتاب الوسائل من
تلك الكتب المعتمدة عندهم تبين مدى ما عليه هؤلاء الرافضة من الضلال ، بل الكفر
والزندقة ، حيث يذهبون إلى تكفير هذه الأمة الوسط خير أمة أخرجت للناس بدءا بخير
الناس بعد الرسول ـ r ـ أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما
وأرضاهما ، وعن الصحابة الكرام البررة .
يا
هؤلاء : كيف إذن يكون التقريب ؟ ! انظروا إلى ما مضى وما سيأتى !
والتاسع "
باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة وكيفية العمل بها ". ( ص 75 : 89 ) .
وفى الباب بيان الترجيح
عند التعارض ، ويكون بالأخذ بإجماعهم ـ أي الرافضة ـ والشهرة بينهم ، ومخالفة العامة
، أي عامة المسلمين غير الرافضة ،
ومخالفة المشهور عندهم ، والأمر بسؤال علماء العامة عما لا نص فيه ، والعمل
بخلافهم : ( انظروا : بخلافهم ) ! .
وإلى دعاة التقريب أذكر بعض ما جاء من روايات
هذا الباب منسوبة كذبا إلى الأئمة الأطهار :
في الرواية الأولي قال
الراوى :
سألت أبا
عبد الله u : فإن كان الخبران عنكم مشهورين ، قد رواهما الثقات عنكم ؟ قال :
ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامـة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف
حكمه حكم الكتاب والسنة ، ووافق العامة . قلـت : جعلت فداك ، أرأيت إن كان
الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ، ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة ، والآخر
مخالفا لهم ، بأي الخبرين يؤخذ ؟ فقال :
ما خالـف العامة ففيه الرشاد . فقلت : جعلت فداك ، فإن وافقهما الخبران جمعيا ؟
قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ بالآخر ... إلـخ .
وفي الرواية التاسعة عشرة ، وكذلك في
الثلاثين ، والحادية والثلاثين ، وغيرهـا : دعوا ما وافق القوم ، فإن الرشد في
خلافهم .
قلت للرضا u : يحدث الأمر لا أجد بدا من معرفته ، وليس فى البلد الذى أنا فيه أحد
أستفتيه من مواليك ؟ فقال : ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ
بخلافه فإن الحق فيه .
من
جمله نعماء الله على هذه الطائفة المحقة أنة خلى بين الشيطان وبين علماء العامة
ليضلهم عن الحق في كل مسألة نظرية ، فيكون الأخذ بخلافهم ضابطة للشيعة .
قال أبو عبد الله u : أتدرى لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة ؟ فقلت : لا أدرى . فقال : إن عليا عليه السلام
لم يكن يدين الله بدين إلا خالف عليه الأمة إلى غيره إرادة لإبطال أمره ، وكانوا
يسألون أمير المؤمنين u عن الشيء الذى لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم
ليلتبسوا على الناس .
والله ما جعل الله لأحد خيرة في اتباع غيرنا ،
وأن من وافقنا خالف عدونا ، ومن وافق عدونا في قول أو عمل فليس منا ولا نحن
منهم .
قال أبوعبد الله u : ما سمعته منى يشبه قول الناس فيه التقية ، وما سمعت منى لا يشبه
قول الناس فلا تقية فيه .
والحادي عشر " باب وجوب الرجوع في القضاء
والفتوى إلى رواة الحديث من الشيعة فيما رووه عن الأئمة عليهم السلام من أحكام
الشريعة " (ص 98-111) .
والثالث عشر " باب عدم جواز استنباط
الأحكام النظرية من ظواهر القرآن إلا بعد معرفة تفسيرها من كلام الأئمة عليهم
السلام "(ص129-152) .
والرابع عشر " باب عدم جواز استنباط
الأحكام النظرية من ظواهر كلام النبي
ـ صلي الله عليه وآله ـ المروى من غير جهة
الأئمة عليهم السلام ما لم يعلم تفسيره منهم
" ( ص 152- 154 ) .
هذا عرض سريع مختصر جدا ، ومنه ومن عناوين
الأبواب الأخيرة يتبين لنا أنهم يرون وجوب الرجوع في القضاء والفتوى إلى كتبهم في التفسير
، وكتب الحديث المعتمدة عندهم ، وقد قدمت دراسة وافية لهذه الكتب ، وبينت ما فيها
من ضلال وكفروزندقة . وهذه الكتب توجب مخالفة الأمة الإسلامية كلها عداهم ، لو
جعلنا الرافضة من هذه الأمة ، واتضح هذا جليا حتى عند التعارض والترجيح وما ليس
فيه نص .
وإذا كنا نرى وجوب عدم تكفير طائفة تنتسب
للإسلام مادامت لم تجمع على الكفر ، وعدم تكفير أشخاص بأعيانهم ما لم يتضح كفرهم ،
إلا أن الأخذ بهذه الكتب المشار إليها يؤدى حتما إلى الكفر .
ولذا لا نعجب عندما نجد أمثال الشيخ محب الدين
الخطيب ـ رحمه الله ـ يذهبون إلى أن الرافضة لهم دين آخر غير دين الإسلام .وفى
الحدود التعزيرات نجد ما يأتي :
الباب الثاني "
باب ثبوت الإحصان الموجب للرجم في الزنى بأن يكون له فرج حرة أو أمة يغدو عليه
ويروح بعقد دائم أو ملك يمين مع الدخول . وعدم ثبوت الإحصان بالمتعة " ( ص 351 : 354 ) .
والثالث
" باب عدم ثبوت الإحصان مع وجود الزوجة الغائبة ، ولا الحاضرة التي لا يقدر
على الوصول إليها ، فلا يجب الرجم على أحدهما بالزنى" (ص355 : 356)
والرابع
" باب حد السفر المنافي للإحصان " (ص356 : 357) .
وفيه : إذا
قصر وأفطر فليس بمحصن .
والتاسع " باب أن غير البالغ إذا زنى
بالبالغة فعليه التعزير وعليها الجلد لا الرجم وإن كانت محصنة ، وكذا البالغ مع
غير البالغة " (ص362 : 363 ) .
والثاني والأربعون " باب أن من أراد أن
يتمتع بامرأة فنسى العقد حتى واقعها لم يكن عليه حد " ( ص411 : 412 ) .
" باب قتل من سب عليا u ، أو غيره من الأئمة عليهم السلام ، ومطلق الناصب مع الأمن "
( ص461 : 464 ) .
وروايات الباب تنسب للأئمة ـ كذبا ـ أن من سب
أحدهم فهو حلال الدم ، ولكنها لا تقف عند هذا الحد ، بل تضيف جرائم أكبر وأشد خطرا
على أمة الإسلام ، حيث تبيح دم كل من ليس
على ملة الرافضة ، وإليك كلامهم ننقله بنصه
.
في
الراوية الخامسة قال أحد رواتهم : " قلت لأبي عبد الله u : ما تقول في قتل الناصب ؟ فقال : حلال الدم ، ولكنى أتقى عليك ،
فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل . قلت :
فما ترى في ماله ؟ قال : نوّه ما قدرت
عليه "
وفي الرواية السادسة :
" إنى سمعت محمد بن بشير يقول : إنك لست موسى ابن جعفرالذى أنت إمامنا وحجتنا
فيما بيننا وبين الله ؟ فقال ـ أي الإمام : " لعنه الله ـ ثلاثا ، أذاقه الله
حر الحديد ، قتله الله أخبث ما يكون من قتلة . فقلت له : إذا سمعت ذلك منه أوليس
حلال لي دمه ؟ مباح كما أبيح دم السباب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآله
والأمام ؟ قال : نعم حل والله ، حل والله دمه ، وأباحه لك ولمن سمع ذلك منه … فقلت : أرأيت إذا أنا لم
أخف أن أغمر بذلك بريئا ثم لم أفعل ولم اقتله ، ما على من الوزر ؟ فقال : يكون
عليك وزره أضعافا مضاعفة من غير أن ينقص من وزره شيىء " .
هذه بعض نصوصهم واضحة جلية في أن مجرد عدم
الأخذ بقولهم في الإمامة يبيح دم المسلم ، ويوجب قتله ، ومن استطاع أن يقتله ولم
يفعل كانت جريمته أكبر ممن أحل دمه .. هكذا !!
" باب قتل الدعاة إلى البدع " (
ص 542 ـ543 )
وبالطبع المراد بالبدع ما خالف ضلال الرافضة
والذين هم أهل البدع والزندقة ، فمن عض بالنواجذ على سنة رسول الله ـ r ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين كما أمر رسول الله ـ r ، أصبح عند هولاء الرافضة داعيا إلى البدع حلال الدم .
" باب حكم
الزنديق والمنافق والناصب " (ص551-552 ) .
وسبق
بيان معنى الناصب عند الرافضة ، فهو يشمل الأمة الإسلامية كلها التي لم تضل ضلالهم
، ولم تأخذ بقول عبد الله بن سبأ في الوصي بعد النبي .
وآخر
الأبواب " باب جملة مما يثبت به الكفر والارتداد " (ص557-570 ) وهذا هو
أكبر الأبواب ، فيه سبع وخمسون رواية ، والتفصيل هنا يبين ما سبق الإشارة إليه من
أنهم يكفرون غيرهم بدءا من الصحابة الكرام ، حملة الإسلام .
فالأمة كلها تقول بإمامة
الشيخين الصديق والفاروق ، رضي الله تعالى عنهما ، ولا تقول بإمامه على ـ رضي الله
تعالى عنه ـ إلا بعدهما ، ولاتقول بخرافاتهم وأوهامهم وضلالاتهم في عقيدة الإمامة
، وما تقوله الأمة يثبت به الكفر والارتداد وحل الدم والمال ، عند هؤلاء القوم
الذين رزئ بهم الإسلام .
ولننقل شيئا مما جاء
في هذا الباب :
في
الرواية الثانية نسب لموسى بن جعفر أنه قال عن ابنه على وهو في حجره بأنه الإمام
من بعده : "من أطاعه رشد ، ومن عصاه كفر " .
وفي
الثامنة نسب للإ مام الصادق أنه قال بكفر من ادعى إماما ليست إمامته من الله ، ومن
جحد إماما إمامته من عند الله .
وإليه نسب في الحادية عشرة أنه قال : منا
الإمام المفروض طاعته ، من جحده مات يهوديا أو نصرانيا .
وفي الثانية عشرة أنه قال : مدمن الخمر كعابد
وثن ، والناصب لآل محمد شر منه .
إن
الله تعالي جعل عليا u علما بينه وبين خلقه ، ليس بينهم وبينه علم غيره : فمن تبعه كان
مؤمنا ، ومن جحده كان كافرا ، ومن شك فيه كان مشركا .
وفي
الرابعة عشرة : على باب هدى ، من خالفه كان كافرا ، ومن أنكره دخل النار.
وفي
الخامسة عشرة : من ادعى الإمامة وليس من أهلها فهو كافر .
وفي الثامنة عشرة : الإمام علم فيما بين الله
عز وجل وبين خلقه ، فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا .
والتاسعة عشرة تؤكد المعنى السابق ، وتذكر
عليا ، ومن بعده الحسن .
وفى العشرين : من شك فى كفر أعدائنا
والظالمين لنا فهو كافر .
وفي الحادية والعشرين : لا يرد على علي بن
أبي طالب u أحد ما قال فيه النبي صلى الله عليه وآله إلا كافر .
وفي الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين :
حبنا إيمان ، وبغضنا كفر .
وفي الخامسة والعشرين : لما نزلت الولاية
لعلى u قام رجل من جانب الناس
فقال : لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها إلا كافر فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله : هذا جبرئيل u .
وفي السابعة والعشرين ينسبون للنبي r أنه قال : الأئمة بعدى اثنا عشر ، أولهم على بن أبي طالب ، وآخرهم
القائم .. المقر بهم مؤمن ، والمنكر لهم
كافر .
وفي التاسعة والعشرين : من أبغضنا وردنا أو رد
واحدا منا فهو كافر بالله وبآياته .
وفي الثلاثين : كفر من قال رؤية الله تعالي
بالبصر .
وفى الثانية والثلاثين : من المحتوم الذى لا
تبديل له عند الله تعالى قيام قائمنا ، فمن شك فيما أقول لقى الله وهو به كافر وله
جاحد .
وفي الثالثة والثلاثين إلى التاسعة والثلاثين
نجد تكفير من جحد إماما من أئمتهم ، أو ادعى الإمامة من غير الرافضة .
وفي الأربعين نجدهم يكفرون إحدى فرق الشيعة
التي خالفتهم ، مع اشتراكها معهم في سبعة من الأئمة .
وفي الثانية والأربعين : من طعن في دينكم هذا
فقد كفر .
وفي روايات كثيرة بعد هذا نجد تأكيد ما سبق
من ربط الإيمان والكفر بقولهم في الإمامة ، وما ذكر ناه يكفي لبيان حقيقة هؤلاء
القوم ، ومدى خطرهم على الأمة الإسلامية .
وفي الجزء
التاسع عشر من الوسائل نجد القصاص والديات .
ومن أبواب القصاص " باب عدم ثبوت القصاص
على المؤمن بقتل الناصب وتفسيره " (
ص99ـ100) .
ومعنى الباب واضح بعد ما سبق من أن مرادهم
بالمؤمن من كان من الرافضة فقط ، والناصب من كان من غيرهم .
وأكدوا هذا المعنى بما كرروه هنا من تفسير
الناصب ، وهو من نصب للشيعة الرافضة ، ومن قدم الجبت والطاغوت واعتقد إمامتهما ،
وجاء هذا في بيان مفهوم الناصب عندهم الذي تحدثنا عنه من قبل ، وتفسير الجبت
والطاغوت بخير الناس بعد رسول الله r ، أي بالصديق والفاروق رضي الله تعالي عنهما ، ولعن شانئيهم من
أمثال هؤلاء الكفرة الزنادقة أتباع ابن سبأ
.
أي أنهم يعتبرون الأمة كلها التي رضيت بإمامة
الشيخين بعد رسول الله r ، يعتبرونها من النواصب
الكفار حيث قدمت الجبت والطاغوت ، ورضيت
بإمامتهما .
ومن أبواب الديات " باب دية الناصب إذا
قتل بغير إذن الإمام " .( ص 169: 171 ) .
وفي الباب أن ديته شاة تذبح بمنى لأن القتل
بغير إذن الإمام ، فلو كان بإذن الإمام فلا شيىء على القاتل.
وفيه أيضا كيف كان القتل ، حيث قال القاتل :
منهم من كنت أصعد سطحه بسلم حتى أقتله ، ومنهم
من دعوته بالليل على بابه فإذا خرج قتلته ، ومنهم من كنت أصحبه في الطريق فإذا خلا
لى قتلته .
ومن الأبواب " باب حكم ضمان الناصب وديته
" . (ص204 : 205) وهو كسابقه غير أنه جعل الدية هنا كبشا بدلا من الشاة .
هذا
الكتاب بأجزائه الأربعة يقدم دراسة متكاملة علمية مجردة عن الهوى والتشهي بإذن
الله عز وجل ، الذى نسأله سبحانه وتعالي أن يجعله في ميزاننا يوم نلقاه .
وهذه الدراسة تبين حقيقة الشيعة الاثنى عشرية
الرافضة ، ففى الجزء الأول تناولنا عقيدتهم
، والجزء الثانى يتصل بموقفهم من كتاب الله تعالي ، والثالث كان موضوعه
الحديث وعلومه وكتبه ، وألحقنا به بحثا عن السنة ، وهذا الجزء الرابع وهو الأخير ـ
تناول الفقه وأصوله .
والسؤال الذي يتردد في أيامنا في أوساط
المسلمين من غير الرافضة هو : لماذا مثل هذه الدراسة لموضوع أصبح في ذمة التاريخ ،
وإثارته تؤدى إلى الفرقة بين المسلمين في وقت نحن في أشد الحاجة إلى التعاون
والتآزر والتآخى لنقف صفا وأحدا أمام أعداء الإسلام ؟
وقد يبدو السؤال وجيها ولكن لا يردده إلا من
لا يعرف حقيقة الشيعة الرافضة في عصرنا ، ولهذا رأيت أن أبين في خاتمة الكتاب بعد
الانتهاء من الدراسة كلها موقف علمائهم المعاصرين ، فلو كان الأمر في ذمة التاريخ
لما جاز إثارته من جديد ، أما إذا كان الغلو والضلال ، والدعوة إلى عقيدتهم
الباطلة التي تعد هدما للإسلام من أساسه ، إذا كان كل هذا هو ما نراه عند الشيعة
الرافضة في عصرنا يصبح من فروض الكفاية بيان حقيقة هؤلاء القوم لنحذرهم ونتقى شرهم
، ونكون على بصيرة من عوامل الهدم التي يلجئون إليها حتى نتمكن من الدفاع عن ديننا
، وليتبين لعامة الشيعة غير الرافضة مدى تضليل علماء الرافضة لهم ، تحت شعار حب آل
البيت ، وآل البيت الأطهار براء منهم . وبنظرة سريعة إلى جانب من
وبنظرة
سريعة إلى جانب من سيرة آل البيت يتضح بجلاء لأولى الألباب أن الرافضة أعداء آل
البيت وإن زعموا كذبا وزورا أنهم أتباعهم وأحباؤهم .
انظر مثلا إلى تزويج على بن أبي طالب ابنته
عمر بن الخطاب ، ودلالة هذا التزويج ، وإذا بالرافضة يقولون " ذاك فرج غصبناه
" وهذا طعن وتجريح لعلى أكثر منه لعمر!
ولا شك أن الإنسان يختار أحب الأسماء إلى
نفسه عند تسمية أولاده ، وهذا أمر فطرى ليس موضوع جدل ، وإذا رجعنا إلى أسماء آل
البيت وجدنا من أبناء على ابن أبي طالب أبو بكر وعمر وعثمان ، ومن أحفاده أبو بكر
وعمر ابني الحسن ، وعمر بن الحسين ، وعمر بن على بن الحسين .
فماذا يقول الرافضة في عصرنا ؟
أهم أتباع آل البيت وأحباؤه أم أعداؤه
وشانئوه ؟ إذا كان بيان حقيقة الشيعة الرافضة فرض كفاية فقد يصبح فرض عين على بعض
الشيعة من العلماء غير الرافضة .
وما حقيقة الشيعة الاثنى عشرية في عصرنا ؟
أهم من معتدلي الشيعة أم من غلاة الرافضة ؟
فلننظر إلى كبار علمائهم الذين بلغوا مرتبة
" المرجع الأعلى " وتولوا توجيه الشيعة في عصرنا ، و إلي غيرهم من
علمائهم البارزين .
كان
السيد محسن الحكيم المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق ، وجاء بعده السيد أبو القاسم
الخوئى . أما الخميني فقصته معروفة . هؤلاء الثلاثة الذين وجهوا الشيعة الاثنى
عشرية في عصرنا ما دورهم الذى قاموا به
؟
أجعلوا الرفض مسألة تاريخية ، وحاربوا الغلو
والتطرف والضلال الذى رأينا منه شيئا في الدراسة التي قدمناها في هذه الأجزاء
الأربعة ، ودعوا أتباعهم إلى الصراط المستقيم ، أم أنهم ظلوا في طريق الضلال نفسه
، ودعوا أتباعهم ليتبعوا سبيلهم ؟
هذا ما نبينه في هذه الخاتمة ليحيا من حي عن
بينه ويهلك من هلك عن بينة ، وليتضح لكل مسلم أن هذا الكتاب ليس دارسة لموضوع أصبح
في ذمة التاريخ ، فما أكثر دعاته في عصرنا الذين يسلكون شتى الطرق لاحياء دعوة ابن
سبأ ، وما تصدير الثورة الذى نادى به الخميني وسعى إليه إلا إحياء لهذه الدعوة ،
ونشاطهم في أنحاء العالم معلوم ملحوظ ، يخدعون المسلمين بزعمهم الكاذب بأنهم أتباع
أهل البيت الأطهار ، ويستغلون حاجتهم ، ويغرون بالمال والنساء عن طريق ما يسمى
زواج المتعة .
على كل حال لننظر إلى جهود وفكر الثلاثة
الكبار الذين وجهوا الشيعة في عصرنا ، وإلى غيرهم من علمائهم البارزين .
سبق ذكر ما جاء متواترا عن على بن أبى طالب ـ
رضي الله عنه ـ من أن خير الناس بعد رسول الله r هو أبو بكر ، ثم عمر ،
ورأينا ما يبين مدى حب علىّ للخلفاء الراشدين الثلاثة الذي سبقوه ، مما يثبت بجلاء
أن الرافضة أعداء آل البيت خلافا لزعمهم الكاذب .
فما موقف علمائهم المعاصرين ، أتأسوا بعلي
والحسن والحسين أم ظلوا في طريق الضلال والزندقة .
من الدعاء المشهور عند الرافضة ما يسمى بدعاء
صنمي قريش ، ويقصد هؤلاء الزنادقة بالصنمين الشيخين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق
رضي الله تعالي عنهما وأخزى أعداءهما :
في الجزء الثاني من هذا الكتاب (ص235-241)
تحدثنا عن كتاب بحار الأنوار للمجلسى ، ونقلنا تكفيره لغير الرافضة ، وتخصيصه بابا
كاملا للخلفاء الراشدين الثلاثة جعل عنوانه " باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح
أعمالهم "
مثل هذا السبئى الزنديق لا نعجب عندما يذكر
دعاء صنمي قريش ويشرحه ، ويفترى الكذب على أهل البيت الأطهار حيث يروى عن ابن عباس
أن على بن أبي طالب كان يقنت به ، وقال : أن الداعي به كالرامى مع النبي -r - في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم .
والدعاء لا يقف عند الشيخين بل يذكر ابنتيهما
: أي أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين حفصة رضي الله تعالى عنهما ، بل يذكر
أنصارهما ويشمل أمة الإسلام كلها التي أحبت الشيخين ، واقتدت بهما امتثالا لأمر
رسول الله r فيما أخرجه أحمد والترمذى وابن ماجه والطبرانى : "
اقتدوا باللذين من بعدى أبي بكر وعمر " ( انظر كشف الخفاء 1/160) . وما جاء
في الحديث الصحيح المشهور " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ،
عضوا عليها بالنواجذ " ( انظر تخريجه للشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه : باب
اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين )
وفي الجزء السابق مر قول الكليني في روضة
الكافي بأن الشيخين كافران منافقان وأنهما صنما هذه الأمة .
وإليك نص دعاء هؤلاء الزنادقة الفجرة من
الرافضة :
اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها
وإفكيها ، وابنتيهما ، اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك ، وجحدا إنعامك ، وعصيا
رسولك ، وقلبا دينك ، وحرفا كتابك ، وعطلا
أحكامك ، وأبطلا فرائضك ، وألحدا في آياتك ، وعاديا أولياءك وواليا أعداءك ، وخربا
بلادك وأفسدا عبادك.
اللهم العنهما وأنصارهما فقد أخربا بيت
النبوة ، وردما بابه ، ونقضا سقفه ، وألحقا سماءه بأرضه ، وعاليه بسافله ، وظاهره
بباطنه ، استأصلا أهله ،وأبادا أنصاره وقتلا أطفاله ، وأخليا منبره من وصيه ووارثه
، وجحدا نبوته ، وأشركا بربهما ، فعظم ذنبهما وخلدهما في سقر وما أدارك ما سقر ؟
لا تبقي ولا تذر .
اللهم
العنهما بعدد كل منكر أتوه ، وحق أخفوه ، ومنبر علوه ، ومنافق ولوه ، ومؤمن أرجوه
، وولي آذوه ، وطريد آووه ، وصادق طردوه ، وكافر نصروه ، وإمام قهروه ، وفرض غيروه
، وأثر أنكروه ، وشر أضمروه ، ودم أراقوه ، وخبر بدلوه ، وحكم قلبوه ، وكفر أبدعوه
، وكذب دلسوه ، وإرث غصبوه ، وفىء اقتطعوه ، وسحت أكلوه ، وخمس استحلوه ، وباطل
أسسوه ، وجور بسطوه ، وظلم نشروه ، ووعد أخلفوه ، وعهد نقضوه ، وحلال حرموه ،
وحرام حللوه ، ونفاق أسروه ، وغدر أضمروه ، وبطن فتقوه ، وضلع كسروه ، وصك مزقوه ،
وشمل بددوه ، وذليل أعزوه ، وعزيز أذلوه ، وحق منعوه ، وإمام خالفوه .
اللهم العنهما بكل آية حرفوها ، وفريضة
تركوها ، وسنة غيروها ، وأحكام عطلوها ، وأرحام قطعوها ، وشهادات كتموها ، ووصية
ضيعوها ، وأيمان نكثوها ، ودعوى أبطلوها
وبينة أنكروها ، وحيلة أحدثوها ، وخيانة أوردوها ، وعقبة ارتقوها ، وأزياف لزموها
، وأمانة خانوها .
اللهم
العنهما في مكنون السر وظاهر العلانية لعنا كثيرا دائبا أبدا دائما سر مدا
لاانقطاع لأمده ، ولانفاذ لعدده ، يغدو أوله ولا يروح آخره ، لهم ولأعوانهم
وأنصارهم ومحبيهم ومواليهم والمسلمين لهم ، والمائلين إليهم والناهضين بأجنحتهم
والمقتدين بكلامهم ، والمصدقين بأحكامهم.
ثم يقول : اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل
النار آمين رب العالمين ، أربع مرات ، ودعا u في قنوته : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، واقنعني بحلالك عن
حرامك وأعذني من الفقر ، إنى أسأت وظلمت نفسي ، واعترفت بذنوبي ، فها أنا واقف بين
يديك ، فخذ لنفسك رضاها من نفسي ، لك العتبى لا أعود ، فإن عدت فعد على بالمغفرة
والعفو ، ثم قال u : العفو والعفو مائه مرة ، ثم قال : أستغفر الله العظيم من ظلمي
وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه ، مائة مرة ، فلما فرغ عليه السلام من
الاستغفار ركع وسجد وتشهد وسلم " ا . هـ
انتهي نص دعاء صنمي قريش الذي وضعه أعداء الله
تعالي من الزنادقة أتباع عبدالله بن سبأ لعنهم الله لعنا كبيرا
ونحن نلعنهم هنا اتباعا لسنة رسول الله r
كما روى ذلك شيعي غير رافضي
وهو الحاكم في مستدركه (3/632) ، بسنده عن الرسول r أنه قال :
" إن الله تبارك وتعالي اختارني ، واختار لي أصحابا ، فجعل لي منهم
وزراء وأنصارا وأصهارا .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
، ووافقه الذهبي .
وما ذكره المجلسى وغيره من شرح لهذا الدعاء
الفاجر طويل ، ونحن في غنى عنه ، فبعض ما جاء في نص الدعاء يكفى لبيان حقيقة هؤلاء
الرافضة . وبعد هذا نأتي إلي موضوعنا .
أوقف
هذا الدعاء عند المجلسى المتوفى سنة 1111 هـ
ومن سبقه من زنادقة الرافضة أم استمر الأخذ به بعدهم إلي عصرنا ؟
وما موقف
الحكيم والخوئي والخميني من هذا الدعاء ؟
([408])
نجد نص الدعاء باللغة
العربية في كتاب باللغة الأردية عنوانه " تحفة العوام مقبول "والكتاب
مطابق لفتاوى الثلاثة وثلاثة آخرين مذكورين
.
وإليك صورة لصدر الكتاب ، وفيه أسماء الستة
الذين طابق الكتاب فتواهم ، وصورة الدعاء
بالنص العربي ، وهو يثبت بجلاء ووضوح أن رافضة العصر كرافضة القرون السابقة
منذ دعوة عبد الله بن سبأ .
وقد يكون هذا الدعاء كافيا لاثبات أن موضوع
كتابنا ليس مسألة تاريخية ، وأن دعوة الرفض السبئية مستمرة ، غير أننا لانكتفي
بهذا بل نذكر المزيد لتأكيد هذا المعنى .
في هذا الجزء الأخير من الكتاب نقلت بعض آراء
محسن الحكيم من كتابه " مستمسك العروة الوثقى " ، وهي تبين أنه يرى
كغيره من الرافضة أن الأمة الإسلامية كلها ـ ماعداهم ـ عبادتهم كلها باطلة ، فلا
تصح صلاتهم ولا صيامهم ولا زكاتهم ولا حجهم ، واعتكافهم ليس باطلا فقط ، بل لايحل
مكثهم في المسجد باعتبارهم كفارا
وآراء هذا الرافضي نقلت نصها من كتابه مع ذكر
الجزء والصفحه .
هذا محسن الحكيم ، ونأتي إلى الخوئى فنرى العجب
الغريب !
وبيان موقفه يحتاج إلى وقفه طويلة ، وأشرت إلى
شيىء منه في الجزء الثاني من هذا الكتاب :
ففي (ص275-276) : تحدثت عن تفسيره المسمى "
البيان " ، وذكرت أنه يمثل جانب الاعتدال ، والبعد عن الغلو ، حيث إن الخوئي
أسهب وأفاض في إثبات صيانة القرآن الكريم من التحريف ، وهو لا يكفر المخالفين ، بل
يرى ويروى أن الإسلام يدور مدار الإقرار بالشهادتين ، وأفاض كذلك في الحديث عن
حجية ظواهر القرآن
وفي صفحات أخرى نقلت ما يناقض أقواله في تفسيره
.
ففي كتابه معجم رجال الحديث (1/3 : 64) ذهب إلي
صحة تفسير على بن إبراهيم القمي ، وقال بأن روايات الكتاب " ثابتة وصادرة من
المعصومين عليهم السلام ، وأنها انتهت إلية بوساطة المشايخ والثقات من الشيعة
" .
وتفسير القمي قدمت
دارسة عنه في(ص175 : 200) في الجزء الثاني نفسه ، وفيه من البلايا والرزايا ما
يبين كفر من يعتقد ما جاء فيه ، وما يتعارض كل التعارض مع ما قاله الخوئي في
تفسيره ، حيث يقول بتحريف القرآن الكريم نصا ومعنى ، فلا يأخذ بظواهره ، ويطعن في
الصحابة الكرام ويكفرهم .
فكيف نجمع بين ما قاله الخوئي في تفسيره ، وبين
توثيقه لكل ما جاء في تفسير القمي وتوثيقه لدعاء صنمي قريش ؟ !
ويقول الخوئي في تفسيره (ص225) : " القول
بعدم التحريف هو المشهور ، بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحققيهم " !
فكيف نجمع بين هذا أيضا وبين قوله في القمي
وتفسيره ؟ ! وبينه وبين القول بالتحريف الذي ذهب إليه معظم علمائهم غير القمي
كالعياشى والكليني والنعمانى والمجلسى وغيرهم ؟ ! ولم ينكر التحريف منهم إلا القلة
النادرة !
وأشهر من قال بعدم التحريف من علمائهم القدامى
محمد بن بابوية القمي الملقب بالصدوق المتوفى سنه 381 هـ ، ومع هذا نراه في كتابه " معاني الأخبار
" يحرف القرآن الكريم نصا ومعنى :
ففي قول الله تعالى في سورة البقرة (210) :
" هَلْ
يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ
وَالْمَلآئِكَةُ
"
يحرفه
بقوله : " هل
ينظرون إلا أن يأتيهم الله بالملائكة في ظلل من الغمام "" هكذا نزلت
(ص 13) .
وفي سورة النور (35) : "" اللَّهُ
نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ
الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ""
يقول ابن بابوية القمي : الزجاجة كأنه كوكب درى
وبعد تحريف النص يأتي إلي تحريف المعنى فيجعل المراد هنا على بن أبي طالب : ( انظر
ص 15) .
وتحريف المعنى لاتسل عنه : فهو
كالقمي والعياشى والكليني وغيرهم من زنادقة الرافضة الضالين .
وإليك بعض النماذج :
يروى المؤلف في معنى بسم الله الرحمن
الرحيم :
بسم : الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ،
والميم ملك الله .
الله : الألف : آلاء الله على خلقه من النعم
بولايتنا ، واللام : إلزام الله خلقه ولايتنا ، والهاء : هوان لمن خالف محمدا وآل
محمد صلوات الله عليهم . ( انظر ص 3 )
وفي باب آخر :
معنى قول القائل " بسم الله " : أي
اسم علىّ نفسي سمة من سمات الله عز وجل وهي العبادة . ( ص3 )
وفي ص13 : كل شئ هالك إلا وجهه : قال الإمام
الصادق : نحن .
وفي ص16 : إن رسول اللهr يوم القيامة آخذ بحجزة الله ، ونحن آخذون بحجزة
نبينا ، وشيعتنا آخذون بحجزتنا ، والحجزة النور ..
إن لله عز وجل خلقا خلقهم من نوره ، ورحمة من
رحمته لرحمته وهم الأوصياء – يقصد هذا الرافضي الأئمة الاثنى عشر ـ فهم عين الله الناظرة ،
وأذنه السامعة ، ولسانه الناطق في خلقه بإذنه ، وأمناؤه على ما أنزل من عذر أو نذر
أو حجة ، فبهم يمحو الله السيئات ، وبهم يدفع الضيم ، وبهم ينزل الرحمة ، وبهم
يحيي ميتا ويميت حيا .. إلخ وأنا حبل الله المتين ، وأنا عروة الله الوثقى ، وكلمة
الله التقوى ، وأنا عين الله ، ولسانه الصادق ، ويده ، وأنا جنب الله الذي يقول
: " أَن
تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّه ِ" وأنا يد
الله المبسوطة على عباده
بالرحمة والمغفرة ، وأنا باب حطة ، من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه ، لأني وصى نبيه في أرضه ، وحجته على خلقه
، لا ينكر هذا إلا راد على الله وعلى رسوله .
وبعد أن انتهي من معاني ألفاظ وردت في التوحيد ، انتقل إلى
بيان معنى رضا الله وسخطه ، فقال في ص 19: إن الله
تعالى لا يأسف كأسفنا ، ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون ، فجعل رضاهم لنفسه
رضا ، وسخطهم لنفسه سخطا .. إلخ .
وفي ص23 : " ألم " : هو حرف
من حروف اسم الله الأعظم ، المقطع في القرآن ، الذي يؤلفه النبي r والإمام فإذا دعا به أجيب
.
" ذَلِكَ
الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ " بيان
لشيعتنا .
" الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنفِقُونَ " : مما علمناهم ينبئون ، ومما علمناهم من القرآن
يتلون .
وفي ص52 يكذب على الإمام الصادق أنه قال في معنى
" ألم " ما يأتى :
" الألف " حرف من حروف قول الله ، دل
بالألف على قولك الله ، ودل باللام على قولك المالك العظيم القاهر للخلق أجمعين ،
ودل بالميم على أنه المجيد المحمود في كل أفعاله ، وجعل هذا القول حجة على اليهود
، وذلك أن الله لما بعث موسى بن عمران ثم من بعده من الأنبياء إلى بنى إسرائيل لم
يكن فيهم أحد إلا أخذوا عليهم العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الأمي المبعوث
بمكة الذى يهاجر إلى المدينة ، يأتي بكتاب من الحروف المقطعة فى افتتاح بعض سوره ،
يحفظه أمته فيقرءونه قياما وقعودا ومشاة وعلى كل الأحوال ، يسهل الله عز وجل حفظه
عليهم ، ويقرنون بمحمد r أخاه ووصيه على بن أبي طالب u الآخذ عنه علومه التي علمها ، والمتقلد عنه الأمانة التي قدرها ،
ومذلل كل من عاندمحمدا r بسيفه الباتر ، ويفحم كل من
جادله وخاصمه بدليله الظاهر ، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب الله حتى يقودهم إلي
قبوله طائعين وكارهين ، ثم إذا صار محمد r إلي رضوان الله عز وجل ، وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الإيمان ،
وحرفوا تأويلاته وغيروا معانيه ، ووضعوها على خلاف وجوهها قاتلهم ـ أي على بن أبي
طالب ـ بعد ذلك على تأويله …
وفي معنى الحروف المقطعة يقول في " ألم
" أيضا :
إن على بن أبي طالب اختلف مع اليهود في معناها ،
فقال اليهود : مالنا حجة فيما نقول ، ولا لكم حجة فيما تقولون ، فقال على : لاسواء
إن لنا حجة هي المعجزة الباهرة ، ثم نادى جمال اليهود : يأيتها الجمال اشهدى لمحمد
ولوصيه . فتبادر الجمال : صدقت صدقت ، يا وصى محمد وكذب هؤلاء اليهود ، فقال على :
هؤلاء جنس من الشهود ، يا ثياب اليهود التي عليهم : اشهدى لمحمد ولوصيه . فنطقت
ثيابهم كلها : صدقت صدقت يا على نشهد أن محمدا رسول الله حقا ، وأنك يا على وصيه
حقا ، لم يثبت محمدا قدما في مكرمة إلا وطأت على موضوع قدمه بمثل مكرمته ، وأنتما
شقيقان من إشراق أنوار الله فميزتما اثنين وأنتما في الفضائل شريكان إلا أنه لا
نبي بعد محمد r !! فعند ذلك خرست اليهود
وآمن بعض النظارة منهم برسول الله r ، فغلب الشقاء على اليهود
وسائر النظارة الآخرين ، فذلك ما قال
الله : " لاريب فيه " أنه كما قال محمد r ووصى محمد عن قول
محمد r عن قول رب العالمين ، ثم
قال " هدى " بيان وشفاء " للمتقين " من شيعة محمد وعلى ، أنهم
اتقوا أنواع الكفر فتركوها ، واتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها ، واتقوا إظهار أسرار
الله سبحانه وأسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمد r فكتموها ……
وفي ص 28
عن " كهيعص " :
" كاف " : كاف لشيعتنا ، " ها
" هادى : لهم ، " يا " : ولي لهم ، " عين " عالم بأهل
طاعتنا ، " صاد " صادق لهم وعْدَهم حتى يبلغ بهم المنزلة التي وعدها
إياهم في بطن القرآن .
هذا بعض ما جاء في بداية كتابه ، ولسنا في حاجة
للسير مع هذا الرافضي إلي نهاية كتابه ، فبعض هذه النماذج فيه غنى وكفاية ، وإن
كان الكتاب أقل ضلالا وزندقة من كتاب الكافي للكلينى وتفسير على بن إبراهيم ألقمي
، وتفسير العياشى وأمثالها من كتب الكفر والزندقة
.
وبعد : فهذا هو المفترى الكذاب الملقب عند
الرافضة بالصدوق ، أشهر علمائهم القدامى الذين نفوا القول بالتحريف ، وأنكروا نسبة
هذا إلي فرقتهم . ويأتي الخوئي في عصرنا لينكر نسبة القول بالتحريف إلي فرقته ، ثم
في جرأة عجيبة يقول في تفسيره (ص244) : " القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء
أهل السنة " !!
إذن ليس الهدف هو صيانة كتاب الله تعالي وإنما
الهدف هو تبرئة الشيعة الرافضة من هذه الجريمة النكراء !! وزاد الخوئي إلصاقها
بجمهور المسلمين !!( راجع موضوع القرآن الكريم والتحريف في الجزء الثاني من هذا
الكتاب ص151 وما بعدها ، واقرأ مناقشتنا لهراء الخوئى ص160 ، 161 ) .
فالخوئي أمره عجيب غريب ، فتراه مرة يرتدى ثياب
الاعتدال والبعد عن الغلو والزندقة ، ومرات على خلاف ذلك تماما !
ولمزيد من التوضيح نكرر النظر في كتابه معجم رجال الحديث .
في ترجمه عبد الله بن
سبأ نقل قول الكشى :
" ذكر بعض أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا
فأسلم ، ووالي عليا u ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصى موسى بالغلو ،
فقال فى إسلامه بعد وفاة رسول الله r في على u
مثل ذلك ، وكان أول من شهر القول بفرض إمامة على ، وأظهر البراءة
من أعدائه ، وكاشف مخالفيه وأكفرهم ، فمن
ها هنا قال من خالف الشيعة : أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية " .
وعقب الخوئى على ذلك بقوله (11/207) : "
بطلان من خالف الشيعه واضح وناشئ من العصبية العمياء ، فإن أصل التشيع والرفض
مأخوذ من الله عز وجل حيث قال سبحانه "" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ
وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ "" والرسول الأعظم صلوات الله عليه … "
فالخوئى هنا لم يكرر قول الغلاة بأن التشيع
مأخوذ من الكتاب والسنة ، وإنما زاد وسلك مسلك أشدهم غلوا وضلالا فأضاف إلي التشيع
الرفض ، وقوله في الرفض هنا يتسق مع قوله بدعاء صنمي قريش ، وبتوثيقه لتفسير القمي
وجميع رواياته .
ونرى الضلال والزندقة بوضوح في ترجمة الخوئي
لمحمد بن أبي بكر الصديق ، حيث ذكر ست روايات مفتريا الكذب على الإمامين الطاهرين الباقر
والصادق :
ففي الرواية الأولي عن الصادق : " أتته
النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس " .
وعنه في الثالثة أن محمد بن أبي بكر قال في
بيعته لعلى بن أبي طالب " أشهد أنك إمام مفترض طاعتك ، وأن أبى فى النار
" فقال أبو عبد الله : " كان النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس رحمة
الله عليها ، لامن قبل أبيه " .
وعنه أيضا في السادسة : " ما من أهل بيت
إلا ومنهم نجيب من أنفسهم ، وأنجب النجباء من أهل بيت سوء منهم : محمد بن أبى بكر
" .
وعن الإمام الباقر في الرواية الرابعة : "
محمد بن أبي بكر بايع عليا u على البراءة من أبيه " ، وفي الخامسة " على البراءة من
الثاني " . أي الخليفة عمر .
وقال الخوئى : " هذه الروايات وإن كان
بعضها ضعيف السند ، إلا أن في الصحيح منها كفاية " .
أيها الخوئى : إذا كان أبو بكر في النار فهل
الجنة لابن سبأ وأتباعه من زنادقة الرافضة ؟ !
أليس من يعتقد هذا يعتبر كافرا زنديقا ؟ ألا
يكفى هذا لبيان ضلال الخوئى وزندقته ؟ فكيف نجمع بين هذا وبين قوله في تفسيره ؟
على كل حال فلنستمر في النظر في كتابه معجم رجال الحديث ، فمن تراجمه :
عمر بن عبد العزيز بن
مروان الأموي : قال الخوئى : مر
عمر بعلي بن الحسين فقال : لن يموت هذا الفاسق حتى يلى الناس ، ولا يلبث فيهم إلا
يسيرا حتى يموت ، فإذا مات لعنه أهل السماء ، واستغفر له أهل الأرض !!
( نقله الخوئى من بصائر الدرجات : باب أن الأئمة
عندهم الكتب التي فيها أسماء الملوك الذين يملكون ، ولم يذكر أي تعقيب )
خالد بن الوليد : قال
الخوئى : مخازيه مشهورة في كتب الفريقين ، منها أنه أمر بقتل على u ، لكن أبا بكر ندم ، فنهاه عن ذلك !!
وفي طلحة بن عبيد الله قال
الخوئى : مرعلى uعلى طلحة
بعد قتله فأمر بإجلاسه ثم قال : ياطلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقا ، فهل وجدت ما
وعدك ربك حقا ؟ !
وفي عبد الله بن عمر قال : مات
منكوثا ؟ !
وفي عمرو بن العاص قال
: هو الذى قال : إني لأشنأ محمدا
فنزل "" إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ
الْأَبْتَرُ "" !!
وإن النبي
r لعن عمرو بن العاص !! وفي
سفينة البحار عدة من مخازى هذا الخبيث الفاجر ، وهو من هجاه الرسول r !!
هذا هو موقف الخوئى من الصحابة الكرام البررة ،
ومفترياته وأكاذبيه الفاجرة المنكرة . وما جاء في كتابه في الرجال ، وتكرر في
مواضع كثيرة ذكرنا بعضها ، ويؤكده قوله في تفسير القمي ، إضافة لتوثيقه لدعاء صنمي
قريش ، كل هذا يؤكد بما لا يحتاج إلى مزيد من البيان أن غلو الرافضة ، وضلالهم
وزندقتهم ، وسيرهم على خطا ابن سبأ ، وكل هذا ليس في ذمة التاريخ بل لايزال هذا
التيار مستمرا متدفقا ، فموضوع كتابنا هذا إذن موضوع قديم جديد .
وننتقل من الحديث عن الخوئى إلي الخميني الذى
غطى على غيره في عصرنا ، حيث قام بثورة شيعية كان لها آثارها في داخل إيران
وخارجها ، ووضع المال والسلاح لتصدير الثورة ، أي الدعوة لاعتناق عقيدة الشيعة
الرافضة ، وهو ثالث الذين وثقوا دعاء صنمي قريش ، وما كتبه يتفق مع هذا التوثيق :
ففي كتابه " الحكومة الإسلامية "
(ص52-35) يقول تحت عنوان
" وثبوت الولاية والحاكمية للإمام (ع) لا
تعنى تجرده عن منزلته التى هي له عند الله ، ولا تجعله مثل من عداه من الحكام .
فإن للإمام مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع
ذرات هذا الكون . وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ،ولا
نبي مرسل . وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم (ص) والأئمة
(ع) كانوا قبل هذا العالم أنوارا فجعلهم الله بعرشه محدقين ، وجعل لهم من المنزلة
والزلفي مالا يعلمه إلا الله . وقد قال جبرئيل ـ كما ورد في روايات المعراج ـ : لو
دنوت أنملة لاحترقت . وقد ورد عنهم (ع) : إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب
ولا نبي مرسل . ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام لا بمعنى
أنها خليفة أو حاكمه أو قاضيه ، فهذه المنزلة شيىء آخر وراء الولاية والخلافة والإمرة
، وحين نقول : أن فاطمة (ع) لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة فليس يعنى ذلك تجردها
عن تلك المنزلة المقربة ، كما لايعنى ذلك أنها امرأة عادية من أمثال ما عندنا
" . ا . هـ
والخميني هنا وقد بلغ ذروة الضلال يبين أن هذا
هو واقع الرافضة الذي لاينفك عنهم كقوله : " من ضروريات مذهبنا " وقوله
: " وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث "
وفي ص78-79 يقول : " حجة الله تعنى أن الإمام مرجع للناس
في جميع الأمور ، والله قد عينه ، وأناط به كل تصرف وتدبير من شأنه أن ينفع الناس
ويسعدهم ، وكذلك الفقهاء ، فهم مراجع الأمة وقادتها . فحجة الله هو الذي عينه الله
للقيام بأمور المسلمين ، فتكون أفعاله وأقواله حجة على المسلمين ، يجب إنفاذها ولا
يسمح بالتخلف عنها ، في إقامة الحدود ، وجباية الخمس والزكاة والخراج والغنائم
وإنفاقها ، وذلك يعنى أنكم إذا راجعتم ـ مع وجود الحجة ـ حكام الجور فأنتم محاسبون
على ذلك ومعاقبون عليه يوم القيامة . فالله ـ سبحانه ـ يحتج بأمير المؤمنين (ع)
على الذين خرجوا عليه ، وخالفوا عن أمره ، كما يحتج على معاوية وحكام بنى أمية
وبنى العباس وأعوانهم ومساعديهم ، بما غصبوه من الحق ، بما اشغلوه من المنصب الذي
ليسوا له بأهل " . ا . هـ
ويقول في ص 80 : " فالفقهاء اليوم هم الحجة على الناس ،
كما كان الرسول (ص) حجة الله عليهم ، وكل ما كان يناط بالنبي (ص) فقد أناطه الأئمة
بالفقهاء من بعدهم ، فهم المرجع في جميع الأمور والمشكلات والمعضلات ، وإليهم قد فوضت
الحكومة وولاية الناس وسياستهم والجبابة والإنفاق ، وكل من يتخلف عن طاعتهم ، فإن
الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك " ا . هـ
في الجزء الأول من هذا الكتاب بينت عقيدة
الإمامة عند الاثنى عشرية وذكرت أنهم يجعلون أئمتهم كالرسول ـ r ـ في العصمة ووجوب
الاتباع كما أمر الله عز وجل . والخمينى هنا يخطو خطوة أشد ضلالا وبعدا عن الإسلام
حيث جعل فقهاء الرافضة أيضا كالرسول r سواء بسواء !!
ويجعل الخلفاء الراشدين الثلاثة – ومن باب أولي غيرهم ـ حكام جور ، غصبوا الحق ، وشغلوا منصبا ليسوا
له بأهل ، وهذا يتفق مع زندقة الخمينى وضلاله الذي رأيناه في دعاء صنمي قريش . ثم
هو يجعل خير أمة أخرجت للناس ، وخير جيل عرفته البشرية في تاريخها ، وهو جيل
الصحابة الكرام الذين اقتدوا بسنة الرسول r وسنة الخلفاء الراشدين من
بعده ، جعل هذا الجيل المثالي محاسبا معاقبا مخالفا أمر الله عز وجل بسبب هذا
الاقتداء ، وعدم الأخذ بما نادى به ابن سبأ . وبعد هذا الضلال يأتي إلي كتاب الله
تعالي ليحرفه تأييدا لضلاله ، فيذكر قول الله عز وجل في سورة النساء (58) :
"" إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا""
فيقول في ص 18 :
" أمر الله الرسول r برد الأمانة ـ أي الإمامة ـ إلى أهلها ، وهو أمير المؤمنين (ع)
وعليه هو أن يردها إلي من يليه ، وهكذا
" .
ونستمر مع الخمينى فى كتابه الحكومة الإسلامية
لنصل إلي ص 128 فنجد ما يبين مدى عداء الخمينى للإسلام والمسلمين :
فالخواجة نصير الدين الطوسى اتصل بهولاكو ،
وأصبح مقربا عنده ، وأشار عليه بقتل المستعصم ، وذبح المسلمين ببغداد . وفي الفصل
الرابع من الجزء الأول نقلت حديث ابن القيم عنه حيث قال : إنه نصير الشرك والكفر الملحد ، وزير الملاحدة ، شفي إخوانه من الملا حدة
، واشتفى هو ، فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين …
ثم قال : وبالجملة فكان هذا الملحد هو وأتباعه
من الملحدين الكافرين بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر .
و قال أيضاً : وكان هؤلاء زنادقة ، يتسترون
بالرفض ، ويبطنون الإلحاد المحض ، وينتسبون إلي أهل بيت الرسول ـr ـ وهو وأهل بيته براء منهم
نسبا ودينا ، وكانوا يقتلون أهل العلم والإيمان ، ويدعون أهل الإلحاد والشرك والكفران ، لا يحرمون حراما ، ولا يحلون حلالا
" .(انظر إغاثة اللهفان ص 260 ، 601 )
ومن تلامذة هذا الملحد ابن المطهر الحلي ، الملقب
عند الرافضة بالعلامة ، وهو الذي ذهب إلي تكفير الصحابة الكرام ، وصاحب كتاب
" منهاج الكرامة " الذي أبطله شيخ الإسلام ابن تيميه بكتاب " منهاج
السنة " وبين ما فيه من ضلال وزندقة ، وبينت هذا بشيء من التفصيل في الفصل
الرابع من الجزء الأول .
وهو صاحب القواعد التي شرحها العاملي في كتاب
" مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة " ، الذى نقلنا عنه فى أكثر من موضع
في هذا الجزء قوله بكفر الصحابة الكرام البررة ، بل قال بأنهم كافرون قطعا !! ولم
يستثن منهم إلا القليل النادر ، أو قل بضعة نفر يذكرونهم بأسمائهم .
هذان الزنديقان …
ما موقف الخمينى منهما ؟
في ص128
من كتابه الحكومة الإ سلامية نرى الخمينى يقف مع الخواجه فرحا بمذابح أولئك
المسلمين على أيدي الكفار ، ويترحم على عدو الله سبحانه ويتحسر على فقدانه هو
وأضرابه فيقول بعد أن ذكر ما يحدث بفقد الإمام الحسين والأئمة من بعده : "
ويشعر الناس بالخسارة أيضا بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسى ، والعلامة ،
وأضرابهم ممن قدم خدمات جليلة للإسلام "
!!
فالخدمات الجليلة عند الخمينى هي قتل المسلمين
وعلمائهم على أيدي التتار ! وتأليف الكتب
في تكفير الصحابة وسبهم كما فعل علامة الرافضة
الزنادقة !
فإجلال الخمينى وتعظيمه لمن كفر الصحابة وعلى
الأخص أبو بكر وعمر يتفق مع توثيقه لدعاء صنمي قريش .
والعجيب أن يقرن هذين الزنديقين بالإمام الحسين
وغيره من الأئمة الأطهار .
إلي هنا نرى أن توثيق الخمينى للدعاء المذكور ،
وما نقلناه من كتابه " الحكومة الإسلامية " فيه الكفاية لبيان استمرار
ضلال الرافضة وغلوهم ، ولكن لننظر إلي شيىء مما جاء في بعض كتبه الأخرى لمزيد
تأكيد ما أردنا إثباته .
في محاضرات طبعت في تفسير آية البسملة قال في ص
31 تحت عنوان : على (ع) التجلي الإلهي العظيم :
" إذا أنشد قصيدة في مدح الأمير على (ع)
فهو يريد أن يقول إنه يدرك أنها لله ، لأن الإمام عليه السلام هو التجلي العظيم
لله ، ولكونه كذلك لذا فإن ما فرضتموه مدحا له فهو مدح لله من خلال مدح تجليه
"
ويقول في ص 49 : " ضربة على يوم
الخندق أفضل من عبادة الثقلين " !
وله كتاب " كشف أسرار " باللغة
الفارسية ، وقد تفضل أحد الإخوة فجمع مجموعة من نصوصه وذكر كل نص بالفارسية
وترجمته بالعربية ، ولطوله أكتفي بذكر بعض التراجم العربية أو خلاصتها :
في ص 30
يقول : الاستعانة والاستمداد
من الأموات ليس بشرك ، لأن الشرك هو الاستعانة والاستمداد من دون الله معتقدا بأنه
هو الله ، وإن لم يكن كذلك فليس بشرك ولا فرق في ذلك بين الحي والميت ، حتى لو طلب
حاجة من حجر أو مدر مع أن هذا لغو وباطل . ونحن نستعين ونستمد من أرواح الأنبياء
والأئمة لأن الله أعطاهم القدرة والتصرف
وفي ص 40-41
يقول : إذا استشفي أحد بقبر أو
أي شيىء اعتقادا بأنه هو الله أو مستقل بالتأثير مثل الله فهذا شرك ، أما إذا كان
يعتقد بأن هذا الشخص له مكانة عند الله لأنه كان يقدر الله ويضحى بنفسه في سبيله ،
ولذلك جعل الله في تربته شفاء ، فإن الاستشفاء بالقبر لا يكون شركا وكفرا أبدا !!
ويقول في ص 44 ، 45 : من أكبر مظاهر
التواضع وعلامات الخضوع السجدة التي لا نجيزها لغير الله تعالي لوجود النهي الإلهي
عن ذلك ، وهذه السجدة إذا لم يقصد بها العبادة لا تعتبر شركا إذا كانت لغير
الله !!
ويقول في ص 60 ، 61 : إذا كان بناء القبب والعتبات والأضرحة لعبادة
الأصنام والأنبياء والأئمة فهذا شرك وكفر ، أما إذا كان القصد من ذلك احترامهم
واستراحة القادمين للزيارة فهذا ليس بشرك .
وفي الكتاب يذكر مثل
ما نقلناه من الحكومة الإسلامية غلوا في الأئمة ، ويطعن في الصحابة الكرام وعلى
الأخص أبو بكر وعمر وعثمان ، ويرى أنهم أظهروا الإسلام طمعا في الرياسة ، وأنهم
خالفوا القرآن الكريم ، وأن تصرف عمر في مرض النبي r يدل على الكفر والزندقة ،
وأن الله عز وجل لو ذكر أسماء أئمة الرافضة في القرآن الكريم لحرفه الصحابة ،
ولذلك كان الرسول r يخشى ذكر الآيات التي تنص
على إمامة على بالاسم مخافة أن يقع بين المسلمين شجار بعده ، وتحريف في القرآن … إلخ . ( انظر على سبيل المثال في الصفحات التالية 68 ، 112 ، 114
، 115 ، 117 ، 130)
وفي بداية هذا الجزء وفي غير موضع تحدثت عن
المراد بالنواصب عند الرافضة ، والخمينى كالغلاة السابقين ، بل من أشدهم غلوا ،
فتراه في " تحرير الوسيلة " يقول
: " وأما النواصب والخوارج لعنهم الله تعالى فهما نجسان من غير توقف
ذلك إلي جحودهما الراجع إلي إنكار الرسالة " . (1/118)
ويقول
: " فلو أرسل ـ أي كلب الصيد ـ كافر بجميع أنواعه أو من كان بحكمه كالنواصب
لعنهم الله لم يحل ما قتله " (1/136)
" فتحل ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا الناصب
وإن أظهر الإسلام " (1/146) .
ويقول :
" ولا تجوز ـ الصلاة ـ على الكافر بأقسامه حتى المرتد ومن حكم بكفره
ممن انتحل الإسلام كالنواصب والخوارج " . (1/79 )
ويقول :
" والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق
الخمس به ، بل الظاهر أخذ ماله أينما وجد وبأي نحو كان ، ووجوب إخراج خمسه "
. (1/352 )
وهكذا
كفر أمة الإسلام التي رضيت بخلافة أبى بكر وعمر ولم تأخذ بقول ابن سبأ ، ولعن خير
أمة أخرجت للناس ، وحكم بنجاستهم ، واستباح أموالهم وأخذها بطريقة قطاع الطرق ،
ومع إعطاء الخمس لزعيم عصابة المجرمين ولمعرفة المزيد راجع كتاب " وجاء دور
المجوس "، المبحث السابع : الخمينى والنواصب . ص185 وما بعدها . ومجلة
المجاهد ـ الأعداد من الثالث والأربعين إلي السادس والأربعين ـ موضوع " الرفض
… الشر المستطير " .
هؤلاء
هم أكبر ثلاثة وجهوا الشيعة الاثنى عشرية في عصرنا ، فجعلوهم امتداداً لغلاة
الرافضة وزنادقتهم بدءا من أتباع دعوة عبد الله بن سبأ ، وابتعدوا بهم عن منهج
الاعتدال ، وبهذا يستيقن قارئ هذا الكتاب بأن الموضوع الذي يعالجه قديم معاصر متصل
الحلقات من ابن سبأ إلي الحكيم والخوئى والخمينى مرورا بالقمي والعياشى والكليني
وغيرهم !
وفي
هذا الكتاب مر ذكر غيرهؤلاء الثلاثة من غلاة الرافضة في عصرنا ، وما أكثر من ذكر !
أما من لم يذكر فهم أشد كثرة .
وعلى
سبيل المثال وجدنا عبد الحسين شرف الدين الموسوى يقدم في اللقاءات التي عقدها
الشيعة للتقريب بين الشيعة وأهل السنة على أنه من دعاة التقريب ! وهو صاحب كتاب
المراجعات الذي رددت علية بكتابي " المراجعات المفتراة على شيخ الأزهر البشرى
" ، وأثبت أنه من أشد الرافضة غلوا وضلالا وزندقة ، حيث حرف القرآن الكريم
نصا ومعنى ، وبين أن الكتب الأربعة عندهم مقدسة ، ورواياتها مضمونها متواتر ، وهي
كتب الحديث عندهم التي تحدثت عنها في الفصل الرابع من الجزء الثالث ، ونقلت منها
شيئا مما جاء فيها من الكفر والضلال والزندقة ، وذهب إلي إسقاط كتب الحديث عند
جمهور المسلمين . وقد مر ما يبين هذا في الفصل الرابع من الجزء الأول .
وعبد الحسين هذا هو أيضا صاحب كتاب "
الفصول المهمة في تأليف الأمة " ،
والتأليف الذي أراده هذا الزنديق هو أن ترتد أمة الإسلام فتصبح كلها رافضة تابعة
لدعوة عبد الله بن سبأ ، وتجتمع كلها على التحريف والتكفير ..!!
هذا علم من أعلام دعاة ـ التقريب الشيعة ، وهذا
هو منهج التقريب الذى يسلكه الشيعة بعد التحذير من الفرقة والاختلاف !
فما رأي دعاة التقريب من جمهور المسلمين ؟
أفيدونا أفادكم الله تعالى ..
نسأل الله جلت قدرته أنه يجمع المسلمين على الحق
، وأن يكفينا شر اعداء الإسلام ، وأن يهدينا جمعيا سواء السبيل ، وأن يفتح بيننا
وبين إخواننا بالحق ، إنه نعم المولي ونعم النصير ، وهو المستعان .
""
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى
الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "" .
السيد حسين الموسوى عالم
شيعى من علماء النجف ، له كتاب كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار ، وهو مرجع سبق
ذكره فى بعض المواضع ، وننقل هنا خاتمة هذا الكتاب .
قال المؤلف : بعد هذه الرحلة المرهقة فى بيان
تلك الحقائق المؤلمة ، ما الذى يجب على فعله ؟
هل أبقى فى مكانى ومنصبى وأجمع الأموال الضخمة
من البسطاء والسذج باسم الخمس والتبرعات للمشاهد ، وأركب السيارات الفاخرة ( !! )
وأتمتع بالجميلات ؟ أم أترك عرض الدنيا الزائل وأبتعد عن هذه المحرمات ، وأصدع
بالحق ـ لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس ؟
لقد عرفت أن عبد الله بن سبأ اليهودى هو الذى
أسس التشيع . وفرق المسلمين وجعل العداوة والبغضاء بينهم ، بعد أن كان الحب
والإيمان يجمع بينهم ويؤلف قلوبهم ، وعرفت أيضاً ما صنعه أجدادنا ـ أهل الكوفة ـ
بأهل البيت ، وما روته كتبنا فى نبذ الأئمة والطعن بهم ، وضجر أهل البيت من شيعتهم
كما سبق القول ، ويكفى قول أمير المؤمنين u فى بيان حقيقتهم :
" لو ميزت شيعتى لما وجدتهم إلا واصفة ،
ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين ، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد "
" الكافى " ( 8 / 338 ) .
وعرفت أنهم يكذبون على الله تعالى ، فإن الله
تعالى بين أن القرآن الكريم لم تعبث به الأيادى ، ولن تقدر ، لأن الله تكفل بحفظه
، وأما فقهاؤنا فيقولون إن القرآن محرف ، فيردون بذلك قول الله تعالى ، فمن أصدق ؟
أأصدقهم ؟ أم أصدق الله تعالى ؟ وعرفت أن المتعة
محرمة ، ولكن فقهاءنا أباحوها ، وجرت
إباحتها ، إلى إباحة غيرها ، كان آخرها اللواطة بالمردان من الشباب .
وعرفت أن الخمس لا يجب على الشيعة دفعه ولا
إعطاؤه للفقهاء المجتهدين ، بل هو حل لهم حتى يقوم القائم ، ولكن فقهاءنا هم الذين
أوجبوا على الناس دفعه وإخراجه وذلك لمآربهم ـ أي الفقهاء ـ الشخصية ومنافعهم
الذاتية .
وعرفت أن التشيع قد عبث به أياد خفية ، هي التى
صنعت فيه ما صنعت كما أوضحنا فى الفصول السابقة ، فما الذى يبقينى فى التشيع بعد
ذلك ؟
ولهذا ورد عن محمد بن سليمان عن أبيه قال : قلت
لأبى عبد الله u : " جعلت فداك ، فإنا قد نبزنا نبزاً أثقل ظهورنا ،
وماتت له أفئدتنا ، واستحلت له الولاة دماءنا ، فى حديث رواه لهم فقهاؤهم .
قال أبو عبد الله u : الرافضة ؟ فقلت : نعم .
قال : " لا والله ما هم سموكم به ، ولكن
الله سماكم به " ، " روضة
الكافى " ( 5 / 34 ) .
فإذا كان أبو عبد الله قد
شهد عليهم بأنهم رافضة ـ لرفضهم أهل
البيت ـ وأن الله تعالى سماهم به فما الذى يبقينى معهم ؟
وعن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله يقول
: " لو قام قائمنا بدأ بكذابى الشيعة فقتلهم " ، " رجال الكشى
" ( ص 253 ) ، ترجمة ابن الخطاب .
لماذا يبدأ
بكذابى الشيعة فيقتلهم ؟
يقتلهم قبل غيرهم لقباحة
ما افتروه وجعلوه ديناً يتقربون به إلى الله تعالى به ، كقولهم بإباحة المتعة
واللواطة ، وقولهم بوجوب إخراج خمس الأموال ، وكقولهم بتحريف القرآن ، والبداء لله
تعالى ، ورجعة الأئمة ، وكل السادة الفقهاء والمجتهدين يؤمنون بهذه العقائد و غيرها ، فمن منهم سينجو من سيف القائم ـ عجل
الله فرجه ـ ؟؟
وعن أبى عبد الله u قال : " ما أنزل الله سبحانه
آية فى المنافقين إلا وهي فيمن ينتحل التشيع " ، " رجال الكشى " (
ص 254 ) ، أبى الخطاب .
صدق أبو عبد الله بأبى هو وأمى ، فإذا كانت الآيات
التى نزلت فى المنافقين منطبقة على من ينتحل التشيع ، فكيف يمكننى أن أبقى معهم ؟؟
وهل يصح بعد هذا أن يدعوا أنهم على مذهب أهل
البيت ؟؟ ، وهل يصح أن يدعوا محبة أهل البيت ؟
لقد عرفت الآن أجوبة تلك الأسئلة التى كانت
تحيرنى وتشغل بالى .
بعد وقوفى على هذه الحقائق وعلى غيرها ، أخذت
أبحث عن سبب كونى ولدت شيعياً ، وعن سبب تشيع أهلى وأقربائى ، فعرفت أن عشيرتى
كانت على مذهب أهل السنة ، ولكن قبل حوالى مئة وخمسين سنة جاء من إيران بعض دعاة
التشيع إلى جنوب العراق فاتصلوا ببعض رؤساء العشائر واستغلوا طيب قلوبهم وقلة
علمهم فخدعوهم بزخرف القول ، فكان ذلك سبب دخولهم فى المنهج الشيعى .
فهناك الكثير من
العشائر والبطون تشيعت بهذه الطريقة بعد أن كانت على مذهب أهل السنة .
ومن
الضرورى أن أذكر بعض هذه العشائر أداء لأمانة العلم :
فمنهم بنو
ربيعة ، بنو تميم ، الخزاعل ، الزبيدات ، العمير وهم بطن من تميم ، الخزرج ،
شرطوكة الدوار ، الدفافعة ، آل محمد وهم من عشائر العمارة ، عشائر الديوانية وهم
آل أقرع وآل بدير وعفج والجبور والجليحة ، وعشيرة
كعب ، وبنو لام ، وغيرها كثير .
وهؤلاء
العشائر كلهم من العشائر العراقية الأصيلة المعروفة فى العراق ، وهم معروفون
بشجاعتهم وكرمهم ونخوتهم ، وهم عشائر كبيرة لها وزنها وثقلها ، إذ هم من العشائر
العربية الأصيلة ، ولكن مع الأسف تشيعوا منذ أكثر من مئة وخمسين سنة ، بسبب موجات
دعاة الشيعة الذين وفدوا إليهم من إيران
، فاحتالوا عليهم وشيعوهم بطريقة أو بأخرى .
ونسيت
هذه العشائر الباسلة ـ رغم تشيعها ـ فإن سيف القائم ينتظر رقابهم ليفتك بهم كما مر
بيانه ، إذ أن الإمام الثانى عشر المعروف بالقائم ، سيقتل العرب شر قتلة ، رغم
كونهم من شيعته ، وهذا ما صرحت به كتبنا ـ معاشر الشيعة ـ فلتنتظر تلك العشائر سيف
القائم ليفتك بها .
لقد أخذ
الله تعالى العهد على أهل العلم أن يبينوا للناس الحق ، وها أنا ذا أبينه للناس ،
وأوقظ النيام الغافلين ، وأدعو هذه العشائر العربية الأصيلة أن ترجع إلى أصلها ،
وألا تبقى تحت تأثير أصحاب العمائم ، الذين يأخذون منهم أموالهم باسم الخمس
والتبرعات للمشاهد ، ويعتدون على شرف نسائهم باسم المتعة ، وكل من الخمس والمتعة
محرم كما سبق بيانه ، وأدعو هذه العشائر الأصيلة لمراجعة تاريخها وتاريخ أسلافها
ليقفوا على الحقيقة التى طمسها الفقهاء والمجتهدون وأصحاب العمائم ، حرصاً منهم
على بقاء منافعهم الشخصية .
وبهذا
أكون قد أديت جزءاً من الواجب .
اللهم
أسألك بمحبتى لنبيك المختار وبمحبتى لأهل بيته الأطهار أن تضع لهذا الكتاب القبول
فى الدنيا والآخرة ، وأن تجعله خالصاً لوجهك الكريم ، وأن تنفع به النفع العميم ،
والحمد لله من قبل ومن بعد .
انتهي كلام
السيد حسين الموسوى .
1- الإتقان في علوم القرآن :
جلال الدين عبدالرحمن السيوطى – تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم – مكتبة ومطبعة المشهد الحسينى – الطبعة الأولى .
2- أجوبة المسائل الدينية :
نشرة شهرية تصدر عن
لجنة الثقافة الدينية في كربلاء .
3- أجود التقريرات في الأصول :
السيد أبو القاسم
الخوئى –
مكتبة المصطفوى في قم .
4- أحكام القرآن :
أبو بكر أحمد بن على
الرازى الجصاص – دار الكتاب العربى بيروت – طبعة مصورة عن الطبعة الأولى سنة 1335 هـ .
5- أحكام القرآن :
لأبى بكر محمد بن
عبدالله المعروف بابن العربى – تحقيق على محمد البيجاوى – الطبعة الأولى – دار إحياء الكتب العربية بمصر .
6- إحياء علوم الدين :
أبو حامد محمد بن محمد الغزالى – دار الشعب بالقاهرة .
7- إرشاد الأريب إلى معرفة
الأديب المعروف بمعجم الأدباء :
ياقوت الرومى الحموى – مطبعة هندية بمصر – الطبعة الثانية .
8-الأرض والتربة الحسينية :
محمد الحسين آل كاشف الغطاء – ملحق بكتاب الوضوء لنجم الدين العسكرى – الطبعة الأولى – مطبعة دار التأليف .
9-
أساس البلاغة :
جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشرى .
10-
أساس التأويل :
النعمان بن حيون التميمى – تحقيق وتقديم عارف تامر – دار الثقافة بيروت .
11-
أسباب اختلاف الفقهاء :
على الخفيف – مطبعة الرسالة سنة 1375 هـ .
12-
الاستبصار فيما اختلف من الأخبار :
أبو جعفر محمد بن
الحسن الطوسى – دار الكتب الإسلامية – طهران - الطبعة الثالثة .
13-
الاستيعاب في معرفة الأصحاب :
يوسف بن عبدالله محمد
بن عبدالبر – الطبعة الأولى سنة 1328 هـ بهامش الإصابة .
14-
الإصابة في تمييز الصحابة :
ابن حجر العسقلانى – الطبعة الأولى سنة 1328 هـ .
15- أصل
الشيعة وأصولها :
محمد الحسين آل كاشف الغطاء – المطبعة العربية بالقاهرة – الطبعة العاشرة.
16-
أصول التشريع الإسلامي :
على حسب الله – الطبعة الرابعة – دار المعارف بمصر .
17-
الأصول العامة للفقه المقارن :
محمد تقى الحكيم – دار الأندلس ببيروت – الطبعة الأولى .
18- أصول الفقه :
محمد الخضرى – مطبعة الاستقامة – الطبعة الثالثة .
19- أصول الفقه :
محمد رضا المظفر – طبع النجف – سنة 1382 هـ .
20-
الأضواء :
نشرة إسلامية عامة
تشرف عليها اللجنة التوجيهية لجماعة العلماء بالنجف .
21-
الأعلام :
خير الدين الزركلى – الطبعة الخامسة سنة 1980 .
22-
أعلام الموقعين عن رب العالمين :
ابن قيم الجوزية – دار الكتب الحديثة سنة 1389 هـ .
23- الألفين في إمامة أمير
المؤمنين :
الحسن بن يوسف بن
المطهر الحلى – تعليق محمد الحسين المظفر – المطبعة الحيدرية في النجف سنة 1372 هـ .
24-
الإمام الصادق :
محمد أبو زهرة – دار الفكر العربى .
25- الأم :
للإمام أبى عبدالله محمد بن إدريس الشافعى – الطبعة الأولى بالمطبعة الكبرى الأميرية سنة 1321 هـ .
26-
الأموال :
حميد بن زنجوية – تحقيق شاكر ذيب فياض – الطبعة الأولى 1406 هـ .
27 – الأموال لأبى عبيد :
أبو عبيد القاسم بن
سلام –
تحقيق محمد خليل هراس - الطبعة الثانية
1395 هـ .
28- الانتصار :
للسيد الشريف علم الهدى أبى القاسم المرتضى – طبع حجر .
29- أنساب الأشراف :
للبلاذرى أحمد بن يحيى – نسخة مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول
العربية بالقاهرة رقم 32 ملكية .
30- أنوار التنزيل وأسرار
التأويل :
( تفسير البيضاوى ) – المطبعة العثمانية سنة 1305 هـ .
31- الإيقاظ من الهجعة :
للحر العاملى – المطبعة العلمية بقم .
32- آية التطهير بين أمهات
المؤمنين وأهل الكساد :
د . على أحمد السالوس – مكتبة ابن تيمية بالكويت – الطبعة الأولى .
33- الباعث الحثيث :
شرح اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير .
أحمد محمد شاكر – الطبعة الثانية سنة 1370 هـ .
34- بحار الأنوار:
المولى محمد باقر المجلسى – دار الكتب الإسلامية – طهران سنة 1385 هـ ( والجز ءالثامن طبع حجر ) .
35- البحر الزخار الجامع
لمذاهب علماء الأمصار :
أحمد بن يحيى بن المرتضى – الطبعة الأولى – مطبعة السعادة .
36- البحر المحيط :
أبو عبدالله محمد بن
يوسف بن على بن يوسف بن حبان الأندلسى الشهير بأبى حيان – الطبعة الأولى سنة 1328 هـ – مطبعة السعادة .
37- بداية المجتهد ونهاية
المقتصد :
لأبى الوليد محمد بن
أحمد بن رشد القرطبى – مكتبة الكليات الأزهرية سنة 1386 هـ .
38 – البداية والنهاية :
أبو الفداء إسماعيل بن
كثير –
الطبعة الثانية ، مكتبة المعارف بيروت .
39- البرهان في تفسير القرآن :
السيد هاشم البحرانى – الطبعة الثانية – طهران .
40- البرهان في علوم القرآن :
بدر الدين محمد بن
عبدالله الزركشى – تحقيق : محمد أبوالفضل
إبراهيم –
الطبعة الأولى – عيسى البابى الحلبى .
41 –البيان في تفسير القرآن :
السيد أبو القاسم الموسوى الخوئى – طبع الآداب في النجف – الطبعة الثانية.
42- تاج العروس :
محب الدين أبو الفيض السيد محمد مرتضى الزبيدى .
43- تاريخ المذاهب الإسلامية :
محمد أبو زهرة – دار الفكر العربى .
44-
تأويل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة :
شرف
الدين بن على النجفى – نسخة مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالقاهرة – رقم 97 تاريخ .
45-
التبيان في تفسير القرآن :
أبو جعفر محمد بن
الحسن الطوسى – طبع النجف سنة 1376 هـ .
46-
تجريد الأصول :
المولى محمد مهدى – مطبعة السيد مرتضى سنة 1317 هـ .
47-
تحرير الوسيلة :
للخمينى .
48- التحفة الاثنا عشرية (
أصله بالفارسية ) :
للمولى غلام حكيم بن الشيخ قطب الدين أحمد بن
أبى الفيض الدهلوى . وترجمه إلى العربية المولى غلام محمد بن محيى الدين بن الشيخ
عمر المدعو بالأسلمى . ( مخطوط بدار الكتب : عقائد تيمور رقم 332 ) .
49-
تدريب الراوى في شرح تقريب النواوى :
جلال الدين عبدالرحمن
بن أبى بكر السيوطى – تحقيق عبدالوهاب
عبداللطيف – الطبعة الثانية – منشورات المكتبة العلمية بالمدينة المنورة .
50- تطهير الجنان واللسان عن
المحظور والتفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبى سفيان:
للمحدث أحمد بن حجر
الهيتمى المكى ( ملحق بكتابة الصواعق المحرقة ) – خرج أحاديثه د . عبدالوهاب عبداللطيف – الطبعة الثانية – شركة الطباعة الفنية المتحدة .
51- تعليق على مقال :
إبراهيم جمال الدين – طبع سنة 1960م .
52 –تعليل الأحكام :
د . محمد مصطقى شلبى – مطبعة الأزهر سنة 1947 م .
53- تفسير الإمام الحسن
العسكرى :
طبع حجر بإيران سنة 1315 هـ .
54 – تفسير القرآن العظيم :
أبو الفداء إسماعيل بن كثير – طبع عيسى البابى الحلبى .
55 – تفسير القمي :
أبو الحسن على بن إبراهيم القمي – تقديم وتعليق : السيد طيب الموسوى الجزائرى – مطبعة النجف سنة 1386 هـ .
56 – التفسير الكاشف :
محمد جواد مغنية – دار العلم للملايين – بيروت : الطبعة الأولى سنة 1986 م.
57 – تفسير الماتريدى المسمى تأويلات أهل السنة :
أبو منصور محمد بن محمد الماتريدى – طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سنة 1391 هـ .
58 – تفسير مجاهد :
تحقيق عبدالرحمن الطاهر السورتى – مجمع البحوث الإسلامية – باكستان . نسخة أخرى : تحقيق الدكتور محمد عبدالسلام .
59 – تفسير شبر :
السيد عبدالله شبر .
60- التفسير ورجاله :
محمد الفاضل بن عاشور
.
61 – التفسير والمفسرون :
محمد حسين الذهبى – دار الكتب الحديثة – الطبعة الأولى .
62 – تلخيص الشافى :
للشيخ أبى جعفر محمد
بن الحسن بن على الطوسى – ملحق بكتاب الشافى للسيد المرتضى أبو القاسم على بن الحسن بن موسى
–
طبع حجر .
63 – تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة :
لأبى الحسن على بن محمد عرق الكتانى – تحقيق عبدالوهاب عبدالله وعبدالله محمد الصديق .
64 – تنقيح المقال :
عبدالله المامقانى – المطبعة المرتضوية بالنجف سنة 1352 هـ .
65 – تهذيب الاثار :
أبو حعفر محمد بن جرير الطبرى – تحقيق د. ناصر بن مسعد الرشيد وعبدالقيوم عبدرب النبى – مطابع الصف مكة المكرمة سنة 1402 هـ .
66- تهذيب التهذيب :
أبو الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى – طبعة أولى بالهند سنة 1326هـ .
67 – تهذيب الوصول إلى علم الأصول :
حسن بن يوسف بن على بن
المطهر الحلى - دار الخلافة بطهران سنة 1308 هـ .
68 – توجيه النظر إلى أصول الأثر :
طاهر بن صالح بن أحمد
الجزائرى الدمشقي – المطبعة الجمالية بمصر – الطبعة الأولى .
69 – جامع البيان عن تأويل أي القرآن
( تفسير الطبرى ) :
أبو جعفر محمد بن جرير
الطبرى –
حققه وعلق حواشيه : محمود محمد شاكر – دار المعارف : 16 جزءا - ج 22 ، 29 : طبعة الحلبى - الطبعة
الثانية).
70 - جامع الرسائل :
لابن تيمية أبى العباس
تقى الدين أحمد بن عبدالحليم – المجموعة الأولى تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم – مطبعة المدنى بالقاهرة .
71 – الجامع الصحيح :
وهو سنن الترمذى لأبى عيسى بن سورة – بتحقيق أحمد محمد شاكر – مطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده . ( طبعة أخرى مع شرحه : تحفة
الأحوذى للمبار كفورى ).
72 – الجرح والتعديل :
لابن أبى حاتم الرازى – الطبعة الأولى .
73 – الجمعة :
للشيخ محمد الخالصى – مطبعة المعارف – بغداد سنة 1369 هـ .
74-
جوامع الجامع :
أبو على الفضل بن
الحسن الطبرسى – مطبعة مصباحى بتبريز إيران سنة 1379 هـ .
75- جوامع الكلم :
للشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائى – طبع حجر .
76 – جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر
الزخار :
محمد بن يحيى بهران
الصعيدى ( ملحق بكتاب البحر الزخار ) .
77-
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام :
الشيخ محمد حسن النجفى
–
مطبعة النجف بالنجف – الطبعة السادسة سنة 1381 هـ .
78 – حاشية البجيرمى على شرح الخطيب المسماة تحفة الحبيب على شرح
الخطيب – طبع بولاق سنة 1294 هـ .
79 – حاشية السيد محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين المسماة رد
المحتار على الدر المختار – طبع بولاق سنة 1272 هـ .
80- حاشية الشيخ محمد عرفة
الدسوقى على الشرح الكبير لأبى البركات أحمد الدردير – المطبعة الأزهرية سنة 1350 هـ .
81 – الحاشية على الكفاية :
محمد على القمي – المطبعة المرتضوية في النجف سنة 1345 هـ .
82 – حجة النبى - r - كما رواها عنه جابر رضي الله عنه :
محمد ناصر الدين ألبانى - منشورات المكتب
الإسلامي - الطبعة الثالثة .
83 - الحقائق في الجوامع
والفوارق :
حبيب آل إبراهيم - مطبعة العرفان بصيدا سنة
1356 هـ .
84 - الحكومة الإسلامية :
الخمينى - الطبعة الرابعة
.
85 - الخطط المقريزية المسماة
بالمواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار :
تقى الدين أحمد بن على
المعروف بالمقريزى - مطبعة النيل بمصر سنة 1326 هـ .
86 - الخلاف في الفقه :
لشيخ الطائفة الطوسى -
الطبعة الثانية 1377 هـ .
87 - خلفاء الرسول الاثنا عشر
:
السيد محمد على - مطبعة أهل البيت بكربلاء
سنة 1382هـ .
88 - الخوارج والشيعة :
يوليوس قلهزون - ترجمة عبدالرحمن بدوى - مكتبة
النهضة المصرية سنة 1958 م .
89 - دائرة المعارف الإسلامية
:
يصدرها باللغة العربية أحمد الشنتناوى
وإبراهيم زكى خورشيد وعبدالحميد يونس .
90 - دراسات في الحديث النبوى وتاريخ تدوينه :
د . محمد مصطفى الأعظمى -
مطابع جامعة الرياض .
91 - دراسات في الكافى للكلينى
والصحيح للبخارى :
هاشم معروف الحسنى -
مطبعة صور الحديثة بلبنان - الطبعة الأولى .
92 - الدر المنثور في التفسير
بالمأثور :
جلال الدين السيوطى
وبهامشه تنوير المقباس تفسير ابن عباس - دار المعرفة ااطباعة والنشر - بيروت .
93- الدعوة الإسلامية إلى وحدة
أهل السنة والإمامية :
للإمام أبو الحسن الخنيزى - الطبعة الأولى .
94- دقائق التفسير الجامع
لتفسير الإمام ابن تيمية :
د . محمد السيد الجليند .
95- دليل العروة الوثقى :
حسن السعيد -
مطبعة النجف سنة 1379 هـ .
96- الدين والإسلام :
محمد الحسين آل كاشف الغطاء - مطبعة العرفان
صيدا سنة 1330 هـ
الطبعة الثانية .
97- الذريعة إلى تصانيف الشيعة
:
آغا برزك الطهرانى .
98- ذو النورين عثمان بن عفان
:
محب الدين الخطيب - الطبعة الأولى 1394هـ .
99- الرسالة :
للإمام الشافعى - تحقيق أحمد محمد شاكر .
100- رسالة أبى داود إلى أهل
مكة في وصف سننه :
حققها محمد الصباغ - طبع بيروت سنة 1394هـ -
الطبعة الثانية .
101- رسالة الإسلام :
مجلة تصدر عن دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
بالقاهرة .
102- رسالة للصدوق في الاعتقادات :
أبو جعفر محمد بن على بن
بابويه القمي - ملحق بكتاب النافع يوم الحشر للسيورى .
103- روح الإسلام :
سيد أمير على - نقله إلى
العربية عمر الديراوى- دار العلم للملايين
بيروت - الطبعة الأولى .
104- روح المعانى في تفسير القرآن العظيم
والسبع المثانى :
السيد محمود الآلوسى البغدادى - المطبعة الأميرية ببولاق - الطبعة الأولى .
105- الروض الباسم في الذب عن سنة أبى
القاسم :
أبو عبدالله محمد بن إبراهيم الوزير اليمانى
- إدارة الطباعة المنيرية بمصر .
106- الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية :
اللمعة لمحمد بن جمال الدين مكى العاملى (الشهيد
الأول ) والروضة لزين الدين الجبعى العاملى (الشهيد الثانى ) - مطابع دار الكتاب
العربى بمصر .
107- زاد المسير في علم التفسير :
أبو الفرج جمال الدين
عبدالرحمن بن على بن محمد الجوزى - المكتب الإسلامي- الطبعة الأولى سنة 1384 هـ .
108- زبدة البيان في أحكام القرآن :
أحمد بن محمد الشهير بالمقدس الأردبيلى - حققه
وعلق عليه محمد الباقر البهبودى - المكتبة المرتضوية - طهران - طبع المطبعة
الحيدرية .
109-الزواج في الشريعة الإسلامية :
على حسب الله - الطبعة
الأولى .
110 - سبل الإسلام :
لمحمد بن إسماعيل الكحلانى ثم الصنعانى
المعروف بالأمير - المكتبة التجارية.
111- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة :
محمد ناصر الدين الألبانى
.
112- السنة والشيعة أو الوهايبة والرافضة
:
للسيد الإمام محمد رشيد
رضا - الطبعة الثانية - دار المنار .
113 - السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي
:
الدكتور مصطفى السباعى - مطبعة المدنى -
الطبعة الأولى سنة 1380 هـ.
114- سنن الدارمى :
أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمى - طبع
المدينة المنورة سنة 1386 .
115- سنن الحافظ أبى عبدالله محمد بن يزيد
القزوينى بن ماجه :
حققه وعلق عليه محمد فؤاد عبدالباقى - عيسى
البابى الحلبى سنة 1372 .
116- سنن النسائى :
أبو عبدالرحمن أحمد بن سعيد بن على بن بحر
النسائى - بشرح الحافظ جلال الدين السيوطى وحاشية الإمام السندى -الطبعة الأولى
سنة 1348 هـ
المكتبة التجارية الكبرى بمصر .
117- سير أعلام النبلاء :
شمس الدين محمد بن أحمد
بن عثمان الذهبى - تحقيق شعيب الأرنؤوط - مؤسسة الرسالة بيروت - الطبعة الثالثة .
118- السيرة النبوية :
أبو محمد عبدالله بن هشام
- مطبعة مصطفى البابى الحلبى - الطبعة الثانية .
119- شرائع الإسلام :
للمحقق الحلى - الطبعة الثانية سنة 1409هـ .
120- الشرح الكبير :
لأبى الفرج عبدالرحمن بن
محمد بن أحمد بن قدامة المقدسى - ملحق بكتاب المغنى لابن قدامة .
121 - الشهاب الثاقب في تحقيق صلوة الجمعة
ووجوبها العينى :
الشيخ ملا محسن المعروف بالفيض الكاشانى -
المطبعة العلمية بالنجف سنة 1368 هـ .
122 - الشهاب الثاقب في رد ما لفقه الناصب
:
محمد باقر الطباطبائى -
مطبعة المباركة المرتضوية في النجفة .
123- الشيعة والتشيع :
محمد جواد مغنية - دار الكتاب اللبنانى .
124 - الشيعة في التاريخ :
محمد حسن الزين العاملى - مطبعة العرفان صيدا
- سنة 1357 هـ .
125- الصافى :
محمد بن مرتضى المدعو بمحسن - مخطوط بدار
الكتب 20310.
126- صحيح ابن خزيمة :
أبو بكر محمد بن إسحاق بن
خزيمة - تحقيق د . محمد مصطفى الأعظمى
المكتب الإسلامي .
127- صحيح البخارى :
أبو عبدالله محمد بن إسماعيل
البخارى . وشرحه فتح البارى لابن حجر العسقلانى .
128- صحيح الجامع الصغير :
محمد ناصر الدين الألبانى
.
129- صحيح مسلم :
أبو الحسين مسلم بن
الحجاج بن مسلم القشيرى النيسابورى .
130 - الصواعق المحرقة في الرد على أهل
البدع والزندقة :
لابن حجر الهيتمى - الطبعة الثانية - تحقيق
عبدالوهاب عبداللطيف .
131- ضحى الإسلام :
أحمد أمين - مكتبة النهضة المصرية - الطبعة
الثالثة .
132- ضياء الدراية :
السيد ضياء الدين العلامة
- مطبعة الحكم في قم سنة 1378 هـ .
133- عبدالرحمن بن خلدون :
للدكتور على عبدالواحد
وافى - سلسلة أعلام العرب .
134- عبقرية الصديق :
عباس محمود العقاد - دار
المعارف بمصر - الطبعة الثامنة .
135- عبقرية عمر :
عباس محمود العقاد -
مطابع دار الهلال بالقاهرة سنة 1388 هـ .
136- عصمة الأنبياء :
للإمام فخر الدين الرازى
- إدارة الطباعة المنيرية سنة 1355 هـ .
137- عقائد الإمامية :
محمد رضا المظفر - مطبعة
النعمان بالنجف - الطبعة الثالثة .
138- عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثنى
عشرية :
د . على أحمد السالوس - دار الاعتصام
بالقاهرة .
139- العقيدة والشريعة في الإسلام :
المستشرق أجناس جولد
تسهير - نقله إلى العربية محمد يوسف موسى وآخرون - الطبعة الثانية - مطابع دار
الكتاب العربى بمصر .
140-على وبنوة :
طه حسين - دار المعارف
بمصر - الطبعة السابعة .
141- غاية النهاية في طبقات القراء :
شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن الجزرى
- مكتبة الخانجى - طبعة أولى .
142- الغدير في الكتاب والسنة والأداب :
عبدالحسين أحمد الأمينى - دار الكتاب العربى
ببيروت - الطبعة الثالثة .
143- الغنية لطالبى طريق الحق عز وجل :
سيدى عبدالقادر الجيلانى - طبع بولاق سنة 1288
هـ .
144- فجر الإسلام :
أحمد أمين - مطبعة لجنة
التأليف والترجمة والنشر - الطبعة الرابعة .
145- فرق الشيعة :
الحسن بن موسى النوبختى وسعد بن عبدالله القمي -
حققه د . عبدالمنعم الحفنى - الطبعة الأولى 1412 هـ .
146- الفرق بين الفرق :
أبو منصور عبدالقادر بن
طاهر البغدادى - مكتب نشر الثقافة الإسلامية سنة 1367 هـ .
147- فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب
:
حسين بن محمد تقى النورى
الطبرسى - طبع حجر .
148- الفصل في الملل والأهواء والنحل :
أبو محمد على بن أحمد بن
حزم - مطبعة التمدن - الطبعة الأولى .
149- الفصول المهمة في تأليف الأمة :
عبدالحسين شرف الدين الموسوى العاملى - مطبعة
العرفان صيدا سنة 1330 هـ .
150- فضائل الإمام على :
محمد جواد مغنية - مطبعة الآداب بالنجف .
151- فقه الإمام جعفر الصادق :
محمد جواد مغنية - دار
العلم للملايين - بيروت -طبعة أولى سنة1365 هـ.
152- فقه الشيعة الإمامية ومواضع الخلاف
بينه وبين المذاهب الأربعة :
د . على أحمد السالوس -
الطبعة الأولى .
153- الفقه على المذاهب الخمسة :
محمد جواد مغنية - الطبعة
الثانية - دار العلم للملايين - بيروت .
154- فقيه من لا يحضره الفقيه :
أبو جعفر الصدوق محمد بن على الحسين بن
بابويه القمي - دار الكتب الإسلامية ،
تهران - الطبعة الخامسة .
155- الفهرست :
أبو جعفر محمد بن الحسن
الطوسى - المطبعة الحيدرية بالنجف سنة 1356هـ .
156- فوائد الأصول :
محمد على الكاظمى
الخراسانى - مكتبة الصدر - تهران خيابان ناصر خسرو.
157 - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة :
محمد بن على الشوكانى - مطبعة السنة المحمدية -
الطبعة الأولى .
158- فيض القدير شرح الجامع الصغير :
الجامع الصغير للسيوطى ،
وفيض القدير للمناوى - الطبعة الثانية سنة
1391 هـ .
159- القاموس المحيط :
لمجد الدين الفيروز بادى .
160- قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث
:
محمد جمال الدين القاسمى - تحقيق محمد بهجة
البيطار - طبع عيسى البابى الحلبى بمصر .
161- قواعد في علوم الحديث :
ظفر أحمد العثمانى التهانوى - تحقيق :
عبدالفتاح أبو غدة - الطبعة الثالثة - مطابع دار القلم - بيروت .
162- القول المسدد في الذب عن المسند :
أحمد بن على بن محمد المعروف بابن حجر
العسقلانى - الطبعة الأولى سنة 1319 هـ .
163 - الكافى :
أبو جعفر محمد بن
يعقوب بن إسحاق الكليني الرازى – صححه وعلق عليه : على أكبر الغفارى – دار الكتب الإسلامية بطهران – الطبعة الثالثة .
164- الكامل فى اللغة والأدب :
أبو العباس محمد بن
يزيد المعروف بالمبرد – مطبعة الاستقامة
سنة 1365 هـ .
165-
كتاب التفسير " تفسير العياشى " :
أبو النضر محمد بن مسعود بن عياش السلمى المعروف
بالعياشى – المكتبة العلمية الإسلامية – طهران .
166-
كتاب التمييز :
للإمام مسلم – حققه د. مصطفى الأعظمى – مطبوعات جامعة الرياض .
167-
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل :
أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشرى – طبع مصطفى البابى الحلبى سنة 1385 هـ .
168-
كشف الأسرار :
الخمينى .
169-
كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار :
السيد حسين الموسوى .
170- كشف الخفاء ومزيل الألباس عما اشتهر
من الأحاديث على ألسنة الناس:
إسماعيل بن محمد العجلونى – دار إحياء التراث العربى بيروت – الطبعة الثانية .
171-
كشف الظنون عن أسامى الكتب والفنون :
مصطفى بن عبدالله " حاجى خليفة " .
172-
كشف المراد فى شرح تجريد الاعتقاد :
الحسن بن
يوسف بن المطهر الحلى – مكتبة المصطفوى فى قم .
173-
الكفاية فى علم الرواية :
أبو بكر أحمد بن على بن ثابت المعروف بالخطيب
البغدادى – المكتبة العلمية بالمدينة المنورة .
174- كنز العرفان فى فقه القرآن :
مقداد بن عبدالله بن محمد الحلى السيورى – طبع حجر .
175- اللآلئ المصنوعة فى الأحاديث
الموضوعة :
جلال الدين
عبدالرحمن السيوطى – المكتبة الحسينية المصرية بالأزهر – الطبعة الأولى .
176- لسان العرب :
جمال الدين المعروف بابن منظور المصرى .
177-لسان الميزان :
الحافظ ابن
حجر العسقلانى .
178- المبسوط :
لشمس الدين السرخى – مطبعة السعادة سنة 1324 هـ .
179- مجمع البيان فى تفسير القرآن :
أبو على الفضل بن الحسن الطبرسى – شركة المعارف الإسلامية سنة 1383هـ .(الأجزاء الناقصة التي أشير إلى
طبعتها : طبع دار مكتبة الحياة سنة 1380هـ ) .
180- مجلة المجاهد :
بباكستان .
181- مجموع فتاوى :
شيخ
الإسلام ابن تيمية .
182 - المجموع المغيث فى غريبى القرآن
والحديث :
أبو موسى محمد بن أبى بكر المدينى الأصفهانى – من مطبوعات جامعة أم القرى – الطبعة الأولى سنة 1406 هـ .
183- مجموعة الوثائق السياسية للعهد
النبوى والخلافة الراشدة :
د . محمد حميد الله – الطبعة الخامسة .
184- محاضرات فى تفسير آية البسملة :
الخمينى .
185- مختصر التحفة الاثنى عشرية :
اختصره وهذبه السيد محمود شكرى الآلوسى – حقق حواشيه : محب الدين الخطيب – المطبعة السلفية سنة 1373هـ .
186- المختصر النافع فى فقه الإمامية :
أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي – مطبعة وزارة الأوقاف
بمصر–
الطبعة الثانية .
187- مختصر صحيح مسلم :
تحقيق محمد ناصر الدين الألبانى .
188- المدونة الكبرى :
للإمام مالك بن أنس – مطبعة السعادة سنة 1323 هـ .
189- المراجعات :
عبدالحسين شرف الدين الموسوي – دار النعمان بالنجف – الطبعة السادسة.
190- مساجد ومعاهد :
كتاب الشعب (78) .
191- المستدرك :
لأبى عبدالله محمد بن عبدالله المعروف بالحاكم
. فى ذيله تلخيص المستدرك للذهبى – دار الباز للنشر بمكة المكرمة .
192- مستمسك العروة الوثقى :
السيد محسن الطباطبائى الحكيم – مطبعة الآداب بالنجف – الطبعة الرابعة.
193- المسح على الأرجل أو غسلها فى الوضوء
:
السيد عبدالحسين شرف الدين الموسوي . ملحق بكتاب
الوضوء فى الكتاب والسنة لنجم الدين العسكرى .
194- المسند :
الإمام أحمد بن حنبل – شرحه وصنع فهارسه : أحمد محمد شاكر – دار المعارف بمصر ( الأجزاء غير مخرجه الأحاديث : طبع المطبعة
الميمنية ، إدارة السيد أحمد البابى الحلبى سنة 1313 هـ ).
195- مشكاة المصابيح :
الخطيب التبريزى – تحقيق محمد ناصر الدين الألبانى – المكتب الإسلامي .
196- مشكل الآثار :
أبو جعفر الطحاوى أحمد بن محمد سلامة بن سلمة
الأرذى –
الطبعة الأولى بالهند سنة 1333 هـ .
197-
مصباح الهداية فى إثبات الولاية :
على الموسوي البهبانى – ناشر : أصفهان كتابفروش دين ودانش – جاب دون – مطبعة ربانى .
198-
المعالم الجديدة للأصول :
محمد باقر
الصدر –
مطبعة النعمان بالنجف سنة 1385هـ .
199-معانى
الأخبار :
لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق – طبع فى بيروت سنة 1399هـ .
200-
معانى القرآن :
أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء – عالم الكتب – بيروت الطبعة الثانية سنة 1980م .
201-
معجم ألفاظ القرآن الكريم :
مجمع اللغة العربية .
202-
معجم رجال الحديث :
السيد أبو القاسم الموسوي الخوئى – مطبعة الآداب فى النجف سنة
1390هـ – 1970م .
203-
المعجم الكبير :
للطبرانى
204-
معجم المؤلفين :
عمر رضا كحالة – مطبعة الترقى بدمشق 1381هـ – 1961م .
205-
المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى :
ونسنك وآخرون بمشاركة محمد فؤاد عبدالباقى .
206-
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم :
محمد فؤاد عبدالباقى .
207-
المعجم الوسيط :
مجمع اللغة العربية .
208-
المعتبر :
أبوالقاسم الحلى – طبع حجر .
209-
معرفة علوم الحديث :
للحاكم – تعليق د. السيد معظم حسين – طبع بيروت .
210-
المغنى :
لأبى محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة – تعليق السيد محمد رشيد رضا ، طبعة أخرى تحقيق د. عبدالله التركى و
د . عبدالفتاح الحلو .
211-
المغنى في الضعفاء للذهبى :
تحقيق نور الدين عتر .
212-
مفاتيح الغيب المشتهر بالتفسير الكبير :
للإمام محمد الرازى فخر الدين – الطبعة الأولى بمصر سنة 1380 هـ .
213-
مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة :
للسيوطى .
214- مفتاح
الكرامة شرح قواعد العلامة :
محمد الجواد بن محمد الحسينى العاملى – طبع الأجزاء ما بين سنة
1323 -1331 هـ .
215-
مفتاح كنوز السنة :
ترجمة محمد فؤاد
عبدالباقى .
216-
المقاصد الحسنة :
شمس الدين أبو الخير
محمد بن عبدالرحمن السخاوى – دار الأدب العربى للطباعة سنة 1375هـ .
217-
مقباس الهداية في علم الدراية :
عبدالله المامقانى – ملحق بكتابه تنقيح المقال .
218-
مقدمة العلامة ابن خلدون :
عبدالرحمن بن خلدون – مطبعة مصطفى محمد صاحب المكتبة التجارية .
219-
مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث :
دار الباز للنشر بمكة
المكرمة سنة 1398هـ .
220-
مقدمة في أصول التفسير :
ابن تيمية : أبو العباس تقى الدين أحمد بن
عبدالحليم .
المطبعة السلفية سنة 1370هـ .
221-
الملل والنحل :
أبو الفتح محمد بن
عبدالكريم الشهرستانى – تحقيق محمد سيد كيلانى – مطبعة مصفى البابى الحلبى سنة 1287هـ .
222-
المنتقى من منهاج الاعتدال :
وهو مختصر منهاج السنة
لابن تيمية : اختصره أبو عبدالله محمد بن عثمان الذهبى – تعليق محب الدين الخطيب : المطبعة السلفية سنة 1374هـ .
223-
منهاج السنة النبوية :
لابن تيمية – تحقيق د . محمد رشاد سالم – طبع جامعة الإمام محمد محمد بن سعود سنة 1406 هـ
.
224 – منهاج الشريعة :
السيد محمد مهدى الكاظمى القزوينى – النجف سنة 1346 هـ .
225-
المهدية في الإسلام :
سعد محمد حسن – مطابع دار الكتاب العربى بمصر سنة 1373هـ .
226-
الموطأ :
للإمام مالك وشرحه تنوير الحوالك للسيوطى – مطبعة مصطفى البابى الحلبى سنة 1370هـ .
227-
ميزان الاعتدال في نقد الرجال :
أبو عبدالله
محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى – الطبعة الأولى سنة 1325هـ .
228-
الميزان في تفسير القرآن :
السيد محمد حسين
الطباطبائى – دار الكتب الإسلامية بطهران – الطبعة الثانية.
229-
النافع يوم الحشر في شرح باب الحادى عشر :
جمال الدين المقداد بن
عبدالله السيورى – طبع حجر بإيران سنة 1370هـ .
230-
النسخ في القرآن الكريم :
الدكتور مصطفى زيد – دار الفكر العربى – الطبعة الأولى .
231-
النظريات السياسية الإسلامية :
محمد ضياء الدين الريس – الطبعة الثانية سنة 1975م – مكتبة الأنجلو المصرية .
232-
نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنى عشر:
الدكتور أحمد محمود صبحى – دار المعارف بمصر سنة 1969 م .
233-
النكت والعيون ( تفسير المارودى ) :
أبو الحسن على بن حبيب
المارودى – مطابع مقهوى بالكويت الطبعة الأولى سنة 1402هـ .
234-
نهج البلاغة :
اختاره الشريف الرضي
من كلام الإمام على شرح الشيخ محمد عبده - دار ومطابع الشعب – طبعة أخرى تحقيق وتوثيق د . صبرى إبراهيم السيد سنة 1406 هـ .
235-
النور الساطع في الفقه النافع :
على كاشف الغطاء – مطبعة الآداب بالنجف سنة 1381هـ .
236-
نيل الأوطار :
محمد بن على بن محمد الشوكانى – مطبعة مصطفى البابى الحلبى – الطبعة الثانية .
237-
الهداية في تخريج أحاديث البداية :
أبو الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغمارى – تحقيق يوسف المرعشلى وعدنان شلاق .
238- هدية
العارفين :
إسماعيل باشا البغدادي – طبع بالأوفست على طبعة إستنابول سنة 1951 م. منشورات مكتبة المثنى ببغداد .
239-
هدى السارى :
أحمد بن على بن حجر العسقلانى – المطبعة السلفية بالقاهرة .
240-
وجاء دور المجوس :
د . عبدالله محمد الغريب .
241- وجوب
صلاة الجمعة :
للسيد هبة الدين الحسينى المعروف بآية الله
الشهرستانى – الطبعة الخامسة – مطبعة أهل البيت بكربلاء .
242-
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة :
للشيخ محمد بن الحسن الشهير بالحر العاملى – ومعه مستدرك الوسائل للميرزا حسين النورى – الطبعة الأولى – مطبوعات النجاح بالقاهرة ( خمسة أجزاء ) وطبعة أخرى بدون المستدرك
: بيروت –
الطبعة الرابعة 1391 هـ ( 20 مجلدا ) .
243-
الوشيعة في نقد عقائد الشيعة :
موسى جار الله – مكتبة الخانجى بمصر سنة 1355 هـ .
244-
الوضوء في الكتاب والسنة :
نجم الدين العسكرى – الطبعة الأولى – مطبعة دار التأليف .
245-
وفيات الأعيان :
لابن خلكان .
([6]) يقع الكتاب في أحد عشر
مجلداً ، وهو تقريبا في حجم كتاب المغنى لابن قدامة ، ولكنه مع هذه الضخامة ينتهي
قبيل الجهاد في العبادات .
([7]) في الستينيات التقيت
بأحد علمائهم وهو السيد كاظم الكفائى ، ووجهت إليه عدداً من الأسئلة أجاب عن بعضها
بخطه ، فصورت ما كتب وألحقته برسالتي للماجستير حيث رجعت إليه في بعض المسائل ، ثم
رأيت أن أجعله هنا أيضاً ، وهو بعد الخاتمة .
([8]) راجع تقديمه للمختصر
النافع حاشية صفحتي : ل ، م وانظر هذا
التقسيم في مفتاح الكرامة : كتاب التجارة
ص 2 ، 3 .
([10]) "حديث مشهور
المتن ، ذو أسانيد كثيرة وشواهد متعددة في المرفوع وغيره" المقاصد الحسنة
للسخاوى ص 460 – وللجمهور أدلة كثيرة على حجية الإجماع لسنا بحاجة إلى ذكرها أو
مناقشتها.
([11]) الإجماع في الاصطلاح
عند الجعفرية ينقسم إلى قسمين :
أ ـ الإجماع المحصل : والمقصود به الإجماع
الذي يحصله الفقيه بتتبع أقوال أهل الفتوى .
ب ـ الإجماع المنقول : والمقصود
به الإجماع الذي لم يحصله الفقيه بنفسه وإنما ينقله له من حصله من الفقهاء ، سواء
أكان النقل له بواسطة أم بوسائط ، ثم النقل تارة يقع على نحو التواتر ، وهذا حكمه حكم المحصل من جهة الحجية
. وأخرى يقع على نحو خبر الواحد ، وإذا أطلق قول الإجماع المنقول في لسان
الأصوليين فالمراد منه هذا الأخير وقد وقع الخلاف بينهم في حجيته على أقوال . ( أصول الفقه للمظفر 3/101 ) .
([13]) تهذيب الوصول ص 70 ،
وانظر في هذا المعنى : تجريد الأصول ص 75 ، وزبدة البيان ص 687 والحقائق في
الجوامع والفوارق ص 1/75 .
([16]) أصول الفقه للشيعة
الإمامية بين القديم والحديث – بحث بمجلة رسالة الإسلام السنة الثانية– العدد
الثالث ، والمنقول تجده في ص 284 : 286 .
([22]) هو الشيخ محمد تقى
الحكيم أستاذ الأصول والفقه المقارن في كلية الفقه بالنجف ، انظر المصالح المرسلة
في كتابه " الأصول العامة للفقه المقارن " ص 381-402 وانظر تلخيصه
وتعقيبه ص 402-404 .
([26]) انظر : الحقائق في
الجوامع والفوارق جـ 1 ص 79 ، وانظر مناقشة الشيخ أبوزهرة لأدلتهم في كتابه الإمام
الصادق ص 515 وما بعدها .
([27]) انظر المعتبر ص 6 ،
وأصول الفقه للمظفر 3/109 .
ولحن الخطاب : هو أن تدل قرينة
عقلية على حذف لفظ .
وفحوى الخطاب : يعنون به
مفهوم الموافقة .*
*ودليل الخطاب : يراد به مفهوم
المخالفة .
وهذه كلها تدخل في حجية
الظهور ، ولا علاقة لها بدليل العقل المقابل للكتاب والسنة .
([36]) انظر نيل الأوطار
1/25-26 وسبل السلام 1 / 31 : 33 ، وصحيح البخارى: كتاب الصلاة : باب دخول المشرك
المسجد .
([40]) انظر فقه الإمام جعفر
الصادق للشيخ محمد جواد مغنية ص 31-33 ، وقد ذكر الروايات السابقة ، وقال بأن
القول بالطهارة ذهب إليه بعض من تقدم وجماعة ممن تأخر منهم صاحب المدارك
والسبزوارى ، وآخرون متسترون . وقال " أحدث القول بنجاسة أهل الكتاب مشكلة
اجتماعية للشيعة ، حيث أوجد هوة سحيقة عميقة بينهم وبين غيرهم ، وأوقعهم في ضيق
وشدة ، خاصة إذا سافروا إلى بلد مسيحى كالغرب ، أو كان فيه مسيحيون كلبنان ، وبوجه
أخص فى هذا العصر الذى أصبحت فيه الكرة الأرضية كالبيت الواحد ، تسكنه الأسرة
البشرية جمعاء . وليس من شك أن القول بالطهارة يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية
السهلة السمحة ، وأن القائل بها لا يحتاج إلى دليل ، لأنها وفق الأصل الشرعي
والعقلي والعرفي والطبيعى ، أما القائل بالنجاسة فعليه الإثبات ". وناقش أدلة
القائلين بالنجاسة ، ونقضها ، وعقب بقوله : " وعليه فلا دليل على النجاسة من
نص ، ولا إجماع ، ولا عقل . ومازلت أذكر أن الأستاذ قال في الدرس ما نصه بالحرف :
( إن أهل الكتاب طاهرون علمياً ـ أي نظرياً ـ نجسون عملياً ) ، وأنى أجبته بالحرف
أيضاً : ( هذا اعتراف صريح بأن الحكم بالنجاسة عمل بلا علم ) ، فضحك الأستاذ ورفاق
الصف ، وانتهي كل شيء . وقد عاصرت ثلاثة مراجع كبار من أهل الفتيا والتقليد ،
الأول كان في النجف الأشراف ، وهو الشيخ محمد رضا آل يس ، والثاني في قم ، وهو
السيد صدر الدين الصدر ، والثالث في لبنان ، وهو السيد محسن الأمين ، وقد أفتوا
جميعاً بالطهارة ، وأسروا بذلك إلى من يثقون به ، ولم يعلنوا خوفاً من المهوشين ،
على أن يس كان أجرأ الجميع* *وأنا على
يقين بأن كثيراً من فقهاء اليوم والأمس يقولون بالطهارة ، ولكنهم يخشون أهل الجهل،
والله أحق أن يخشوه " .
وقد سألت السيد كاظم الكفائى
عما سبق ، فقال ـ دون أن يكتب ـ بأن الإمام الغطاء أفتى بالطهارة لخاصته . فقلت له
: ولم لم يعلن ذلك ؟ فقال : إن عقول العامة لا تحتمله !
وهكذا يضيع العلم ، ويفترى
على الإسلام ، لأن أناساً ائتمنوا على العلم فضيعوه وزيفوه ، لأنهم يخشون الناس
ولا يخشون الله . وإذا كان الشيخ مغنية قد كتب ما كتب فإنها جرأة فى الحق ، ساعد عليها وجوده بلبنان ، وهذا بالنسبة
لأهل الكتاب ـ الذين قيل في حقهم فى القرآن الكريم ما قيل وبالذات اليهود ـ فما بالنا
بالمسلمين الموحدين الأتقياء البررة ؟
([42]) يقصد السائل – لعنه الله ومن وافقه – بالجبت والطاغوت من
أقاما دولة الإسلام بعد رسول الله r، وهما الصديق والفاروق أفضل المسلمين قاطبة بعد الرسول الكريم كما
قال الإمام على نفسه . ولذا نعتقد في مثل هذا الخبر أنه من وضع غلاة الشيعة
الرافضة الزنادقة .
([46]) قيل في وصف مؤلفه :
" العلامة حجة الإسلام وملاذ الأنام " ! والإسلام براء منه ومن أمثاله
وممن أثنى عليه .
([51]) انظر دليل العروة
الوثقى 1/446-468 ، ولا أدرى كيف حكم على معاوية بأنه يضمر الشرك ؟! وكيف يصل بهم
التعصب والجهل والحمق إلى الحكم بنجاسة رائد من روادنا كابن خلدون ؟
راجع كتاب تطهير الجنان واللسان
عن الخطور والتفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبى سفيان للمحدث أحمد بن حجر الهيتمى
المكى ( ملحق بكتاب الصواعق المحرقة للمؤلف ) وراجع أيضاً كتاب عبدالرحمن بن خلدون
للدكتور على عبدالواحد وافي ، واقرأ فيه : إسفاف خصومه في حملاتهم عليه ، وآراء
المنصفين من معاصريه في حقه ص 126 وما بعدها . وهذا مع بعده عن الإسلام قول
المعتدلين نسبيا ، أما روايات الكتب المعتمدة عندهم تؤيد الغلاة الضالين الزنادقة
الذين اتبعوا ابن سبأ اللعين .
([57])
أخرجه مالك في الموطأ : كتاب الطهارة : باب الوضوء من المذى . وانظر صحيح ابن
خزيمة 1/ 14 : 16 . ورواه غيرهما : انظر سبل السلام 1 / 64 ، ونيل الأوطار 1 / 63
.
([60]) انظر صحيح البخارى :
كتاب الوضوء – باب من لم ير الوضوء الا من المخرجين من القبل والدبر ، وكتاب
الغسل – باب غسل المذى والوضوء منه ، واقرأ شرح الحديث في فتح البارى .
وصحيح مسلم : كتاب الحيض – باب المذى .
([64]) المدونة 1/10 ، وقد
ذهب الإمام إلى ذلك لأنه لا يوجب الوضوء على أصحاب الأعذار ، كالمستحاضة ، والسلس
البول .
([65]) الوسائل 1/263 ،
وانظر الاستبصار ص 92 جـ 1.*
*وبهذه الرواية أيد السيد محسن الحكيم ـ مرجع الشيعة السابق بالعراق ـ ما
ذهب إليه من حمل الروايات التى تذكر أن من المذى الوضوء على الاستحباب ( انظر
كتابه : مستمسك العروة الوثقى 2/217-218 ) ولكنا وجدنا فيما سبق عدم جواز هذا
الحمل ، ثم إن هذه الرواية يمكن تخريجها كما نرى في التعقيب عليها .
([67]) انظر المغنى 1/97 :
وإن كان الراجح في المذهب خلاف ذلك.
وانظر الهداية في تخريج أحاديث
البداية 1/119 .
([69]) انظر الوسائل جـ 1 :
باب كيفية الوضوء ص 369 : الروايات : 6 ، 7 ، 11 .
والتور : إناء يشرب فيه ـ انظر
مادة " تور" في القاموس المحيط .
([71]) انظر وسائل الشيعة جـ
1 : باب كيفية الوضوء ص 369 ، وانظر كذلك : المعتبر ص 37 ، والانتصار ص 11 ،
والحقائق 1/168 وفقه الإمام جعفر الصادق ص 64 .
([73]) المرجعين السابقين :
الأول ص 49 والثانى ص 212 . وصحيح البخارى كتاب الوضوء: باب التيمن في الوضوء
والغسل ، وفتح البارى 1/289 ، وصحيح مسلم بشرح النووى كتاب الطهارة 1/554 ، وانظر
صحيح ابن خزيمة 1/91 باب الأمر بالتيامن في الوضوء ، أمر استحباب لا أمر إيجاب ،
وباب ذكر الدليل على أن الأمر بالبدء بالتيامن في الوضوء أمر استحباب واختيار لا
أمر فرض وإيجاب .
([74]) وذهب بعض الإمامية
إلى حرمة مسح كل الرأس ، وبعضهم إلى الكراهية ، وآخرون إلى عدم الاستحباب ، وفريق
إلى الإجزاء ( انظر : مفتاح الكرامة - كتاب الطهارة ص 248 ) .
وقد روى أن النبى r قد مسح الرأس كله ، وهو مستحب باتفاق العلماء، وأوجبه مالك ،
وأحمد في إحدى الروايتين عنه ( انظر : نيل الأوطار جـ 1 : باب مسح الرأس كله
، وصفته ، وما جاء في مسح بعضه ص 191 )
.
([81]) انظر ما سبق ، وانظر
كذلك : نيل الأوطار جـ 1 ص 23 باب طهارة الماء المتوضأ به، وص 27 باب بيان زوال
تطهيره ، والهداية في تخريج أحاديث البداية ـ الماء المستعمل : 1/273 ، وصحيح
البخاري وشرحه فتح الباري ـ كتاب الوضوء : باب استعمال فضل وضوء الناس .
([87]) بعضهم يذكر أدلة
نتركها لتفاهتها ، وعدم جدواها ووضوح ما بها من سفسطة : مثال ذلك هنا ما ذكره
بعضهم من أن آية الوضوء فيها أمر بمسح الرأس والواجب الفور في امتثال أوامر الله ،
والإتيان بماء جديد للمسح ينافي الفور . انظر : الحقائق جـ ص 175.
ولا شك أن الاشتغال بأخذ الماء
لمسح العضو متعلق بمسح العضو نفسه ، فالفورية في هذا الاشتغال فورية في المسح ، ثم
إن أخذ الماء مباشرة والمسح به أسرع من نشدانه بين اللحىوالحواجب وأشفار العيون ،
وسواء هذا أو ذاك فهو لا يستغرق وقتا يذكر حتى يقال إنه ينافى الفور .
([88]) انظر المبسوط جـ1 ص
64 وص 72 ، وحاشية الدسوقى ص 89 جـ1 ، وحاشية البجيرمى جـ 1 ص 78 والمغنى جـ 1
ص118-119 ، وأحكام القرآن لابن العربي
جـ 2 ص 570-571 .
([92]) انظر نيل الأوطار جـ
1 : باب مسح ظاهر الأذنين وباطنهما ص 201 ، وانظر كذلك المبسوط جـ 1 ص 5-6 ،
والمدونة جـ 1 ص 16 ، وحاشية البجيرمى جـ1*
*ص 88 ، والمغنى جـ 1 ص 120 ، الهداية في تخريج أحاديث البداية 1/147
،وصحيح ابن خزيمة 1 /77 .
([93]) انظر أدلتهم في
المراجع الآتية :
وسائل الشيعة ومستدركاتها :
1/369-383 ، 2/22-25 والاستبصار 1/64-66 ومجمع البيان في تفسير القرآن 1/64-167
وكنز االعرفان في فقه القرآن 9-10 والمعتبر 38-39والانتصار 13-17 والحقائق في
الجوامع والفوارق 1/176-182 والوضوء في الكتاب
والسنة ، وملحق به المسح على الأرجل أو غسلهما في الوضوء .
([94]) انظر أدلتهم في
المراجع الآتية.
صحيح البخارى – كتاب الوضوء : باب غسل الرجلين ،
ولا يمسح على القدمين ، وفتح البارى 1/265-266 ، وصحيح مسلم – كتاب الطهارة : باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما وشرح النووي 1/525 –528 ، وصحيح ابن خزيمة
1/83-87 ، ونيل الأوطار جـ 1
ص 207- 212 ، والمبسوط جـ1 ص 8-9 ،
والأم 1/27-28 ، والمغنى 1/121-125 ، ومختصر التحفة ص 25-28 ، وتفسير الطبرى 1/52-57 ، وتفسير ابن كثير
2/22-29 ،* *والجامع لأحكام القرآن للقرطبى 6/91-96 ، والكشاف للزمخشرى 1/248-249
، وأحكام القرآن لابن العربى 2/574-576 .
([95]) فرح الشيعة بالإمام
الرازى حين ذهب إلى بطلان الكسر على الجوار بقوله " إن الكسر على الجوار
معدود في اللحن الذى قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر ، وكلام الله يجب تنزيهه عنه ، وإنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من
الالتباس ، وهناغير حاصل ، وكذلك إنما يكون بدون حرف العطف ، وأما مع حروف العطف
فلم تتكلم به العرب". والأدلة السابقة فيها بطلان دعوى الرازى كما هو واضح .
وبعد ذلك رأيناهم يهاجمونه عندما وصل إلى القول : " إن الأخبار الكثيرة ورددت
بإيجاب الغسل ، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس ، فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط
، فوجب المصير إليه ، وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحها
" .( انظر : المسح على الأرجل أو غسلها في الوضوء ص126وما بعدها ، ورأي الفخر
الرازى في تفسيره جـ 6 ص 368، وقد نقلوا عنه بتصرف ) .
([104]) ويرد هذا التحديد
أنه خلاف المشهور في العرف ، قال أبو عبيد : الكعب هو الذي في أصل القدم ، منتهي
الساق إليه ، بمنزلة كعاب القنا ، كل عقد منها يسمى كعبا ، وقد روى أبو القاسم
الجزلى عن النعمان بن بشير قال : كان أحدنا يلزق كعبه بكعب صاحبه في الصلاة ،
ومنكبه بمنكب صاحبه . رواه الخلال ، وقاله البخارى . وروى أن قريشا كانت ترمى كعبى
رسول الله r من ورائه حتى تدميهما ، ومشط القدم أمامه .وقد اعترض على ذلك بأن
قوله تعالى ] إِلَى الْكَعْبَينِ [ يدل على أن في الرجلين
كعبين لا غير ، ولو كان لكل رجل كعبان لكانت
كعاب الرجلين أربعة . ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن المراد غسل كل رجل إلى
الكعبين ، إذ لو أراد كعاب جميع الأرجل لقال : " الكعاب " كما قال تعالى
: ] وَأَيْدِيَكُمْ
إِلَى الْمَرَافِقِ [ . انظر : المغنى
1/125 –126 : وانظر كذلك :
المبسوط 1/9 : حيث ذكر حديثا عن الرسول r وهو : " ألصقوا
الكعاب بالكعاب في الصلاة " ، واستدل كذلك بقوله تعالى : ] إِلَى الْكَعْبَينِ[، وبين أن تفسير
الكعب بأنه المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك جاء عن طريق رواية رواها هشام
عن محمد ، وأن هذا سهو من هشام ، وارجع إلى أحكام القرآن لابن العربى جـ 2 ص 577 .
([111]) ورد عن طريق الشيعة
أن على بن أبى طالب – كرم الله وجهه – قال للناس في الرحبة :
" ألا أدلكم على وضوء رسول الله r وآله ؟ قالوا : بلى . فدعا بقعب فيه ماء فغسل وجهه وذراعيه ، ومسح
على رأسه ورجليه ، وقال : هذا وضوء من لم يحدث حدثا " . وعقب الكراكجى – أحد علمائهم – بقوله : "
مراده أنه الوضوء الصحيح الذي كان يتوضؤه رسول الله r ، وليس هو وضوء من غير ، وأحدث في الشريعة ما ليس منها " . (
انظر : الوسائل – المستدرك 1/381-382
) وهذه الرواية تتفق مع ما ذكرنا ، وتفسير الكراكجى باطل ، فالإمام ذكر أنه وضوء
الرسول r ،
فلا داعى لأن يذكر بعد ذلك أنه وضوء من لم يغير في الشريعة . ويحدث فيها ما ليس
منها ، وإنما الضرورة تلجئه أن يذكر أن هذا الوضوء في حالة تجديده فقط ، دون أن يكون هناك حدث موجب له ، ففي
الحالة الأخرى – أي عند الحدث – بين الإمام* *نفسه كيفية الوضوء بغسل الرجلين كما ورد عن طريقى
السنة والشيعة . ثم إذا ذكر الحدث في مجال الوضوء أفيفهم منه التغيير ، أم الحدث
الموجب للطهارة ؟ إن إطلاق الحدث هنا يحتم المعنى الأخير .
([112]) الاستبصار 1/14 ،
والوسائل 2/22 ، وقد روى الحديث الكليني والصدوق والطوسى أصحاب كتب الحديث الأربعة
.
([115]) وروى مثل هذا أيضا
عن الشعبى ، قال : نزل القرآن بالمسح والغسل سنة ،ومعنى أنه سنة هنا أي ثبت عن
طريق السنة .
([119]) انظر ما سبق ،مع متابعة
الأدلة في بعض الصفحات ، وانظر كذلك : نيل الأوطار 1/221-226 ، وسبل السلام 1 / 56
ـ 60 .
([120]) قال الموسوى – أحد
علماء الشيعة – تعقيبا على ذلك : " بل أسلم قبل نزول المائدة ، بدليل حضوره
حجة الوداع مع رسول الله ، وقد أمره r يومئذ – كما في ترجمته من الإصابة نقلا عن الصحيحين – أن يستنصت
الناس ، فإسلامه لابد أن يكون قبل تلك الحجة ، ونزول المائدة لم يكن قبلها يقينا
" ( ص 144 المسح على الأرجل أو غسلها ) .
ولو سلمنا بذلك في بعض آيات من سورة المائدة
، فلا نسلم بأن جميعها نزل بعد حجة الوداع أو إبانها ، فمن الثابت أن بعضها نزل
قبل ذلك يقينا ، وجرير – وهو الثقة الذي روى عن الرسول الكريم – هو نفسه الذي قال
بأن إسلامه لم يكن قبل آية الوضوء . ( انظر صحيح ابن خزيمة 1 / 92 جماع أبواب
المسح على الخفين وفيه المسح بعد نزول سورة المائدة ،
وراجع ما جاء في سورة المائدة في كتاب التفسير في صحيح البخاري ، والاختلاف
في آخر ما نزل في البرهان للزركشى 1/209-210 ،وراجع كذلك تعليق الشيخ شاكر على هذا
الحديث في : سنن الترمذى جـ 1 : حاشية ص
155-156 ، وانظر صحيح البخاري – كتاب
الوضوء : باب المسح على الخفين ، وشرح أحاديث الباب في فتح الباري 1 / 305
: 309 ، وباب من ادخل رجليه وهما طاهرتان ، وصحيح مسلم : كتاب الطهارة : باب المسح
على الخفين ، وشرح النووي 1/556 ) .
([123]) وروى عنها أنها قالت
: لأن تقطعا أحب إلى من أن أمسح على القدمين بغير خفين ( انظر: الكشاف للزمخشرى )
فإن صحت هذه الرواية فهي تؤيد غسل الرجلين ، والمسح على الخفين .
([124]) انظر الوسائل جـ 1 :
باب عدم جواز المسح على الخفين إلا لضرورة شديدة أو تقية عظيمة ص 55 وما بعدها .
([136]) انظر : حاشية ابن
عابدين 1/131 ، وحاشية الدسوقى 1/104 ، وحاشية البجيرمى 1/89 والشرح الكبير /147-148 .
([137])
انظر الموضع السابق من الشرح الكبير ، وحاشية ابن عابدين ، وانظر نيل الأوطار
1/219-220 ، وصحيح مسلم : باب المسح على الخفين ،والنسائى : باب صفة الوضوء ، وابن
ماجه : باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه .
([141]) انظر : حاشية ابن
عابدين 1/350 ، وحاشيتى القليوبى وعميرة 1/43 ، وحاشية الدسوقى 1/112 ، والمغنى 1
/ 153 .
([146]) وبهذا يرد على السيد
محسن الحكيم حيث عقب على الرواية السابقة بقوله " لكن ظاهر الجواب عدم سراية
نجاسة الذكر بعد المسح إلى ما يلاقيه لاطهارته بالمسح. ( مستمسك العروة 2/174) .
([152])
وقع الخلاف بين المذاهب في حكم السجود ، وفي عدد السجدات التى هي عزائم ، انظر ذلك
مثلا في : بداية المجتهد جـ 1 ص 226 وما بعدها ، وفي كتب المذاهب المختلفة.
([153])
انظر حاشية ابن عابدين 1/278-279 ، والمبسوط 3/152 ، وحاشية الدسوقى 1/125-126 ، ص
138-139 ، وص 174-175 ، وحاشية البجيرمى 1/52-54 ، ص 102-103 والمغنى 1/135-136 وص
136-141 وانظر كذلك بداية المجتهد 1/42-43 وص 50 ونيل الأوطار 1/259-261 وسبل
السلام 1/69-70 .
([160]) انظر حاشية ابن
عابدين 1 / 209 ـ 293 ، وحاشية الدسوقى 1/168-173 ، حاشيتى الدسوقى وعميرة
1/97-107 ، المغنى 1/326-327 . وص 362-363 .
([162]) تفيد الرواية إمكان
وقوع ثلاث حيض في شهر واحد ، وهذا لا يجىء إلا على قول الحنابلة من المذاهب
الأربعة، حيث يذهبون إلى أن أقل الحيض يوم وليلة ، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة
عشر يوما . وهذا ممكن أيضا بالنسبة للشيعة ، فهم يذهبون إلى أن أقل الحيض ثلاثة
أيام ، وأقل الطهر بين الحيضتين عشرة .
([168]) راجع ما يتعلق
بأحكام الميت عند السنة في المراجع الآتية : المبسوط 2/58 وما بعدها ، حاشية ابن عابدين
1/888 وما بعدها ، والمدونة 1/174 وما بعدها ، وحاشية الدسوقى 1/407 وما بعدها ،
الأم 1/234 وما بعدها ، وحاشية البجيرمى 1/294 وما بعدها ، وكتابى المغنى والشرح
الكبير 1/302 وما بعدها ، سبل السلام 2/88 وما بعدها ، وبداية المجتهد 1/230 وما
بعدها .
([185])
انظر : المبسوط جـ 1 ص 90 ، وحاشية الدسوقى جـ 1 ص 416 ، والأم 1 / 32 ، والمغنى
والشرح الكبير 1 / 214 ، وبداية المجتهد 1 / 234 .
([194])
انظر : حاشية ابن عابدين 1 / 327 ، وحاشية الدسوقى 1 / 56 ، وحاشيتى القليوبى
وعميرة 1 / 69 ـ 70 ، والمغنى 1 / 7225 .
([198])
انظر : حاشية ابن عابدين 1 / 325 . وما بعدها ، وحاشية الدسوقى 1 / 72 ، الأم 1 / 47 ، والمغنى 1 / 728 وما بعدها .
([201]) انظر نيل الأوطار جـ 1 ص 47 وما بعدها ـ باب
الحت والقرص والعفو عن الأثر بعدهما . وراجع صحيح البخارى : كتاب الحيض : باب غسل
دم الحيض ، وكتاب الوضوء : باب غسل الدم . وصحيح مسلم : كتاب الطهارة ـ باب نجاسة
الدم وكيفية غسله .
([206])
راجع صحيح البخاري : كتاب مواقيت الصلاة : باب تأخير الظهر إلى العصر ، وفتح
البارى 2/ 24 ، وباب وقت المغرب ، وكتاب التهجد : باب من لم يتطوع بعد المكتوبة ،
وفيه الجمع الصوري .
وراجع صحيح مسلم : كتاب صلاة
المسافرين وقصرها ـ باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر ، وانظر شرح النووي
2/356 :359 .
وانظر نيل الأوطار 1/264 باب
جمع المقيم لمطر أو غيره .
([209]) أورد الشيخ أحمد
شاكر ما حكى عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأسا أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة
أو شيء ، ما لم يتخذه عادة ، ثم قال : " وهذا هو الصحيح الذى يؤخذ من الحديث
، وأما التأول بالمرض أو العذر أو غيره فإنه تكلف لا دليل عليه ، وفى الأخذ بهذا
رفع كثير من الحرج عن أناس قد تضطرهم أعمالهم ، أو ظروف قاهرة ، إلى الجمع
بين الصلاتين ، ويتأثمون من ذلك ويتحرجون
، ففى هذا ترفيه لهم وإعانة على الطاعة ، ما لم يتخذه عادة ، كما قال ابن سيرين
" ( سنن الترمذى 1 / 358 ـ 359 الحاشية ) .
وقد ذكر الأستاذ الشيخ على
الخفيف ما يؤخذ على المالكية من تركهم العمل بخبر الواحد إذا كان العمل في المدينة
على خلافه ، ومن هذه الأخبار حديث الجمع بين الصلاتين .
( انظر : أسباب اختلاف الفقهاء ص 78 ـ 79 ) .
([215]) انظر : رسالة الإسلام
ـ العدد الثامن ، السنة السابعة ( رمضان سنة 1374 ) : الجمع بين الصلاتين للسيد
شرف الدين الموسوى ص 148 وما بعدها .
([220]) ارجع إلى : المبسوط
1 / 127 ـ 129 ، والمدونة 1 / 57 ـ 58 ، والأم 1 / 73 ـ 74، والمغنى 1 / 418 ـ 422
، وانظر كذلك : نيل الأوطار 2 / 15 ـ 26 .
وصحيح مسلم ـ كتاب الصلاة : باب صفة الأذان ، وصحيح البخارى ـ كتاب الأذان
ـ وصحيح ابن خزيمة ـ جماع أبواب الأذان والإقامة .
([221]) راجع ما سبق في
مستمسك العروة الوثقى جـ 5 ص 437 ـ 438 . والمبسوط ، وغيره من الكتب التى ذكرت ،
لعلماء من الشيعة .
([223])
انظر : مساجد ومعاهد جـ 2 : جامع الكوفة ص 219 : 221 ـ بحث للدكتور السيد محمود
عبد العزيز سالم .
([224]) هذه الفرية لها
أثرها فى الواقع العملى عند الشيعة ، فعندما زرت هذا المسجد وجدت محراباً يقولون
عنه أنه محراب رسول الله ـ r ـ الذى صلى فيه ليلة الإسراء !!
([234]) انظر : نيل الأوطار
2 : باب الصلاة على الفراء والبسط وغيرهما من المفارش ص 127 ، وراجع صلاته r على البساط في صحيح البخاري ـ كتاب الأدب : باب الكنية للصبى ،
باب الزيارة ، وارجع إلى صحيح مسلم بشرح النووي ـ كتاب المساجد باب جواز الجماعة
في النافلة ـ والصلاة على الحصير وخمرة
وثوب وغيرها من الطاهرات .
([236]) الأرض والتربة
الحسينية للإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء : ص 170 ـ 180 ، ملحق بكتاب : الوضوء
فى الكتاب والسنة .
([239]) انظر : المبسوط 1 /
32 ـ 33 ، و 170 ـ 171 ، والمدونة 1 / 71 ، 99 ـ 100 والأم 1 / 94 ـ 95 ، و107 ،
والمغنى 1 / 532 ـ 533 ، و715 ـ 716 .
([246])
انظر : نيل الأوطار 2 / 360 .
والبخارىـ كتاب العمل فى الصلاة :
باب ما ينهي من الكلام فى الصلاة .
ومسلم ـ كتاب المساجد ـ باب تحريم
الكلام فى الصلاة ، ونسخ ما كان من إباحته .
([248]) نفس المرجع ص 363 ـ
364 ، وصمته : أسكته . والكهر : القهر ، والانتهار ، واستقبالك إنساناً بوجه عابس
تهاوناً به . ( انظر المادتين فى القاموس المحيط ) .
([249]) يقول السيد محسن
الحكيم فى تشميت العاطس :
البناء على جوازه فى الصلاة محل
تأمل أو منع اللهم إلا أن يكون إجماع ، لكنه غير ثابت ، ولا سيما بملاحظة استدلال
كثير منهم على الحكم بأن الدعاء غير مبطل للصلاة ، مما يوجب كون الإجماع معلوم
المستند ، فيسقط عن الحجية ، ولا سيما بملاحظة خبر آيات عن جعفر : " فى رجل عطس فى الصلاة فسمته رجل
" ، فقال : " فسدت صلاة ذلك الرجل " ( متمسك العروة الوثقى 6 / 492
) .
ولكنه ذهب إلى وجوب رد السلام فى الصلاة ـ انظر المرجع السابق 6 / 474 ـ
475 .
([250])
انظر نيل الأوطار 2 / 244 ـ 247 ، وصحيح البخارى : كتاب الأذان باب جهر الإمام
بالتأمين ، وباب فضل التأمين ، وباب جهر المأموم بالتأمين ، وصحيح مسلم : كتاب
الصلاة : باب التسميع والتحميد والتأمين ، وأبو داود والترمذى : الصلاة : باب
التأمين وراء الإمام ، والنسائى : كتاب الإمامة ، باب قراءة بسم الله الرحمن
الرحيم .
([253])
يشترط الإمام أبو حنيفة ألا يقل العدد عن أربعة ، وقال أبو يوسف : تصح بثلاثة ،
والشافعية والحنابلة يشترطون أربعين ، والإمام مالك رأي أنها تنعقد بمن يمكن أن
تتقرى بهم قرية ، وذلك ممكن بما دون الأربعين ، لكنه غير ممكن بالثلاثة والأربعة .
انظر المبسوط 2 / 24 ـ 25 ،
المدونة 1 / 152 ـ 153 ، بداية : 1 / 161 ، 162 ، الأم 1 / 169 ، المغنى 2 / 172 ـ
173 .
([254]) فى صلاة الجمعة خلف
من لا يرضونه يرون تقديم الظهر عليها ، أو الصلاة خلفه بنية الظهر ، ثم القيام ـ
بعد ركعتى الإمام ـ لإتمام الظهر ، على خلاف بينهم فى أفضلية التقديم أو الإتمام (
انظر : مفتاح الكرامة كتاب الصلاة 2 / 170 ـ 171 ) . وهم فى كلتا الحالتين مسقطون
للجمعة ، غير معتدين بها ، يتظاهرون بصلاتها تقية .
([260]) انظر حديثه بآخر هذا
الجزء .*
*وقد ذهبت إلى الكاظمية لألتقى
بالشيخ الخالصى ، ولكن سفره حال دون الملتقى .
والعجيب أن سفره أيضاً منع إقامة
الجمعة ، وكأن أحداً لا يصلح لإقامتها !
وفى الكويت لا يقيم الجمعة إلا
الشيخ إبراهيم جمال الدين مرجع الإخباريين هناك .
([273]) انظر أدلتهم في :
مفتاح الكرامة ـ كتاب الصلاة 2 / 72 ـ 78 ، وكنز العرفان 78 ـ
79 ، والنور الساطع للشيخ على كاشف الغطاء 1 / 547 ـ 551 ، والمعتبر 202 .
([278]) انظر : نيل الأوطار جـ
3 : باب من تجب عليه ومن لا تجب ص 276 ، وراجع ما يتصل بالجمعة فى الصحيحين ، وكتب
السنن .
([285]) أورد بعد ذلك
الأحاديث الموجبة للجمعة ( ص 18 ـ 54 ) وذكر فيها أن أئمتهم كانوا أشد الناس
مواظبة على صلاة الجمعة ، وكانوا يصلونها مع الجائرين ، ثم نفى التعارض بين الكتاب
الكريم والأخبار فى أحكام الجمعة ( ص 80 ـ 84 ) ورد على الشبهات التى تمسك بها
القائلون بالوجوب التخييرى فى ( ص 85 ـ 167 ) وكذلك على شبهات القائلين بحرمة
الجمعة زمن الغيبة ( ص 167 ـ 172 ) .
([289]) انظر : مفتاح
الكرامة 2 / 70 كتاب الصلاة . وانظر كذلك : جواهر الكلام ( 11 / 131) حيث يقول
مؤلفه عن يوم الجمعة : " ليس للمسلمين عيد ـ بعد يوم غدير خم ـ أولى منه ، بل
هو أعظم عند الله من يومى الفطر والأضحى " فهو يقدمه على العيدين ولكن
الناحية المذهبية جعلته يضع كل هذه الأعياد بعد يوم الغدير !
([292]) هو الشيخ محمد جواد
مغنية ـ انظر كتابه فقه الإمام جعفر الصادق ص 268 وانظر كذلك كتاب " جواهر
الكلام " 11 / 178 ، 179 .
([293])
يرى الشيعة إيجاب الخمس فى الغنائم والكنائز ، وأرباح التجارات ، وغيرها ، ونصف
هذا الخمس يعطى للإمام ، واختلفوا فى زمن الغيبة لمن يعطى ؟ وكثير منهم يعطيه أئمة
المساجد .
([294]) انظر المبسوط 2 / 63
، والأم 1 / 239 ، وحاشية الدسوقى 1 / 411 ، والمغنى 2
/ 392 ـ 394 ، وبداية المجتهد 1 / 240 ، ونيل الأوطار 4 / 98 ـ 101 ، وسبل
السلام 2 / 101 ـ 103 .
([298]) انظر المرجع السابق
ص 410 – باب وجوب تكبيرات الخمس في صلاة الجنازة وإجزاء الأربع مع التقية
، أو كون الميت مخالفا .
([299]) يرون في الصلاة علي
المنافق الدعاء عليه ، وبعضهم يفسر المنافق بالناصب ، وآخرون يرونه كل مخالف مطلقا
( انظر مفتاح الكرامة ، كتاب الطهارة ص 480 ) .
([300]) انظر نفس المرجع ص
417 ، وانظر المسح علي الخفين في الفصل السابق تجد رواية فيها التكبير علي الجنائز
خمس تكبيرات ، وقد بينا أنها موضوعة .
([303]) وفي إحدي رواياتهم
أن هبة الله كبر خمسا وسبعين تكبيرة بعدد صفوف الملائكة الذين صلوا عليه ، وفي
أخري أنه كبر خمسا وسبعين تكبيرة : سبعين لآدم ، وخمسا لأولاده ، وفي ثالثة أن
السبعين تفضلا لآدم ، والخمس للسنة (انظر الوسائل 3 / 423 ، 430 ) وهذا الاضطراب
نتيجة حتمية لمن قال بغير علم .
([305]) تري – معاذ الله – هل وهم هؤلاء أيضا ،
وظل هذا الوهم إلي أن اكتشفه صاحب كتاب الحقائق حيث يقول ( 2 / 48 – 49 ) : " تكبيره – أي الرسول الكريم – خمسا كان علي المؤمنين ، وتكبيره أربعا كان علي المنافقين ، ومن
هنا وهم إخواننا فعملوا علي الأربع " !
وفي رواية لابن عبد البر أن
النبي r بعد أن صلي علي النجاشي وكبر أربعا ، ثبت علي هذا التكبير حتي
توفاه الله ( انظر : سبل السلام 2 / 103 ، وبداية المجتهد 1 / 240 ) فهل معني ذلك أن إخوانه السنة لم
ينتبهوا إلي أن النجاشي ومن صلي عليهم الرسول بعده ، كانوا جميعا منافقين ؟!
سبحانك ربي هذا بهتان عظيم ! كان الأجدر بصاحب الحقائق أن يبحث عن الحقائق بحثا
جادا نزيها بلا تعصب ، بدلا من أن ينسب الوهم لجمهور المسلمين .
([312]) انظر : الموطأ 1 /
127 – 130 ، والمغني 1 / 771 – 772 ، وسبل
السلام 2 / 16 –17 ، والبخاري وشرحة
فتح الباري – كتاب التهجد : باب صلاة الضحي في السفر ، وباب من لم يصل الضحي
ورآه واسعا ، وباب صلاة الضحي في الحضر .
([315]) انظر : المبسوط 2 /
144 –
145 ، والموطأ 1 / 102 – 105 ، والمغني 1 / 801 – 804 ، وانظر كذلك : سبل السلام 2 / 9 – 11 ، والمنتقي ص 541
– 542 ، والبحر الزخار 2 / 35 وما في حاشيته من كتاب : جواهر
الأخبار .
([317]) انظر : الاستبصار 1
/ 467 – 468 ، وقال محمد بن يحي بهران الصعدي ، بعد أن ذكر حديثا قريبا من
هذا : " الأقرب أنه موقوف علي علي u إن صحت الرواية عنه " ( انظر: جواهر الأخبار بحاشية البحر
الزخار 2 / 34 ) . ونقول له : نربأ بعلي أن يقول هذا ، فقد صلاهما رسول الله r .
([318]) تحدث الأستاذ محمد مصطفي
شلبي عن الأفعال التي فعلها الصحابة ، ولم تكن علي عهد رسول الله r ، وبين علة ذلك ، وضرب له الأمثال ، مؤيدا صحة ما ذهبوا إليه ( انظر كتابة : تعليل الأحكام ص 64 – 71 ) .
([320]) راجع مستمسك العروة
8 / 461 تجد ما يبين هذا ، كما أن واقعهم يدل عليه ، فهم لا يأخذون بما تعلنه
الدول الإسلامية . وأذكر أننى زرت النجف يوم عيد وقال لى محدثى : " هذا عيد
الحكومة أما عيدنا ففى الغد " بل وجدت من الذين يزورون مصر من يسلك نفس المسلك
.
([322]) إذن ليس مجرد الكذب
هو المفطر ، وإنما خصوه بالكذب على هؤلاء إلى جانب الكذب على الله تعالى ورسوله ـ r ، وقالوا : الكذب على الفقهاء والمجتهدين والرواة لا يوجب بطلان
الصوم ، ( انظر المرجع السابق ص 251 ـ 257 ) .
ويبقى هنا تساؤل : فوضع
الفرق للأحاديث التي تؤيد مبادئهم شيء معروف ، وكتب الجعفرية الاثنى عشرية التى
درسناها فى أجزاء سبقت رأينا وضوح الكذب والافتراء فيها ، فلماذا إذن يجعلون هذا
الكذب مفطراً ؟ لعله من باب الإيهام بالصدق ، والقناع الذى يستعين به الكذوب ، أما
الصادقون فإنهم لا يكذبون على هؤلاء ولا على غيرهم .
([323]) وذلك لأنه يوم
استشهاد سيدنا الحسين ـ رضي الله تعالى عنه ، وبالطبع صوم عاشوراء على عهد الرسول
ـ rـ لم يكن من أجل هذا .
([325]) قال صاحب المستمسك (
8 / 549 ) يعقب على القول بالأحوط : " خروجنا عن شبهة الخلاف المتقدم . أما
مع عدم الإمكان فالأحوط الإتيان به فى غيرها برجاء المطلوبية " .
([328]) قال في المرجع
السابق ( 275 ) : " إذا كان الصرف على المخالف بملاحظة مصلحة المؤمن ، لأنه في الحقيقة صرف على المؤمن لا
على المخالف … أما لو لم يكن كذلك فلا يجوز الصرف من السهم المذكور "
.
([331]) الركاز : هو ما
أوجده الله تعالى فى باطن الأرض من المعادن فى حالتها الطبيعية ويطلق كذلك على
الكنز ، وعلى المال المدفون قبل الإسلام .
([336]) اقرأ " وجوب
دفع الخمس للفقيه زمن الغيبة " فى كتاب النور الساطع ( 1 / 439 ) واقرأ فيه : إن الفقيه يأخذ نصف الخمس لنفسه ويقسم
النصف الآخر منه على قدر الكفاية فإن فضل كان له ، وإن أعوز أتمه من نصيبه .
ومن واقع الجعفرية الرافضة في
هذه الأيام نجد أن من أراد أن يحج فعليه أن يقوم كل ممتلكاته جميعاً ثم يدفع خمس
قيمتها إلى الفقهاء الذين أفتوا بوجوب هذا الخمس وعدم قبول حج من لم يدفع ، واستحل
هؤلاء الفقهاء أموال الناس بالباطل ؟!
([339]) ماذا يريد علماء
الشيعة الرافضة من إباحة السلب والنهب وهم المنتفعون قبل غيرهم بالخمس ؟ والذى يبيح هذا أيمكن أن يكون دينا
سماويا فضلا عن أن يكون الإسلام العظيم ؟ وكيف ينسبون هذه المضلة لآل البيت
الأطهار ؟ وكيف يقولون بأن الإمام الصادق صح عنه أنه* *قال : " خذ مال الناصب حيثما وجدته ،
وادفع إلينا الخمس " !!إننا نرفض أن يصور سيدنا جعفر الصادق فى صورة زعيم
عصابة تغير وتسرق ثم تتقاسم .
([341]) انظر شرائط المجتهد
فى المرجع السابق جـ 1 ص 40 وما بعدها ، وفى النور الساطع في الفقه النافع جـ 1 ص
78 وما بعدها وجـ 2 ص 196 وما بعدها .
([342]) اختلف الجعفريه
الاثنا عشرية فى هذا النصف : فمن ذاهب إلى إباحته للشيعة مطلقا ، ومن ذاهب إلى
وجوب عزله وإيداعه الوصية به عند الموت ، ومن ذاهب إلى وجوب دفنه لاعتقاده أن
الأرض تخرج كنوزها للإمام الثانى عشر عند ظهوره ، ومن ذاهب إلى وجوب صرفه إلى
المحتاجين من أهل البيت ، إلى غير ذلك من الآراء . ( انظر المستمسك 9 / 578 ـ 580
) .
([343]) اختلفوا فى هذا
النصف أيضا كوجوب دفنه إلى زمان ظهور إمامهم الأخير ، أو الوصية به ، أو غير ذلك ، ولكن المشهور بين المتأخرين
منهم والمتقدمين وجوب قسمته على الأصناف الثلاثة ( انظر المرجع السابق ص 585 ) .
([346]) قالوا : يشترط الإيمان
لعدم صحة عمل غير المؤمن وإن كان معتقداً بوجوبه ، وحصل منه نية القربى . وقال
بعضهم بعدم اعتبار الإيمان وصحة نيابة المخالف اكتفاء باشتراط الإسلام . ( انظر المرجع السابق 11 / 7 ) .
([347]) قال صاحب المستمسك (
10 / 117 ) : يظهر من الأصحاب الاتفاق عليه ، وراجع الجزء السابق حيث جعلوا زيارة
قبر الحسين رضي الله تعالى عنه أفضل من الحج والعمرة ؟!
([348])
انظر شيئا منها فى الجزء السابق ، وفى صلاة الجنازة فى الفصل الثانى من هذا الباب
، وفى خاتمة الكتاب .
([351]) لا خلاف بينهم حول
هذا ، ولكنهم اختلفوا حول الكتب التى يرون أنها تجمع بين الحق والضلال من وجهة
نظرهم ـ راجع مفتاح الكرامة ـ كتاب التجارة : ص 62 ـ 63 .
([352]) انظر المرجع السابق
ص 63 : 69 ، وانظر فيه ما ذهب إليه بعضهم من حرمة الغيبة مطلقاً بالنسبة للمسلم ،
ورد الآخرين بأن الإيمان خاص بالجعفرية الإمامية ، وأن المخالف لهم ليس مؤمنا ،
وليس أخا ، أي أن ما جاء في سورة الحجرات ( آية 12 ) خاص بالرافضة ! واقرأ فيه كذلك " سب غير أهل الإيمان من
شرائط الإيمان " ، وسيأتي في الحدود أنهم يرون قتل من يسب أحد أئمتهم .
واقرأ أيضاً الآراء المختلفة
حول هجاء الفاسق الجعفري وغيبته ـ حيث أباح بعضهم بالنسبة للفاسق المتظاهر ، وحول
التشبيب بغير الرافضية .
([354]) لهم تفصيلات راجعها
فى المرجع السابق ص 134 : 139 واقرأ فيه : " يحرم ـ أي الربح من الرافضي ،
ويكون رباً إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت " ، وعن الإمام الصادق :
" ربح المؤمن على المؤمن حرام إلا أن يشترى بأكثر من مائة درهم فاربح قوت
يومك ، أو يشتريه لتجارة فاربحوا عليهم وارفقوا بهم " .
([357]) ونسأل الرافضة : لماذا فضل الإمام على أسماء
الخلفاء الراشدين الثلاثة فسمى ثلاثة من أولاده : أبو بكر وعمر وعثمان ؟ ولماذا
كان من أولاد الإمام الحسن أبو بكر وعمر ؟ ولماذا سمى الإمام الحسين ابناً له باسم
عمر ؟
فمن الكافر الزنديق إذن :
هؤلاء الثلاثة الأبرار الأطهار أو الذين يكفرونهم من الرافضة أتباع ابن سبأ ؟!
([358]) وجدنا من بعض طلبتنا في جامعة الكويت – وخاصة من ينتسب إلى الشيعة منهم تطلعا إلى معرفة شيء عن حكم
المتعة ، واطلعنا على كتب ألفها بعض إخواننا من الشيعة في موضوعه فأطلنا في عرض
قضيتها من وجهة نظرنا – على غير منهجنا في
هذا الكتاب – لا لنقنع إخواننا الشيعة برأينا ، فقد وجدناهم يدعون لأئمتهم
العصمة ، ويعتبرون أقوالهم نصوصاً كنصوص الكتاب والسنة ، على حين نعتمد نحن على
الكتاب الكريم وما صح من سنة النبى صلى الله عليه
وسلم ، ولا ندعى العصمة لأحد بعده ، وتعد أقوال علماء
المسلمين جميعا آراء اجتهادية : للمخطئ فيها أجر ، وللمصيب أجران . وكذلك وجدناهم
يعدون استباحة المتعة من أصول الدين ، ويروون عن أبى عبدالله الصادق رضي الله
تعالى عنه أنه قال : ليس منا من لا يؤمن بكرتنا ولا يستبيح متعتنا ( ص 85 : المتعة
في الإسلام للسيد حسين يوسف مكى العاملى الشيعى ) .
وإنما بسطنا القول فيها بعض
البسط استجابة لرغبة أبنائنا ، ولعلنا نجد في أثناء البحث ما قد يجرنا إلى تغيير
رأينا ، ثم نقول لإخواننا الشيعة : إنهم منا وإن خالفونا في هاتين المسألتين ،
وليس أحب إلينا من أن يحقق الله أملهم في الرجعة ، فتمتلئ الدنيا عدلا كما ملئت
ظلماً وجوراً ، والله يهدى إلى الحق من يشاء ويعفو بفضله عن كثير .
([364]) من قواعد الأصول أن أحكام الشارع لا تتعلق بذوات
الأشياء ، بل تتعلق بأفعال العباد ، فإذا ورد الحكم متعلقا بذات فلابد من تقدير
فعل إنساني مناسب للمقام ؛ فقوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ معناه حرم عليكم أكلها ،
وقوله تعالى " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ معناه حرم عليكم التزوج ، وقوله تعالى : وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ معناه أحل لكم التزوج بما وراء ذلكم ، وهكذا ! ( راجع دلالة
الاقتضاء في أصول التشريع ) .
([367])راجع ما يتأكد به
المهر فيما يأتى ، وانظر ما قاله مالك وأحمد بن حنبل في ذلك ، واقرأ ما قلناه في
باب المتعة : كتابنا " الفرقة بين
الزوجين "
([368]) يعبر القرآن الكريم عن إنشاء العلاقة الزوجية
بأحد لفظين : النكاح وهو الكثير ، والزواج أحياناً ، ودلالة اللفظين على هذا
المعنى لغوية وشرعية . أما الاستمتاع فلم يستعمل في* *عقد الزواج ، فيبقى على
معناه الحقيقى حتى يدل دليل على صرفه عنه إلى غيره ، وقبول تفسيرهم للاستمتاع في
الآية بعقد زواج مؤقت من غير دليل – هو أول خطأ يقع فيه
الباحث في هذا الموضوع ، وإذا سلم به تعذر عليه التخلص منه .
([373]) وقد وقع مثل هذا حينما نهي عمر عن المغالاة في
المهور وعارضته امرأة ، وهي حادثة مشهورة ، وراجع في التحريم المؤقت فيما يأتى – ما ورد في حرمة التزوج بالمعتدة ، من إفتاء عمر بفتوى بلغت عليا
رضي الله عنهما فانتقدها وأفتى بغيرها ، فلما بلغ ذلك النقد عمر عد فتواه جهالة ، وأمر الناس بالرجوع عنها إلى
فتوى على فقال : يأيها الناس ، ردوا الجهالات إلى السنة .
وأغلب ظنى أن الاتجاه إلى آية
النساء للاستدلال بها على إباحة المتعة لم يكن في زمن عمر ولا في زمن ابن عباس
وابن الزبير ، بل كان بعد ذلك حينما احتدم الجدل في المسألة وأريد تأييد المذهب
بشئ من أي الكتاب الكريم .
([375]) وقد توهم بعض الناس أن نهي النبي عن المتعة في
وقت ما يدل على أنه كان قد أذن بها قبل هذا النهي ، وهو وهم فاسد ، وخطأ آخر يتعرض
له الباحث في هذا الموضوع ، والذين وقعوا فيه اضطروا إلى القول بأن المتعة أبيحت
ثم نسخت عدة مرات ، وليس في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك . وإنما
تكرر النهي عنها تكرر الظروف التي تقتضي
التذكير بحرمتها ، وهل يدل تكرار النهي عن الزنى وغيره في الكتاب الكريم على إذن سابق بشيء من ذلك ؟
([377]) يدل اهتمام خولة بالأمر ، ورفعها إياه إلى عمر
، وفزعه منه ، وقوله هذه المتعة – على أن هذا الفعل لم
يكن ذائعاً بين الناس ، ولهذا لا يقال : لم لم ينه عنه أبو بكر وعمر قبل ذلك .
([379] ) يدل هذا الحديث على أن عمر يهدد بالعقوبة كل متمتع محصنا كان أو
غيرمحصن ، ومن عجب أن يورد بعض المؤلفين فى المتعة هذا النص بتمامه ، ثم يستدل به
على أن عمر كان يحرم المتعة على المحصن دون غيره (ص 21: المتعة في الإسلام ) .
([380]) أي أنه في أثناء نزول الوحي وقبل كمال الشريعة
كان الله تعالى يبيح لرسوله ما شاء بما شاء من أسباب عارضة تقتضى الإباحة ،
كإباحاته مكة ساعة من نهار ثم تحريمها إلى يوم القيامة ، وإباحته المتعة ثم
تحريمها تحريماً مؤبداً وبكمال الشريعة وانقطاع الوحي أخذت الأحكام وضعها الأصيل
الدائم ، فلا نسخ ولا استثناء بعد ذلك إلا بدليل .
([381]) قال الفقهاء : إن عمر ما كان يريد بقوله هذا
إلا التهديد ، لأنه ما كان يجهل أن الحدود تدرأ بالشبهات ، وقد درأ هو الحد عن بغى
بأجرة ، ولعله درأ عنها الحد لأن الناس ما كانوا يجترءون على الزنى في زمنه جرأتهم
عليه بعد أن عطلت الحدود .
([382] ) راجع ص 67 حـ 7 :
المحلى ، ويظهر أن الحزبية لعبت دوراً هاماً في هذه المسألة عن قصد أو غير قصد
،وإلا فلماذا يصور عمر بصورة الطاغية العنيد الذى يعاقب بالحق وبالباطل وينقل قوله
بصيغة توهم أنه يتحدى رسول الله ، ويشرع من عند نفسه . فيحرم ما أحل الله ورسوله
حيث يقول " متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما
" ، وإذا صح أن يعاقب على متعة النساء فكيف يعاقب على متعة الحج ؟ ولماذا
يكثر البحث في متعة النساء خاصة ، وتؤلف فيها الكتب وليست إلا مسألة فرعية من
مسائل الفقه الإسلامي ، وما أكثر المسائل التي اختلف فيها الأئمة ، وقال فيها بعضهم
بالحل وبعضهم بالحرمة ، وإذا كان الباعث على الاهتمام بها تعلقها بالأعراض – فما كان أولانا جميعا بالاتفاق على حرمتها
([383]) قول ابن عباس هذا لا حجة فيه على بقاء حل
المتعة كما قدمنا ، ولو كانت إباحتها تستند إلى شيىء من الكتاب الكريم ما ترك ابن
عباس الاستدلال به في هذا المقام ، وهو من أعلم الناس بكتاب الله .
([386] ) راجع ص 141 – 154 حـ 3 : من كتاب
" الاستبصار " للعالم الجليل والفقيه الشيعي أبى جعفر الطوسى المتوفى
سنة 460هـ ، وص 70 –80 حـ 11 : فتح
الباري .
([388]) ص 77 حـ 11 ك فتح البارى ، الشيعة يبطلون هذه
الرواية لأنها منقطعة لم يذكر لها سند ، وقد توفى الصادق سنة 148 هـ ، وولد
البيهقى سنة 384هـ ، والخطب هين ، لأن هذه الرواية مرسلة وليست دليلاً في الموضوع
عندنا .
(1)انظر فى ذلك " الاستبصار " لشيخ
الطائفة الطوسى ح 3 /147 حيث أورد تحت باب " يجوز الجمع بين أكثر من أربع فى
المتعة " ما يلى :
" عنه عن الحسين بن محمد عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم عن عبيد
بن زرارة عن أبيه عن أبى عبدالله u قال : ذكر له المتعة أهي من الأربع ؟ قال : تزوجْ منهن ألفاً
فإنهن مستأجرات " !؟ وفى حديث آخر أنها لا تطلق ، ولا ترث ، ولا تورث وإنما
هي مستأجرة!؟ وانظر أيضاً التهذيب ح 2 /188 ، والكافى للكلينى ح 2 /43.
( ([392]لقد خاب ظنى وظن كثير من السادة بحكومة الإمام
الخمينى ، فكنا نتوقع أن تكون إيران معقل الإسلام ، ولكن للأسف فقد بدأت تصفية
المعارضين وإراقة دمائهم مع عوائلهم ، وصارت أنهار الدماء تجرى بلا رحمة ، وكان
يفترض أن يتم القضاء على ما أحدثه آل بهلوى من فساد ، ولكن الفساد استمر حتى بعد
مجىء الإمام الخمينى ، فالحمامات مختلطة رجالاً ونساء ، والزنى كان علناً أصبح
سراً ولكن بصورة أوسع ، والتبرج بقى كما هو بحيث تخرج المرأة بالبنطال وبكامل
زينتها وقد وضعت فقط غطاء الرأس ، عدا الرشوة والسرقة وغيرها .
([393]) يبدو أنه احتار فى جواب السائل ، فلما سنحت لى فرصة الانفراد
بالسيد آل كاشف الغطاء سألته عن هذه الرواية التى ذكرها السيد شرف الدين فقال لى :
لم أقف عليها فيما قرأت ، ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول أن أجد مصدر تلك الرواية فى
كل ما قرأت وما وقع بيدى من كتب الأخبار فلم أعثر على مصدر لها ، وأظن أنه ارتجلها
لئلا يحرج بالجواب أمام الحاضرين .
([394]) أخبرنى بعض تلاميذ السيد شرف الدين أنه فى زيارته بأوربا كان
يتمتع بالأوربيات كثيراً، وبخاصة الجميلات منهن فكان يستأجر كل يوم واحدة ، وكان
متزوجاً من شابة مسيحية مارونيه اسمها نهار كتابيات أيضاً ، فلماذا يحل لنفسه ما
يحرمه على غيره ؟
([396]) وليس بغريب ولا عجيب ، فإن بعض المنظومات التى كنا نقرؤها تنص على
ذلك نصاً لا شبهة له ، ألم يقل الناظم : " وجائز نكاح الغلام الأمرد … " .
([399]) انظر مفتاح الكرامة
– كتاب الفرائض : ص 17 – 18 ، 34 –35 ، وراجع مفهوم الكفر عند الرافضة في بداية
الباب الثانى وفى أكثر من موضع من هذا الكتاب .
([401]) انظر نفس المرجع : ص 20-28 ، 47 ، 64 ، 179 –
183 ، 205 – 212 ، 267 وانظر النور الساطع
1 / 425 – 427 .
([402]) ذكر الشيخ على كاشف الغطاء : أن من ضرورة
المذهب الجعفري أن القضاء من مناصب النبى r ـ وأئمتهم بالأصالة لكونه من شئون الرياسة العامة والولاية التامة
الثابتة لهم ، وأن ثبوت هذا المنصب لغيرهم إنما هو من قبلهم وبواسطتهم ، وأنهم قد
أثبتوه للمجتهد العادل الجامع لشرائط الافتاء . ( انظر النور الساطع 1 / 576 ) .
والجعفرية الاثنا عشرية الآن لهم محاكم خاصة
بالبلاد التي يكثر عددهم فيها .
([403]) لا ندرى كيف أباحوا لأنفسهم هذا القتل ، وفى
الوقت ذاته أباحوا سب الخلفاء الراشدين الثلاثة والصحابة الكرام ؟ ! بل وجدنا منهم
من يقول ـ والعياذ بالله ـ بأن الله ورسوله وكل نبى مجاب لعنوا الصديق والفاروق
لموقفهما من العترة وأحاديث الإمامة ولذا فلا يتصور عقوبة ما لمن سبهما !! ( انظر
منهاج الشريعة 1/ 112- 113 ، 293 –294) . غلاة في الجانبين ، وأن وجدنا من شيعة
اليوم من يستنكر السب ، ولكنا لم نجد من يستنكر القتل .
([405]) من الأموال التي ذكر
أنها ملك للإمام وأنها تعود للفقيه في زمن الغيبة يصرفها على نفسه وشئونه ما يأتى
:
المعادن ، البحار ( في رأي الكليني وغيره ،
والمشهور عدم عدها من أمواله ) ، والأرض التي استولى عليها المسلمون من غير قتال ،
والأرض الميتة والأرض التي لا مالك لها ، ورءوس الجبال ، وتبعها ما يكون فيها من
حجارة أو شجر أو معدن أو عين ماء ونحو ذلك حتى ولو كانت مملوكة لشخص معين ، وبطون
الأودية بما فيها ، والآجام ، وصفو الغنيمة : وهو ما يصطفيه الإمام لنفسه قبل
القسمة مما يحب ويشتهي كالجارية الحسناء والسيف
القاطع ، وما كان في الغنيمة من المال الخالص لسلطان المحاربين ، والغنيمة
بغير إذن الإمام .
انظر النور الساطع 1 / 405 –
432 واقرأ فيه كذلك :
الأمور التي للفقيه الولاية
عليها في صرفها في مواردها في زمن الغيبة : ص 433 – 470 ، وتذنيب فيما ذكره
الفقهاء للمجتهد من الولايات الخاصة ص 383 – 528 .